تحديات التسويه السلميه هكذا يأتى أحد فصول كتاب «شهادتى..
السياسه الخارجية المصريه 2004 -
2011» لوزير الخارجيه المصرى الأسبق أحمد أبو
الغيط
راصدا تفاصيل العلاقة مع إسرائيل وتعقيدات القضية الفلسطينية بادئا من توارد المعلومات لأجهزة المخابرات المصرية عن ضربة إسرائيلية
متوقعة لقطاع غزة في عام 2008
تعوض بها إسرائيل صورتها المهانة بعد حرب لبنان ويشير الكتاب كيف كان
المسؤولون في الولايات المتحدة وإسرائيل يؤكدون أن
هذا
العمل يستهدف تحطيم البنية التحتية لحماس وتمكين منظمة التحرير الفلسطينية من العودة للإمساك بمقدرات القطاع. مع طرح
أفكار في الكواليس، وبخبث شديد، على حد قول
أبو الغيط، عن إمكانية النظر في تسليم إدارة القطاع
للجامعة
العربية أو مصر. وهما الطرحان اللذان رفضتهما مصر نهائيا وقتها
يقول أبو الغيط في كتابه
«تزايد القصف في النصف الثاني من ديسمبر (كانون
الأول)
2008، وتحرك عمر سليمان مع قيادات حماس بالداخل وأيضا في دمشق، طالبا عدم تصعيد الموقف. ونتصل نحن في الخارجية
بالإسرائيليين وبالولايات المتحدة والقوى الأوروبية
للتحذير من تدهور الموقف وانعكاساته. وأقوم
بالتحدث
مع الرئيس، بالتوازي وبمعزل عن تقارير رئيس المخابرات العامة له، ويطلب الرئيس أن أجري اتصالا مع ليفني لدعوتها للحضور
إلى القاهرة لمناقشة الموقف. ويستقبلها الرئيس
صباح الخميس 25 ديسمبر في قصر الرئاسة
بالاتحادية.
وقالت ليفني (وزيرة الخارجية الإسرائيلية)، فور رؤيتنا - عمر سليمان وأنا – (إنهم - تقصد حماس - قصفونا بالأمس
بأربعين صاروخا!) وإنها أبلغت قبل الإقلاع للقاهرة
بانهيال الصواريخ على قرى جنوب إسرائيل. وأشعر
بالتشاؤم
من لهجة الحديث. وتطلب ليفني الالتقاء بالرئيس على انفراد، وهو أسلوب كان يستثيرني كثيرا كلما قيل من قبل أحد ضيوف
الرئيس إنه يرغب في لقائه منفردا. ورغم أن
مبارك كان يبلغنا بكلمات موجزة، وهو أسلوبه في
التعامل
مع مرؤوسيه ومسؤوليه، عما دار معه في الاجتماع المغلق، فإن هذا النهج كان يهدد بإضعاف تأثير معاونيه في علاقاتهم
بالأطراف الأخرى. وتتم دعوتي، واللواء عمر
سليمان، بعد خمسة عشرة دقيقة للمشاركة في الاجتماع. ويقول الرئيس إن ليفنى
تبلغه أنهم لا يستطيعون السكوت عن هذه الاستفزازات
وسوف
يردون، وإنه أبلغها بضرورة ضبط النفس، وإن الوضع من الحساسية بما يهدد بانفجار تكون له عواقبه على عملية أنابوليس 2007، وإنه
سيكلفنا التحدث مع الجانب الفلسطيني للسيطرة
على التصرفات والتوقف عن القصف».
لا ينسى العالم تلك اللقطة الشهيرة التي التقطت لأبو الغيط في
ذلك اليوم وهو يمسك بيد تسيبي ليفني
أثناء نزولها على سلالم قصر الاتحادية عقب
المؤتمر
الصحافي الذي جمعهما، وأعلنت فيه أن إسرائيل لن تصمت على قذف حماس لها، وكيف أمسك بيدها أبو الغيط بشكل أثار الانتقادات
ضده. وقيل وقتها إن ليفني أعلنت الحرب على غزة
من قلب قصر الرئاسة المصرية، واتسمت ردود الفعل
نحوها
بالمودة حتى إن أبو الغيط أمسك بيدها أثناء خروجهما من القصر. وهو ما يرد عليه أبو الغيط بالقول في كتابه «شهادتي»: «أعلنت
في المؤتمر الصحافي أن مصر ضد التصعيد وترفض
كل أعمال العنف من الجانبين. وبعد المؤتمر
الصحافي،
أوشكت ليفني على السقوط على سلالم القصر، فأمسكت بيدها حتى لا تتزحلق على الرخام كموقف تلقائي.. ثم فوجئت في اليوم
التالي بصورتي وأنا ممسك بها في الصحف. وتقول
زوجتي: (سوف تثير هذه الصورة الناس عليك) وأجيبها: وهل كنت أتركها تسقط؟! وترد
هي: (كنت تركتها تقع؟!). وتكشف
الأيام
عند اطلاعي على كتاب مذكرات كوندوليزا رايس الصادرة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، أن ليفنى أبلغتها في هذا اليوم الخميس أن
إسرائيل سترد عسكريا على الاستفزاز
الحمساوي ولم تطلب منها رايس رغم كل نداءاتنا
لهم
التوقف عن القيام بأي عملية عسكرية لبعض الوقت لحين استنفاد كل الوسائل. وهنا، يجب الاعتراف بأن إدارة الرئيس بوش
ورايس تحديدا لم تتصد برفض العمل الإسرائيلي
العسكري في المرتين سواء في يوليو (تموز) 2006 في
لبنان
أو ديسمبر 2008 في غزة، بل إن ما كتب في الكثير من المقالات والكتب حول هاتين المعركتين يوضح بجلاء أن الإدارة كانت تحاول
دائما إتاحة الفرصة والعنصر الزمني لكي ينجز
العمل العسكري الإسرائيلي أهدافه».
يحكي أبو الغيط عن بذل عمر سليمان جهودا حثيثة مع كافة الأطراف
لمنع انفجار الموقف، منها اتصالات
مباشرة بقرينه السوري في دمشق إلا أن جميعها لم
تحقق
أي نتيجة، على حد قوله. وبدأ الهجوم والانتقادات الحادة لمصر، ويحاول أبو الغيط طرح الحقيقة في مؤتمر صحافي جمعه بأبو مازن
في القاهرة لتدارك آثار العدوان على غزة،
ويؤكد أن «مصر حذرت حماس بما هو محتمل أو قادم، وأن
نوايا
إسرائيل كانت واضحة للجميع.. وأتلقى اتصالات تليفونية من بعض الوزراء العرب يتناولون الموقف معي بالنقاش، ولكن لم يقتنع أحد
وقتها بأن ضرب غزة لم يبدأ من القاهرة».
ويحكي أبو الغيط في كتابه عن حديث ضمه ومبارك يوم 29 ديسمبر،
ناقلا له رصده لمحاولات تبدو فيها الرغبة
لتحميل مصر عبء الحرب على غزة، وأن الجميع الآن
ينتظر
رد الفعل المصري. ويحكي كيف أن الرئيس المصري أفهمه أنه لا ينبغي لمصر التورط في ما لم تخطط له، كما أبلغه إصداره
تعليماته إلى عمر سليمان، وبقية الأجهزة المعنية
بتسهيل مرور كل المعونات الطبية والمساعدات من رفح. ثم يبلغه في وقت لاحق
بضرورة سفره لأنقرة للاجتماع بالرئيس التركي غل،
ورئيس
الوزراء أردوغان لبحث الموقف. وهو ما يحكي عنه بالقول: «وجدت كل أقطاب الحكم في تركيا في غاية الغضب والضيق، يقولون:
(لقد خدعنا الإسرائيليون. كانوا حتى
أيام في اتصالات مكثفة معنا، ومن خلالنا مع الرئيس
بشار
الأسد للاتفاق على عناصر رئيسية متفاهم عليها بين سوريا وإسرائيل للعودة إلى المفاوضات حسب اتفاق لتسوية بينهما). وأن
إسطنبول كانت تستضيف مفاوضين من الجانبين،
يتحرك الأتراك بينهم لصياغة هذا التفاهم. من ناحيتي،
فقد
بلورت بعض الأفكار التي يمكن طرحها على كل الأطراف، فطلبت وقف إطلاق نار فوري، والنظر في فتح المعابر طبقا لآلية جديدة،
واستئناف جهود السلام. وذكر جول وباباجان، وزير
الخارجية وقتها، أن من المهم توجيه حماس ودفعها
نحو
تطوير تفكيرها وإيصالها إلى الرشد والنضوج لكي تتخذ مواقف عملية».
يتوقف أبو الغيط ليعلق على تصريحات زعيم حزب الله
حسن نصر الله وقتها، لجر مصر للدخول في المواجهة واستخدام معبر رفح لنقل
سلاح للمقاومة الفلسطينية. «وهو ما رفضته مصر لتناقضه مع اتفاقية
السلام بين مصر وإسرائيل. وسعت لتوصيل كافة المساعدات الطبية والإغاثية لقطاع غزةBahaa ELshamy
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق