الأحد، 30 ديسمبر 2018

مع المصطفى فى عصر المبعث رقم 9


أصبحت مكة غداة ليلة القدر ، وليس علي وجه الأرض كلها من يدين بالإسلام غير النبي المصطفى ، وزوجه خديجة بنت خويلد ، أم المؤمنين الأولى.
ثم آمن ثلاثة آخرون:
اثنان منهم فتيان في مستهل الصبا ، كان محمد عليه الصلاة والسلام ، ينزلهما من بيته وقلبه منزلة الأبناء:
"
علي بن أبي طالب " وقد كان محمد ، بعد زواجه من خديجة واستقرار حياته المادية ، قد ضم إليه "علياًّ " ليخفف العبء عن أبيه العم أبي طالب ، برّاً بعمه ووفاء ببعض حقه عليه ، وهو الذى كفله بعد وفاة جده عبد المطلب ، وأسبغ عليه من رعايته وحنانه ما لم يحظ به بنوه.
و " زيد بن حارثة " ولده بالتبنى. وكانت أم زيد قد خرجت به صبياًّ تزور أهلها ، فضَلَّ منها في الطريق فالتقطه من باعه رقيقاً في إحدى أسواق العرب. واشتراه "حكيم بن حزام بن خويلد" لعمته السيدة خديجة ، فطابت لزيد الحياة في كنف السيد الكريم "محمد ابن عبد الله".
حتى جاء أبو زيد ، حارثة بن شرحبيل الكلبي ، يلتمس ولده بعد أن طال بحثه عنه ، فترك محمد الأمر كله لزيد: إذا شاء بقي حيث هو في بيت محمد على الرحب والسعة ، وإن شاء ذهب مع أبيه حارثة.
واختار زيد محمداً الذى ما لبث أن انطلق إلي الملأ من قريش ، فأشهدهم على أن زيداً ولده بالتبنى.
أما السابق الثالث "أبو بكر بن قحافة" فكان له وضع آخر ، إذ ليس هو من عشيرة المصطفى وذوى قرباه ، ولا كان في فتوة الصبا الغض كعلى وزيد ، وإنما هو من رجال بنى تيم بن مرة بن كعب ، وقد بلغ سن الكهولة وأخذ مكانته في المجتمع القرشي سيداً مهيباً وقوراً ، مشهوداً له بالفضل والمروءة ودماثة الخلق ورجاحة العقل. وكان أنسب قريش لقريش وأعلم بأخبارها. فلما دخل في دين الإسلام بمجرد أن دعاه المصطفي إليه ، توقعت قريش أن يكون لهذا الأمر ما بعده.
وصح ما توقعت: استطاع أبو بكر بجاذبية شخصيته ووقار حلمه ونضج رأيه ، أن يكسب للدين الجديد خمسة من رجال قريش الأعلام:
عثمان بن عفان الأموى ، والزبير بن العوام بن خويلد الأسدى المخزومى ، وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص الزهريان ، وطلحة ابن عبيد الله التيمى.
فهؤلاء النفر الثمانية ، هم السابقون الأولون الذين اختاروا لواء المصطفي ، وبدأ بهم الإسلام خطوته الأولى في الطريق الطويل إلي النصر.
ومنهم تأسست الكتيبة الأولى لحزب الله في مستهل الدعوة ، ليلقي العصبة الباغية من المشركين وحزب الشيطان ، في صراع مرير بين حق وباطل ...
******************************************************************
عزيزى القارئ:
--------------
غداة: ما بين الفجر وطلوع الشمس - غدواته وروحاته - ذهابه وإيابه
يُنزل" من فعل أنزل - أحله وهيأ له مكانة
بِراً: توسع في الاحسان ورفقاً وأحسن المعاملة - توسع في الطاعة وحُسن الخلق
وفاء: اسم مصدر وَفَي - إخلاص واعتراف بالجميل - ثبات ومحافظة على العهد
كفل: قام به وأنفق عليه - رباه وأنفق عليه
أَسْبَغَ: أكثر عليه - أفاض عليه
رقيق: الشخص المملوك كله أو بعضه - فقير قليل المال - الدقيق واللطيف
كنف: عاش في رعايته - ضمه إليه - جانب الشئ - الظل -
يلتمس: طلب منه - رجاه
لَبِثَ: صفة تدل على الثبوت - مكث فيه وأقام - ما لبث: لم ينتظر
الملأ: علانية - الجماعة
انطلق: اندفع مسرعاً
عشيرة: مجتمع إنسانى أصغر من القبيلة - بنو أبيه الأقربون وقبيلته
فتوة: الشباب بين طورى المراهقة والرجولة
الغض: النضر - صغير السن - الطرى الحديث
الفضل: أعلى مرتبة - أحسن وأوفق
المروءة: آداب ومحاسن الأخلاق وجميل العادات وكمال الرجولة
دماثة: حُسن الخلق واللطف والرقة واللباقة
رجاحة: اتزان العقل وصوابه واكتماله
وقار: رزانة وحِلَمُ - العظمة
الأعلام: معروفين كالرايات - على علم ودراية - إخبار
كتيبة: فرقة عظيمة من الجيش
العُصبة: جماعة من الناس أو الخيل
المُشرِّكين: من كانوا يطوفون بالبيت العتيق قبل الإسلام ولا يعترفون بوجود الله
عزيزى القارئ:
--------------
أخذتنا كاتبتنا د. "بنت الشاطئ" معها لدار مبعث رسولنا الكريم صلَ الله عليه وسلم وأوليات الرسالة والمؤمنين بها وكذلك لبحر كلمات لغتنا العربية الجميلة .. كذلك لحقيقة الأوضاع ومن هم السابقون الأولون وهم خير رايات للأجيال عبر ما شاء ربي حتى يوم البعث .. وأكثر ما يلفت الإنتباه التنوع في هؤلاء الأولون رغم قلة عددهم وما كان يسود مجتمع مكة من طبقية بغيضة .. فنجد منهم السيدة "خديجة" رضي الله عنها سيدة من علية القوم وأول المؤمنات بالدين الجديد والسيد الكريم في هذا المجتمع وكيف استطاع بجاذبية شخصيته أن يكسب للدين الجديد خمسة من رجال قريش الذين كان لهم أثر شديد في الرسالة الجديدة رغم أنه لم يكن من أقرباء أو عشيرة المصطفى ولكنه كان الصديق الصدوق سيدنا "أبو بكر" رضي الله عنه وكثير منا ينسي اسم أبيه "قحافة" من كثرة تسميته ب "أبو بكر الصديق "كذلك نجد من يعتبر من الرقيق غير معروف أهله حتى ولو كان لحين وهو "زيد بن حارثة" رضي الله عنه .. فنرى منهم القريب لرسولنا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه كسيدنا "علي بن أبي طالب" .. أى أننا نجد منهم الرجل والمرأة .. كذلك السيد وما دون ذلك .. والكهل والشاب والصبى .. فكَوَنُوا معاً أول كتيبة في فجر الدعوة ليخوضوا معركة الحق ضد الباطل .. وسنتعرف لاحقاً لماذا كانت بداية الدعوة سرية ثم علنية إذا شاء رب العباد.
وكنت قد وعدتكم بقصة أن رسولنا الكريم يعرف بأنه ابن الذبيحين وكان له حديث يقول فيه "أنا ابن الذبيحين" صدق رسول الله صلَ الله عليه وسلم
وإليك عزيزى رابط فيديو مدته 1:28 دقيقة عن هذا الحديث الكريم فلنسترجع معاً من هما الذبيحين؟
عزيزى القارئ:
--------------
وأستكمل معكم صفحة جديدة من قصة السيدة الفاضلة "آمنة بنت وهب":
كان فتيان مكة من كبار وكرام بيوتها يرنون بأنظارهم إلي زهرة قريش "آمنة" فراحوا يتسابقون إلي مجالسة أبيها يلتمسون منه يدها. ويزفون إليه ما نالوه من أمجاد ، وما ملكوه من مآثر كعادة القوم والعرب آنذاك. بل ولنقل حتى وقتنا الحالى.
والعجيب أن عبد الله علي العكس من كل هؤلاء لم يكن بين الذين تقدموا لخطبة "آمنة" مع أنه الجدير بأن يحظى بيدها دونهم جميعاً. فما كان فيهم من يدانيه شرفاً ولا رفعة ولا وسامة. وان كان قد فعل لما وجد رفضاً.
والأغرب من ذلك أن آل زهرة لم يعجبوا من موقف عبد الله الذى لم يتقدم إلي "آمنة". ذلك أنهم ما كانوا يجهلون موقف بنى عبد المطلب ، وما نذره عبد المطلب.
كان عبد المطلب قليل الولد فلقي من قريش ما لقي. لقد عَيَّرُوه بقلة ولده. فأخذته الحمية والنخوة فصرح بنذره الكبير. لئن ولد له عشرة أولاد ثم بلغوا حتى يمنعوه لينحرن ( =ليذبحن ) أحدهم عند الكعبة.
ولقد إستجاب الله لعبد المطلب ، وتوالي بنوه عشرة وهم الحارث والعباس وأبو طالب والزبير وحجل والمقوم وضرار وأبو لهب وحمزة وعبد الله.
انتظر عبد المطلب طويلاً حتى بلغ أولاده جميعاً مبلغاً يستطيعون معه أن يمنعوا أباهم ويعارضوه ، وإذا به يدعوهم إلي الوفاء بنذره. فلبوا جميعاً طائعين ، وخرجوا مع أبيهم إلي الكعبة يحمل كل منهم قدحاً ( = كأساً ) عليه إسمه مستسلمين للمصير المحتوم.
وضربت القداح على أولاد عبد المطلب ، ولكن ...
عزيزى القارئ:
--------------
سنتوقف عند ذلك حتى لا أطيل عليكم .. على وعد بلقاء قريب إذا شاء رب العالمين .. وخير ما نختم به حروف الكلمات ..
( اللهم صلِ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 
فريق مصر أم الكون

خديجه حسين




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق