توقفنا فى حلقتنا السابقه عند ماهى الأستراتيجيه التى
أتبعها أول عميل مخابراتى وكيف حصل على مراده وكيف جند من صفوف الأعداء عملاء
آخرين وكان لكم فى رقبتنا دين بالوفاء بالأستكمال وها نحن نحاول أن نفى بالدين
قبل السرد هناك ملحوظه هامه وخطيره ونوهنا لها فى حلقات كثيره
وخصصنا لها حلقه كامله عن ترسيخ الأكاذيب فمثلا تنتشر موضة سرقة البوستات المغلوطه
خبريا أو معلوماتيا وبالتالى تصبح حقيقه وهى ليس لها أساس من الصحه وخصوصا أن
حسابات الأخوان منتشره على صفحاتكم والمدهش من يسألون عن تحليلى على هذه الأخبار
وكأنها تحولت لحقيقه مثل من يقول لك ليه عواطف سمت أبنها سمير ومطلوب منك ترد ليه
عواطف سمت أبنها سمير وماهى مبررات عواطف لتسمية أبنها سمير مع أن عواطف لم تحمل
ولم تتزوج بعد حتى تنجب وتسمى أبنها سمير ودعك من هذا فهذا هو حال الفيسبوكيين
ونعود لموضوعنا ونخوض فى السرد عند ماتوقفنا عنده
فى هذا الوقت كما هو وارد فى كتاب الحرب الخفيه كانت سوريا جزءاً من أمبراطورية مصر وكانت بابل
وبلاد الحيثيين من أقوى الدول التى تهدد أمن مصر فقام الفراعنه بإستخدام أرض
ميتانى على حدود هاتين الدولتين كدرع تتقى به مصر وسوريا هجمات البابليين
والحيثيين طبقا لنظرية الحدود الآمنه وفى تلك الرحله الطويله التى قام بها سنوحى
بعد أن تلقى تعليمات حور محب بدأ بزيارة بابل وأستطاع سنوحى أن يقنع الملك بعد أن عالجه
من مرضه بعمل عرض عسكرى لجيشه فشاهدها وهى تسير على الطريق العريض صفوفاً متتابعه
من القاده والجنود بحرابهم وسباعهم ومن خلفهم تحركت العربات الحربيه فى صف واحد
وبدت كرمال فى الصحراء وألهمته عقليته بأنه لايكفى أن يسجل فى تقريره المطلوب بأن
المحاربين فى بابل كعدد حبات الرمل بل يجب أن يحصيهم بدقه فأخذ يستعرض فى ذاكرته
الصفوف التى شهدها وكانت المشاه تمر فى تشكيلات متتابعه قوامها 60 رجلاً وقد
تتابعوا ستين مره كما كانت العربات تمر أيضا فى تشكيلات من 60 عربه وبعمليه حسابيه
بسيطه أستطاع أن يعرف قوة الجيش وتعداده بدقه
أسترعى إنتباه سنوحى أن جند الحرس كانوا مفرطى البدانه ويبدو
على وجوههم شئ من رهقه وعناه أما الفرق الوافده من الأقاليم البعيده فكان جنودها
ضامرين بادين السمره من لفحة الشمس وملابسهم قذره وأكثرهم من غير حراب مما يوحى
بالكثير لطالبى المعلومات ومحلليها وكانت عجلاتهم الحربيه بعيده كل البعد عن شكل
عجله حربيه أذ كانت تتخلخل فى سيرها وتصدر ضجيجاً مما يوحى بإختلال أجهزتها
فى بلاد الحيثيين حينما وصل سنوحى فى رحلته الطويله إلى مشارف
(( هاتوشاش )) كبرى مدن الحيثيين ومقر ملكهم رأى أنها مدينه كبيره ذات مبان شاهقه منحوته
من الأحجار تقع بين الجبال فبدت كحصن منيع ولقد أوصدها الملك (( شوبلوكيوما )) فى
وجوه الأغراب والأجانب فلا يأذن لغير القوافل العابره بالدخول إليها لتضع أحمالها
بين يديها وهى غالبا ماتكون محمله بالهدايا المرسله إليه من الأمراء الخاضغين
لسلطانه
كانت الرقابه تفترض على رجال هذه القوافل خلال إقامتهم
بالمدينه إلى أن يرحلوا عنها ومن هنا بقيت سراً مجهولاً على العالم البعيد فكيف
يخترقها العميل سنوحى
إستطاع العميل سنوحى أن يقتحم عش النسر بالرغم من الصعوبات
التى واجهته فالحيثيون لايتداوون من المرض بل يخشون من الشكوى منه ووصل الأمر أنهم
كانوا يقتلون الأطفال المشوهه أو ناقصة النمو ولاد سبعه عقب خروجها للحياه مباشرةً
كما كانوا يقتلون أرقاءهم (( عبيدهم )) المقبلين
ومن ثم وجد أن إستخدامه لساتر الطبيب لن يسعفه فى تحقيق غرضه الذى كلفه به أول
رئيس جهاز مخابراتى حور محب فلم يجعل اليأس يتسلل إلى نفسه فأستطاع بحكمته أن
يعالج سراً المرضى الذين كانوا يشكون من مرض الإضطراب العصبى الشائع لديهم ونجح فى
إزالة المرض عن عدد كبير من المواطنين فى الطبقه العليا من الدوله فنشأت بينه
وبينهم علاقات وطيده (( التقرب للمسئول بداية إختراقه )) وأصبح مقرباً لديهم وموضع
ثقتهم وإحترامهم وأستطاع العميل سنوحى أن يعرف رئيس محفوظات الملك وكان بحكم مركزه
على علاقه مباشره بدخليات الملك وأسرار مراسلاته بينه وبين البلاد الأجنبيه وفى
جلسه دار فيها الشراب (( إستغلال نقاط الضعف فى المسئولين )) فأنتشى رئيس
المحفوظات فأستغل العميل سنوحى الفرصه وأستطاع أن يعرف منه أن إقتصاد الحيثيين
قائم على بيع الأسلحه إلى الممالك الأخرى كما علم منه نوايا الحيثيين بالنسبه إلى
جيرانهم والعالم الخارجى كما أستطاع أثناء إقامته أن يلم بالمصانع التى تزدحم بها
المدينه والتى تصنع فيها الأسنه والحراب والعجلات الحربيه كما تأكد من روح الجنديه
الشائعه فى السكان وإعتداد الرجال بوظائفهم فى الجيش (( فخرهم وتمسكهم بعقيدة
جيشهم )) كما أن شبابهم كان يذهب إلى معسكرات التدريب فى سن التجنيد دون إستدعاءهم
من الدوله (( وعى وطنى مطلوب ويحتاج لحملات توعيه عاليه بين دينيه وتربيه قوميه
وخير من يقوم بهذه المهمه الأم فى البيت ))
لاحظ العميل سنوحى أن أهل المدينه على حذر شديد وحرص ملحوظ
عندما يتصلون بالأجانب فهم أما صامتون أو مجيبون بعبارات غير مجديه إذا ما سألوا
مثل عبارة لا أفهم أو لا أعرف (( وعى مخابراتى رفيع المستوى لايتوفر فى الكثيرين
)) وكذلك كان أهل المدينه قد تعودوا على الإرتياب فى أى أجنبى وكان لابد لسنوحى أن
يحصل على عينه من المعدن الذى أكتشفه الحيثيون والذى يصنعون منه أسلحتهم الحديثه
وقد تهيأت له الفرصه فى ميناء الحيثيون وهو يغادرها إلى كريت (( مسقط رأس صدام
حسين )) إذ جاءه رئيس الحركه البحريه بها
وكان يعانى من مرض تناسلى مزمن فعالجه حتى برأ منه وحينما سأله عما يريد من أجر أظهر
له زهده فى المال وطلب منه أن يهديه السكين التى كانت تتدلى من نطاقه الجلدى ليعتز
بها كذكرى من صديق وأعترض الحيثى مبدياً أنها سكين عاديه لاقيمة لها ولم يغب عن
بال العميل سنوحى قيمة السكين من ناحية أنها سلعه إستراتيجيه وأدرك أن معارضه
الحيثى أنما جاءت نتيجة منع الحكومه بيعها أو التعامل بها مع الأجانب وكان ثمنها
يوازى عشرة أضعاف وزنها ذهبا ونجح سنوحى فى إستدرار عطف رئيس الحركه فأهداه السكين
نظير أجره على علاجه (( تعتبر رشوه )) وأستطاع بذلك أن يحصل على سر حربى لايقدر
بمال
أخناتون فرعون مصر أستخدم سنوحى فى صوره أخرى من أعمال التجسس
والحرب النفسيه إذ أرسله إلى (( عزيرو )) ملك عموريه كمفاوض غير رسمى لعقد معاهدة
تحالف سريه وكجامع معلومات عن نواياه (( راجع حلقات تامرا جولان )) التى تواترت الأخبار
عنها بأنه قد تحالف مع الحيثيين ضد مصر وأنه ينوى الإستيلاء على غزه التى كانت فى
ذاك الوقت من ممتلكات مصر تحتلها حاميه مصريه كما أنتشرت الأنباء عن نوايا عزيرو لإشعال
الفتنه بين مصر وسوريا وأستطاع سنوحى وهو المحنك المدرب أن يحقق أهدافه بعد أن بث
الرعب فى ملك عموريه بالإشاده بقوة فرعون بعد أن حاوره بمهاره (( راجع حلقات
السيطره الذهنيه )) ليبين له أهمية تحالفه مع فرعون مصر والمنافع التى ستعود عليه
نتيجة ذلك قال سنوحى له (( ونصيحتى لك ياملك الملوك أن تقطع علاقتك بالحيثيين فهم
غير أهل لثقتك وما أسرع أن يتألبوا عليك ليطيحوا بالتيجان من فوق رأسك وليحطموا رأسك
(( السيطره الذهنيه والتوجيه غير مباشر عبر اللعب على وتر الطموح )) فى الوقت نفسه
أن الغدر والخيانه طبيعه فيهم وخير لك وأجدى أن تعقد الصلح مع فرعون وتدعهم
مشتبكين فى المعارك مع ميتانى وبابل وإنى إذ أنصحك بمسألة فرعون ومصالحته أنما أنظر
فى الأمر نظرة الصديق لا أخدعك ولا أداجيك ذلك أن فرعون لن يرسل إليكم فى الشتاء
(( إستغلال أوراق الضغط المتاحه )) القمح الذى كانت مصر ترسله وافرا من قبل مادمت
تقف هذا الموقف ونتيجة هذا أن تلم بكم حتما مجاعه فاتكه غير ما يحيط بكم من غدر
الحيثيين وخيانتهم
لما حاول عزيرو المراوغه والصلافه قام سنوحى بإرهابه مبينا له
قوة مصر وهدف فرعون القوى فى مناشدة السلام فقال له فى نبره قاسيه مهدده (( ماذا
تقول ياعزيرو أيها السفاح ألاتعلم أن مصانع مصر فى كل أنحاء المملكه السفلى ((
تسريب معلوماتى مضلل )) لاتنفك تعمل ليلاً ونهاراً فى صناعة الدروع والأسلحه
وغيرها من أدوات القتال أن لدى حور محب من العجلات الحربيه مايربو عن عدد البراغيث
التى تسرى فى فراشك وأنها لتوشك أن تنقض عليك إنقضاض الصواعق فى موسم الحصاد ولقد أعماك
غرورك عن إدراك هذه الحقيقه وأغرتك بفرعون دعوته إلى السلام وهو لايدعو إليه عن
ضعف وأنما يدعو إليه حقنا للدماء ويجب أن تعلم أن حور محب الذى ذاعت شهرته فى الآفاق
غير راض عن هذا السلام وليس لك قبل بقوته (( مناورة التفاوض )) وعليك أن تنظر فى الأمر بحكمه وإلا فستندم حين
لاينفع الندم أما غزه فلن تفرط مصر فى قيد أنمله من أرضها وستحتفظ بها رضيت أم لم
ترضى (( تسريب محمود لإسترتيجية الوطن ))
نجح سنوحى فى إقناع ملك عموريه وأستطاع ان يعقد معاهدة سلام معه
ومع المدن السوريه كلها على أن تبقى غزه لمصر ويكون لفرعون حق إفتداء الأسرى
المصريين وشراء الأرقاء وبالرغم من تلك المعاهده لم تكن سوى مجرد خطوط رسمت على ألواح
الطين أقتضاها من جانب عزيرو إدراكه للظروف القاسيه التى تحيط به وأقتضاها من جانب
فرعون إيمانه برغبة إلهه (( آتون )) غير أن هذه المعاهده كانت أضعف من أن تحقق
السلام الذى تنشده ذلك أن السلام سيبقى إلى حد كبير رهين نوايا الحيثيين بعد
عودتهم من أرض ميتانى التحليل المعلوماتى لما هو متاح لأستنباط معلومات أخرى ))
كما أنه يتوقف على مبلغ صمود بابل ومدى قوة سفن كريت الحربيه فى حماية التجاره
البحريه وهذه كلها عوامل خارجه عن نطاق المعاهده ولها مؤثراتها الفعاله على السلام
بشكل عام
جنرال بهاء الشامى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق