الثلاثاء، 5 مارس 2019

مبارك ظلمنا أم ظلمناه رقم 48


نعود وأياكم لنستأنف رحلتنا عبر حقبه تاريخيه دامت لثلاث عقود غابره تراجعت فيها أهمية مصر سياسياً وأصبحت أشباه الدول تتحكم فى قرارها وكنا توقفنا عند تفاصيل علاقة البابا شنوده بالسادات

يقول البابا على لسانه عن علاقته بالسادات كنا نتبادل الدعابه والمزاح خلال لقاءاتنا وفى النهايه قلبها جد ففى بداية العلاقه بارك البابا ثورة التصحيح بـ 15 مايو 1971 م  التى أطلقها السادات وحسم بها الصراع مع منافسيه على السلطه حتى ظهرت نزعات السادات الدينيه وتودده للتيارات الإسلاميه  ومن ثم صار الطريق مفتوحا للصراع بين القساوسه والمشايخ



شعلة الأحتقان الطائفى بدأت فى أحداث الخانكه عام 1972 وهى المره الأولى التى تحرك فيها الأقباط فى مظاهره من 400 شخص يرتدى 100 منهم ملابس كهنوتيه بعد أن أتفق مجمع الكهنه بالقاهره على إقامة الصلوات بمقر الجمعيه التى أحرقت ولم يفلح الأمن فى إثنائهم ومضوا سيرًا على الأقدام مرددين التراتيل ثم أنصرفوا دون تصادم




توترت علاقة السادات مع البابا شنوده بعد إنتفاضة يناير 1977 م وسرب السادات أرقاماً تشير إلى أن تعداد المسيحيين لا يزيد على 2.5 مليون وهو رقم لم يكن صحيحاً ولم يعلن الرقم الرسمى أبداً حيث كان المسيحيون يقولون إن الرقم بين 15 و%20 بما يساوى من 7  أو 8 ملايين وقتها وتدهورت العلاقات وبلغت أشد درجاتها حين قرر البابا شنوده إلغاء الأحتفالات بعيد القيامه إحتجاجاً على الحاله السيئه للأقباط وجاءت أحداث الزاويه الحمراء التى راح ضحيتها العشرات من الأقباط وأنهت علاقة السادات بالبابا وأوصلتها إلى طريق مسدود





صدرت قرارات سبتمبر 1981 التى كان منها إلغاء إعتراف الدوله بالبابا شنوده كبطريرك للأقباط الأرثوذكس قبل شهر من إغتيال السادات على يد الكيوت السلميين



أستدعى السادات عام 1978 بعد توقيع أتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل البابا شنوده إلى منزله محاولا إثنائه عن موقفه المتشدد تجاه إسرائيل والسماح للأقباط بزيارة القدس إلا أن البابا تمسك بموقفه ورفض السير مع السادات إلى القدس ربما لأنه رأى أن الأصطدام مع المجتمع سيكون أكثر كلفه على الأقباط وكان البابا بعيد النظر ربما لإدراكه أن المسلم الذى يسير مع حاكم مسلم فى طريق خاطئ لن يدفع الثمن الذى يمكن أن يدفعه قبطى



بعد أحداث سبتمبر 1981 عقد السادات مؤتمراً صحفياً فى ميت أبوالكوم شن على البابا هجوماً عنيفاً وقال حرفياً ليس هناك شخص أحدث ضرراً بشعبى مثلما فعل هذا الرجل وسوف يدون التاريخ أن هذا الرجل هو الذى حطم شعبى المسيحى الذى هو جزء من شعبى المصرى إننى لن أتهاون أمام الفتنه الطائفيه أو أى شىء ضد الوحده الوطنيه بعدها ذهب السادات إلى مجلس الشعب وألقى خطابه الشهير الذى تضمن قرارات إعتقال المعارضين وقرر عزل الأنبا شنوده وتعيين لجنه خماسيه لإدارة شؤون الكنيسه وتحديد إقامة البابا شنوده فى دير وادى النطرون
 
 



بدأ مبارك حكمه لمصر وفى قلبه غضاضه من البابا وفيه موقف حصل بينهم كان شايله مبارك للبابا ححكيها بسرعه


وقت التوتر الأخير بين السادات والبابا عندما رفض الرئيس السادات لقاء البابا وأوفد نائبه مبارك ورد البابا بإرسال مجموعه من الأساقفه نيابه عنه للقاء نائب الرئيس وكانت حجة البابا أن كل الأمور فى مصر تدار مباشرةً عن طريق رئيس الجمهوريه وأن تفويض نائب الرئيس أو أى شخصيه أخرى كان نوعا من التسويف واللف والدوران والأستهانه بمكانة البابا



يقول كثير من المحللين أن فرض الإقامه الجبريه أو الأعتقال على البابا فى دير الأنبا بيشوى عام 1981 جرح البابا وشكّل نقطة تحول فى حياة ودور البابا شنوده وبعد الإفراج عنه فى عهد مبارك أصبح يتعامل بهدوء وعمليه أكثر وحرص على كسب الإعلام والأهتمام بالبعد الدولى وتواصل مع أقباط المهجر وفتح كنائس جديده من أجل إستيعابهم وتنظيمهم


عادت العلاقه بين مبارك والبابا وألتقى به مرات منها ما هو معلن ومنها ما هو سرى وقد أستقبل مبارك البابا فى قصر المنتزه بالإسكندريه وهو ما أسهم فى عودة العلاقه بشكل طبيعى بين راس النظام والكنيسه كما شارك مبارك فى جنازة الأمين العام السابق للحزب الوطنى فكرى مكرم عبيد ولم يزر مبارك الكنيسه لكنه أحتفظ بعلاقه مباشره مع البابا



لعب أقباط المهجر دورا مهما فى العلاقه بين مبارك والأقباط وكان ظهورهم أقوى بشكل لافت أستغلوا الإعلام ونظموا مؤتمرات وأصدروا بيانات وأصبح أقباط المهجر يمثلون ثقلاً سياسياً وكانت العلاقه بينهم وبين الكنيسه والبابا محل إعتبار وتساؤل من النظام وأجهزة الأمن وكانوا أحيانا يهاجمون البابا ويتهمونه بالتهاون فى حقوق الأقباط  بينما التيارات الدينيه تتهم مبارك بالأنحياز للمسيحيين




لكن الكنيسه وإن لم تعلن تأييدها لأقباط المهجر فإنها لم تتخذ ضدهم أية إجراءات عنيفه وهو ما دعا بعض الجهات السياسيه تعتبر الكنيسه راعياً للأقباط فى الخارج لكن الكنيسه أعتادت فى ظل رئاسة البابا شنوده ألا تلقى أيا من أوراق اللعب وكانت مثل تيارات السلام السياسى لا ترفض اللعب بأى من الأوراق المتاحه وكانت للبابا شنوده مواقف وطنيه واضحه جعلته وصنفته ضمن التيار الوطنى منها رفضه التطبيع مع إسرائيل وإعلانه منع حج الأقباط للقدس قبل أن يدخلوها مع المسلمين كما أنه كان قد أعلن مقولته الشهيره مصر ليست وطنا نعيش فيه لكنها وطن يعيش فينا



بدأ مبارك فى السنوات الأولى من عصره بمصالحة رجال الدين الأقباط وألغى قرارات سبتمبر بإستثناء قرار عدم الأعتراف بالبابا شنوده الذى بقى محدد الإقامه بدير الأنبا بيشوى 4 سنوات مما أثار حساسيات قبطيه ضد نظام مبارك وتدخل وزير الداخليه اللواء حسن أبوباشا ضمن آخرين للوساطه وفى 1985 أصدر مبارك قرارا بإعادة إعتراف الدوله بالبابا



كانت علاقة مبارك والبابا علاقه عمليه يحكمها توازن متبادل بين دوريهما ولعب الوسطاء دورا فى هذه العلاقه تجنب مبارك سياسة السادات فى التعامل مع بابا الأقباط ولم يرد للعلاقه أن تصل فى أى وقت إلى الصدام وحتى فى الفترات التى كانت تشهد توتراً فى العلاقه كان يحرص على أن تظل قنوات الحوار مع الكنيسه مفتوحه من خلال الأعتماد على مصطفى الفقى الذى ظل لسنوات عديده همزة الوصل بين الكنيسه والدوله



كثيرا ما كان الأقباط يشكون علنا من الأستبعاد من الوظائف المهمه لكن فترة مبارك كانت تتأرجح فى هذا الإطار وكانت العاده أن يتم تعيين وزراء للتعاون الدولى أو وزراء دوله فى مناصب وزاريه وقد لعب الدكتور بطرس بطرس غالى دورا مهما فى رحلات السادات لإسرائيل وأيضا مع مبارك وهو الذى دعمه لموقع الأمين العام للأمم المتحده





كانت عملية توسيع المقار الخدميه إلى كنائس أدت لمصادمات طائفيه أكثر من مره فى المنيا وأسيوط وأسوان وكانت الدولة تتدخل عرفياً ورسمياً لإنهائها وكثيرا ما كان البابا يبلغ غضبه لمبارك بأكثر من طريقه مع تصاعد الأحداث الطائفيه وأفتعال الأزمات مثل أزمة وفاء قسطنطين وبعد أحداث الكشح بما بدا أنه نوع من الأضطهاد للأقباط حوادث متفرقه هنا وهناك كان البابا يشجع المواطنين الأقباط على الأنخراط فى الأحزاب السياسيه والترشح فى الأنتخابات حتى لو كان المناخ العام لم يكن يسمح بالأنتخاب على أساس وطنى وكانت تدخله النزعات الطائفيه وهو ما كان يدفع الأقباط إلى العزوف عن المشاركه الحقيقيه
 
 


مش عاوز أخوض أكتر من كده فى الجزئيه دى وأترك لكم متابعتها من خلال الباحث أحمد زكى فى دراسته البابا شنوده أربعون عاما بين الأصطدام والأحتواء ومزكرات كل من الجنزورى وبطرس غالى وعمرو موسى

أستسمحكم أنهاء هذه الحلقه على وعد بلقاء متى شاء الله


جنرال بهاء الشامى

هناك تعليقان (2):

  1. وأخيرا جاء من يعرف كيف يجعل أهل مصر يحبون بعض أكثر .

    ردحذف