الجمعة، 13 سبتمبر 2019

وزير الغلابه رقم 22



توقفنا فى حلقتنا السابقه بعد أن طال اللقاء فكان هناك وعد من جانبنا بمعاودة الغوص فى بحور التاريخ وشاء الله ان نفى بوعدنا فهيا بنا نسبح سويا وسط سطور مزكرات وزير الغلابه



فى هذه الحلقه يتوقف صاحب هذه المزكرات طويلاً أمام لقاءاته بقادة دول العالم وعلى وجه الخصوص قادة دول العالم العربى فيقول ألتقيت القذافى فى إحدى الزيارات فسألنى «إنت بتشتغل إيه» وكان شخصيه متناقضه ويبدأ حديثه دائمًا بمهاجمة أمريكا أما صدام حسين كان حاد الطبع وداخله «شعور قوى بالعظمه» ويحق لنا أن نطلق على زايد آل نهيان لقب «شيخ العرب»



ألتقيت الملك الحسين بن طلال فى حضور عرفات وكان من الواضح فقدان الثقه بينهما كلما سألت مسئولاً سوريًا عن «مذبحة حماه» أجابنى الشعب قضى على الخونه



زرت بيروت فى 1998 فوجدتهم يرفعون صورة عبدالناصر وأعلام مصر ولبنان مع صورتى شاءت ظروف العمل والمنصب أن أحظى بالاستماع والحديث إلى العشرات والعشرات من الرؤساء والملوك ورؤساء الوزارات من مختلف دول العالم. وها نحن بعد مرور ثلاثة عقود على هذه اللقاءات بين القاده العرب لم يتحقق ما كان مستهدفاً ويكفى مثلا أن التجاره البينيه للدول العربيه لم تصل إلى نحو 10 ٪ من إجمالى تجارة هذه الدول مع دول العالم



الملك حسين بن طلال (ملك المملكه الأردنيه الهاشميه 1952ــ1999) الحديث والأستماع إليه يؤكد أنه سياسى بارع وجم الأدب يُخجِل من يقابله وأذكر عندما كنت نائبا لرئيس الوزراء ووزيرا للتخطيط فى زياره رسميه للمملكه كان الملك خارج المملكه وفى مطار عمان فى طريقى للعوده إلى مصر طلبنى رئيس الديوان الملكى راجيا العوده للقاء جلالة الملك الذى كان قد عاد منذ قليل ورجعت فورا وقابلته وظل الأجتماع نحو الساعه وتناول الحديث الوضع العربى والإقليمى والدولى ولا يفوتنى أن أذكر حضورى لقاءات تمت بين الملك حسين وبين الرئيس الفلسطينى ياسر عرفات رغم أن ظاهرها كان يتسم بالود وتبادل الأحضان لكنها كانت تحمل فى طياتها بوضوح فقدان الثقه بينهما



الملك الحسن الثانى (ملك المغرب 1961ــ 1999) عند اللقاء به تلاحظ على الفور فخامة الملوك تعتبره الحاشيه أمير المؤمنين ثقافته العاليه تبرز جوانب عديده من العلم والمعرفه كان قليل الكلام يجيد الأستماع معلوم عنه أن لقاءاته مع الرؤساء أو الوفود لا تتجاوز ثلاثين دقيقه ثقافته الغربيه أسقطت من حديثه المجامله وقد كان من ضمن أهتماماته الأساسيه قضية الصحراء الغربيه وقد وضح ذلك عندما شاركت فى لقاء بينه وبين الرئيس الجزائرى بوتفليقه وبحضور الرئيس ظهر فيه عدم رضا أو توافق فيما بينهما


الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود (ملك المملكه العربيه السعوديه 1982-2005) لم أحظ باللقاء والحديث مع جلالته إلا فى السنوات الأخيره عندما ألم به المرض كان هادئ الطبع مشجعا لمن يلقاه بالحديث والأستماع من جانبه كان يؤكد دائما حبه وتقديره لمصر وشعبها وعند بدء وقوع عدوان العراق على الكويت فى الثانى من أغسطس 1990، كنت فى مطار القاهره مع الرئيس فى توديع الشيخ زيد آل نهيان وأتصل الملك فهد بالرئيس طالباً الإسراع إلى عقد أجتماع للقمه العربيه فعُقدت على الفور وتمت الموافقه على تصحيح الوضع مع الكويت بأغلبيه ضئيله (11 من 20 عضوا) وذلك بإتخاذ إجراء عسكرى تشارك فيه الولايات المتحده الأمريكيه (( أفهم ياعم البصمجى أمين عام جامعة الدول العربيه مالوش أى علاقه بإتخاذ القرارات ودوره مجرد أشارجى ومنظم للأجتماعات ))  مع قوات من الجيش السعودى ومن الجيش المصرى وبصوره أقل من الجيش السورى



الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود (ملك المملكه العربيه السعوديه منذ 2005) شرفت بلقائه عندما كان وليا للعهد وهو يحمل سمات الشهامه العربيه الصافيه ويتمتع بذكاء بالفطره وبخبره عاليه ويظهر دائما الحب والتقدير لشعب مصر وهو سلوك ونهج ملوك المملكه العربيه السعوديه جميعا وفاء لوصية الأب الملك عبدالعزيز آل سعود ومن خلال لقائى مع جلالته فى زيارته لمصر عندما كان وليا للعهد وكنت رئيسا للوزراء كان حريصا على دعم الأقتصاد المصرى قولا وفعلا وبهذه المناسبه لا أنسى ما قام به الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود فى أغسطس 1967 بالخرطوم حينما أجتمعت القمه العربيه لتناقش دعم مصر بعد النكسه وكان أول الداعمين الأمر الذى بدا غريبا على الساحه العربيه والدوليه إزاء ما ناله من هجوم من إعلام مصر خلال مده سبقت



أذكر هنا واقعه حدثت فى منتصف أبريل سنة 1998 عندما كان الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود فى زياره لمصر حين كان وليا للعهد وكنت مع الرئيس فى إستقباله مع عدد قليل من الوزراء وبعد مصافحة الجميع أشار الملك إلىّ قائلا إن هذا الرجل غيّر الكثير فى مصر إلى ما هو أفضل ولم يعلق الرئيس وقلت فى نفسى شكرا سمو الأمير وأذكر كذلك أنه كان دائما يظهر حبه وتقديره للشعب السورى أيضا


الشيخ زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات (1971ــ 2004) يحق علينا أن نطلق عليه شيخ العرب كان لديه قدر كبير من الحكمه فمبعث تعامله مع الرئيس حبه لمصر وشعبها ظهر هذا واضحا قولا وفعلا وكان يزيد على الآخرين فى مقدار دعمه لمصر ورئيسها كان لا يفضل أن يكون الدعم نقدياً بل كان حرصه ورؤيته أنه من الأفضل أن تسهم دولة الإمارات مباشرة فى مشروعات التنميه التى تعود بالخير على الشعب المصرى ومن ذلك فى مجال الزراعه مشروع إستصلاح وزراعة مساحة 40 ألف فدان شرق قناة السويس عند منطقة الدفرسوار وترعة الشيخ زايد وأيضا مد الفرع الرابع للترعه الرئيسيه بمشروع توشكى وإستصلاح حوالى 100 ألف فدان وغير ذلك من المشروعات الأخرى


السلطان قابوس بن سعيد (سلطان عمان ــ 1970 الآن) شخصيه هادئه لا تتكلم إلا همساً يحب أن يستمع أكثر من أن يتكلم كانت لقاءاتنا معه تبدأ فى مجموعه قليله مع الرئيس تستمر نحو 20 إلى30 دقيقه ينفرد بعدها بالرئيس لمده قد تطول لساعات ويحق أن أذكر لشخصه الكريم أنه حينما قاطع العالم العربى مصر بعد إتفاقية كامب ديفيد واصل إرسال دعم محدود دورى لمصر خلال الفتره من 1979 إلى 1989 رغم القطيعه من جانب الدول العربيه



الرئيس حافظ الأسد رئيس سوريا (1970ــ2000) شخصيه متحدثه لا يمل الحديث عنده قدره على الإطاله تستمر ساعه أو أكثر حينما كنا نلتقى فردا أو وفدا أو مع الرئيس كان الحديث كله له يتكلم عن التاريخ الإسلامى وعن الحكم العباسى والفاطمى والمملوكى والتاريخ الحديث الكل يسمع ما يقول ويكرر ولا يتوقف ولا أحد يسأل كان زعيما لحزب البعث السورى المصدر الرئيسى لحزب البعث العراقى الذى يمثل حكم الفرد بشكله الحقيقى حسب ما شاع عليه وعنه فى الكثير من دول العالم العربى كان يحكم بحسم وشده ولكن يبدو هادئا غير أنه إذا أستشعر شبهة خطر من أى من تجمعات المعارضه يقضى عليها فورا من دون أن تسمع عنها من جديد


يكفى ما حدث فى مدينة حماه التى مثل أهلها تياراً دينيا معارضا فقضى عليه فى يوم وليله والعجيب حينما كنا نجتمع مع المسئولين السوريين على إختلاف مكانتهم ونسأل عن هذه الواقعه البشعه يقولون قولا واحدا إن الشعب هو الذى قام بالقضاء على هؤلاء الخونه وللحق أقول، إننى ألتقيت بقيادات العالم العربى وأتيحت الفرصه لى أن أقابل بعض أفراد شعوبها وأقول إن الشعب السورى من أكثر الشعوب العربيه قربا للشعب المصرى



الرئيس صدام حسين رئيس العراق (1979ــ2003) شخصيه حادة الطبع صارمه كل الصرامه قولا وفعلا ولديه شعور قوى بالعظمه ويرى أنه الزعيم الأوحد القادر على مواجهة أى أخطار تواجه العالم العربى كنا حينما نقابله يذكر مصر بالخير لأنه عاش فيها شبابه ولكن لم يترجم هذا القول بالعطاء لمصر



أذكر حينما كنا فى زيارة للعراق عقب المعركه الأخيره المعروفه بالفاو بين العراق وإيران وبعد أن سبقنا الأخ المهندس حسب الله الكفرواى ليرى ما يمكن أن تقوم به مصر فى إعادة تعمير العراق عاد غير راضٍ حيث لم يعرض الجانب العراقى قدرا مناسبا لمساهمة مصر فى إعادة تعمير العراق ثم كانت زيارتنا وتحدث الرئيس صدام وأطال فى ذكر كل الخير لمصر وكنت والمهندس سليمان متولى والمهندس ماهر أباظه مع الرئيس نستمع دون مقاطعه وأنتهى الحديث دون الإشاره إلى مساهمة مصر فى تعمير العراق ولم أستطع السكوت وقلت بعد الأستئذان إننى كمواطن مصرى عربى أحب أن أنقل رؤيه تحدد العلاقه بين الشعب المصرى والشعب العراقى لا أتكلم عن مشاركة المصريين فى العراق مع إخوانهم العراقيين أثناء الحرب التى طالت سنوات شارك المصريون فيها مباشرةً وفى تحمل همومها مما يؤكد مدى الحرص على مساندة الشعب العراقى لم يترك المصرى داره مثلا فى جنوب الوادى حاملا فأسه لزراعة الأرض فى البحيره أو الشرقيه أو الغربيه ولكن الغريب أنه أتى إلى العراق وحمل الفأس وزرع فى أرض العراق مع أنه أعتاد ألا يزرع إلا أرض مصر لهذا يقول المصريون اليوم لماذا لا نشارك فى تعمير العراق بالقدر الذى يتناسب وعلاقاتنا وقدرنا المشترك ؟؟؟



ماذا رد وقال صدام حسين هذا موعدنا معه الحلقه القادمه بعد أن هاجمتنى آلام أصابعى فلنا لقاء قادم متى شاء الله


جنرال بهاء الشامى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق