الجمعة، 4 يناير 2019

مع المصطفى فى عهد المبعث رقم 14

بُعث المصطفى صلى الله عليه وسلم وثلاث من بناته حديثات عهد بالزواج فى أعز بيوت قريش:
كبراهن "زينب" تزوجها ابن خالتها هالة بنت خويلد: أبو العاص ابن الربيع بن عبد العزى ، حفيد قصي ، الجد الرابع للمصطفى.
و "رقية وأم كلثوم" عروسان لابن عم المصطفى: عتبة وعتيبة ابن عبد العزى بن عبد المطلب بن هاشم ، من زوجه أم جميل بنت حرب.
أما صغراهن "فاطمة" فلم تكن بلغت سن الزواج بعد ، وقد ولدت قبل المبعث بخمس سنوات.
وأسلمت بنات المصطفي ، وأزواجهن على الشرك.
وكره المصطفى أن يخرج بناته المسلمات من بيوت أزواجهن الكفار ، ولم يكن الإسلام قد شرع بعدُ تحريم زواج مؤمنة بكافر ، ولا نزلت آيات القرآن في التفريق بين المؤمنات وأزواجهن الكفار.
ووجدتها قريش فرصة سانحة لتؤذى المصطفى في بناته ، قال بعضهم لبعض:
"
إنكم قد فرغتم محمداً من همه ، فردّوا عليه بناته فاشغلوه بهن"
ومشوا إلي أصهاره صلى الله عليه وسلم ، واحداً بعد الآخر ، فقالوا لكل منهم:
"
فارق صاحبتك ونحن نزوجك أى امرأة من قريش شئت".
فأما أبو العاص بن الربيع فأبي أن يفارق زوجه "زينب" ورد على قومه قائلاً: "والله ما أحب أن لى بها إمرأة أخرى من قريش"
وأما ابنا عبد العزى أبى لهب ، فطلقا رقية وأم كلثوم ، بإلحاح من امرأته حمالة الحطب.
وخاب ظن قريش وكيد بنت حرب.
لم يشغل المصطفى ببناته عن دعوته ، ولم يشق عليه رجوع بنتيه: رقية وأم كلثوم إلى بيته ، وقد أراد الله بهما خيراً فنجاهما من معاشرة ولدى أبي لهب ، ومحنة العيش مع أمهما حمالة الحطب.
ثم أبدلهما الله خيراً منهما:
تزوج رقيةَ عثمان بن عفان أحد السابقين الأولين إلي الإسلام ، وهاجر بها إلي الحبشة ثم ثم إلي المدينة ، فلما ماتت يوم بدر ، خلفتها أختها "أم كلثوم" زوجاً لعثمان لعثمان ذى النورين ...
وفى أبي لهب وامرأته حمالة الحطب ، نزلت سورة المسد:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ .... {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ(2) سَيَصْلَىٰ نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)} .... صدق الله العظيم.
******************************************************************
عزيزى القارئ:
--------------
أصهار: جمع صهر وهم أهل المرأة "الزوجة" كالأبوين والأخوال والعمات والأعمام والخالات ... الخ
المَسَدْ: الليف - الحبل المضفور المُحكم الفتل - المحور من الحديد تدور عليه البكرة
تَبِّتْ: أهلك - خسر - قطع عن الخير - شاخ
حَمَالَةَ الحَطَبِ: المقصودة أم جميل زوجة أبو لهب التى كانت تمشي بين الناس بالنميمة _ وما يرفع ويُحمل على الظهر للناس بأجر - والحطب كل ما جف من زرع وشجر توقد به النار - والمقصود أيضاً الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب
جِيدِهَا: عنقها - رقبتها - مقدمة
عزيزى القارئ:
--------------
تصف لنا كاتبتنا "بنت الشاطئ" حال النبي في بداية الدعوة ورغم معاناته بسبب طلاق ابنتاه "رقية وأم كلثوم" من ابنى أبو لهب وأم جميل لم يلتفت إلا للدعوة وقد جزاهما الله ونجاهما من معاشرتهما بالأَخْيَّر منهما وبالتتابع بعد وفاة "رقية" تزوجته أختها "أم كلثوم" وهو أحد السابقين الأولين للإسلام سيدنا "عثمان بن عفان" رضي الله عنهما ..
وقد نزل في أبولهب وأم جميل سورة "المسد" وننتقل لتفسيرها:
هى سورة مكية وتسمى سورة "اللهب" وسورة "تبَّتْ" وقد تحدثت عن هلاك عدو الله ورسوله الذى كان شديد العداء لرسول الله صلي الله عليه وسلم وعمل ماظن أنه سيفسد عليه دعوته ويصد الناس عن الإيمان به وقد توعدته السورة في الآخرة بالنار موقدة يصلاها ويشوى بها وقرنت زوجته به في ذلك واختصتها بلون من العذاب شديد وهو ما يكون حول عنقها من حبلِِ من ليف تجذب به في النار زيادة في التنكيل والدمار.
وكان سبب نزول السورة أنه عندما نزلت الآية {وأنذر عشيرتك الأقربين} صعد النبي صلى الله عليه وسلم علي الصفا ونادى يا بنى فهر ، يا بنى عدى ، لبطون من قريش حتى اجتمعوا ، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولاً لينظر ما هو الخبر ، فاجتمعت قريش وجاء عمه "أبو لهب" فقالوا: ما وراءك؟ فقال صلى الله عليه وسلم: أرأيتكم لو أخبرتكم أنَّ خيلاً بالوادى تريد أن تُغِير عليكم أكنتم مُصدِّقي؟ قالوا: نعم ما جربنا عليك كذباً قط ، قال: {فإنى نذيرُُ لكم بين يدى عذاب شديد} فقال له أبو لهب: تباً لك يا محمد سائر اليوم ، ألهذا جمعتنا؟ .. وروى أيضاً إذا بشاب حديث السن يقول أيها الناس: "قولوا لا إله إلا الله تفلحوا" وإذا برجل خلفه يرميه قد أدمى ساقيه وعرقوبيه - مؤخر القدم - ويقول: يا أيها الناس إنه كذاب فلا تصدقوه ، فقلت: من هذا؟ .. فقالوا هو "محمد" يزعم أنه نبي ، وهذا عمه "أبو لهب" يزعم أنه كذاب
فأنزل الله {تبت يدا أبي لهب وتب ... الخ} .. أى هلكت يدا ذلك الشقي وخسر وخاب وضل عمله "أهلكه الله وقد هلك" وهذا تعبير عن هلاك الجزء والكل .. وهو عم النبى صلى الله عليه وسلم وامرأته العوراء أخت أبي سفيان .. فلما سمعت ما نزل في زوجها وفيها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد عند الكعبة ومعه سيدنا أبو بكر رضي الله عنه وفي يدها قطعة حجر من الحجارة ، فلما دنت من الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام أخذ الله بصرها عنه فلم تر إلا أبا بكر ، فقالت يا أبا بكر: بلغنى أن صاحبك يهجونى ، فوالله لو وجدته لضربت بهذا الحجر فاه ، ثم أنشدت تقول: "مُذمَّماً عصينا. وأمره أَبينَا. ودينه قليْنا"
ثم انصرفت فقال أبو بكر: يا رسول الله: أما تراها رأتك؟ قال: ما رأتنى لقد أخذ الله بصرها عنى ، وكانوا قريش يسبون الرسول صلى الله عليه وسلم ويقولون: مذمماً بدل "محمد" وكان يقول صلوات الله عليه: ألا تعجبون كيف صرف الله عنى أذى قريش؟ يسبون ويهجون مذمماً وأنا محمد!
ونسي الناس اسمه الأصلى "عبد العزى" وكانت كنيته أبو لهب فجاءت في السورة أنه من أهل النار ومصيره إلي النار والنار ذات لهب وافقت حالة كنيته وكان جديراً أن يذكر بها .. ولم يفده ماله الذى جمعه ولا جاهه وعزه الذى اكتسبه .. وروى أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما دعا قومه إلى الإيمان ، قال أبو لهب: إن كان ما يقول ابن أخى حقاً ، فإنى أفتدى نفسي من العذاب بمالي وولدى فنزلت "ما أغنى عنه ماله وما كسب" .. فلما نزلت السورة جعل ابنيه عُتبة وعُتيبة يُطَلِقان ابنتا الرسول صلى الله عليه وسلم وأراد عُتيبة الخروج للشام مع أبيه قال: لآتينَّ محمداً وأوذينَّه فأتاه فقال: يامحمد: إنى كافر بالنجم إذا هوى ، وبالذى دنا فتدلي ، ثم تفل أمام النبي صلى الله عليه وسلم وطلق ابنته "أم كلثوم" فغضب صلي الله عليه وسلم ودعا عليه فقال: (اللهم سلط عليه كلباً من كلابك) فافترسه الأسد. وهلك أبو لهب بعد موقعة بدر بسبع ليالِِ بمرضِِ معدِِ كالطاعون يسمى "العدسة" وبقي ثلاثة أيام حتى أنتن ، فلما خافوا العار حفروا له حفرة ودفعوه إليها بعود "عصى غليظة" حتى وقع فيها ثم قذفوه بالحجارة حتى واروه ،فكان الأمر كما أخبر القرآن "سيصلى ناراً ذات لهب" أى سيدخل ناراً حامية ذات اشتعال وتوقُّد عظيم ، وهى نار جهنم "وامرأتُه حمَّالة الحطب" أى ستدخل معه نار جهنم ، امرأته العوراء "أم جميل" وقال فيها "ابن العباس" التى كانت تمشي بالنميمة بين الناس وتوقد بينهم نار العداوة والبغضاء وتفسد بينهم وكانت تحمل حزمة من الشوك فتنثرها بالليل في طريق النبي صلى الله عليه وسلم لإيذائه "وفي جيدها حبلُُ من مسد" أى في عنقها حبل من ليف قد فتل فتلاً شديداً تعذب به يوم القيامة وفسرها آخرون هو طوق من حديد .. وقال "ابن المسيب": كانت لها قلادة فاخرة من الجواهر فقالت: واللاتِ والعُزَّى لأنفقنها في عداوة محمد ، فأعقبها وبدلها الله منها حبلاً في جيدها من مسد النار .. وما يجب اضافته لهذه الأسرة أن كل من عُتبة ومعتب ابنا أبي لهب قد أسلما يوم فتح مكة.
وأترك لكم رابط فيديو يوضح سبب تسميته أبي لهب من البداية قد لا يعرفها البعض منا بسبب تأثير بعض المسلسلات والأفلام عنه ولكن تطابقت الكنية بعد ذلك بالمصير الذى سار إليه بأفعاله وذكرت له في القران بهذه السورة .. مدته 5:43 دقيقة
اللهم صلِ على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم اللهم بارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد

فريق مصر أم الكون

خديجه حسين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق