السبت، 9 مارس 2019

مع المصطفى فى عهد المبعث رقم 62


" مع المصطفى فى دار هجرته " - 16 -
" مسجد المهاجر وبيته " و"موازين القوى" و"الإسلام في الجبهات الثلاث: مع عصابات يهود ومع الوثنية القرشية ومع المنافقين" " ل "
في أوكار يهود الناشبة في دار الهجرة وما حولها ، تمت تعبئة الأحبار ليكيدوا للإسلام كيداً ، دون أن يواجهوه بحرب معلنة:
يتظاهر نفر منهم بالإسلام ، ثم يندسون بين الصحابة في صميم المجتمع الإسلامى بالمدينة ، ليبذروا بذور الشر التى تؤتى ثمرها الخبيث على المدى الطويل ، ويشربوا ضعاف النفوس من بنى قيلة سمَّ النفاق ، واثقين من فعاليته وإن يكن بطئ الأثر.
وآخرون منهم يتصدون لمجادلة المصطفي ، التماساً للعلم واليقين في الظاهر ، وقصداً إلي إحراجه صلى الله عليه وسلم وإعناته!
جاءه نفر منهم ، وهو صلى الله عليه وسلم في مجلسه مع صحابته ، فقالوا:
-
يا محمد ، أخبرنا عن أربعٍ نسألك عنهن ، فإن فعلت ذلك اتبعناك وصدقناك.
سألهم عليه الصلاة والسلام: ما هى؟
قال كبير منهم:
-
أخبرنا كيف يشبه الولد أمه وإنما النطفة من الرجل؟
-
وأخبرنا كيف نومك؟ وماذا حرم إسرائيل علي نفسه؟
-
وأخبرنا عن الروح.
وجاءه "أبو صلوبا الفيطونى" فقال:
-
يا محمد ، ما جئتنا بشئ نعرفه - من دلائل النبوة - وما أنزل الله عليك من آية فنتبعك لها.
زعقب "ابن حريملة" فاقترح علي المصطفى مثل ما اقترحه عليه الوثنيون من قريش:
-
يا محمد ، إن كنت رسولاً من الله كما تقول ، فقل له فليكلمنا حتى نسمع كلامه.
وأضاف آخر مقترحاً:
-
يا محمد ، ائتنا بكتاب تنزله علينا السماء نقرؤه ، وإلا جئناك بمثل ما أتيتنا به!
وتلا المصطفى من كلمات ربه:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ .. {وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ ۗ كَذَٰلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ ۘ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ ۗ قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (118)} .. صدق الله العظيم.
ملحوظة: الآية من سورة (البقرة).
وجاءه "جبل بن أبى قشيرة ، وشمويل بن زيد" فقالا:
-
يا محمد ، أخبرنا متى تقوم الساعة إن كنت نبيّاً كما تقول:
ولم يجب المصطفي عليه الصلاة والسلام بغير كلمات ربه:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ ..{يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي ۖ لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ۚ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً ۗ يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ(187)} .. صدق الله العظيم.
ملحوظة: الآية من سورة (الأعراف).
وجاءه جمع ، فيهم فيهم "لبن أبي عزير ، وسلام بن مشكم ، وابن أضاء" فسألوا:
-
أحق يا محمد أن هذا الذى جئت به لحق من عند الله ، فإنا لا نراه متسقاً كما تتسق التوراة؟!
وأضاف "فنحاص ، وابن صوريا ، وابن صلوبا ، وشمويل بن زيد":
-
يا محمد ، أما يعلمك هذا إنس ولا جن؟
ورد عليه الصلاة والسلام:
"
أما والله إنكم لتعرفون أنه الحق من عند الله ... ولو اجتمعت الإنس والجن علي أن يأتوا بمثله ما جاءوا به".
وكرروا سؤالهم عن ذى القرنين ، وكانوا قد اقترحوا على مشركى قريش أن يسألوه عنه ، فأجاب صلى الله عليه وسلم ، بمثل ما أجاب به قريشاً ، مما تلقي من آيات سورة الكهف في العهد المكى ...
وأتى رهط منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه:
-
يا محمد ، هذا الله خلق الخلق ، فمن خلق الله؟
فغضب صلى الله عليه وسلم حتى تغير لونه ، وهمَّ بهم يريد أن يبطش بهم غضباً لربه ، سبحانه ، لكنه تمالك غضبه وراح يتلو:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ .. {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3)وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)} .. صدق الله العظيم
وغرهم حلمه صلى الله عليه وسلم ، فمضوا في جدلهم الوقح:
-
فصفْ لنا يا محمد كيف خلقه؟ كيف ذراعه وكيف عضده؟
عندئذ اشتد غضب المصطفي زساورهم ، ثم انصرف عنهم يائساً من جدوى مثل هذا الجدل العقيم ...
عزيزى القارئ:
_________
إعناته: من عنت: وقع في شدة أو إثم - المكابرة عناداً - مشقة وصعوبة
حَفِىّ: حفي بالشئ : المستقصي للشئ - عالم به علماً عميقاً - باحث عنها عالم بها - كريم - عطاء
الصمد: اسم من أسماء الله الحسنى ومعناه السيد المطاع الذى كمل في أنواع الشرف والسُّؤدد - المقصود إليه فى الحوائج فلا يُقض دونه أمر- الدائم الباقي بعد فناء خلقه - مصمت لا جوف له - المقصود لقضاء الحاجة
كُفواً: الكُفُوءُ: النظير والشبيه
أحَدٌ: اسم من أسماء الله الحسنى ومعناه الفرد الذي لا شبيه له ولا نظير والمنفرد بوحدانيته في ذاته وصفاته = الواحد الأحد
عزيزى القارئ:
_________
وضحت لنا د. "بنت الشاطئ" تكرار الأسئلة الوقحة من يهود مثل كفار قريش التى لقنوهم لقريش من قبل .. ففي بعض الروايات سألوا عن ثلاث وفي موقف آخر سألوا عن أربع وفي موقف ثالث سألوا عن خمس .. ورغم تأكدهم أنه النبي المنتظر لم يؤمنوا به وبرسالته حقداً وغلاً أنه ليس منهم وحفاظاً على المكاسب الطائلة التى حققوها في هذه البقعة من الجزيرة العربية .. ومن التصرفات التى تدل علي خبث ومكر يهود المدينة يقولون للنبي "صلى الله عليه وسلم" "راعنا" مستغلين ما يُشعر به اللفظ من معنى الرعونة بالإضافة إلى أنهم كانوا يطلقون هذا اللفظ العربي وهم يريدون به معنى قبيحاً في لغتهم .. ففي العبرية "راعى" معناها شرير وإذا أضيفت إلي ضمير المتكلمين: "راعينو" أى شريرنا .. فكان هذا اللفظ يوافق في الظاهر اللفظ العربي المراد به الرعاية والحفظ .. أعوذ بالله منهم ومن أمثالهم
وإليكم رابط فيديو عن أسئلة اليهود لنبينا وسيدنا "محمد" عليه أفضل الصلاة والسلام .. وستجدون إجابات رائعة .. كما سنعلم محاولات الغدر والخيانة منهم المستمرة رغم أن الرسول صلى الله عليه وسلم منذ وصوله للمدينة عرض عليهم التفاهم بصحيفة تعتبر أول صحيفة مواطنة في التاريخ بصرف النظر عن أصلهم ودينهم ولكن طبع الغدر والخيانة لا يغادرهم أبداً .. ومدة الفيديو 10:40 دقيقة
عزيزى القارئ:
_________
ونأتى لتفسير الآية المذكورة أعلاه من "سورة البقرة": الذين لا يعلمون المقصود بهم مشركو العرب .. فليكلمنا الله ليقول لنا ويخبرنا أنك رسوله أو تأتينا بعلامة واضحة مما اقترحناه دليلاً علي صدقك .. كذلك قال من قبلهم الذين يحملون قلوباً كقلوبهم .. لأن الإيمان إيمان بالقلب يبينه الله للموقنون.
أما الآية المذكورة من سورة "الأعراف": من السور المكية ونزلت في موقف المستهرئين من دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسئلتهم .. يسألونك يا "محمد" عن القيامة أى منى وقوعها وحدوثها؟ .. وسميت القيامة ساعة لسرعة ما فيها من الحساب كقوله نعالي "وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب" .. أى قل لهم يا "محمد" لا يعلم الوقت الذي يحصل فيه قيام القيامة إلا الله سبحانه ثم أكَّد ذلك ذلك بقوله "لا يجليها لوقتها إلا هو" .. أى لا يكشف أمرها ولا يظهرها للناس إلا الرب سبحانه بالذات فهو العالم بوقتها .. عظُمت على أهل السماوات والأرض حيث يشفقون منها ويخافون شدائدها وأهوالها .. ويسألونك يا "محمد" عن وقتها كأنك كثير السؤال عنها شديد الطلب لمعرفتها .. قل لهم لا يعلم وقتها إلا الله لأنها من الأمور الغيبية التى استأثر بها علام الغيوب .. وهم وأكثر الناس لا يعلمون السبب الذى لأجله أُخْفيتْ .. وقال بعض المفسرين الحكمة في إخفاء الساعة عن العباد أنهم إذا لم يعلموا متى تكون كانوا على حذر ٍ منها فيكون ذلك أدعى إلي الطاعة وأزجر عن المعصية.
أما سورة "الإخلاص": سورة مكية وسبب نزولها روى أن بعض المشركين جاءوا رسول الله صلي الله عليه وسلم وقالوا له : صف لنا ربك أمن ذهب هو أم من فضة أم من زبرجد أم من ياقوت؟! .. وتفسيرها: قل يا "محمد" لهؤلاء المشركين المستهزئين إن ربي الذى أعبده والذى أدعوكم إليه ولعبادته هو واحد أحد لا شريك له ولا شبيه له ولا نظير .. لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله فهو جل وعلا واحد أحد واعلم أن وصف الله تعالي بالواحد له ثلاثة معانٍ كلها صحيحة في حقه تعالي: الأول: أنه واحد لا ثانى معه فهو نفي للعدد .. والثانى: أنه واحد لا نظير ولا شريك له .. كما تقول: فلان واحد في عصره أى لا نظير له .. و الثالث: أنه واحد لا ينقسم ولا يتبعض والمراد بالسورة نفي الشريك رداً على المشركين .. "أفمن يخلق كمن لا يخلق"؟ .. "لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا" .. "لو كان معه آلهة كما يقولون إذاً لابتغوا إلى ذى العرش سبيلاً" .. "ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذاً لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض" .. صدق ربي وتعالي سبحانه عما يقولون .. وهو الصمد المقصود في الحوائج على الدوام ويحتاج إليه الخلق وهو مستغنٍ عن العالمين ..وهو السيد الذى ليس فوقه أحد .. الذى يلجأ إ ليه الناس في كل أمورهم .. ولم يتخذ ولداً أى ليس له أبناء وبنات وليس له زوجة .. فهو المتصف بالكمالات ومنزَّه عن النقائص .. الله أزلي قديم ليس كمثله شئ .. ولم يولد من أبٍ ولا أُمٍ .. فهو الأول الذى لا ابتداء لوجوده .. القديم الذى كان ولم يكن معه شئ غيره .. وليس له جل وعلا مثيلٌ ولا نظير ولا شبيه أحدُ من خلقه .. لا في ذاته ولا في صفاته زلا في أفعاله .. "ليس كمثله شئ وهو السميع البصير" .. هو مالك كل شئ وخالقه .. فكيف يكون له من خلقه نظيرٌ يساميه أو قريب يدانيه؟! ..
وفي الحديث القدسي:
)
يقول الله عز وجل: كذبنى ابن آدم ولم يكن له ذلك ، وشتمنى ولم يكن له ذلك ، فأما تكذيبه إياى فقوله: لن يعيدنى كما بدأنى ، وليس أول الخلق بأهون علىَّ من إعادته ، وأما شتمه إياى فقوله: اتخذ الله ولداً ، وأنا الأحد الصمد ، الذى لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفواً أحد (
اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك
اللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا "محمد" وعلى آله وصحبه أجمعين

فريق مصر أم الكون 

خديجه حسين


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق