السبت، 15 ديسمبر 2018

مع المصطفى فى عصر المبعث رقم 2

بسم الله الرحمن الرحيم {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ} .. صدق الله العظيم.
كما بزغ هلال رمضان من عام جديد للقمر ، فرض الشهر الكريم علي الدنيا أن تسترجع ذكرى المبعث ، من حيث بدأ التاريخ يسير مع المصطفي عليه الصلاة والسلام ، ويرصد كل خطوة من خطاه في البلد العتيق ودار الهجرة ، ويسجل كل جولة من جولات الصراع بين الدين الإسلامى وبين الوثنية العربية والعصابات اليهودية ، على مدى عشرين عاماً تم فيها النصر في الجبهتين ، لتنتقل الجولة مع الصحابة فى حركة الفتوح الكبرى التى أطفأت نار المجوسية ، وألقت بالنسر الرومانى الهَرِم المريض تحت مواطئ الفاتحين ، فما مضي على المبعث نصف قرن حتى كان لواء الإسلام يظل العالم القديم من أقصي المشرق إلى أقصي المغرب.

الملايين من المسلمين في شتى أقطار الأرض ، على موعد مع هذا الشهر المبارك.
ينتظرونه في لهفة وترقب ، وأعناقهم مشرئبة إلي أعالى الآفاق ، ترصد مولد هلاله الأغر ، ليبدءوا به موسمهم الأكبر ، ويخوضوا معركتهم الفذة في مجاهدة النفس ، وهى أشد أنواع الجهاد.
ومن بين شهور العالم كله ، ينفرد "رمضان" بالذكر في كتاب الإسلام ، تسجيلاً لحرمته وجلاله:
{
شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ}
وحين يخضع الاحتفال بالمناسبات التاريخية والأعياد الدورية للأعراف والعادات والتقاليد ، ويترك لظروف الزمان والمكان ، يظل احتفالنا بشهر رمضان صوماً وعبادة ومجاهدة ، تستغرق كل أيامه ولياليه ، من بدء شهود هلاله إلي أن يتم القمر دورته ويبزغ هلال شوال إيذاناً بعيد الفطر.
والقرآن هو الذى تولي تشريع الاحتفال بالأعياد ، تتوه عبرتها في ضجيج طبل وزمر ورقص وغناء ، وتُلتمس فيها الفرص للتحلل من القيود ، والإقبال على المتع والملذات في تهالك وإسراف.
وليكون لنا من شهر القرآن ، موسم تدريب جماعى . يأخذنا بضبط النفس على احتمال مشاق التكليف ، والصبر عليها ، تحت رقابة الله والضمير ، ويروضنا علي تحمل الحرمان من المطالب الجسدية التى تذل الإرادة والمتع الحسية التى تفل العزم. ويحررنا من أسر الماديات التى تعطل فينا إنسانية الإنسان ، ويبلو ضمائرنا في الرقابة على سلوكنا لكيلا تلين تحت وطأة الظروف القاسية.


(
عزيزى القارئ)
(
يبزغ):يخرج ويطلع ويشق مثل ما يشق الضوء من الظلام. (المَبْعَث):اليوم الذى بعث فيه ووما يحمل علي فعل شئ وليكون دافعاً إليه وداعياً. (المجوسية): عقيدة المجوس في عبادة الشمس والقمر والنار وهو دين قديم جدده وأظهره وزاد فيه "زرادَشْت" والمجوس الكاهن عند الأشوريين وقدامى الفرس الذى يقوم علي النار وأعمال السحر (مشرئبة): تائق ومتطلع ومد عنقه أو ارتفع لينظر إليه. (آفاق): جوانب ونواحى والجهات وخط التقاء السماء مع الأرض. (الأغر): المعنى المقصود أعلاه ما كان بجبهته أو ما إبيض من مقدمة الشئ واليوم الخالد وما كان بجبهته غُرة .. مثل قولنا #مصر أنتِ فوق جبين الدهر غُرة. (الفذة): صفة بمعنى التفرد والثبوت في مكانة عالية ومتقدمة. (فَلَّ): انكسر وانهزم مثل عند قولنا "لا يفل الحديد إلا الحديد" أى لايكسر ولا يهزم ولا يقطع الحديد إلا الحديد". (يبلو): يجرب ويختبر ويمتحن أى أعياه أشد الإعياء. (وطأة): موضع القدم وأثره ونحوه وشدة الأخذة الشديدة.
((
اللهم صلِ على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلي آل سيدنا محمد كما باركت علي سيدنا إبراهيم وآل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد)).

فريق مصر أم الكون

خديجه حسين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق