الثلاثاء، 8 يناير 2019

مع المصطفى فى عهد المبعث رقم 16



"والليل إذا يغشى" "و"
ضاقت بهم ساحة البيت الحرام ، وقد تجمعوا هناك يهددون ويتوعدون ، فيكاد من يراهم يحسبهم محتشدين تأهباً لقتال ..
وأقبل العدو ، فرداً أعزل!
أقبل المصطفى يمشي حتى استلم الركن ، ثم مر بهم طائفاً بالكعبة ، لا يُلقي إليهم بالاً
وقصرت عنه أيديهم ورماحهم ، وطالت ألسنتهم يغمزونه ببعض القول!
ومضي في طوافه ، فكلما مر بهم تطاولت ألسنتهم بالغمز واللمز ، حتى أتم الطواف فواجههم فرداً ، ليس معه سلاح غير إيمانه وكلمات ربه.
وقال كلمة ، وقعت عليهم كالصاعقة فما منهم رجل إلا كأن علي رأسه طائراً وقع ..
وانكمشوا متضائلين ، حتى ليقول من كان أعلاهم هديراً وأنكرهم صوتاً: "انصرف يا أبا القاسم ، فوالله ما كنت جهولاً"
وانصرف أبو القاسم عليه أفضل الصلاة والسلام ، فما كاد يغيب عن أبصارهم حتى أفراد القطيع أسوداً غضاباً ، يقول بعضهم لبعض متلاومين:
-
ذكرتم ما أصابكم من أمر محمد ، حتى إذا باداكم بكلمة مما تكرهون تركتموه؟
وأجمعوا أمرهم من جديد ، للقاء العدو ..
فلما كان الغد وجاء المصطفى يصحبه أبو بكر ، لم يمهلوه حتى يلقاه بكلمة من كلمات ربه ، بل وثبوا إليه وثبة رجل واحد وأحاطوا به يقولون متوعدين:
-
أنت الذى تقول كذا وكذا؟
وأعادوا عليه ما قال في إنكار أوثانهم وتسفيه عقولهم وضلال آبائهم.
والمصطفى يجيب:
-
نعم ، أنا الذى أقول ذلك.
وهموا به يتجاذبون رداءه ، فقام أبو بكر دونه يدفعهم عنه ويقول:
-
أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله؟
فالتفت أسود القطيع إلى أبي بكر يجذبون لحيته ويتكاثرون عليه ، فما تركوه يومئذ إلا وقد صدعوا فرقَ رأسه ...
**********
عزيزى القارئ:
--------------
الهمز والغمز واللمز: هَمز يهمزُ همزاً فهو هامز أى يغمز أو يطعن أو يعيب الشخص في غيبته ويأتى منها همز الشيطان أى قذف الوساوس في القلب .. وكذلك تعنى في سياق آخر صوت الريح السريعة - غمز بالعين تعنى الخيانة والغدر ويعتدى عليه من خلفه - لمز يلمز فهو لامز أى أشار إليه بشفتيه أو عينيه أو يديه ليعيب شخصاً آخر مع التكلم بكلام خفي يعيب الشخص والانتقاص منه - قال تعالى: "ولا تلمزوا أنفسكم" أى لا يعيب بعضكم بعضاً - لَمْزُ: الاشارة بالعين والضرب والدفع .. الذى يعيب في الوجه والغيب - "هماز مشاء بنميم" "ومنهم من يلمزك في الصدقات فان أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون" - وقد حرم الإسلام الغمز واللمز "وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ"
كأن على رأسه طائر وقع: بمعنى الصمت والسكون من شدة وقع الحقيقة - كذلك الحِلم ولا طيش فيهم ولا خفة
جهولاٍ: جمع جهلاء بصيغو فعول للمبالغة - جاهل أى لا يعلم وغير عليم
متلاومين: عاتب بعضهم بعضاً - لام بعضهم بعضا
باداكم: كان الأسبق في الحديث أو بالسلام أو غيره - فاتحه بالحديث أولاً
عزيزى القارئ:
--------------
تستكمل كاتبتنا د. "بنت الشاطئ" أفعال قوم نبينا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه .. به .. واحتشدوا بساحة البيت الحرام يَنْتَوُن الشر بالذى جاء بمفرده .. ومعه ربه ومن بعده إيمانه برسالته .. وبدأ طوافه بعد استلام الركن وهم يتغامزون ويلمزون ولم يرد عليهم إلا بعد أن أتم طوافه بكلمات الحق التى نزلت عليهم كالصاعقة فطالبوه بالإنصراف .. فأخذوا يعاتبون بعضهم بعضا لتركهم له واتفقوا على لقاء من اعتبروه عدوهم مرة أخرى .. وفي غد هذا اليوم حضر المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام ومعه أبو بكر الصديق رضي الله عنه فتكاثروا عليه فجأة مرددين عليه ما قاله بالأمس مستنكرين ذلك عن أوثانهم وضلالهم ولم ينكر ما قال .. فتكالبوا عليه ممسكين بملابسه فإذا بصاحبه يدافع عنه ويمنعهم إنه الصديق صارخاً فيهم أتقتلون رجل يقول ربي الله ؟ فاجتمعوا عليه وجذبوه من لحية ذقنه وأصابوا رأسه .. وفي اللقاء القادم إذا شاء ربي نعرف ماذا فعلوا معه ومع عمه .. الخ
عزيزى القارئ:
---------------
كنا توقفنا في الحلقة [ 10 ] من سيرة السيدة الكريمة الفاضلة "آمنة بنت وهب" عند ضرب القداح على أولاد عبد المطلب وفاءاً لنذره وقد انتشر الخبر بمكة .. ولكن قبل أن نستكمل ذلك يجب العودة للخلف سنوات لمعرفة السبب لهذا وما حدث ..
جاء لعبد المطلب في منامه هاتف أن احفر طيبة وعندما سأل وما الطيبة؟ ذهب الهاتف واستيقظ من نومه .. وتكرر معه الحلم في الليلة التالية ولكن الهاتف قال له احفر بُرة وعندما هم بالسؤال وما البرة؟ ذهب الهاتف واستيقظ .. وتكرر مع الأمر بحفر المضنونة .. الخ .. ثم تكرر الأمر بأن يحفر "زمزم" فقال وما زمزم؟ فناداه المنادى ولم يذهب هذه المرة المنادى وقال له: لا تنزف أبداً ولا ترم تسقي الحجيج الأعظم .. وهى بين الرفث والدم عند نقرة الغراب الأعصم عند قرية النمل ، وقد حفر هذا الكلام في صدر عبد المطلب وعرف أن المطلوب منه أن يحفر زمزم .. وكانت زمزم مشهورة عندهم ولكنهم لا يعرفون مكانها لأنها ردمت نتيجة للإهمال وعوامل التعرية وهبوب الرياح المحملة بالأتربة عبر السنوات ولا يعقل أن يحفروا كل ما حول الكعبة ليبحثوا عنها .. فبهذه الرؤيا جاءته الاشارات عن مكانها .. لكن لم يكن عنده ولد يحميه إلا "الحارث" لأن قومه سيمنعوه من الحفر حول الكعبة .. فأخرج معه "الحارث" في اليوم التالي وذهب ليحفر "زمزم" وبدأ يبحث عن هذه العلامات "بين الرفث والدم" ، "عند نقرة الغراب الأعصم" ، "عند قرية النمل" .. ولكنه لم يجد شيئاً من هذه العلامات .. وبينما هو كذلك إذ جاء قوم ليذبحون بقرة عند صنم يسمى "إساف" فذبحوا البقرة ونزل الدم ثم إن هذه البقرة التى ذبحت نهضت وبدأت تركض ثم سقطت في مكان آخر فأكملوا ذبحها وأخرجوا رفثها "أى أحشاءها وأمعاءها" فعرف عبد المطلب أن بين الرفث الذى خرج وبين المكان الذى ذبحوها فيه - هو المقصود "بين الرفث والدم" لكنه مازال مكاناً كبيراً ولا يستطيع حفره كله .. فبحث في هذا المكان فوجد قرية النمل لكنها كبيرة لأن النمل منتشر ولو أراد أن يحفرها لكان فيها مشقة كبيرة وشديدة .. وبينما هو كذلك نزل غراب علي جناحه ريش أبيض - ومن المعروف أن الغراب لونه أسود بالكامل ومن النادر أن يوجد غراب أسود له ريش أبيض على جناحه فهذا الغراب النادر عند العرب يسمى "الأعصم" - وأخذ هذا الغراب ينقر على الأرض قرب قرية النمل فعرف "عبد المطلب" أن هذا هو المكان المطلوب .. عزيزى القارئ: نتوقف هنا حتى لا أطيل عليكم وإذا شاء رب العباد سنستكمل معأ قصة إعادة حفر "زمزم" بواسطة جد الرسول "صلوات ربي عليه وسلامه" في لقاء قادم.
ونعود نستكمل أفعال "أم جميل" في رابط الفيديو الآتى .. وعلى أصحاب الباقة أن تبدأ مشاهدتهم من الدقيقة 5:55 حتى الدقيقة 15:50 حيث أن الفيديو بالكامل مدته 22:15 دقيقة
"اللهم صلِ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

فريق مصر أم الكون

خديجه حسين

هناك تعليق واحد:

  1. الله صل وسلم وبارك علي سيدنا محمد

    ردحذف