" الحصار ..... وعام الحزن " " ب "
ثم كان لليل الحصار آخر ...
اهتزت نفر من قريش ، فأنكروا الحلف المشئوم ، وكان أول من تكلم
فيه وسعى في نقضه "هشام بن عمرو بن ربيعة العامرى" ، وكانت تربطه ببنى
عبد مناف صلة رحم ، فهو ابن أخى نضلة بن هاشم لأمه. وقد دأب طول مدة الحصار على أن
يصلهم ، فكان يأتى ليلاً بالبعير وقد أوقره طعاماً أو ثياباً ، حتى إذا بلغ به
مدخل الشِعب خلع خطامه من رأسه وضرب على جنبه ، فيدخل البعير الشِّعبَ علي من فيه
، بما يحمل ...
فلما طال عليهم جهد الحصار ، مشي "هشام بن عمرو ربيعة" إلى زهير بن زاد الركب أبي أمية بن المغيرة المخزومى ، وكانت أمه عاتكة بنت عبد المطلب ، عمة المصطفى. فقال له:
"يا زهير ، أقد رضيت أن تأكل الطعام وتلبس الثياب وتنكح النساء ، وأخوالك حيث علمت ، لا يباعون ولا يبتاع منهم ، ولا ينكحون ولا يُنكح إليهم؟ أما إنى أحلف بالله أن لو كانواأخوال أبي الحكم بن هشام ثم دعوته إلي مثل ما دعاك إليه منهم ، ما أجابك إليه أبداً"
ففكر زهير ملياً ثم سأل:
"ويحك يا هشام! فماذا أصنع؟ إنما أنا رجل واحد. والله لو كان معى رجل آخر لقمت في نقض الصحيفة حتى أنقضها".
قال هشام: قد وجدت رجلاً
فسأله : من هو؟
أجاب : أنا!
قال زهير: ابغنا رجلاً ثالثاً.
فلما طال عليهم جهد الحصار ، مشي "هشام بن عمرو ربيعة" إلى زهير بن زاد الركب أبي أمية بن المغيرة المخزومى ، وكانت أمه عاتكة بنت عبد المطلب ، عمة المصطفى. فقال له:
"يا زهير ، أقد رضيت أن تأكل الطعام وتلبس الثياب وتنكح النساء ، وأخوالك حيث علمت ، لا يباعون ولا يبتاع منهم ، ولا ينكحون ولا يُنكح إليهم؟ أما إنى أحلف بالله أن لو كانواأخوال أبي الحكم بن هشام ثم دعوته إلي مثل ما دعاك إليه منهم ، ما أجابك إليه أبداً"
ففكر زهير ملياً ثم سأل:
"ويحك يا هشام! فماذا أصنع؟ إنما أنا رجل واحد. والله لو كان معى رجل آخر لقمت في نقض الصحيفة حتى أنقضها".
قال هشام: قد وجدت رجلاً
فسأله : من هو؟
أجاب : أنا!
قال زهير: ابغنا رجلاً ثالثاً.
فذهب هشام إلي المطعم بن عدى بن نوفل بن عبد مناف. فقال له:
" يا مطعم ، أقد رضيت أن يهلك بطنان من بنى عبد مناف ، وأنت شاهد على ذلك موافق لقريش فيه؟ أما والله لئن أمكنتموهم من هذه ، لتجدنهم إليها منكم سراعاً".
" يا مطعم ، أقد رضيت أن يهلك بطنان من بنى عبد مناف ، وأنت شاهد على ذلك موافق لقريش فيه؟ أما والله لئن أمكنتموهم من هذه ، لتجدنهم إليها منكم سراعاً".
فكان جواب مطعم كجواب زهير ...
وخرج هشام يبغى رجلاً رابعاً ، فذهب إلي أبى البخترى بن هشام الأسدى ، فحدثه بمثل ما حدث به صاحبيه زهيراً ومطمعاً. وسأله أبو البخترى:
" هل أجد من يعين على هذا؟"
أجاب هشام:
" نعم ، زهير بن أبي أمية زاد الركب ، ومطعم بن عدى ، وأنا ، معك."
وخرج هشام يبغى رجلاً رابعاً ، فذهب إلي أبى البخترى بن هشام الأسدى ، فحدثه بمثل ما حدث به صاحبيه زهيراً ومطمعاً. وسأله أبو البخترى:
" هل أجد من يعين على هذا؟"
أجاب هشام:
" نعم ، زهير بن أبي أمية زاد الركب ، ومطعم بن عدى ، وأنا ، معك."
فطلب إليه أبو البخترى أن يبغى مؤيداً خامساً ، فذهب هاشم إلى
زمعة بن الأسود بن عبد المطلب بن أسد ، فكلمه في بنى هشام وذكر له قرابتهم منه
وحقهم عليه. فأجاب زمعة.
وتواعد الخمسة علي اللقاء ليلاً بخطيم الحجوُن ، بأعلى مكة ، وهنالك أجمعوا أمرهم وتعاهدوا علي القيام في أمر الصحيفة حتى ينقضوها ، واختاروا من بينهم "زهير بن أبي أمية" ليكون أول من يجاهر برفض الصحيفة ، في مجتمع القوم ..
فلما أصبحوا ، غدوا إلى أنديتهم. وغدا زهير عليه حُلة ، فطاف بالبيت العتيق سبعاً ثم أقبل على الناس فقال:
" يا أهل مكة ، أنأكل الطعام ونلبس الثياب وبنو هاشم هلكى لا يُباع لهم ولا يبتاع منهم؟ والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة".
قال أبو جهل بن هشام ، وكان في ناحية من المسجد:
"كذبتَ" ، والله لا تشق!"
فرد عليه صوت زمعة بن الأسود:
" أنت والله أكذبُ ، ما رضينا كتابَها حيث كُتبت!"
وثنى أبو البخترى:
" صدق زمعة ، لا نرضي ما كُتب فيها ولا نقر به".
وأيدهما مطعم بن عدى:
" صدقتما وكذب من قال غير ذلك. نبرأ إلي الله منها ومما كتب فيها".
وتكلم هشام بن عمرو ، فقال نحو ما قالوا ...
عندئذ نقّل أبو جهل عينيه بين هؤلاء الرجال الخمسة ، ثم صاح مستريباً:
" هذا أمر قُضي فيه بليل ، تُشوور فيه بغير هذا المكان!"
وتواعد الخمسة علي اللقاء ليلاً بخطيم الحجوُن ، بأعلى مكة ، وهنالك أجمعوا أمرهم وتعاهدوا علي القيام في أمر الصحيفة حتى ينقضوها ، واختاروا من بينهم "زهير بن أبي أمية" ليكون أول من يجاهر برفض الصحيفة ، في مجتمع القوم ..
فلما أصبحوا ، غدوا إلى أنديتهم. وغدا زهير عليه حُلة ، فطاف بالبيت العتيق سبعاً ثم أقبل على الناس فقال:
" يا أهل مكة ، أنأكل الطعام ونلبس الثياب وبنو هاشم هلكى لا يُباع لهم ولا يبتاع منهم؟ والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة".
قال أبو جهل بن هشام ، وكان في ناحية من المسجد:
"كذبتَ" ، والله لا تشق!"
فرد عليه صوت زمعة بن الأسود:
" أنت والله أكذبُ ، ما رضينا كتابَها حيث كُتبت!"
وثنى أبو البخترى:
" صدق زمعة ، لا نرضي ما كُتب فيها ولا نقر به".
وأيدهما مطعم بن عدى:
" صدقتما وكذب من قال غير ذلك. نبرأ إلي الله منها ومما كتب فيها".
وتكلم هشام بن عمرو ، فقال نحو ما قالوا ...
عندئذ نقّل أبو جهل عينيه بين هؤلاء الرجال الخمسة ، ثم صاح مستريباً:
" هذا أمر قُضي فيه بليل ، تُشوور فيه بغير هذا المكان!"
فلم يلقوا إليه بالا ، وقام المطعم ، علي مرأى من القوم ، وأبو
طالب هناك قد انتحى ناحية من المسجد ، فانتزع الصحيفة من مكانها في جوف الكعبة لكى
يشقها ، فإذا بالأرَضة قد أكلتها ، لم تدع منها إلا "باسمك اللهم!".
ووجمت قريش ..
ووجمت قريش ..
**********
عزيزى القارئ:
_________
أوقره: صار عليها حمل ثقيل - أثقلها
_________
أوقره: صار عليها حمل ثقيل - أثقلها
خطامه: الزمام - ما وضع من شئ يشبه اللجام علي الجمل أو غيره
ليقاد به - ملكه وقاده واستبد به
نقض: أفسده بعد احكامه - أعلن ابطالها - تمرد وخرج عن السلطة
الشرعية
ابغنا: لنطلب أمرا - نريد - نرغب - تجاوز الحد واعتدى
خطيم: مقدمة - موضع
تُشوور فيه: لوحوا فيه وإليه - أومأوا - أشاروا
الأرَضة: حشرة بيضاء مصفرة تشبه النملة تظهر في الربيع وتعيش
في مستعمرات كبيرة وتأكل الخشب والحبوب والأوراق ونحوها - حشرة متشابهة الأجنحة
جلدية التركيب تعيش في البلاد الحارة
عزيزى القارئ:
_________
تسرد لنا الكاتبة د. "بنت الشاطئ" تفاصيل ما حدث في نهايات فترة الحصار للمسلمين من كفار قريش التى امتدت لثلاث سنوات وبإرادة الله وبكلمة منه رغم كل الجبروت القرشي تظهر معجزة إلهية تعزز وتثبت قلوب المسلمين المؤمنين علي الإيمان ودين الحق .. وأرجو إعادة مشاهدة فيديو الأمس مع رابط فيديو اليوم لمعجزة الصحيفة بأداء تمثيلى لفنانين قديرين لتوصيل الرسالة التى قد تبكيك تأثراً .. مدته 2:10 دقيقة
_________
تسرد لنا الكاتبة د. "بنت الشاطئ" تفاصيل ما حدث في نهايات فترة الحصار للمسلمين من كفار قريش التى امتدت لثلاث سنوات وبإرادة الله وبكلمة منه رغم كل الجبروت القرشي تظهر معجزة إلهية تعزز وتثبت قلوب المسلمين المؤمنين علي الإيمان ودين الحق .. وأرجو إعادة مشاهدة فيديو الأمس مع رابط فيديو اليوم لمعجزة الصحيفة بأداء تمثيلى لفنانين قديرين لتوصيل الرسالة التى قد تبكيك تأثراً .. مدته 2:10 دقيقة
عزيزى القارئ:
_________
نستكمل سطور جديدة لسيدتنا الطاهرة الوحيدة الحزينة الثكلى الأرمل "آمنة بنت وهب" .. وأقيمت المآتم وقدم الجميع العزاء إلي أبيه "عبد المطلب" الشيخ الذى ضحضحه الحزن ثم "آمنة" العروس الشابة لها الله .. أتترمل هكذا سريعاً وما يزال في يديها خضاب العرس لكنها إرادة الله ولا راد لقضائه .. "إنا لله وإنا إليه راجعون".
ولقد خيف على "آمنة" من شدة الحزن ومكابدتها لوعة المصاب الفادح وبلغ بها الأمر أنها لم تقبل فيه أى عزاء وناشدوها الصبر.. ولبثت هكذا شهوراً قليلة حتى كانت إحدى ليالي شوال و"آمنة" في فراشهاوحولها صديقاتها يخففن الحزن عنها وهى غافية مجهدة والعيون ترقبها مشفقة.
ثم ما لبثت أن صحت من غفوتها وقد إنبسطت أساريرها .. ما هذا؟ ماذا حدث؟ .. إن هذه ليست "آمنة" الحزينة. لقد قامت "آمنة" بوجه إزداد نضارة وبشاشة وقالت لمن حولها:
- كأنى عرفت سر الذى كان والذى أراده الله لي و"لعبد الله" ولمن في أحشائي. عليه الصلاة والسلام. إن "عبد الله" لم يفتد من الذبح إلا ليقوم بمهمة ما ، مهمة عظيمة ، لقد أمهله الله ريثما يودعنى نطفة هذا الجنين الذي يتحرك في أحشائي. صلوات الله وسلامه عليه .. لقد أحسست به بين جوانبي وكأنه يقول لى:
أماه .. إحفظينى .. لا تضيعينى يا أمى .. من أجلي أنا يا أعز أم. عليه الصلاة والسلام. فمن أجله إذن ، ولأجله وحده يجب أن أعيش ، حتى أَلِده سليماً ، معاف. صلوات الله وسلامه عليه.
ومن تلك اللحظة الحاسمة أنزل الله السكينة علي "آمنة" .. وقذفت بأحزانها إلي بعيد إلى غير رجعة .. وراحت تفكر في الضيف الجديد .. الذى يحيا بها .. وتحيا به. عليه أفضل صلاة وأزكى سلام.
وهكذا .. فقد كان الجنين الغالي هو نفسه. عليه أفضل الصلاة والسلام. عاملاً هاماً في عزاء والدته .. مذكراً إياها أن أباه لم يمت .. طالما قد ترك وراءه مولوداً .. يمتد نسله إلي يومنا هذا .. بل قل إلى يوم القيامة إن شاء الله ..
_________
نستكمل سطور جديدة لسيدتنا الطاهرة الوحيدة الحزينة الثكلى الأرمل "آمنة بنت وهب" .. وأقيمت المآتم وقدم الجميع العزاء إلي أبيه "عبد المطلب" الشيخ الذى ضحضحه الحزن ثم "آمنة" العروس الشابة لها الله .. أتترمل هكذا سريعاً وما يزال في يديها خضاب العرس لكنها إرادة الله ولا راد لقضائه .. "إنا لله وإنا إليه راجعون".
ولقد خيف على "آمنة" من شدة الحزن ومكابدتها لوعة المصاب الفادح وبلغ بها الأمر أنها لم تقبل فيه أى عزاء وناشدوها الصبر.. ولبثت هكذا شهوراً قليلة حتى كانت إحدى ليالي شوال و"آمنة" في فراشهاوحولها صديقاتها يخففن الحزن عنها وهى غافية مجهدة والعيون ترقبها مشفقة.
ثم ما لبثت أن صحت من غفوتها وقد إنبسطت أساريرها .. ما هذا؟ ماذا حدث؟ .. إن هذه ليست "آمنة" الحزينة. لقد قامت "آمنة" بوجه إزداد نضارة وبشاشة وقالت لمن حولها:
- كأنى عرفت سر الذى كان والذى أراده الله لي و"لعبد الله" ولمن في أحشائي. عليه الصلاة والسلام. إن "عبد الله" لم يفتد من الذبح إلا ليقوم بمهمة ما ، مهمة عظيمة ، لقد أمهله الله ريثما يودعنى نطفة هذا الجنين الذي يتحرك في أحشائي. صلوات الله وسلامه عليه .. لقد أحسست به بين جوانبي وكأنه يقول لى:
أماه .. إحفظينى .. لا تضيعينى يا أمى .. من أجلي أنا يا أعز أم. عليه الصلاة والسلام. فمن أجله إذن ، ولأجله وحده يجب أن أعيش ، حتى أَلِده سليماً ، معاف. صلوات الله وسلامه عليه.
ومن تلك اللحظة الحاسمة أنزل الله السكينة علي "آمنة" .. وقذفت بأحزانها إلي بعيد إلى غير رجعة .. وراحت تفكر في الضيف الجديد .. الذى يحيا بها .. وتحيا به. عليه أفضل صلاة وأزكى سلام.
وهكذا .. فقد كان الجنين الغالي هو نفسه. عليه أفضل الصلاة والسلام. عاملاً هاماً في عزاء والدته .. مذكراً إياها أن أباه لم يمت .. طالما قد ترك وراءه مولوداً .. يمتد نسله إلي يومنا هذا .. بل قل إلى يوم القيامة إن شاء الله ..
صلي الله عليه وسلم
فريق مصر أم الكون
خديجه حسين
الاستاذة الفاضلة
ردحذفس - لماذا لم تكملى بقية هذا الجزء وانتقلتى الى السيدة الفاضلة " امنة بنت وهب " ام رسولنا الكريم؟
شكرا لكى magdirefi