الأحد، 10 مارس 2019

وزير الغلابه رقم 5


نعود نحن وإياكم لنستأنف رحلتنا عبر مزكرات رئيس الوزراء السابق كمال الجنزورى ونستكمل ماتوقفنا عنده


 كان الدكتور إسماعيل صبرى عبدالله مديرًا لمعهد التخطيط ورأيت العمل معه صباحًا إذ كان شخصًا على مستوى كبير من الخلق والعلم والثقافه والشهامه وأذهب مساءً إلى وزارة التخطيط ولكن بعد أيام قليله تم تشكيل وزاره جديده وأصبح الدكتور إسماعيل صبرى وزيرًا للتخطيط وعملت معه مديرًا فنيًّا لمكتبه خلت بعد فتره درجة وكيل وزارة التخطيط الإقليمى فى مكتب الوزير وأستحققت شغلها حيث كنت أستاذًا مساعدًا بالمعهد وهو ما يؤهلنى للترقيه إليها فقرر الدكتور إسماعيل صبرى عبدالله ذلك بحكم تولى أختصاصاتها بالفعل مع ما كنت أكلف به من واجبات أخرى وصدر قرار شغل الوظيفه فى أبريل سنة 1974 ندبًا ثم تعيينًا فى 15 أبريل سنة 1975 وعُين فى ذات الوقت كل من الدكتور سعد الدين حنفى والدكتور سعد برغوث وكيلين آخرين لوزارة التخطيط وحينما توليت وظيفتى واجهتنى مشكله إنسانيه حيث رأست بعض مديرى العموم الذين كانوا رؤساء لى قبل أن أترك الوزاره إلى معهد التخطيط فى 4 مارس 1969 وواجهت هذا بقدر كبير من الأحترام لهم مقدرًا ما قد يشعرون به من عدم رضا وقام البعض برفع دعوى لإلغاء الترقيه وهو ما رفضته محكمة القضاء الإدارى




أستقالت حكومة الدكتور عبدالعزيز حجازى وتولى رئيس الوزراء الجديد السيد ممدوح سالم الأمر بعده وتولى الدكتور إبراهيم حلمى عبدالرحمن وزارة التخطيط بعد أن أعتذر الدكتور إسماعيل صبرى عن الأستمرار رغم إلحاح السيد ممدوح سالم جاهدًا أن يستمر ولكنه أصر على ترك الوزاره




أستمر الدكتور إبراهيم حلمى وزيرًا لمدة عام فقط وكانت علاقتى به جيده عملت معه أيضًا مديراً للمكتب وفى أوائل سنة 1976 أُجرى تعديل وزارى وجاء الدكتور محمود الإمام وزيرًا للتخطيط ورغم أنه شغل منصب مدير معهد التخطيط من قبل فى المراحل الأولى من عملى خبيرًا وهو شخص على خُلق هادئ الطبع إلا أنى طلبت منه ألا أستمر مديرًا للمكتب وتبين لى فيما بعد أنها كانت رغبته كذلك وأكتفيت بعملى فى الوزاره كوكيل للوزاره لشئون التخطيط الإقليمى




قام الرئيس السادات بتعيينى ولم أتخط الأربعين من عمرى محافظا لمحافظتين متتاليتين ثم نائباً للوزير ومديرًا لمعهد التخطيط القومى وبهذا فُتح المجال أمامى ممهدًا لتولى مناصب المسئوليه العليا وهى المناصب الوزاريه وزيرًا ونائبًا ورئيسًا لمجلس الوزراء




علمى عن الرئيس السادات وما شهدته فى الأجتماعات التى أتيحت لى من فرص لقائه أن لديه فطنه سياسيه وذكاء سياسى نادر تربت على مدى سنوات حياته وتقلبه بين النخبه العسكريه والمدنيه تاره وفئات الشعب المختلفه تاره أخرى مما جعل منه شخصيه تملك القدره على الفهم والقصد والمناقشه والمفاوضه والخطابه وأتخاذ القرار المناسب فى وقته




أختارنى السادات محافظًا قبل سن الأربعين محافظاً للوادى الجديد فقد طلبنى السيد محمد حامد محمود وزير الإداره المحليه ليبلغنى بتعيينى محافظاً للوادى الجديد وفى يوم 22 نوفمبر 1976 ذهبت إلى الوادى الجديد وهى محافظه تشغل مساحه كبيره تصل إلى نحو 48٪ من مساحة مصر وكان يسبقنى فى هذا المنصب المجاهد إبراهيم شكرى الذى شغل المنصب تسع سنوات لاحظت منذ البدايه توقف أعمال الأستصلاح والتشييد وبناء المصانع وتوقف العمل فى المطار وبذلت ما أستطعت من جهد فى هذه المجالات جميعًا حتى شاءت الظروف مقابلة المهندس عبدالعظيم أبو العطا وزير الرى والزراعه وطلبت منه أن تبدأ شركات الأستصلاح العمل بالوادى الجديد كما طالبت بتوفير قدر من بعض الصناعات خاصةً من المنتجات الزراعيه المتاحه فى الوادى وأن يعاد تشغيل المطار حتى تزداد السياحه خاصةً أن هناك الكثير من الأجانب يسعون إلى ذلك



 بعد شهور لاحظت أن المطالب لا تستجاب بقدر يرقى إلى طموحاتى فشكوت ذلك للسيد ممدوح سالم ولعله تصور أننى أشكو بُعد المكان فعينت فى أول حركه للمحافظين فى يونيو 1977 محافظا لبنى سويف خلفاً للمهندس سليمان متولى وحاولت أن أبذل جهدًا كبيرًا فى تنمية المحافظه إقتصاديا وإجتماعيا ولكننى لم أجد إمكانيات كافيه متاحه لذلك لأن موارد المحافظه تقتصر على ما يتاح لها مما فى حوزة الحكومه المركزيه والتى كانت لا تعطى إلا القليل وكان لا بد أن أعود مره ثانيه إلى السيد ممدوح سالم وكان إنسانًا فاضلًا محترمًا وطلبت أن أعود لعملى فى التخطيط وكيلا للوزاره إلا أنه قال كيف ذلك وأنت حاليا بدرجة نائب وزير  لأن المحافظ كان بهذه الدرجه قبل أن ترفع إلى وزير فيما بعد  وطلب منى أن أقابل الدكتور عبدالمنعم القيسونى وكان نائبا لرئيس الوزراء ووزيرا للتخطيط فرأى أن أعود للتخطيط مديرًا للمعهد وفى يوم 13 ديسمبر 1977 صدرت حركه جديده للمحافظين ونُص فى ذات القرار الجمهورى على أن أعين مديرًا لمعهد التخطيط





عدت إلى بيتى التخطيط وفى معهد التخطيط بالذات وحين بدأت عملى نائباً لوزير التخطيط ومديرًا للمعهد كان علىَّ أن أركع وأسجد شكرًا لله وأذكر أننى بعد أن عدت من الخارج فى أغسطس 1967 بعد حصولى على الدكتوراه عاصرت الكثير من الساده وزراء التخطيط بدءًا من الدكتور لبيب شقير والدكتور سيد جاب الله والدكتور عبد المنعم القيسونى والدكتور إبراهيم حلمى عبد الرحمن والدكتور محمود الإمام والدكتور عبدالرزاق عبد المجيد حيث عملت معهم وتعلمت الكثير وأتذكر أيضًا تجربتى فى مكتب وزير الزراعه التى شهدت بداية مرحلة إعداد الخطه القوميه 1960 ــ 1965 خاصةً أن هذه الخطه الخمسيه الأولى لم يتح لها أن تتكرر لأكثر من عقدين بعدها إذ إن الخطط التى أعدت فيما بعد كانت خططًا سنويه قصيرة المدى والرؤيه لظروف لحقت بالبلاد ولأن الخطه السنويه لا بد أن توضع فى إطار له رؤيه زمنيه طويله ومتوسطه فحينما تقتصر على سنه تختزل إلى رقم للأستثمار يظهر فى الموازنه العامه وعلى الرغم من أن وزارة التخطيط كانت تصدر مجلدًا يحدد الأهداف والأولويات والسياسات والبرامج التى تخدم التنميه الأقتصاديه للحكومه والقطاعين العام والخاص




مستشارو السادات نافقوه قائلين كيف تستشيرنا وأنت مستشار الأمة وحاكمها ؟؟؟ فكان آخر أجتماع له معهم



بعد تعيينى فى 13 ديسمبر 1977 كنائب لوزير التخطيط ومديرا لمعهد التخطيط القومى وعلى وجه التحديد فى أول أكتوبر 1978 صدر قرار جمهورى بتشكيل هيئة مستشارى رئيس الجمهوريه وكان عدد أعضاء تلك الهيئه خمسة عشر عضواً برئاسة المهندس سيد مرعى وتم الأجتماع الأول برئاسة الرئيس محمد أنور السادات فى بداية الأسبوع الأول من أكتوبر 1978 وذلك فى أستراحة الرئاسه بالقناطر الخيريه وكان من المقرر أن يستمر الأجتماع لثلاثة أيام متتاليه ولكن حدث ما لم يعجب الرئيس حيث تبارى بعض المتحدثين فى مدح الرئيس بشكل مبالغ فيه رغم أن غالبية الأعضاء كانوا وزراء سابقين ومن هذا المديح القول كيف يكون لك مثل هذا العدد من المستشارين وأنت يا سيادة الرئيس مستشار الأمه وحاكمها وتوالى هذا النفاق مما دعا الرئيس إلى القول للسيد مرعى بأن تجتمع الهيئه فى المرات المقبله فى القاهره برئاسته إلا أنها لم تجتمع بعد ذلك أبدا



فى 4 يناير 1981 تم تعيينى وزيرًا للتخطيط فى الوزاره الجديده وشغل الدكتور فؤاد محيى الدين منصب رئيس الوزراء ورأس المجموعه الأقتصاديه السيد محمد عبدالفتاح نائب رئيس الوزراء ووزير الأستثمار والتعاون الدولى وكان من أعضاء تلك المجموعه بالإضافه إلى وزير التخطيط الدكتور صلاح حامد وزير الماليه والدكتور فؤاد هاشم وزير الاقتصاد وللتذكرة والشكر لله فحينما شكلت الوزاره وعرض الدكتور فؤاد محيى الدين على الرئيس الأسماء المرشحه للمجموعه الأقتصاديه لم يشر فيها إلى مرشح لوزير التخطيط وربما كان يرى ترك هذه الوزاره حتى يعين لها وزيرًا فى آخر لحظه فلقد كان بيننا خلاف منذ كنت محافظاً لبنى سويف يتعلق بالمصلحه العامه وليس خلافاً شخصيًّا عله كان سحابة صيف





عند تشكيل الوزاره سأل الرئيس من هو وزير التخطيط فصمت الدكتور فؤاد محيى الدين فبادره الرئيس ربما نختار مدير معهد التخطيط دون أن يذكر الأسم خصوصًا أن الشخص الذى يرى أن يتولى هذا المنصب يعمل فى منصب قريب من مهام وزير التخطيط حيث كان من بين وزراء التخطيط السابقين مديرون لمعهد التخطيط كالدكتور إبراهيم حلمى والدكتور إسماعيل صبرى والدكتور محمود الإمام


خرج الدكتور فؤاد محيى الدين ولم يعترض ولم يؤيد وطلب من السيد محمد عبدالفتاح أن يرشح وزيرًا للتخطيط وأخبره أن المطروح بعض الأسماء كالدكتور حسن فج النور نائب وزير التخطيط آنذاك والدكتور سعد الدين حنفى نائب رئيس بنك الأستثمار القومى والدكتور يسرى مصطفى رئيس قطاع التخطيط والمتابعه فى الجهاز المركزى للمحاسبات وأخيرًا الدكتور كمال الجنزورى فقال السيد محمد عبد الفتاح إذا كانت الخيارات بين هؤلاء الأربعة فالأفضل الجنزورى





لم يتوقف الدكتور فؤاد عند هذا ولجأ للدكتور إبراهيم حلمى عبدالرحمن مستشار رئيس مجلس الوزراء منذ حكومة السيد ممدوح سالم وسأله عن الأسماء ذاتها فرد بأن الجنزورى هو الأفضل من وجهة نظره الشخصيه وهذا ما حدث فعلًا وعلمت به من الدكتور فؤاد محيى الدين بعد شهور عندما أصبحنا على خير وفاق ذلك أن البدايه لم تكن موفقه مع الدكتور فؤاد محيى الدين قبل أن يصبح صديقاً عزيزاً بعد شهور قليله ففى صباح يوم تشكيل الوزاره تسرب إلى الصحافه قائمه بالوزاره الجديده وهو التشكيل الأول فى عهد الرئيس رغم عدم إعلانه رسميًّا وبدأت اللقاءات فى مجلس الوزراء للساده الوزراء القدامى والجدد ولم يخبرنى أحد بشىء ورغم تهنئتى من الكثيرين تليفونيًّا إلا فإننى لم يتم إخطارى رسميًّا إلا فى الساعه الخامسه بعد الظهر حيث طلبنى سكرتير الدكتور فؤاد ليخبرنى أن السيد رئيس الوزراء يريد أن يرانى بعد نصف ساعه فكان علىّ أن أذهب إلى مجلس الوزراء فورًا ولم يبد أدنى قدر من الترحيب حيث بادرنى بالقول بما يفيد تعيينى وزيرًا للتخطيط فقلت طيّب وخرجت دون أن أجلس

نكتفى بهذا القدر من حلقتنا اليوم على وعد بلقاء متى شاء الله


جنرال بهاء الشامى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق