الاثنين، 31 ديسمبر 2018

مع المصطفى فى عصر المبعث رقم 10



لقد تَهَيَب المصطفي عليه الصلاة والسلام في أوائل المبعث ، أن يلقي قريشاً بدعوته جهراً ، فأسرع بها إلى من آنس فيهم الاستعداد لقبولها والإيمان بها.
وما أسرع ما استجاب له الموالي الأرقاء الذين وجدوا الذين وجدوا في الإسلام ملاذاً لهم من الوضع المهين الذى مسخ آدميتهم وأهدر إنسانيتهم! وكذلك أسلم عدد من أحرار المكيين رجالاً ونساءً.
وكانوا في أول الأمر إذا أرادوا الصلاة تحاشوا الكعبة ، وتحاشوا كذلك أن يصلوا في بيوتهم ، وذهبوا في الشعاب فاستخفوا بصلاتهم عن قومهم ، إذ كان البيت الواحد فيه من يؤمن بدين المصطفى ، وآخرون من أهله وعشيرته على دين الآباء.
لكن أمر الإسلام لم يكن بحيث يخفى طويلاً بعد أن فشا ، وأمر الله رسوله فبادى قومه به . ولعلهم استخفُّوا به أول الأمر وكبر عليهم أن يظهروا غيظهم منه ، حتى ذكر المصطفي آلهتهم وعابها؛ فناكروه وأجمعوا خلافه وعداوته ، إلا القلة التى آمنت منهم.
ماذا تستطيع قريش لمثل هؤلاء السادة الأحرار من صميم بيوتها؟ لئن أعياها أن تثب عليهم أو تنالهم بأكثر من السخرية والأذى والمقاطعة ، فقد بقي الموالى المستضعفون تنفس فيهم عن قهرها وغيظها ، وتتسلط عليهم بأبشع ضروب التعذيب والفتنة.
ولم يفتها وهى ترى مواليها يسارعون إلى الإستجابة للإسلام ، أن تلمح ما وراء هذه البادرة من خطر يهدد الوضع الطبقي الذى قامت عليه حياة قريش جيلاً بعد جيل ..
كما لم يفتها أن تلمح ما يتطلع إليه الأرقاء من استرداد آدميتهم الممسوخة المهدرة ، بهذا الدين الجديد الذى يقرر أن الناس جميعاً إخوة ، ويبطل عبودية المخلوق لغير خالقه.
وقامت قائمة قريش ، وائتمروا فيما بينهم فوثب كل حى من أحيائهاعلي من فيه من الموالى الذين أسلموا ، فكانوا إذا حميت الظهيرة يخرجونهم إلى بطحاء مكة فيطرحونهم على ظهورهم ، ثم يأمرون بالصخرة الضخمة فتلقي على صدر الرجل ويقول له سيده:
"
لا تزال هكذا حتى تموت ، أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعزى " ؛ فيقول العبد المؤمن وهو في هذا البلاء:
"
أحَد ، أحَد! "
حدثوا أن رسول الله صلي الله عليه وسلم مرّ بآل ياسر وقد أخرجهم ساداتهم من بنى مخزوم إلى بطحاء مكة ، وتفننوا في تعذيبهم. فلم يستطع المصطفى أن يدفع البلاء عن هذه الأسرة المؤمنة ، فقال لهم " صبراً آل ياسر "!
وصبروا حتى استشهدت "سمية" وهى تأبي إلا الإسلام.



عزيزى القارئ:
--------------
المَوَالِى: المملوكين لغيرهم - الخدم - وكان في لغة العرب وزمن الخلفاء تستخدم على المسلمين من غير العرب كالفرس والأتراك والعجم "الأجانب" والأفارقة .. الخ - كذلك بمعنى آخر غير ما هو أعلاه السيد خالقهم ورازقهم - مناصر
مسخ: حول صورته لصورة أقبح - ما قلت حلاوته - القُبْحُ - مشوه الخلقة
بادى: ظاهراً - واضحاً - ظاهر بدون تفكير - كذلك بمعنى غير المقصود أعلاه المقيم بالبادية
فشا: شاع وانتشر - انكشف وسَرَىَ
ناكروه: خادعه وراوغه - دهاه من "دهاء" - جاحدون - كافرون به
ضروب: صنوف وأنواع وأشكال - تكرار عدد من .. - ألوان من التنكيل والتعذيب
عبودية: حالة شخص محروم من الحرية والاستقلال - خضوع واستسلام - وقزع الشخص تحت قهر داخلى وخرارجى
حميت: اشتد حرها - الشديد من كل شئ - شديد وعنيف
اللات: أحد صنمين شهيرين في الجزيرة العربية قبل الإسلام - صنم من حجارة كان يُعبد في جوف الكعبة
العُزَّى: صنم كان لبنى كنانة وقريش - شجرة سمر كانت لغَطَفَانَ بنوا عليها بيتاً وجعلوا يعبدونها فبعث لها سيدنا محمد صلَ الله عليه وسلم خالد بن الوليد فهدم البيت وأحرق السمرة
أَحَدُ: الفرد الذى لا شبيه له ولا نظير له - اسم لكل من يصلح أن يخاطب - "الأحد": اسم من أسماء الله الحسنى - المنفرد بوحدانيته في ذاته وصفاته "الواحد الأحد"
عزيزى القارئ:
--------------
توضح لنا د. "بنت الشاطئ" تهيب رسولنا الكريم صلً الله عليه وسلم من المجاهرة برسالته والدين الجديد في بداية المبعث من قريش .. ككل الرسل والأنبياء في قومهم بالرسالات التى يكلفهم الله بها .. عليهم جميعاً السلام .. فاستجاب لدعوته بعض السابقون الأولون الذين سبق ذكرهم وتبعهم عدد من الأرقاء الذين كانوا تحت قيد العبودية حالمين بالتحرر مع الدين الجديد وكذلك عدد من السادة والأحرار المكيين .. وكانوا يصلون خفية خشيةً من الأهل والقوم .. والشئ بالشئ يذكر فكانت صلاة الفجر والمغرب والعشاء جهرية حيث كان القوم إما نيام أو في دور اللهو فلن يسمعوا صلواتهم والبقية الظهر والعصر سرية خشية من التنكيل بهم لأن الكفار يكونوا مستيقظين .. واستمرت كذلك حتى بعد أن أصبحت الدعوة علنية الهجرة وبعد انتشار الجديد .. الخ .. كسُنة يجب الإقتداء بها عن رسولنا الكريم اللهم صلِ وسلم وبارك عليه .. وتوضح لنا ما فعلوه من تعذيب لمن يملكونهم من عبيد أرقاء ومن أشهر هؤلاء "آل ياسر" رضي الله عنهم جميعاً
وإليكم رابط فيديو عن السباقة وأول شهيدة في الإسلام "سمية بنت الخياط" مدته 2:50 دقيقة
عزيزى القارئ:
--------------
واستكمالاً لمسيرة حياة السيدة "آمنة بنت وهب": وضربت القداح على أولاد "عبد المطلب" .. ومالبث غير بعيد حتى إنتشر الخبر في سرعة البرق فملأ أرجاء مكة متنقلاً بين قريش وبيوتها وكما كانوا يعتقدون وقتها في الآلهة .. إختارت الآلهة "عبد الله" أحب وأعز أولاد عبد المطلب إلى قلبه ليكون هو الذبيح من بين إخوته .. ولقد ذهل الجميع وأصابهم الوجوم كما وجمت "آمنة" عند سماعها هذه الأنباء .. ولكن عارض أهل مكة "عبد المطلب" وهو يهم بذبح فلذة كبده تماماً كما فعل جده الكبير "إبراهيم" عليه السلام عندما أراد أن يذبح إبنه "إسماعيل" عليه السلام ولهذا كما ذكرت لكم في اللقاء السابق حديث رسول الله صلَ الله عليه وسلم "أنا إبن الذبيحين"
أشار الجميع على "عبد المطلب" بالتروى حتى يسألوا العرافين وإنطلق الجميع إلى إحدى العرافات.
ولذلك بقية أستسمحكم تأجيلها للقاء القادم إذا شاء ربي .. وختاماً صلوات وسلام الله عليك يا رسول الله.

فريق مصر أم الكون
خديجه حسين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق