الظالم والمظلوم رقم 18

كنا وأياكم على مدار حلقتين نفند طبيعة عمل المخابرات العامه ليس كقصص روائيه قبل النوم ولكن كنا بصدد توضيح بعض الغموض فى هذا العالم الغامض لنوضح نقطه فى غاية الأهميه وهى أختصاصات كل من المخابرات العسكريه والمخابرات العامه لنكتشف سويا أن تحميل المخابرات العامه أسباب هزيمة يونيه 1967 هى محض أفتراء فليست المخابرات العامه هى  المختصه بالشأن العسكرى أو جمع المعلومات الرقميه عن قوات العدو الأسرائيلى ورغم ذلك قرار عبدالناصر بإستيعاب الضربه الجويه الأولى كان بناءاً على تقرير المخابرات العامه بتوقع ضربه جويه بين الثامنه والثامنه والنصف صباح يوم 5 يونيه كما هو وارد بمذكرات المشير عبدالغنى الجمسى

أستغل أعداء المخابرات العامه حالة الجهل بعالم المخابرات والفصل فى المهمات لألصاق تهمة التقصير المعلوماتى الرقمى عن قوات العدو وأستعدادته  للمخابرات العامه لكن للحق والمصداقيه يقع على كلا الجهازين مهمة توقع نشوب الحرب زى ماوضحت لحضرتك فى الحلقه السابقه

تعالى نوضح النقطه السابقه ... بعد الثوره كانت هناك بعض المؤامرات من بعض العناصر العسكريه خصوصا بعد خروج معظم الظباط الأحرار من الخدمه العسكريه ضد الثوره وتم أكتشافها بعيدا عن جهاز المخابرات العامه أما نتيجة تبليغ أحد عناصر تلك المؤامرات عن أعضاء المؤامره أما لعبد الناصر شخصيا بحكم الزماله العسكريه القديمه أو بتبليغها لبعض الظباط الأحرار لنفس السبب

قبل ماتسخن عليا وتهاجمنى حابب أوضح نقطه مهمه هنا وهى أن بعد خروج الظباط الأحرار من الخدمه العسكريه وعملهم بالمجال السياسى  وكلت للمخابرات الحربيه كأحد مهماها الكشف المبكر عن أى مؤامرات بالجيش لكن سامى شرف كان له تنظيم داخل القوات المسلحه وأيضا شمس بدران كانت له عيون داخل القوات المسلحه بصفته مدير مكتب وزير الحربيه المشير عبد الحكيم عامر فكان هناك تضارب وعدم تنسيق بين هذه الأنظمه والمخابرات الحربيه نتيجة حداثة التكوين فكان الشكل الواضح أو التخيلى للمشهد أن هناك صراع داخل القوات المسلحه

كانت المخابرات العامه بحكم تخصصها بعيده تماما عن المنظومه العسكريه لكن كان فيه بعض العمليات المخابراتيه المدنيه لها أرتباط أو عناصر داخل القوات المسلحه فكان فى هذه الحاله يتم أخبار المخابرات العسكريه والتنسيق معها وحديك مثال تقريبا كلنا نعرفه

فى قضية هبه سليم أشتغلت عليها المخابرات العامه وبدأت تجمع عنها المعلومات وأكتشفت المخابرت العامه علاقة أحد العناصر العسكريه بالقضيه فتم أخبار المخابرات العسكريه وهى اللى قامت بالقبض على الفقى والتحقيق معه بناءاً على معلومات المخابرات العامه ومحاكمته عسكريا وصدر الحكم بإعدامه رميا بالرصاص عكس هبه سليم التى حوكمت أمام القضاء المدنى  وتم  تنفيذ الحكم عليها بالإعدام شنقا والفقى أتعدم قبل هبه بشهور طويله ويذكر العملاق محمد جبريل ذلك فى كتابه قائلاً أصابها الفزع والهلع بعد أن عرفت بخبر إعدام الفقى لكن كان عندها أمل أن أسرائيل ستتدخل لتنقذها من حبل المشنقه وظلت حبيسه لسنوات حتى تم إعدامها فى عصر السادات

من كل ماسبق تقدر بكل قوه تنفى تحمل مخابراتنا العامه لأسباب هزيمة حرب عام 1967 وأن كانت تتحمل جزء لكنه بسيط

كنت وعدتك فى أحدى الحلقات بالأعلان عن مفاجأه أو أسرار تعلمها عن هذا العالم لأول مره واليوم سأحاول أن أفى لحضراتكم بهذا الوعد

بحثا عن الحرفيه والتخصصيه فى عمل هذا الجهاز أنشئ صلاح نصر لأول مره مايطلق عليه المخابرات الأقتصاديه وقبل ماتتهمنى بالفبركه والجنون لأن المعلومه الجديده دائما ماتقابل بعدم التصديق تعالى نوضح ماهى المخابرات الأقتصاديه بالمره ومتنسوش أم الجمايل دى

المؤكد أن الأقتصاد أصبح يلعب دورا حيويا فى بناء أى دوله وهو بالتأكيد يلعب دورا أساسيا فى تكوين الجيوش العسكريه والقوه التسليحيه بعد أن أصبحت الحرب أكثر شمولا ودخلت فيها مايطلق عليه الحروب الأقتصاديه فلم تعد مثل السابق الحروب عسكريه فقط لكن أستحدثوا فى العداء الحروب الأقتصاديه سواء بالضغط الأقتصادى أو بأشعال الفتن أو تنفيذ عمليات تخريبيه ضد منشآت وأهداف أقتصاديه زى ماكنتوا عاوزين تعملوا يامغيبين فى مشروعكم الحيوى الأقتصادى مترو الأنفاق وتدمروا ممتلكاتكم ... عندك مشكله ومعترض على سعر التذكره مفيش مشكله ودى أحدى حقوقك على بلدك وكل واحد وظروفه ... فيه أكتر من طريقه للأعتراض على القرار أقصاها وأصعبها على الحكومه هو مقاطعة المترو لمدة يومين كفيليين بتراجع الحكومه عن القرار لكن فى المقابل لازم تقف أمام أى محاوله لأى أعمال تخريبيه وتكون حائط صد منيع ضد تحرك أى عناصر لتخريبه يعنى أعترض براحتك لكن بعيدا عن التخريب ومتخليش حد يستدرجك لأى عمل عدائى ضد أملاكك وأملاك أولادك وأحفادك لأن ده مالنا مش مال مستعمر


ممكن نطلع على نواب مجلس النواب وننزلهم من بيوتهم عريانيين يروحوا يقدموا طلبات أحاطه أو سحب ثقه لكن فى نفس الوقت نحمى ممتلكاتنا فأن إتلافاها هدف رئيسى من أهداف أعدائنا ونرجع تانى لموضوعنا بس والنبى ماتخلى أى حمار يضحك عليك ويسخنك بطريق غير مباشر 

ونقول أن كل فرد فى المجتمع مستهدفا فى الحروب الأقتصاديه حتى لو كان فى الخطوط المدنيه مش العسكريه ومن ثم أهتم العالم وأجهزة مخابراته  بالأهتمام بالأقتصاد ودراسة قيمته على المجهود الحربى وتعبئة الدول الأستراتيجيه وده مش ممكن إلا بمعرفة تفاصيل أقتصاديه عن عدو فعلى أو محتمل

تدخل فى الحرب الأقتصاديه عوامل عديده رئيسيه منها الموارد الطبيعيه والقوى البشريه العامله والقدرات التصنيعيه ووسائل النقل والتجاره والتموين وأجمالى الناتج القومى ولابد أن تكون كل هذه العوامل محل دراسه وتحليل وتعالى نوضح النقطه دى

عندى مثلا سلعه معينه أسعارها العالميه أعلى من أمكانياتى أو أعلى من الميزانيه المرصوده لتوفيرها يبقى هنا دور المخابرات الأقتصاديه فى البحث عن البديل وأشوف سبل توفيرها وعوائق توفيرها وهل فيه دول ممكن تقف عائق فى توفيرها وماهى المؤسسات اللى ممكن توفر لى السلعه البديله وردود أفعال الدول اللى بتوفر السلعه الأساسيه والسلع البديله وهل ده ممكن يأثر سلبا على علاقتى ببعض الدول اللى بتوفر هذه السلعه أو ممكن يؤثر على علاقتى بدول ستتأثر بأستغنائى عن سلعه وتوفير أخرى وهل ده ممكن يأثر على علاقتى بها ويمكن أنت شايف الحرب دى بوضوح حاليا زى دوله بتوقف أستيراد الفراوله من عندك أو دوله بتوقف أستيراد البطاطس من عندك فهل لو أنت فتحت سوق جديده فمع أى الدول ستفتحها ومامدى تأثير ذلك على علاقتك بباقى الدول وهليله كبيره علشان بس تبقى عارف أن صانع القرار طوال النهار فى دوامات وصراعات بين التقارير وأتخاذ القرار

حديك مثال حيوقف شعر سنانك لأختم به مقالى لأن أصابعى بدأت تؤلمنى ففى عام 1958 كانت مصر بتستورد القمح من سوريا وكان دقيق هذا القمح فيه مشاكل وبدأت الناس تشتكى منه فقامت المخابرات العامه بالبحث عن شركات توريد القمح بالمنطقه ووجدت ضالتها فى سفينة شحن قمح أستراليه متوجهه لأيطاليا وبدأت فى التفاوض مع الشركه المصدره والمركب فى عرض البحر لحد ماتم الأتفاق على أستبدالها بالقمح السورى اللى يصلح لعمل المكرونه وأخدنا القمح الأسترالى ودفعنا فرق سعر بسيط ولا من شاف ولا من درى ومزعلناش سوريا ولا أيطاليا أخدت بالها وأستراليا طلعت بمصلحه 

نتوقف عند هذا الحد على أمل بلقاء متى شاء الله وآسف أنى بدخل فى أمور فرعيه لكن هكذا هو عالم المخابرات لاتمل من القراءه فى صفحاته الغامضه ولا تمل من الأسهاب فى الكتابه فيه وعذرى أن من يتابع هذه السلسله هم صفوة قراء الشبكه العنكبوتيه بعيدا عن ضجيج الفيسبوك

جنرال بهاء الشامى