الأربعاء، 23 يناير 2019

مع المصطفى فى عهد المبعث رقم 25

" أم يقولون إفتراه؟ " " ب "
سجا الليل ، وهجعت مكة وسكنت الأصوات فيها ، والمصطفى في بيته قائم لربه يتهجد بالقرآن حتى انبلج الفجر فصلى ، والنور البازغ يتهادى من أفق المشرق وينشر سناه على الكون ..
وغير بعيد من بيت المصطفى ، التقى ثلاثة من مشركى قريش علي غير موعد: أبو سفيان بن حرب الأموى ، وأبو جهل بن هشام المخزومى ، والأخنس بن شريق الثقفي ..
وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون فيم الخروج في هذا الوقت؟ وإذا كل واحد منهم قد تسلل في الليل مستتراً بالظلام ، فبات ليلته قريباً من بيت محمد ليستمع منه وهو يصلى ويتلو القرآن ..
فتلاوموا ، وتعاهدوا ألا يعودوا إلى مثلها ، لئلا يراهم بعض السفهاء فيوقعوا في نفسه شيئاً ، أو يقتفي خطاهم فتنفذ كلمات القرآن إلى سمعه وقلبه وتملك عليه أمره!
حتى إذا كانت الليلة التالية ، عاد كل رجل منهم خفية ، وفي حسابه أن صاحبيه على عهدهما ألا يخرجا إلى هذا الموقف. حتى طلع الفجر فتفرقوا فجمعهم الطريق ، فتلاوموا وانصرفوا علي مثل عهدهم الأول. 
لكنهم عادوا خفية في الليلة الثالثة ، فأخذ كل منهم مجلسه قريباً من بيت المصطفي فباتوا يستمعون القرآن حتى مطلع الفجر ، وكل لا يدرى أحد منهم بمكان صاحبيه ، فلما جمعهم الطريق تناكروا وتلاوموا ، وصمموا علي ألا يبرحوا مكانهم إلا على عهد وثيق ألا يعودوا لمثلها أبداً.
وأصبح الصبح فخرج الأخنس بن شريق من بيته مبكراً يريد أن يحسم الأمر. فأتى أبا سفيان في داره فبادره قائلاً:
- أخبرنى يا أبا حنظلة عن رأيك فيما سمعت من محمد.
قال في حيرة وتعثر: " يا أبا ثعلبة ، والله لقد سمعت أشياء أعرفها وأعرف ما يراد بها ، وسمعت أشياء ما عرفت معناها ولا ما يراد بها."
ثم أمسك ، لم يزد ..
فتركه الأخنس لم يدر ما رأيه ، ومضي إلى أبي الحكم بن هشام يسأله الرأى فيما سمع من محمد.
قال أبو جهل:
- ما سمعت؟ تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف: أطعموا فأطعمنا ، وحملوا فحملنا ، وأعطوا فأعطينا. حتى كنا كفرسي رهان قالوا: "منا نبيُّ يأتيه الوحى من السماء" فمتى ندرك مثل هذه؟ والله لا نؤمن به أبداً ولا نصدقه.
وانصرف الأخنس وقد انكشف له المستور من أمر أبي جهل ...
**********
عزيزى القارئ:
_________
سجا: سكن - غطى - هدأ واستقر - دام ألقاه رقيقاً
هجعت: نامت - سكنت - هدأت - نامت بالليل - انكسرت - استسلمت
يتهجد: يصلى أثناء الليل - توحد
سناه: العلو والارتفاع - ضوء القمر - ضوء ساطع
يقتفي: يتبعه - اقتدى به - آثره به واختصه به
تناكروا: أنكروا أحدهم - ادعوا جهله - تجاهلوا - تعادوا
عزيزى القارئ:
_________
تؤكد لنا كاتبتنا "بنت الشاطئ" تعنت وعناد وتكبر المشركين من قبائل قريش الذين يخرجون فرادى ليلاً متسللين لسماع كلمات قراءة سيدنا النبي صلَّ الله عليه وسلم وهو يصلي ليلاً .. ويتكرر تواعدهم وعتاب كل واحد منهم للآخر لهذا الفعل بعدم العودة لسماعه ثم ينقضون وعدهم لنفاذ كلمات القرآن الكريم قلوبهم وتيقنوا أن هذا سيفرق أمرهم ويهدم مكانتهم .. وبتوجه الأخنس لأبي سفيان لسؤاله فيما سمع ثم توجه لأبي الحكم بن هشام "أبو جهل" ليسأله نفس السؤال .. فتظهر روح القبلية في رده والغيرة والحسد .. وأقسم بعدم الإيمان به أبداً ولن يصدقه.
وبعد أن كانوا يقولون عنه "الصادق الأمين" طوال عمره ..الآن لا يريدون تصديقه لأنهم كانوا يريدون نزول الوحى عليهم هم وليس على النبي الذى من بنى عبد مناف غيرةً وحسداً .. ووضح ذلك رد من أبي جهل.
وإليك هذا الفيديو الذى ستسمع فيه ما قاله "فماذا يكون لسائر قريش"وقد أعمى الحسد بصره وأمات قلبه وعن ...... الخ .. ومواقف أخرى لشخصية أخرى وأفضل أن تستمع إليه بنفسك .. مدته 20:00 دقيقة
عزيزى القارئ:
________
ونأتى للزوجة الوفية الأنثى الغيور.. السيدة الفاضلة سيدتنا "آمنة بنت وهب" أم أشرف خلق الله عليه صلوات ربي وسلامه:
"
وإستمر العُرْس بأفراحه ثلاثة أيام بلياليها كعادة عرب الجزيرة .. وحل اليوم الرابع ، وقام "عبد الله" مستأذناً من عروسه إنه ذاهب إلى دار أبيه ليعد لزوجه وعروسه مكاناً آمناً .. وراحت "آمنة" تستعد للرحيل وراحت تودع الأهل والأصحاب ودارها بما فيها من ذكريات .. وودعت أهلها .. ثم خرجت برفقة من رجال قبيلتها متجهة إلى دارها الجديدة بيت "عبد الله" .. سارت "آمنة" وهى تتلفت بين خطوة وأخرى إلي تلك الربوع التى تركتها فتحس لفراقها لوعة ، ثم تتطلع أمامها إلي بيت الزوجية فتهفو نفسها فرحة .. فإستغرقت المشاعر "آمنة" فسارت مطرقة الرأس كأنها طيف رقيق يسرى مهفهفاً .. وأخيراً ها هى دار "عبد المطلب" وها هو "عبد الله" زوجها يقف على عتبة بابها منتظراً لقاء زوجه الحنون الوفية .. ولم تستطع النظر إليه خجلاً وحياءاً .. وقاد "عبد الله" عروسه برفق في رحبة الدار الواسعة حتى أدخلها حجرتهما .. ثم خرج ليؤنس الضيوف الكرام .. أولئك الذين اصطحبوا العروس إلى بيت زوجها .. لم تكن "آمنة" وحدها ، بل برفقتها رفيقاتها من سيدات آل "زهرة" و آل "عبد المطلب" يسامرنها ويباركنها فرحات مهللات .. ومضت السويعات ، والفرح مزدهر ، والكل تغمره سعادة وسرور لتصاهر الأسرتين الكبيرتين وسرور رباط البيتين الكبيرين "آل زهرة وآل هاشم" .. وهل أقوى من ذلك رباط .. وسهروا ما سهروا وحانت ساعة الرحيل .. فقام المهنئون الضيوف يباركون لأهل الدار الجديدة ، ويدعون للزوجين السعيدين بالهناءة والأبناء .. أو كما نقول نحن بالرفاء والبنين .. خرج الضيوف وذهب إخوة "عبد الله" كل واحد منهم لمخدعه وهجع السكون وسكنت الدار"
ونستكمل في فرصة أخرى بمشيئة رب العباد .. ورضي الله عنهما.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد بعدد الحركات والسكون وبعدد من ذكره ويذكره ومن نسي أن يذكره أو من لن يذكره ومن سيذكره وبعدد من رحل ومن هو الآن ومن سيأتى من بعدنا في الكون وبعدد ما شئت يارب العالمين .. اللهم آمين

فريق مصر أم الكون

خديجه حسين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق