الأربعاء، 17 مايو 2017

الصقر الذهبى رقم 39



كنا قد توقفنا مع حضراتكم فى المقال رقم 38 عند خطاب مبارك وقراره تغيير الحكومه وتعيين نائبا للرئيس بعد 30 عاما من العناد ورفض تعيين أحد لهذا المنصب وكنا قد تعرضنا لهذه النقطه وشرحناها بالتفصيل فى سلسلة مقالات الصندوق الأزرق والحلقه الخاصه الطويله بإغتيال السادات واليوم نعود ونستكمل معكم ماتوقفنا عنده نحن وأياكم وقرار مبارك أستدعاء المشير حسين طنطاوى لقصر الأتحاديه وأخبره أنه وقع الأختيار عليه ليكون نائباً لرئيس الجمهوريه فقال له المشير أشكر ثقتك الغاليه فى شخصى لكن أرجوك تعفينى من هذا المنصب أريد أن أكون وزيراً للدفاع فقط فأندهش مبارك ورد عليه كيف ترفض هذا المنصب فى هذه الظروف والبلد محتاجه لك


قال المشير حضرتك عارف أنى مريض والمنصب يحتاج لشخص يتمتع بكامل صحته وأنا لن أستطيع القيام بهذه المهمه فقال مبارك لكن عندنا مشكله أننى قررت أختيار الفريق أحمد شفيق لتولى رئاسة الوزراء وهو أحدث منك عسكريا ورتبته العسكريه أقل من رتبتك فكيف تكون فى وزاره هو رئيسها هذا غير مقبول على الأقل منطقيا بعيدا عن الرتب العسكريه فكيف ستقبل بذلك فرد المشير هذه الأمور لاتعنينى ولا تهمنى ولم أفكر فيها مطلقا وكل مايهمنا حالياً هو محاولة أنقاذ البلاد وأنا مستعد للعمل معه بكل جد وأخلاص



كان طنطاوى يعلم أن وزير الدفاع القادم هو الفريق سامى عنان وهذه قصه أخرى تعرضنا لها فى سلسلة مقالات الصندوق الأزرق وسلسلة مقالات مصر أم الكون فى أكثر من جزئيه وأكثر من حلقه وهو بهذا سيفوت فرصه أن تقوم على إدارة القوات المسلحه شخصيه عليها علامات أستفهام



حاول مبارك أثناء طنطاوى عن قراره لكنه أدرك فى النهايه أن المشير لن يتنازل عن رأيه ومتمسك بموقفه وقال له أذن أنا موافق طالما هذه رغبتك لكن أردت أن تعلم أننى لم أتخطى رتبتك العسكريه وأنتهى اللقاء وأنصرف المشير من قصر الأتحاديه وأمر مبارك مكتبه بأستدعاء اللواء عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات العامه المصريه وبعدها بقليل كان صقرنا الذهبى فى القصر وتم أدخاله فورا لمبارك فبدأ معه مبارك الموضوع بالتمهيد وقال له أنت تعرف ياعمر ظروف البلد والحقيقه أننى كنت أتمنى أن تظل فى منصبك كرئيس للمخابرات العامه لأنها تحتاجك وتحتاج لمثلك فى هذه الظروف وكنت منذ قليل قد أستدعيت المشير وعرضت عليه تولى منصب نائب الرئيس لكنه رفض لأنه مريض (( خلى بالك بقى من الأسفين اللى جاى )) لكن أعتقادى أنه لايريد أن يتحمل المسئوليه فى هذه الظروف الصعبه والخطيره ولذلك أنا قررت تعينك نائب لرئيس الجمهوريه



قال عمر سليمان هذه ثقه كبيره وأنت تعلم أننى جندى أخدم بلادى فى أى موقع لكن هل تعلم أن منصبى فى المخابرات سيكون أكثر فائده لمصر من هذا المنصب فى هذا التوقيت وأنت تعلم أننى ملم ومدرك لكل تفاصيل المؤامره وأعرف خباياها ووجودى على رأس الجهاز يمكننى من تقديم التقارير المتعلقه بهذه المؤامره فى هذا التوقيت وأتمنى حضرتك تتركنى فى منصبى هذه الفتره على الأقل وبعد ذلك سأكون تحت أمرك


قال مبارك طبعا دورك فى المخابرات حيوى وهام ومطلوب لكنى أريدك بجوارى ياعمر وبعدين أنت ياسيدى اللى ترشحلى أحد رجالك المخلصين رئيس لجهاز المخابرات القادم فرد الباشا أن كان هذا قرارك وعزمت الأمر عليه وتلك رغبتك فأنا موافق ولا أستطيع أن أعترض



ركز فى اللى جاى علشان حتفهم منه حاجات كتيره ... فقال مبارك للباشا شوف ياعمر أنا خلاص تعبت قوى وحشيلك الشيله كلها وأروح أقعد فى شرم الشيخ وأنت شايف الناس بتعمل إيه فى الشارع ودى نهاية تعبى وخدمتى للبلد (( للتذكير كنا ممكن نحذف هذه الجمله من حوار مبارك لكن الحياديه والأمانه تمنعنا من ذلك )) عموما أنت عارف الأمريكان مش حيسبونا فى حالنا وأنا والله لولا خوفى على البلد من الأخوان واللى حيعملوه والفوضى كنت خرجت دلوقتى وأعلنت أستقالتى من هذا المنصب أنا زهقت ياعمر تتخيل بعد كل اللى عملته للبلد وتحملى كل هذه الصعاب والمؤمرات الناس نسيت كل حاجه فى لحظه هذا شعور مؤلم ياعمر لايتحمله بشر عموما أن حتنازل عن كل أختصاصات رئيس الجمهوريه وأنت تدير البلاد بكامل الصلاحيات وأنا بكره حعلن الكلام ده فى التلفزيون وعاوزك تستعد لذلك يمكن المتظاهرين يرضوا وينتهى الأمر عند ذلك وننقذ البلاد وأنت شفت ياعمر الأخوان عملوا إيه دول حرقوا الأقسام وحيحرقوا البلد كلها علشان يوصلوا لهدفهم هى الناس دى معموله من إيه ياعمر أعوذ بالله




رد سليمان وسيادتك حتسيبنا لوحدنا فرد مبارك خلاص أنا تعبت ياعمر ومش حترشح تانى وحعلن الكلام ده كمان يوم ولا أتنين أنا خلاص زهقت وتعبت ياعمر وبدأت عيون مبارك زائغه وترغرغ بالدموع فطيب سليمان خاطره وقال له لا يستطيع أحد أن ينكر دورك ياريس وعموما أزمه وتعدى زى غيرها أن شاء الله بس ياريس جمال يبعد عن الصوره السياسيه نهائيا وأن شاء الله حتعدى فرد عليه مبارك يالله قوم أستعد علشان تحلف اليمين ومعلشى حتقسم اليمين فى الصالون الصغير قدامى أنا مش قادر أقوم ورجلى مش قادره تشيلنى وبالفعل قام الباشا وأقسم اليمين وبدأ المحيطين بمبارك يعرفون أن مبارك أصابته شيخوخة المنصب وفقد القدره على السيطره وفقد القدره على حماية منصبه وأصبح مثل الأسد الجريح



فى هذا التوقيت أعلن عن تولى عمر سليمان منصب نائب رئيس الجمهوريه وكانت داليا سليمان فى سياراتها مع زوجها فكرى أباظه رايحه بيت والدها فى التجمع الخامس وكانت الساعه تقريبا الخامسه مساءا فلم تفرح مثل الكثيرين فى مثل هذه الأمور وكانت تعلم أن والدها تولى هذا المنصب الرفيع فى مثل هذه الظروف تحفه المخاطر وذهبت لمنزل والدها وفى المساء المتأخر حضر الصقر لمنزل أسرته ووجدهم جميعا فى أنتظاره والحزن والوجوم يظهر على ملامح وجووهم فجلس معهم الصقر وحكى لهم ظروف تعيينه فى هذا المنصب وقال لهم أعلم حجم المخاطر لتولى هذا المنصب فى هذه الظروف القاسيه لكن أنا كما تعلمون جندى من جنود مصر أخدمها فى أى مكان ومصر نادتنى وواجبى تلبية نداء الواجب متى طلب منى ذلك ومهما أتوتيت من ذكاء فلن أستطيع أن أهرب من أى مصير ينتظرنى لاتنظروا لوالدكم ومصالحه الضيقه بل أنظروا لبلدكم التى تحتاج أحد جنودها فى مثل هذه الظروف وقبل ماحد يسن سنانه عليا ويقول أنا عرفت اللى حصل أزاى فى بيت عمر سليمان أو أنى مركب أجهزة تصنت فى منزل رئيس مخابرات مصر والكلام العبيط ده الكلام ده قالته داليا فى تصريح صحفى لجريدة اليوم السابع



فى اليوم التالى أستدعى مبارك أحمد فتحى سرور وصفوت الشريف بوصفهما رئيسا مجلسى الشعب والشورى فى حضور جمال بك مبارك ننوس عين مامته وأبلغهم بقرار تفويضه لعمر سليمان بكامل صلاحيات رئيس الجمهوريه حيث لم يكن أعلن وقتها عن هذه الجزئيه لوسائل الأعلام فثار جمال وقال لوالده كيف تفعل ذلك وهناك أكثر من 80 مليون من الشعب بيحبوك ويردونك أن تستمر فى منصبك وأن الذى يحدث فى ميدان التحرير سينتهى فورا بعد أن تخاطبهم مره ثانيه وتعلن فيه نيتك على عدم ترشحك مره أخرى وأنظر ماذا يفعلون وكان صوته عالى جدا وعلى الفور وصل مايحدث لسوزان مبارك فآتت مسرعه وطلبت لقاء الرئيس منفرده وبالفعل ذهب معها مبارك لغرفة صالون أخرى ولايعلم أحد مادار بينهما لكن مبارك عاد لفتحى سرور وصفوت الشريف وجمال وكان زكريا عزمى قد حضر على صوت زعيق جمال وبعض المقربين العاملين فى لقصر فقال لهم مبارك لقد أجلت أتخاذ القرار لحين معرفة إلى أين تسير الأمور ووصل ماحدث لعمر سليمان ولم يعلق ولم يفاتح مبارك ولم يتحدث مع مبارك خصوصا أن مبارك تعمد عدم مناقشة هذا الموضوع مره أخرى أمام عمر سليمان ومن غير فكاكه كلنا عرفنا أن سوزان تدخلت لوقف القرار



حتى الآن لايعلم أحد ماذا دار بين سوزان مبارك وزوجها لكن ببساطه ممكن تستنج ماحدث بينك وبين نفسك بدون تدخل منى لكن المؤكد أن حديث سوزان وزوجها أبقى الوضع على ماهو عليه مما زاد أحتقان الشارع وزاد السخط وأزدادات حدة المظاهرات وأعمال العنف التى خوضنا فى تفاصيلها ووجد الأخوان ضالتهم فى الترويج أن مبارك لن يترك الحكم إلا جثه هامده وأنه من الواضح أن مبارك لن يتخلى عن الحكم إلا لنجله



طبعا رجل الشارع صدقهم لأنه لايعلم مايدور خلف أبواب الغرف المغلقه والأنسان الطبيعى بيحكم بناءاً على مايراه بعينه لكن هكذا لاتدار الشئون السياسيه فكل ماتعرفه عن كواليس السياسه لايتعدى نسبة 5 % وأحيانا تكون مبهمه وكلاسيكيه وحديك مثال على ذلك بس أخلص النقطه دى ويقوم التحليل السياسى على تخمين وأستنباط حوالى 15 % من الكواليس لتصبح النسبه النهائيه حوالى 20 % وهى نسبه ضعيفه جدا لاتمكنك من الحكم على الأمور بعقلانيه ويستلزم حتميا معرفتك بما لايقل عن 75 % من كواليس السياسه لكى تستطيع الحكم جيدا وتعرف مايدور خلف الغرف المغلقه وتفكك من شغل قنوات الأخوان وقنوات الجزيره وقنوات إعلامنا الفاشل التى تحاول أيهام المتلقى أنهم يعلمون مالاتعلمون وحتى لو خرج عليك مذيع أوصحفى بأنباء أو أخبار فهذا ليس معناه حتميا أنه متواجد داخل المطبخ السياسى لكنها تسريبات مخابراتيه مقصوده أو فضفضة بعض جلسات التسامر المشهور بها المصريين لكنها لاتتعدى ولا تتخطى موضوع واحد ومحدد



نيجى للمثال اللى وعدت حضرتك بيه وهو التصريحات المبهمه وحناخد مثال لبابا الفاتيكان وأثناء وجوده فى أسرائيل كانت الكره الأرضيه على وعد لمعرفة وجهة نظر رأس الديانه المسيحيه فى القضيه الفلسطينيه فنجد تصريحه خرج كالآتى (( أن من حق جميع شعوب العالم أن تعيش فى سلام )) جمله من 8 كلمات وحرفين جر لاتسمن ولاتغنى من جوع وفى نفس الوقت تسمن وتغنى جوع وتروى ظمأ عطشان فلو نظر لها الأسرائيلى فهو يجد فيها ضالته أن الكنيسه تعترف به كشعب وتعترف بحقه فى العيش فى سلام وأيضا الفلسطينى يجد فيها ضالته فالكنيسه أعترفت بحقه فى الحياه والأعتراف بوجوده كشعب والمعتدلين يرون أن الجمله كافيه فهى تطلب السلام لكل شعوب العالم والراجل أعترف بحق الشعبين فى الوجود والعيش فى سلام أعترف بأسرائيل وأعترف بفلسطين كشعب لكنه لم يعترف بهم كدولتان وتحدث بصبغه دينيه بحته فلم يورط نفسه فى مصطلحات سياسيه بل العكس تحدث عن شعوب وأمور أنسانيه يعتنى بها الدين كمقام أول وركيزه أساسيه



فى اليوم الأول وجه مبارك صفعه قويه لصقرنا الذهبى ونحث عهده معه بل لم يكتفى بذلك بل ضرب بكل وعوده لعمر سليمان عرض الحائط ليؤكد أن هناك من يؤثر على قرارته بعيدا عن غرف السياسيين وأن هناك من يدير مصر من غرف النوم وربنا يكفيكم شر المرض لما الراجل يكبر ويمشى تحت طوع الست وحتى هنا أرى أننى بدأت التجاوز وبدأت أوجه القارئ وأرهقت المتابع اليوم على وعد بلقاء آخر لو كان فى العمر فرصه للقاء والحلقه رقم 40

جنرال بهاء الشامى

هناك تعليقان (2):

  1. تحيا مصر وعاش جيش مصر العظيم وعاش رجال مخابراتها الأوفياء وعاش السيسي المحارب الرهيب

    ردحذف