الخميس، 17 يناير 2019

مع المصطفى فى عهد المبعث رقم 20


" والليل إذا يغشى " ( ى )
أقبل الفارس من رحلة صيد ..
قد توشح قوسه وأطلق عنان فرسه ، حتى إذا دنا من البيت الحرام ترجل إجلالاً للكعبة ، ثم انطلق متمهلاً في زهو وشموخ.
وفي طريقه إلى بيته مرّ بأندية قريش يتلقي حيثما سار ، تحية الإعجاب بفتوته وفروسيته.
وازدهاه أن ترى فيه قريش ، حمزة بن عبد المطلب ، أعز فتى فيها وأشدها شكيمة.
وقُرب الصفا ، استوقفته مولاة لعبد الله بن جدعان التيمى ، فتمهل وألقي إليها بعض سمعه ، وفي ظنه أن الفتاة مأخوذة ببهاء فتوته.
قالت وهى تسدد إليه نظرة ثاقبة:
-
يا أبا عمارة ، لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد آنفاً من أبي الحكم ابن هشام؟ وجده ها هنا جالساً فآذاه وسبه وبلغ منه ما يكره ، ثم انصرف لم يكلمه محمد ، صلي الله عليه وسلم.
لوى عنان فرسه وقد احتمله الغضب ، فلم يتوقف حتى بلغ البيت العتيق ، ولمح أبا جهل بن هشام جالساً هنالك بين القوم يتشدق بما آذى به المصطفي. فشق حمزة طريقه إليه صامتاً لا يتكلم ، إلي أن قام على رأسه فرفع قوسه وشجه بها شجة منكرة وهو يقول متحدياً:
"
أتشتم محمداً وأنا على دينه أقول ما يقول؟ فرُدّ ذلك على ، إن استطعت!"
وغشي القومَ دوار ما كادوا يفيقون منه حتى أدركوا أن السهم قد نفذ!
أسلم " حمزة " - وكان حتى تلك اللحظة علي دين آبائه - وعرفت قريش أن محمداً ازداد به عزّاً ومنعة ، فلن يلبث حمزة أن يدخل المعركة بينه وبين المشركين ، فارساً لا يلحق به غبار وأسداً لا يُغلب.
ومضى حمزة فبات ليلته مؤرقاَ ، يدعو الله أن يشرح صدره للدين الجديد الذى دخل فيه ، مدفوعاً بشهامته ومروءته ونجدته.
حتى تنفس الصبح ، فغدا حمزة إلي الكعبة فما استقبلها إلا وقد اطمأن قلبه وتفتح لنور الحق. وسعى من فوره إلى بيت ابن أخيه المصطفى فبايعه.
ثم خاض معه معركته الباسلة ، أسدَ الله وأسدَ رسوله. وبسيفه الصارم المنصور جندل رءوساً لطواغيت قريش يوم بدر ، ومن بعده قاتل يوم أحد حتى اغتالته حربة غادرة وسددها إليه "وحشي" بتحريض من هند بنت عتبة. ورقصت هند على مصرع الفارس البطل ، وانتزعت كبده فلاكتها ، وذهبت في تاريخ الإسلام بلقب آكلة الأكباد ...
وذهب الفارس البطل بلقب سيد الشهداء!
**********
عزيزى القارئ:
--------------
توشح: لبسه - عانقه - علق
ازدهاه: الافتخار - حمله على العجب - أخذته خفة من ازهو الغرور
شكيمة: قوة القلب - الحديدة المعترضة في فم الفرس من اللجام - عِنْدَهُ إباء وأنفة - حازم - لا ينقاد
آنفاً: سابقاً - في أول وقت قريب كنا فيه - جعله يشتكى
عنان: سير اللجام الذى تمسك به الدابة - انقاد - عزيز لا يقبل الذل
غشى: مغمى عليه - استسلم - أظلم
منعة: عز وقوة ووجاهة وحصانة - يمنعه - حظر
جندل: صرع - طرحه أرضاً - طعن خصمه وتركه مجندلاً - جَنْدَلُ: "الصخر الضخم الذى ينساب النهر بالقرب منه"
سيد الشهداء: لقب سيدنا "حمزة بن عبد المطلب" عم الرسول صلَّ الله عليه وسلم - ملك ومالك الشهداء

عزيزى القارئ:
--------------
أخذتنا كاتبتنا رحمة الله عليها "بنت الشاطئ" إلى فارس قريش وعم الرسول صلوات الله وسلامه عليه .. "حمزة بن عبد المطلب" .. الذى أخذته النخوة على ما تعرض له ابن أخيه من كفار قريش فأخذ طريقه صامتاً لأبو جهل الذى كان يتلفظ بما فعله فضربه ضربة شديدة بقوس سهامه فأحدث جرحاً غائراً برأسه وتحداه لو يستطيع أن يرد عليه بضربة مماثلة .. ومعلناً إسلامه واعتناقه الدين الجديد الذى جاء به ابن أخيه .. فصعقت قريش وأيقنت أنه سيزيده حصناً وقوة وعزاً .. ولخصت لنا سريعاً بأنه ذهب لسيدنا محمد صلوات ربي وسلامه عليه وبايعه وخاض معه معركة "بدر" و"أُحد" التى استشهد فيها بحربة الوحشي الغادرة بتحريض من هند بنت عتبة والتى لرتكبت جريمة بشعة ولقبت بلقب "آكلة الأكباد" ورغم اسلامها بعد ذلك بفترة إلا أن هذا اللقب لم يغادرها .. بينما من غُدر به لقب ب "سيد الشهداء"
عزيزى القارئ:
--------------
كنا توقفنا سابقاً بأخذ عبد المطلب أولاده العشرة وكل واحد منهم يحمل قدحاً عليه اسمه مستسلمين لمصيرهم المحتوم طائعين لأبيهم لتنفيذ نذره وقد بلغوا ليذبح أحدهم عند الكعبة عند هبل في جوف الكعبة عن الصنم هُبل .. وانتشر الخبر بسرعة البرق في أرجاء مكة متنفلاً بين بين قريش وديارها .. وقابلهم القداح أو من يطلقون عليه ضارب القداح عند "هُبل" فى جوف الكعبة ليجرى ما يشبه القرعة الآن .. وعنده 7 قداح يتحاكمون إليها إذا صعب عليهم أمر .. وعند ضرب القداح إختارت الآلهة "كما كانوا يقولون" "عبد الله" أحب وأعز أولاد عبد المطلب إلى قلبه .. ليكون هو الذبيح من بين إخوته .. لقد وجم الجميع .. ذُهلوا .. كما ذُهلت زهرة أهلها "آمنة بنت وهب"
تماماً كما فعل جده الكبير "إبراهيم" عليه السلام عندما أراد أن يذبح إبنه "إسماعيل" عليه السلام ولهذا كان يقول صلى الله عليه وسلم "أنا إبن الذبيحين"
ولكن .. عندما هَمَّ بذبح فلذة كبده عبد الله منعته قريش وقالوا له وأبنائه "والله لا تذبحه أبداً" وأشاروا عليه بالتروى .. وهددوه لئن فعلت هذا لجاء الرجل بإبنه حتى يذبحه .. فلن يكون هناك بقاء للناس .. وجاء العباس واجتذب عبد الله من تحت رجل أبيه حين أراد ذبحه .. وقيل في بعض الروايات أن هذه الحركة تسببت له في جرح في وجهه ظل إلى أن مات
وأشارت عليه قريش بأن يذهب لعرافة بالحجاز ولها تابع .. فيسألها عن ذلك فإن أمرتك بذبحه فإذبحه وإن أمرتك بأمر لك وله فيه مخرج قبلته.
وقبل بذلك .. وعندما وصلوا للعرافة "سجاح" وسردوا لها ما حدث .. فإستمهلتهم وقالت لهم ائتونى حتى يأتينى تابعى وأقول لكم .. فرجعوا من عندها .. وأخذ عبد المطلب يدعو الله .. ثم عادوا إليها فقالت: جاءنى الخبر .. كم الدِيَّة فيكم ؟ .. قالوا: عشرة من نوق الإبل .. قالت: إرجعوا لبلادكم وقربوا "=إفدوا" صاحبكم عشراً من الإبل ثم اضربوا عليها وعليه بالقداح .. فإن خرجت على صاحبكم زيدوها عشراً .. فزيدوا من الإبل حتى يرضي ربكم .. وإن خرجت على الإبل فإنحروها عنه فقد رضي ربكم ونجا صاحبكم .. فخرجوا وعندما وصلوا مكة ضربوا القداح فخرجت على عبد الله فزاد عبد المطلب عشرة حتى أصبحوا عشرون من النوق .. وأغلب الروايات أن تكرر الضرب بينه وبين الإبل بالقداح حتى وصلت مائة من الإبل .. وخرجت علي النوق .. فهلل القوم وتصايحوا ولكن عبد المطلب ما كان ليرضي بهذه البساطة .. وأصر على ضرب القداح ثلاثاً .. وهى تخرج دوماً على المائة إبل .. وهنا إطمأن عبد المطلب وأمر بنحرالإبل المائة فداءاً لإبنه الغالى .. ونجا "عبد الله" .. وتم نحرها وقيل في الروايات أن كل أهل مكة والوافدين عليها أكلوا من لحمها وكذلك الحيوانات والطيور الجارحة .. من وفرتها ..
وتسامعت مكة كلها بخبر نجاة عبد الله .. وعمت الفرحة الجميع وتسامه أهل زهرة بالنبأ السعيد وإستقر قلب "آمنة" وإطمأنت إلى نجاة إبن عمها .. ولكن .. ماهذه الضجة؟
هذا ما سنعرفه في لقاء لاحق إذا شاء الرحمن
ونعود لأحداث ما ذكرته لنا د. "بنت الشاطئ" من خلال الآتى:
رابط فيديو عن إسلام سيدنا "حمزة بن عبد المطلب" مدته 10:01 دقيقة
وإليكم رابط فيديو لإستشهاد سيدنا حمزة "سيد الشهداء" مدته 7:12 دقيقة
اللهم صلِّ وسلم على سيدنا محمد صلاةً تُذهب بها عنا جميع الهموم والغموم والأحزان

Khadega Hussein 
 
فريق مصر أم الكون

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق