الاثنين، 25 مارس 2019

مع المصطفى فى عهد المبعث رقم 76


" مع المصطفى فى دار هجرته " - 30 -
" مسجد المهاجر وبيته " و"موازين القوى" و"الإسلام في الجبهات الثلاث: مع عصابات يهود ومع الوثنية القرشية ومع المنافقين" " ر"
في فترة الهدنة مع قريش ، وبعد أن تطهرت المنطقة الإسلامية من الوباء اليهودى ، اتجه تفكير المصطفى إلي نشر دعوته خارج بلاد العرب ، فبعث رسلاً من أصحابه بكتب منه إلي الملوك والحكام لعهده ، يدعوهم إلى الإسلام بالحسنى ، امتثالاً لأمر الله الذي بعثه للناس كافة.
أرسل المصطفي "دحية بن خليفة الكلبي" إلي قيصر ، إمبراطور الروم.
و "عبد الله بن حذافة السهمى" إلي كسرى ، ملك فارس.
و "عمرو بن أمية الضمري" إلى النجاشي ، ملك الحبشة.
و "حاطب بن أبي بلتعة" ، إلي المقوقس عظيم القبط.
و "عمرو بن العاص" إلى ملكى عمان.
و "سليط بن عمرو" إلي ملكى اليمامة.
و " العلاء بن الحضرمى" إلى المنذر العبدى ملك البحرين.
و "شجاع بن وهب الأسدى" إلى الحارث الغسانى بالشام.
و "المهاجر بن أبي أمية المخزومى" إلى الحارث بن عبد كلال الحميري ملك اليمن.
ثم وجه المصطفي عناية خاصة إلي بلاد الشام ، حيث تمد إمبراطورية الروم سلطانها إلى شمال الجزيرة العربية ، وتفرض نفوذها المادى والمعنوى علي أهل المنطقة ، بالبطش والإرهاب.
وفي جمادى الأولي من سنة ثمان للهجرة ، جهز جيشاً لغزوة مؤته ، أول غزوة سيرها المصطفي إلى خارج بلاد العرب ، تأميناً لحدودها من ناحية الروم ، وتدريباً لجند الإسلام علي لقاء عدو ذى صولة وصلف ، واتجاهاً بالدعوة الإسلامية إلي ما وراء الحدود.
واختار صلى الله عليه وسلم "زيد بن حارثة" أميراً علي الجيش وقال:
"
إن أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب على الناس ، فإن أصيب فعبد الله بن رواحة على الناس".
كان عددهم ثلاثة آلاف ، أسلحتهم الحربية السيوف والقسي والرماح والنبل زالسهام ، وزادهم التمر والخبز الجاف وما قد يتهيأ لهم من صيد.
وساروا حتى نزلوا "معان" من أرض الشام ، فبلغهم أن "هرقل" قد نزل مآب من أرض البلقاء ، في مائة ألف من الروم ، انضمت إليهم ألوف وألوف من لخم وجذام والقين وبهراء وبلى.
وتشاور المسلمون في خطر الموقف ، وكان رأى عدد منهم ألا يجازفوا بلقاء الروم في معركة تفنى جند الصحابة. بل يكتبون إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فإما أن يمدهم بالرجال وإما أن يأمرهم بالعودة إلي المدينة.
لكن "عبد الله بن رواحة" أبي إلا أن يتقدموا للقتال لا ينكصون ، قال:
"
يا قوم ، والله إن التى تكرهون لَلتى خرجتم تطلبون ، الشهادة ، وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة ، ما نقابلهم إلا بهذا الدين الذى أكرمنا الله به. فانطلقوا فإنما هى إحدى الحسنيين: إما ظهور وإما شهادة".
هتف جند الإسلام: قد والله صدق ابن رواحة.
ومضوا حتى إذا بلغوا تخوم البلقاء لقيتهم جموع هرقل ، فانحاز المسلمون إلي قرية "مؤتة" وقاتل زيد بن حارثة بلواء المصطفي حتى استشهد فتلقي جعفر بن أبي طالب اللواء بيمينه ، فقاتل به حتى قطعت ، فأخذه بشماله حتى قطعت ، فاحتضنه بعضديه حتى استشهد.
وتلقي اللواء من بعده ، عبد الله بن رواحة فما تخلي عنه حتى استشهد ؛ فكانت له إحدى الحسنيين التى أراد.
واختار المسلمون " خالد بن الوليد" قائداً ، فلم ير أن يعرض جنده للفناء ، وظل يدافع الروم في بسالة ومهارة وهو ينحاز بجنده حتى نجا بهم ، لم يتركوا من ورائهم غير ثمانية شهداء ، كانت دماؤهم الزكية هى التى مهدت أرض الشام للفتح الإسلامى بعد نحو عشر سنين!
استقبلت المدينة الجيش العائد من مؤتة بالغضب والإنكار ، وجعل الناس يحثون التراب على جنود خالد بن الوليد ويقولون:
-
يا فُرار ، فررتم في سبيل الله.
والمصطفي يرد عنهم الناس ويقول:
"
ليسوا الفُرار ، ولكنهم الكرار إن شاء الله".
ويمضي وقت ، نحو شهرين: جمادى الآخرة ورجب ، في بطء مرهق بالتوتر ، وعلى الأفق نذر.
لم يكن هناك يهود يلوكون حديث مؤتة ، ولكن المنافقين كانوا هناك في صميم المجتمع المدنى ، لا يكتمون شماتتهم ولا يكفون عن سخرية بما حسبوه تطاولاً من المؤمنين إلي تخوم الروم.
وقريش تزداد حمقاً وتطاولاً ، فتظاهر بكراً على خزاعة وترفدها بالسلاح ، لا تبالى عهد الحديبية ، وفيه النص على "أنه من أحب أن يدخل في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم فليدخل فيه ، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم فليدخل فيه".
وخزاعة كانت قد اختارت الدخول في عقد الرسول وحلفه ، فبينّها "بكر" بالوتير ، وأمعنت فيها قتلاً بسلاح قريش!
وتمهل المصطفى ، لعل قريشاً ترجع عن غيها فيما نقضت من عهد الحديبية ، بما ظاهرَت بكراً علي خزاعة ، وهى عقد الرسول وعهده!
**********
عزيزى القارئ:
_________
صَوْلَة: السطوة - ذو نفوذ - مقدام وشجاع - وثب وكر وهجم - مصدر صال والجمع صولات
صلف: تكبر وعجرفة - ادعى ما فوق قدره عجباً وتكبراً - التكلم بما يكره شخص آخر - قلة الماء والطعام وبركته
ينكصون: يردونه - رجع عما كان عليه من خير - يرجعون عن الحق
الكرار: من حمل علي العدو وهجم عليه - العائد مرة أخرى
الوتير: طريق يلاصق الجبل - الأرض البيضاء - جليدة بين السبابة والإبهام - حجاب ما بين المنخرين - غرة الفرس
عزيزى القارئ:
_________
ذكرت لنا د. "بنت الشاطئ" أسماء بعض من بعثهم النبي "صلى الله عليه وسلم" كسفراء له وللدولة الإسلامية الوليدة لملوك وحكام دول وامبراطوريات لدعوتهم للإسلام .. وذكرت لنا مباشرة التجهيز لغزوة مؤتة لشمال الجزيرة العربية التى كانت امبراطورية الروم تفرض نفوذها وبطشها عليها .. ولكن .. للأسف .. لم توضح لماذا تم إرسال هذه الحملة .. رغم أنها وناقلى الأحداث والتاريخ ذكروا أن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام أرسل عدة سفراء لهم يدعونهم للإسلام وهذا يعنى لم يكن هناك نية للحرب والعدوان .. لذا .. وجب أن أوضح أن بعضهم قد قتلوا وصلبوا السفير المرسل من سيدنا "محمد" صلوات ربي وسلامه عليه .. وفي عُرف الدول المحترمة الملتزمة لا يجوز ذلك .. فكان الواجب تجهيز حملة للرد علي هذا الإجرام .. وليس كما يدعون على نبينا الكريم وديننا الحنيف أنه نبي ودين عدوان وقتل و إ ر ه ا ب ..
وإليكم رابط فيديو يوضح سبب غزوة مؤتة مدته 3:12 دقيقة
كما أن هناك اختلاف في ذكر عدد قوات الروم فكاتبتنا ذكرت أنهم مائة ألف من الروم وانضمت إليهم ألوف وألوف .. فنجد أن مصادر أخرى ذكرت أن عددهم وصل لمائتى ألف رومى أى ضعف العدد .. فبالعقل والحسابات ماذا يفعل عدد ثلاثة آلاف من المقاتلين المسلمين مقابلهم؟!
وبعد استشهاد الثلاثة الذين حددهم نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم على التوالي لقيادة الجيش .. كان لابد من عبقرية في التخطيط والمناورة في ساحة المعركة فشاء الله بإختيار القائد الفذ "خالد بن الوليد" "سيف الله المسلول" من قبل المقاتلين رغم أنه كان حديث العهد بالإسلام وقتها وكانت هذه الموقعة أول معركة له مع المسلمين وكان قبلها يحارب مع كفار قريش ضد المسلمين فكانت خطته عبقرية لإنزال الرعب في قلوب الروم والإنسحاب بجنوده سالمين بدون سحقهم في أرض المعركة .. وإليكم رابط فيديو يوضح ذلك .. مدته 4:37 دقيقة
اللهم صلِّ على سيدنا "محمد" وعلى آله وصحبه وسلم كما لا نهاية لكمالك وعدد كماله

فريق مصر أم الكون


خديجه حسين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق