الثلاثاء، 19 فبراير 2019

مع المصطفى فى عهد المبعث رقم 47


مع المصطفى فى دار هجرته " - 1 -
" هجرة ... وتاريخ " " أ "
في السنة الثالثة عشرة للمبعث. كانت الهجرة التاريخية التى اختارها ثانى الخلفاء الراشدين ، "عمر بن الخطاب" بداية للتاريخ الإسلامى.
تقديراً لجلال الحدث الذى كان منطلق تحول حاسم وخطير في تاريخ الإسلام.
وعلى امتداد الزمان ، يحتفل المسلمون حيثما كانوا ، بمستهل عام الهجرة ، دون أن يفوتهم لمح ما كان لها من أثر بعيد في حركة سير الدعوة الإسلامية ، ودون أن يخطئهم إدراك ما أعقب تلك الهجرة التاريخية من تغير في موازين القوى بين حزب الله وبين الوثنية الباغية من قريش.
وإن فاتهم ، أو فات كثيراً منهم ، وعىُ حركة التحول ذاتها ، وأعوزهم فهم التفسير التاريخى لتلك الهجرة الفاصلة بين أخطر مرحلتين من عصر المبعث ...
ولقد مضي عليها ما يقرب من ألفي عام ، وكلما بدأت السنة القمرية بهلال المحرم ، تحركت أقلام تحيى الذكرى الخالدة ، وشُدت أبصارٌ وقلوب إلى خطوات المهاجر العظيم ما بين مكة ويثرب. منذ خرج ذات نهار - وقد بلغت محنة الاضطهاد أقصي مداها. بعد ثلاثة عشر عاماً من المبعث - متجهاً إلي بيت صاحبه الصديق أبي بكر ، وأسر إليه أن الله تعالي أذن له في الخروج والهجرة.
هتف الصديق: "الصحبة يا رسول الله الصحبة".
وبدأ التأهب لرحيل عاجل:
بعث أبو بكر يدعو "عبد الله بن أريقط" ، وكان دليلاً ثقة خبيراً بمجاهل الطريق ، فدفع إليه براحلتين يرعاهما لميعاد موقوت.
ودعا المصطفي ابن عمه "على بن أبي طالب" فاستخلفه بمكة ليؤدى عنه ودائع كانت للناس.
ثم لما حانت ساعة الرحيل: وقف المصطفي على مرتفع هناك ببيت صاحبه ، فرنا إلى البيت العتيق طويلاً ، ثم أشرف على أم القرى ؛ فاستوعبها بنظرة حزينة وقال مودعاً:
"
والله إنك لأحبُّ أرض الله إلى الله وإنك لأحب أرض الله إلىَّ. ولولا أن أهلك أخرجونى منك ما خرجت".
وتسلل الصاحبان من خوخة في ظهر البيت فأخذا طريقهما إلى غار يعرفانه في جبل ثور بأسفل مكة ، فأقاما فيه ينتظران أصداء الرحيل.
وجاء اليوم التالى يحمل الأنباء عن خروج نفر من طواغيت قريش لمطاردة المصطفى ، وفي الخبر أنهم بلغوا غار ثور وهموا بأن يدخلوه ، لولا أن صدَّهم عنه نسيج عنكبوت علي فتحته ، وحمامتان وحشيتان وقعتا عليه.
قال الصديق للمصطفى:
"
لو أن أحدهم نظر إلي قدمه لرآنا".
وفي هدأة المساء من الليلة الثالثة لمقامهما في الغار ، جاء الدليل يسوق الراحلتين حذراً ، فأناخ قرب فتحته. وخرج المصطفى وصاحبه ، وجاءت "أسماء بنت أبى بكر" بطعام لهما. فلما أعوزها عصام تشد به الزاد إلي الرحل ، حلت نطاقها فشقته نصفين ، علقت الزاد بأحدهما وانتطقت بالشق الآخر.
وسرى الركب في تلك الليلة التاريخية آخذاً طريق الجنوب من أسفل مكة. وكان غير مطروق.
وودعتهما أسماء ذات النطاقين ، ثم تلبثت تُتبعهما عينيها وقلبها حتى أبعدا فعادت إلى بيت أبيها مستخفية حذرة. وهى توجس خيفة من المطاردين.
ولم تمض لحظات حتى فوجئت بطرقات عنيفة تلح على باب البيت ، وإذا نفر من قريش ، فيهم أبو جهل بن هشام ، يسألونها في غلظة:
"
أين أبوك يا بنت أبي بكر؟".
أجابت: "لا أدرى والله أين أبي".
وما كذبت ، فقد كان آخر عهدها بأبيها مع المصطفى عليه الصلاة والسلام ، منطلقين من الغار إلى حيث لا تدرى أين بلغ بهما المسرى في مجاهل الفلاة ...
وفجأة ، بغتّها لطمة فاحشة على خدها من يد أبي جهل ، طرحت قرطها ...
وانصرفوا يتهددون ويتوعدون ...
عزيزى القارئ:
_________
خوخة: ثمرة الخوخ - واحدة الخوخ للشجرة - باب صغير وسط باب كبير نُصِب
توجس: أحس شراً - وقع في نفسه الخوف - تسمع إلي الصوت الخفي
الفلاة: الصحراء الخالية من الماء - الأرض الواسعة المقفرة
بغتّها: فجأة - علي غِرَّةِ
عزيزى القارئ:
_________
ذكرت لنا د. "بنت الشاطئ" أن هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه الصديق رضي الله عنه كان حدثاً مفصلياً في التأريخ للرحلة والهجرة المحمدية وبعض الوقائع التى لها دلالات عميقة في الدعوة لدين الإسلام
وإليكم رابط فيديو مبسط ومختصر عن هجرة الرسول "صلى الله عليه وسلم" من مكة إلى يثرب "المدينة المنورة" .. وتظهر به بعض المعجزات الإلهية التى لا تأتى إلا لأنبياء الله ولو كان في العمر بقية سأوضحها لاحقاً في مقالات قادمة وروابط أخرى بمشيئة الرحمن .. الفيديو مدته 9:17 دقيقة
عزيزى القارئ:
_________
بالأمس توقفنا في سيرة السيدة "آمنة بنت وهب" ووليدها الحبيب عندما سقط الحبر اليهودى مغشياً عليه .. عند رؤيته للشامة بين كتفي المولود صلوات ربي وسلامه عليه.
وما لبث الحبر اليهودى أن أفاق فالتف القوم حوله ، سائلين إياه عن الخبر فإذا به واجم لا يرد وكرروا سؤالهم .. ما الخبر؟
وأصروا على معرفة الإجابة ، فقال الحبر اليهودى بعد أن زفر زفرة طويلة ، وتنهد تنهيدة سمعها البعيد قبل القريب وكأنه يتحسر وكأنه كان يعلل النفس بشئ آخر. قال:
-
لقد زالت الرسالة من بنى إسرائيل.
ثم انصرف والقوم في ذهول وحيرة.
والقصة لها تفسيرها ، ذلك أن الرسالات السماوية منذ سيدنا "إبراهيم" عليه السلام قد انحصرت بعده في ولديه "إسماعيل وإسحاق" عليهما السلام ثم في أبناء "إسحاق يعقوب ويوسف وأولادهم وأحفادهم" عليهم السلام حتى وصلت إلى سيدنا "موسي" عليه السلام ثم "داوود وسليمان وزكريا ويحى حتى انتهت إلى عيسي" عليهم جميعاً السلام .. أما أبناء "اسماعيل" عليه السلام فلم تكن فيهم نبوة حتى مولد سيدنا "محمد" عليه أفضل صلاة وأزكى سلام.
ولما كان الحبر اليهودى ومعه أبناء إسرائيل جميعهم يعرفون أن هناك نبى منتظر وأنه كالعادة سوف يكون من بينهم .. فلما رأوا مولد نجمه في السماء وكانوا أهل علم بالفلك راحوا يبحثون حتى رأى ذلك الحبر اليهودى رسول الله صلوات الله وسلامه عليه .. وتأكد أنه هو النبي المنتظر عندما وجد الشامة الشريفة في ظهره بين كتفيه "صلى الله عليه وسلم" ، وبالتالي فقد تأكد اليهودى أن الرسالة قد زالت من بنى إسرائيل وأصبحت في العرب ولد "إسماعيل" عليه السلام.
وهذه الحادثة لأكبر دليل بل أكبر شهادة من أحبار اليهود من أهل الكتاب أن هذا المولود الجديد هو النبي المنتظر هو رسول الله حقاً وصدقاً عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم وإن كانوا من ضلالهم مكابرين.
وإلي أن نلتقي متى شاء الله ..
اللهم صلِّ وسلم وبارك على النبي المصطفي سيدنا "محمد" وعلى آله وصحبه أجمعين

فريق مصر أم الكون

خديجه حسين

هناك تعليق واحد:

  1. بارك الله فيك علي مجهودك الرائع لكن قصة الحمامة و العنكبوت قال علماء الحديث أنها ضعيفة لم ترد عن النبي عليه الصلاة والسلام

    ردحذف