وعلي مسار الزمن ، في مثل هذا الموعد المقرر من دورة عام القمر
يتكرر المشهد الباهر على امتداد العالم الإسلامى الرحب ، مظهر وحدة
جامعة تكفلت بها العقيدة الإسلامية فلا نحتاج فيها إلى خطط موضوعة ، ولا
يعوزنا لها تدبير من صنع البشر ، بل حسبنا أن نشهد هلال "رمضان"
لنبدأ معاً موسمنا الأكبر ، على تنائي الديار واختلاف الأقاليم ، احتفالاً بشهر
القرآن ، صوماً وتعبداً ومجاهدة.
وتحيا الأمة الإسلامية في مناخ روحى يتألق بنور الإيمان
والتقوى ، ويتوهج بعزة الخشوع لخالقنا وحده لا نعبد إلا إياه.
وترانا الدنيا أمة واحدة يظلها لواء واحد ، قد جمعها على البر والتقوى ، والتواصي بالحق والخير والأمر بالمعروف والتناهى عن الشر والمنكر:
"وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ
بِالْمَعْرُوفِ
وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"
"كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ
بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ
بِاللَّهِ"
وفي فيض من سنا الشهر المبارك ، أسلم نفسي إلى تأمل
مستغرق
، فأرانى طويت أبعاد الزمان والمكان إلي مسرح الأحداث الكبار التى
بدأ
بها عصر جديد للإنسان ، وعشت بوجدانى وفكرى مع المصطفي عليه الصلاة
والسلام
، ومن غار حراء إلى مثواه في المدينة المنورة.
حتى إذا وصلت بي رحلتى الوجدانية إلي نهاية عصر المبعث ، لم أشأ ، بل
لم أستطع أن أفرغ منها وأنصرف عنها ، فكأنى إذ أعكف على كتابتها أطيل مدى
تعلقي بها وارتياحى إليها ، وألتمس من مشاركة قرائى ما يضاعف لي عطاءها
السخى ومددها المسعف.
وما أقدمه إلي قومى من حديث هذه الرحلة مع المصطفي ، ليس
التاريخ
وليس السيرة ، وإنما هى مشاهد مما اجتليتُ ، سيطرتْ على خواطرى ،
ومواقف
شدت إليها تأملي بجاذبية آسرة ، وارتبط فيها الماضي الحى بالحاضر
المشهود
، فما تتجلي لنا رؤيا الأمس إلا في غمرة من ظلال اليوم ، ولا
نستروح
عطر التاريخ لعصر المبعث ، إلا مشوباً بأنفاس الواقع الذى تعيشه أمة
الإسلام
، في صراعها مع أعداء النور وحزب الشيطان:
"الَّذِينَ ءَامَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِى سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ
كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِى سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَولِيَاءَ
الشَّيطَانِ إِنَّ كَيدَ الشَّيطَانِ كَانَ ضَعِيفاً" صدق الله العظيم
عزيزى القارئ:
-------------- تنائى: تباعد
الخشوع: تواضع وتعبد كذلك خضوع وصراحة كذلك وضع يكون فيه الإنسان مستجم الحواس أو الأفكار
التناهى: بلغ نهايته والكَفَّ عن الشئ
سَنا: أضاء من "سنا البرق" وعلا ضوءه وكذلك العلو والارتفاع وهناك معانى غيرالمقصودة هنا سهله ويسيره
المصطفي: لقب واسم علم للذى تم اختياره وأصبح مُختاراً للرسالة أى لقب للرسول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والذى اصطفاه الله من بين خلقه
أعكف: من الفعل عَكَّفَ بمعانى عديدة أقام على الشئ أو استقر و لزم الشئ وحبس كذلك عَوَّجه
المسعف: من يساعد عند الحاجة ومن يمد بالعون عند الخطر
اجتليت: من اجْتَلَى أى نظر مستوضحاً
آسرة: التى تقيد وتأسر القلوب
استروح: لها عدة معانى هنا تقصد كاتبتنا تشممه والمعانى الأخرى وجد الراحة وكذلك سكن واطمأن واستراح واختال ... الخ
مشوباً: ما اختلط بغيره من الأشياء أى الخلط وخاصة في السوائل مثل "ثم إن لهم عليها لشوباً من حميم"
الطاغُوت: كل متعد ومعتدى أو رأس ضلال وكذلك الشيطان الصارف عن طريق الخير كذلك كل ما عُبد من دون الله وأحياناً يطلق على الكاهن.
عزيزى القارئ:
--------------
نجد أن كاتبتنا تمضي في مقدمة الكتاب وتؤكد أن مشهد قدوم شهر رمضان الكريم يتكرر كل عام وعلى امتداد العالم الإسلامى يشهد على الوحدة ليست من صنع البشر وحدةً في الصوم والتعبد ومجاهدة النفس والأمر بالمعروف والنهى عن المنكرات .. (وليس الجهاد الذى يتشدق به حالياً البعض في عصرنا الحالي للأسف) .. واستشهدت بالآية 104 وجزء من الآية 110 من سورة "آل عمران" التى تعنى
ولتكن منكم جماعة من مثقفيكم وعلمائكم يرشدون للإيمان ويحضون على الإحسان ويوجهون إلي البر ويحثون على الشكر أى يأمرون بالفعل الحسن الذى يقره الشرع الداعون للخيروالعرف وينهون عن الذى يستقبحه الشرع وينكره العقل.
--------------
نجد أن كاتبتنا تمضي في مقدمة الكتاب وتؤكد أن مشهد قدوم شهر رمضان الكريم يتكرر كل عام وعلى امتداد العالم الإسلامى يشهد على الوحدة ليست من صنع البشر وحدةً في الصوم والتعبد ومجاهدة النفس والأمر بالمعروف والنهى عن المنكرات .. (وليس الجهاد الذى يتشدق به حالياً البعض في عصرنا الحالي للأسف) .. واستشهدت بالآية 104 وجزء من الآية 110 من سورة "آل عمران" التى تعنى
ولتكن منكم جماعة من مثقفيكم وعلمائكم يرشدون للإيمان ويحضون على الإحسان ويوجهون إلي البر ويحثون على الشكر أى يأمرون بالفعل الحسن الذى يقره الشرع الداعون للخيروالعرف وينهون عن الذى يستقبحه الشرع وينكره العقل.
ويا أمة "محمد" صلي الله عليه وسلم أخرجتم كخير أمة بسبب أنكم تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وهذا هو نهج المصطفي لترضي بآدابها نفسك وترضي بها ربك إبتغاءاً لوجه الله وحده وليس إبتغاء شهرة أو تظاهر .. ثم تحدثنا وكأنها تعايشت مسرح العصر الجديد للإنسان الذى خرج به المصطفي "عليه صلوات وسلام ربي عليه" من الظلمات للجاهلية للنور المبين وتصف مدى تعلقها بهذه الفترة "المبعث" وتوضح لنا أنها لن تقدم تاريخ ولا سيرة ولكنها ستتوقف بنا عند مشاهد معينة من هذه المسيرة تستوضحها وتنظر إليها معنا بما وقر واستقر في قلبها وربطته بالحاضر وعند حديثها عن أعداء النور وحزب الشيطان نجد حالياً تكاثروا علينا حتى من بنى جلدتنا (وقت كتابتها للكتاب الذى يعد لكثير من القراء ماضي أيضاً ولكن في غير وقت المبعث) وعليك عزيزى القارئ أن تقارنه بما أوصلنا إليه مدعى الدين في يومنا هذا (من المؤكد أننا نعلم السيرة النبوية ولكن بقدر وعمق يختلف من أحدنا للآخر) .. وختمت المقدمة بالآية (76) من سورة "النساء" التى تحمل لنا الحديث الموجه للرسول عليه أفضل الصلاة والسلام والذى هاجر من مكة بأمر من الله إذ كانت موطن الكفر في ذلك العصر في سبيل إعلاء كلمة الله ونصرة دينه على الكافرين الطغاة رأس الضلال فقاتلوا أنصار الشيطان (وكانت هذه مناسبة الآية)
ولدت الكاتبة "عائشة عبد الرحمن" والتى لقبت (ببنت
الشاطئ) في 6 نوفمبر 1913 وكانت كاتبة ومفكرة وأستاذة وباحثة ونموذجاً للمرأة المسلمة
التى حررت نفسها بنفسها من العادات والتقاليد بالإسلام وهى أول محاضرة
بالأزهر الشريف ومن أوليات المشتغلات بالصحافة بعد الأديبة "مى
زيادة" وكان لها مقال يومى بالأهرام حتى وفاتها.
وإلى أن نلتقى بأمر الله مع رؤية الكاتبة في
رحلتها
مع "المصطفى" أترككم في رعاية الله .. و .. {اللهم صلِ على سيدنا
محمد
وعلى آله وصحبه وسلم}
فريق مصر أم الكون
الأستاذه خديجه حسين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق