الأربعاء، 13 فبراير 2019

مع المصطفى فى عهد المبعث رقم 41


" بوادر التحوُّل " - 8 -
" بيعة العقبة ، ومُتَّجه الأحداث " " أ "
خرج المصطفى في الموسم كدأبِه في كل موسم ، يعرض الإسلام على وفود القبائل ..
وبلغ "العقبة" فلقي رهطاً من العرب ، سألهم لمّا عرف أنهم من الخزرج:
-
أمِنْ موالي يهود؟
قالوا: نعم
قال: أفلا تجلسون أكلمكم؟
فجلسوا ، فدعاهم إلي الله عز وجل ، وعرض عليهم الإسلام وتلا عليهم القرآن.
وذكروا ما طالما سمعوا من اليهود الذين غزوهم ببلادهم ، عن نبي حان زمانه ، يظاهرونه على عرب يثرب من أوس وخزرج فيقتلونهم قتل إرم وعاد. قال بعضهم لبعض:
"
يا قوم ، تعلموا والله وإنه للنبى الذى توعدكم به يهود ، فلا يسبقُنكم إليه" ..
وأجابوه صلي الله عليه وسلم إلى ما دعاهم إليه ، وقالوا: "إنا قد تركنا قومنا ولا قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم. فعسي أن يجمعهم الله بك ، فسنقدم عليهم فندعوهم إلى أمرك ونعرض عليهم الذى أجبناك إليه من هذا الدين ، فإن يجمعهم الله عليه فلا رجل أعزّ منك".
ثم أخذوا طريقهم إلي الشمال عائدين إلى بلادهم وقد آمنوا بالله ورسوله عليه الصلاة والسلام.
وشُغلت يثرب بأمر الإسلام ، منذ عاد إليها الخزرجيون الذين بايعوا المصطفى:
العرب من أوس وخزرج ، يلقون أسماعهم إلي حديث هؤلاء الأنصار ، ولا يكاد يفرغ لهم عجب لما يشهدون من حماسهم للدعوة ، وصدقِ حبهم للرسول وإيمانهم برسالته.
ويهود في شغلٍ شاغل بهذه البادرة الخطرة.
كان الخزرجيون أصحاب البيعة الأولي ، ستة نفر أو سبعة ، لم يكن عددهم هو الذى شغل يهود ، بقدر ما شغلهم أن الدين الإسلامى وصل إلى يثرب ، وكان الظن أن يبقي محصوراً في مكة بين أحياء قريش ، يمزقها بدداً.
وقد راحوا يترصدون خطوات الدعاة الأولين من الأنصار ، متعلقين بالرجاء في أن عرب يثرب لن يلبثوا أن يختلفوا على الإسلام ، وأن الأوس لن ترضي عن دعوة حملها رهطٌ من الخزرج ، ومثل هذا الخلاف المتوقع ، مرجو لأن يلهب نار العداوة والبغضاء بيتهم ، ويمدها بوقود يزيدها حدة وضراماً!
لكن عاماً مضي ، والأنصار الخزرجيون ماضون في دعوتهم لا يصدهم عنها من قومهم صادٌ ، حتى إذا حل موسم الحج ، ذاع خبر من مكة أن اثنى عشر يثربيّاً ممن وافوا الموسم بمكة ، لقوا الرسول عند العقبة وبايعوه ...
وجن غيظ يهود وهى ترى في هذه البوادر إيذاناً بتحول خطير في حركة الدعوة الإسلامية التى عاشت في مكة أكثر من عشر سنين ، صامدة لكل ما قاومتها به الوثنية القرشية من أذي واضطهاد وحصار ، رافضة كل ما عرضت عليها من مساومات.
وانتظرت يثرب حتى عاد هؤلاء الرهط من الأنصار ، وفي الظن أنهم خزرجيون كسابقيهم أصحاب البيعة الأولي.
فكانت المفاجأة حقّاً أن فيهم ثلاثة من زعماء الأوس ، مع تسعة من مختلف أحياء الخزرج..
جمعهم الإسلام ووحد بينهم ، وقد كانوا من قبل متباغضين ، بعضهم لبعض عدو.
**********
عزيزى القارئ:
_________
موالي: جمع مولي - المالك - السيد - خالقهم ورازقهم - باعثهم ومالكهم
يظاهرون على: يعاونونه علي - يناصرونه علي -يحرمون
بدداً: هباءاً - صرفها - فرقهم وشتتهم
عزيزى القارئ:
_________
كاتبتنا د. "بنت الشاطئ" توضح لنا مثابرة واستمرار رسولنا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه في دعوته لدين الإسلام بدون كلل ولا ملل وما حدث مع وفد يثرب الذين كانوا يأملون أن يجتمع قومهم علي الدين الجديد وتنتهى العداوة بين الخزرج والأوس .. ولكن زاد غيظ يهود من خروج الدين من مكة إلى يثرب رغم ما عاناه تابعيه في مكة من صنوف العذاب والتنكيل ظانين أنه سيظل محاصراً بمكة ..
وإليكم رابط فيديو مبسط عن بيعة العقبة الأولي مدته 2:20 دقيقة
عزيزى القارئ:
_________
كنا توقفنا بالأمس عندما جاء السيدة "آمنة" المخاض وما شاهدته من أطياف أمهات الأنبياء عليهم السلام.
لقد أحست "آمنة" بأمان كبير وراحة عذبة ولقد زال عنها كل ما كانت تحس به من خوف .. وإذا بها تستعد ، بل قل تسعد باللحظة الحاسمة في حياة كل أنثي تلد.
وما كاد نور الفجر ينبلج ويبزغ أو يوشك على الإنبثاق حتى كانت "آمنة" قد ...
ولكن لا .. إن تلك اللحظة التاريخية والخالدة والمجيدة لم ولا ولن تتكرر .. إنها لحظة ليست ككل اللحظات .. إنها لحظة مولد النور "عليه أفضل صلاة وأتم تسليم".
إذن ، فلتقف الدنيا بأسرها أدباً وتأدباً لمولده "صلى الله عليه وسلم".
نعم .. قف أيها الزمن .. لتحدث الدنيا عما يقع فيك فى تلك اللحظة .. اكتب يا تاريخ .. عن أفضل لحظة منذ خلق الله الأرض وما عليها .. تمهل أيها الليل فلا تندثر حتى تري أسمى ما كنت تتمناه .. كفي أيتها الأرض عن الدوران فإن أعظم يوم لا يجب أن يمر كغيره من الأيام .. اثبتى أيتها الشمس عند مشرقك فلا يجوز لكِ أن تبعثي أشعتك في هذا الصباح .. فإن نورك ليتضاءل أمام نور ذلك السراج المنير الذى أضاء الدنيا .. وارفع قامتك أيها الصباح تيهاََ وخيلاء علي كل صباح .. افخر أيها اليوم كل الفخر فإنك أفضل يوم منذ ملايين السنين مضت أو أتت .. اشهدوا أيها الخلائق كلكم .. أيتها الملائكة الكرام في سمائكم .. أيتها الجان في أرضكم .. أيتها البشرية التى شرفك الله بإنتساب "محمد" إليكِ "صلى الله عليه وسلم"
أيتها الحيوانات في البرية .. أيتها النباتات الندية .. أيتها الأرضين في مهادها .. أيتها الجبال في نصبها .. أيتها السماء في رفعتها .. 
اشهدوا جميعاً ذلك الحدث التاريخى الخالد المجيد .. فلم ولا ولن يحدث مثله أبداً .. نعم .. إنه مولد سيد ولد آدم أجمعين السابقين منهم واللاحقين .. إنه مولد الرحمة التى وهبها الله للعالمين .. إنه مولد سيدنا "محمد" عليه أفضل صلاة وأزكى تسليم .. إنه الرسول الذى قال الله تعالي فيه:
"
وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"
عليك الصلاة والسلام يا حبيبي يا "محمد"
لقد ولدت "آمنة" "محمداً" أشرف إنسان وخير بشر .. سيد ولد آدم أجمعين صلى الله عليه وسلم في عليائه وأمرنا بالصلاة والسلام عليه.
كانت ولادة "آمنة" الولادة الوحيدة في الدنيا التى لم تتألم فيها الأم ولم يرع فيها المولود .. لم تحس "آمنة" إلا بفيض من الرحمة وينبوع من الراحة ونبع من الطمأنينة.
ومرت لحظات .. وتوارت الأطياف النورانية السامية التى كانت تحيط ب "آمنة" لحظة ولادتها .. وتركتها وحيدة .. لا .. إن "آمنة" ليست وحيدة الآن .. فقد أصبحت أماً .. والدة .. ومعها وليدها .. عليه الصلاة والسلام .. كأنهما ثنائى كريم.
وإلى أن يأذن الله بلقاء آخر أترككم في رعاية الله وأمنه .. 
اللهم صلِّ علي سيدنا "محمد" ورسولك النبي الأمى بقدر عظمة ذاتك في كل وقت وحين وعلى آله وصحبه وسلم


فريق مصر أم الكون

خديجه حسين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق