الأحد، 29 سبتمبر 2019

وزير الغلابه رقم 24



فى الحلقه الماضيه دار حديث الجنزورى عن لقاءاته بقادة دول العالم العربى وفى هذه الحلقه يتطرق صاحب هذه المذكرات إلى لقاءاته بقادة الدول الأوروبيه وزعماء آسيا والأتحاد السوفييتى فهيا بنا نغوص فى السرد وأعماق التاريخ


 مارجريت تاتشر رئيسة وزراء المملكه المتحده البريطانيه ( 1979ـــــــ 1990) سيده رائعه حاسمه شديدة البأس فى القول والفعل كانت أول أمرأه تتولى منصب رئيس الوزراء فى بريطانيا ومشهود لها بإجراء إصلاحات إقتصاديه وماليه أدت إلى إزدهار فى محيط الشركات وهى تعتبر من أطول رؤساء الوزراء فى بريطانيا إستمرارًا فى شغل المنصب


أذكر لقاءها فى زياره سريعه للندن أول مايو 1983 ونحن فى طريق العوده من الولايات المتحده  الرئيس مبارك والفريق كمال حسن على نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجيه وأنا ووصلنا فى الصباح الباكر وذهبنا إلى مقر مجلس الوزراء البريطانى مباشرة من المطار وألتقينا السيده تاتشر ونائبها وجلسنا جميعا حول مائده صغيره مستديره وبعد دقائق وقفت تتحدث فقالت سيادة الرئيس نحن نحبك ثم بعد صمت قليل لأننا نحب مصر مصدر الحضارات العظيمه وأشارت بيدها إلى الرئيس مستطرده سيدى إن بعض شعوب العالم فى أشد الحاجه إلى أن يسمعها حكامها لابد للقاده أن ينصتوا لشعوبهم أكثر مما يتكلمون وعلى الحاكم أن يعلم جيدا ما يطلبون ويعلن عما يمكن أن يحققه وما لا يمكن لأن مقابلة مطالبهم بالصمت ليست حلا لأنه إن طال يولد الغضب الذى يختزن فى القلوب والصدور ولا يمكن للصمت والغضب أن يستمرا فسيأتى يوم مهما طال لينفجر الكبت المخزون وتخرج هذه الشعوب لتقول لا.. لا.. لا..  


سيادة الرئيس لا أقصد بلدا بعينه ولكن خبرتى قبل أن آتى رئيسةً للوزراء والتحامى بالطبقه البسيطه التى نشأت منها هى التى دفعتنى لكى أقول هذا لزعيم دوله كبيره فى الشرق الأوسط


لم يعلق الرئيس إلا بابتسامه خفيفه واليوم أقول سبحان الله كيف توقعت السيده تاتشر هذا الأنفجار منذ ثلاثة عقود



فرانسوا ميتران (رئيس فرنسا 1981ـــــ1995) كان إشتراكياً رأسمالى المظهر والسلوك يحب الصمت عند بداية الجلوس معه وعندما يتحدث تحب أن تستمع إليه وهو يتناول ما يدور فى المنطقه العربيه والشرق الأوسط ودول العالم وكان منصفا للقضيه الفلسطينيه وأذكر قولا له إن هذه المنطقه العربيه ومنطقة الشرق الأوسط لا يمكن أن تهدأ مهما طالت المده من دون أن يحصل شعب فلسطين على حقه العادل والشخص الآخر الذى أحب أن أعلق عليه السيد ليونيل جوسبان كان رئيسا لوزراء فرنسا ممثلا للحزب الأشتراكى وقت أن كنت رئيسا للوزراء وحينما جاء لزيارة مصر شاءت الظروف أن نجتمع أكثر من مره أذكر له بعد ما تركت الوزاره فى أكتوبر 1999 أن أرسل لى خطابا يذكرنى باللقاء سبحان الله هذا الرجل الذى قضيت معه يوماً واحداً أرسل هذا الخطاب ولكن العشرات من المسئولين على الساحه العربيه لم أتلقَ منهم خطابا واحدا




لعل ذلك كان لعلمهم عن غضب الرئيس مبارك علىّ




البابا يوحنا بولس الثانى (رئيس الكنيسه الكاثوليكيه 16/10/1975ـــــ2/4/2005) كان من أقوى عشرين شخصيه فى القرن الماضى ولعب دورا بارزا فى إسقاط النظام الشيوعى فى بلده بولندا وكان من أكثر القاده فى العالم سفراً ويحصى له أنه زار 190 بلدا خلال فترته وكان معروفا عنه السعه فى العلم والمعرفه يجيد سبع لغات الإيطاليه والألمانيه والإنجليزيه والإسبانيه والبرتغاليه والروسيه والكرواتيه ذلك بالإضافه إلى لغته الأم البولنديه وحظيت بلقائه عدة مرات سواء مرافقا للرئيس أو رئيسا لوفد من الزملاء أو منفردا



نجم الدين أربكان (رئيس وزراء تركيا 28 يونيو 1996ــ30 يونيو 1997) شخصيه متدينه معتدله كان عضوا فى الطريقه النقشبنديه التى أسسها شيخها محمد زاهد كوتكو ألتقيت به فى أنقره عندما أجتمع رؤساء ثمانى دول إسلاميه بينها (مصر وتركيا وإندونيسيا وإيران وماليزيا) وذلك للتوقيع على الأتفاقيه المبرمه بين تلك الدول والتى عرفت بمجموعة الثمانيه الإسلاميه والسيد نجم الدين أربكان نشأ نشأه علميه أختلطت بالسياسه فحصل على درجة الدكتوراه فى الهندسه الميكانيكيه وعكف على دراسة المحركات وكان له فيها دور المبتكر وكما له فى المجال العلمى فقد كان له دوره فى مجال السياسه حيث إنه عكف على إنشاء تنظيم له مرجعيه إسلاميه وتمسك بفكره حتى أمكن تأسيس حزب الرفاه وجعل له دورا مكنه من رئاسة الوزراة سنة 1996 وإن كانت مدتها محدوده إلا أنها مهدت وتركت بصماتها على الحزب الحاكم فى الوقت الحالى والذى يتولى أمور الدوله بثقه وإيجابيه مشهوده داخليا وخارجيا ويذكر له أنه مع بدء نشاطه أقام معاهد للتعليم الدينى وقدر عدد من ألتحقوا بها نحو ثلاثة ملايين طالب عند تركه الوزاره وذلك مع ما كان حريصا عليه من إهتماماته فى مجال الإنتاج مما أدى إلى تفوق تركيا خاصة فى مجالات الإنتاج السلعى الصناعى والتصدير فى الحديث معه ومع رفاقه كان يؤكد دائما أن العلاقه بين مصر وتركيا لا تقف عند الشئون السياسيه والأقتصاديه وإنما بتجاوز ذلك إلى الروابط المتينه بين الشعبين والمتمثله فى العلاقات الأسريه وصلة الدم بينهما فبعض الأسر المصريه والتركيه تنتسب جذورها إلى كل من البلدين




 مهاتير بن محمد (رئيس وزراء ماليزيا 1981ـــــ 2003) ألتقيت به عندما زرت ماليزيا فى أبريل 1997 وهو فى الأصل طبيب وله رؤيه مستقبليه شامله عما ينبغى أن تصل إليه نهضة ماليزيا فى أقل مدى زمنى ممكن وحقق ذلك بمعاونة مجموعه تحمل كل الولاء لماليزيا عاونته وشاركته الرؤيه والأمل وشعب وثق فى قادته وأخلص فى الأداء فتحققت الآمال العريضه فى مدى زمنى لم يزد على عقدين



لى كوان يو (رئيس وزراء سنغافوره 1959ــــ1990) مؤسس سنغافوره الحديثه وقائد نهضتها ويكفى أن يذكر له أن سنغافوره بعد أن كانت ولايه صغيره هامشيه تشكل جزءا من ماليزيا أنفصلت ونهضت بقيادته وأصبحت من أهم المراكز التجاريه فى العالم وأرتفع الناتج المحلى الإجمالى لها من نحو 2 مليار دولار أمريكى عام 1960 إلى نحو 100 مليار دولار أمريكى حاليا أى تضاعف خمس مرات عما كان عليه عام 1960 وهذا أدى إلى زيادة نصيب الفرد من الناتج إلى 22 ألف دولار أمريكى سنويا بعد أن كان 435 دولارا أمريكيا فقط فى عام 1960 عندما كانت جزيره متهالكه وقد تحقق أكثر من ثلاثة أرباع هذه الزياده الفائقه فى عهده كما بلغت الدوله مكانه مرموقه فى الأمن وشئون البيئه وأصبحت مثلا يحتذى بها ومحط أنظار العالم قابلته حينما زرت سنغافوره فى أبريل 1997 وهو قائد يتصف بقدر كبير من تعظيم الذات ولعل ذلك يرجع إلى النجاح الفائق الذى حققه إذا قورن بدول مماثله وأذكر قوله عند اللقاء به إن العامل الحاسم الوحيد الذى أدى إلى تطور سنغافوره هو قدرة وكفاءة وزرائها والمستوى الرفيع من المهاره والدرايه الذى بلغه موظفوها الحكوميون وما قدموه من دعم ومؤازره للوزراء نعم تحقق النجاح المبهر لأن القائد رغم إعتزازه بنفسه لم يحفظ النجاح لشخصه بل أرجعه لكل العاملين بمختلف مستوياتهم ويمكن أن أضيف بعد النقاش المتعدد مع المسئولين فى سنغافوره أن أسباب النجاح يمكن أن تكمن فى كلمات قليلة الرؤيه السليمه إحترام القانون الحاسم وإختفاء الفساد وإعلاء المصلحه العامه العداله الأجتماعيه للجميع




كيم سونج (Kim II Sung) رئيس كوريا الشماليه (1972ــ1994) قابلته أكثر من مره شخصيه غامضه يصعب الأقتراب منها بالحديث ولكن عليك الصمت حتى يتكلم قليلا عن شعبه وآماله وحبه له ولقد حاولت أن أرى بعض أفراد الشعب كما أحب دائما عندما تتاح لى الفرصه عند زيارة أى دولة ولكنه أمر لا يتحقق بسهوله ويكفى أن أذكر أنه عند زيارة أى مسئول أجنبى لكوريا الشماليه يخرج الأطفال من بيوتهم يلبسون ملابس بيضاء ناصعه فى أعلاها بعض الألوان البرتقاليه يحملون فى أياديهم أعلاما صغيرة يلوحون بها لدقائق حتى يمر الضيف ثم يعودون إلى منازلهم أن شعب كوريا الشماليه يبدو هادئا راضيا لعدم علمه بما عند الآخرين ويكفيه أنه قادر على الأكتفاء الذاتى من السلع والخدمات الأساسيه وأعود للقاء الرئيس فهو لا يصافح إلا قله حينما يعلم أن هؤلاء القله أصحاء عند الجلوس إليه يتحدث كلاما طيبا عليما بما يدور عالميا ولكنه رأى أن أستمرار هذه العزله فى وجود قوه عسكريه قويه لدى هذا الشعب تؤمنه مما يمكن أن يحدث إن تم الأنفتاح على العالم وعلى جيرانه




قادة الصين حظيتُ بلقاء أربعة رؤساء للصين ويحق أن أقف أولا عند السيد دينج شياو بينج مهندس النهضه والإصلاح ومع أنفتاح الصين على العالم كله رأيته أكثر من مره قصير القامه وحين تجلس إليه لا بد وأن تحترمه كل الأحترام عنده مخزون من الخبره بقدر لا يوصف حينما يتكلم بتفجر كل ما يمكن أن تتمنى الأستماع إليه فى مختلف المجالات وبفضل رؤيته نقل الصين نقله كبرى لقد قامت الصين بثورة ثقافيه عام 1949 ولكن حينما جاء هذا الرجل عام 1978 نقل الصين نقله أخرى هائله ويكفى أن نشير إلى القفزه الهائله فى القدره الأقتصاديه وترى حاليا الميزان التجارى للصين مع الولايات المتحده أو الاتحاد الأوربى لصالح الصين بفارق كبير ومعدلات نمو الناتج المحلى بما يفوق المعدلات فى أغلب دول العالم وأعود وأؤكد أنه فى لقاءاتى مع القاده الصينيين وهم على التوالى دينج شياوبنج ولى زيانيان (1983ــ1991) ودانج شانج (1988ــ1993) وشيانج زيمن (1993ــ2003) لاحظت أن الذى يتحدث واحد وهو صاحب المكانه العليا فى الصين وهو رئيس اللجنه العسكريه المركزيه لأن اللجنه المركزيه هى التى تحدد الأستراتيجيه والتوجه وتنقل الرؤيه للتنفيذ على مستوى الوحدات التنفيذيه فى مختلف قطاعات الدوله ورغم أن المتحدث أو القائد واحد ولكن يعتمد على الكثير من المشاركين الذين لهم حق إبداء الرأى والتعديل بما يحقق الصالح العام على مستوى الدوله لا أحتكار لرأى رغم أنها دوله شيوعيه يرأسها شخص يملك كل الصلاحيات


أصابعى بدأت تؤلمنى فننهى السباحه فى عبق التاريخ على وعد بلقاء متى شاء الله مع قادة الأتحاد السوفيتى

جنرال بهاء الشامى

هناك 4 تعليقات:

  1. مقال رائع ودسم تسلم ايدك يا مارشال

    ردحذف
  2. سلامة صوابعك ياكبير..
    تسلم كل مقالاتك

    ردحذف
  3. سلامة صوابعك ياكبير..
    تسلم ايدك ومنتظر المزيد باذن الله

    ردحذف
  4. سلامة صوابعك ياكبير..
    تسلم كل مقالاتك

    ردحذف