" مع المصطفى فى دار هجرته " - 35 -
" ودخل الناس فى دين الله أفواجاً" "د"
فقمت ، وثار معى رجال من بنى سلمة فاتبعونى ؛ فقالوا لى:
_ والله ما علمناك كنت أذنبت ذنباً قبل هذا. ولقد عجزت أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر به إليه المخلفون ، قد كان كافيك ذنبك استغفارُ رسول الله صلى الله عليه وسلم لك.
" فوالله ما زالوا بي حتى أردت أن أرجع إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكذب نفسي. ثم قلت لهم:
- هل لقي هذا أحد غيرى؟
قالوا: نعم ، رجلان قالا مثلك: مرارة بن الربيع ، وهلال بن أمية الواقفي.
" فذكروا لي رجلين صالحين فيهما أسوة ، فصمت حين ذكروهما لى. ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كلامنا أيها الثلاثة ، من بين من تخلف عنه. فاجتنبنا الناس وتغيروا لنا حتى تنكرت لي نفسي والأرض ، فما هى بالأرض التى كنت أعرف فلبثنا على ذلك خمسين ليلة. فأما صاحباى فاستكانا وقعدا في بيوتهما ، وأما أنا فكنت أشبَّ القوم وأجلدهم ، فكنت أخرج وأشهد الصلوات مع المسلمين وأطوف بالأسواق ولا يكلمنى أحد. وآتى رسول الله صاى الله عليه وسلم فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة فأقول في نفسي: "هل حرك شفتيه برد السلام على أو لا؟" ثم أصلى قريباً منه فأسارقه النظر ، فإذا أقبلت على صلاتى نظر إلى ، وإذا التفت نحوه أعرض عنى.
" حتى إذا طال ذلك علىَّ من جفوة المسلمين ، مشيت حتى تسورت جدار حائط "أبي قتادة" وهو ابن عمى وأحب الناس إلىَّ. فسلمت عليه فوالله ما رد علىَّ السلام. فقلت:
- يا أبا قتادة ، أنشدك بالله ، هل تعلم أنى أحب الله ورسوله؟
فسكت. فعدت فناشدته مرة بعد مرة ، فسكت عنى ، فعدت فناشدته ، فقال: الله ورسوله أعلم.
" ففاضت عيناى ، ووثبت فتسورت الحائط ثم غدوت إلى السوق ، فبينما أنا أمشي إذا نبطى يسأل عنى من نبط الشام ، فجعل الناس يشيرون له إلىَّ ، حتى جاءنى فدفع إلى كتاباً من ملك غسان ، فيه:
" أما بعد ، فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك ... فالحق بنا نُواسيك".
" قلت حين قرأتها: وهذا من البلاء أيضاً ، قد بلغ بي ما وقعت فيه أن طمع فيَّ رجل من أهل الشرك!
" فعمدت بالرسالة إلى تنور فسجرته بها. فأقمنا على ذلك حتى إذا مضت أربعون ليلة ، من الخمسين ، إذا رسول رسول الله يأتينى بأمره أن أعتزل امرأتى. قلت: أأطلقها أم ماذا؟ قال: لا ، بل اعنزلها ولا تقربها.
وأرسل إلى صاحبيَّ بمثل ذلك.
فقلت لامرأتى: الحقي بأهلك فكونى عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر ما هو قاض,
" وجاءت امرأة هلال بن أمية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ، إن هلال بن أمية شيخ كبير ضائع لا خادم له ، أفتكره أن أخدمه؟
قال: لا ، ولكن لا يقربنك.
قالت: والله يا رسول الله ما به من حركة إلىَّ ، والله ما زال يبكى منذ كان من أمره ما كان إلى يومنا هذا ، ولقد تخوفت على بصره ...
" فقال لى بعض أهلي: لو استأذنت رسول الله لامرأتك ، فقد أذن لامرأة هلال بن أمية أن تخدمه.
قلت : والله لا أستأذنه بها ، ما أدرى ما يقول صلى الله عليه وسلم لي إذا استأذنته فيها ، وأنا رجل شاب.
" فلبثنا بعد ذلك عشر ليال ، فكمل لنا خمسون ليلة من حين نهى رسول الله المسلمين عن كلامنا. ثم صليت الصبح ، صبح خمسين ليلة ، علي ظهر بيت من بيوتنا ... إذ سمعت صوت صارخٍ أوفى علي ظهر سلع يقول بأعلى صوته: يا كعب بن مالك ، أبشِرْ.
فخررت ساجداً وعرفت أن قد جاء الفرج.
" ونزعت ثوبيّ فكسوتهما من جاء يبشرنى ، والله ما أملك يومئذ غيرهما ، واستعرت ثوبين فلبستهما ثم انطلقت أتيمم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ، وتلقانى الناس يبشروننى بالتوبة ... حتى دخلت المسجد ، فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال لى ووجهه يبرق من السرور:
- أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك.
قلت: أمن عندك يا رسول الله أم من عند الله؟
قال: بل من عند الله.
قلت: يا رسول الله ، إن من توبتى إلى الله عز وجل أن أنخلع من مالي ، صدقة إلى الله وإلى رسوله.
قال صلى الله عليه وسلم: أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك.
وقلت: يا رسول الله، إن الله نجانى بالصدق ، وإن من توبتى إلى الله أن لا أحدث إلا صدفاً ما حييت".
**********
عزيزى القارئ:
_________
نبطى: منسوب إلى النبط "الأنباط" قوم كانوا يسكنون بين العراق والأردن كانت لدولتهم حضارة عاصمتها البتراء - وتطلق الكلمة الآن علي أخلاط الناس وعوامهم.
_ والله ما علمناك كنت أذنبت ذنباً قبل هذا. ولقد عجزت أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر به إليه المخلفون ، قد كان كافيك ذنبك استغفارُ رسول الله صلى الله عليه وسلم لك.
" فوالله ما زالوا بي حتى أردت أن أرجع إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكذب نفسي. ثم قلت لهم:
- هل لقي هذا أحد غيرى؟
قالوا: نعم ، رجلان قالا مثلك: مرارة بن الربيع ، وهلال بن أمية الواقفي.
" فذكروا لي رجلين صالحين فيهما أسوة ، فصمت حين ذكروهما لى. ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كلامنا أيها الثلاثة ، من بين من تخلف عنه. فاجتنبنا الناس وتغيروا لنا حتى تنكرت لي نفسي والأرض ، فما هى بالأرض التى كنت أعرف فلبثنا على ذلك خمسين ليلة. فأما صاحباى فاستكانا وقعدا في بيوتهما ، وأما أنا فكنت أشبَّ القوم وأجلدهم ، فكنت أخرج وأشهد الصلوات مع المسلمين وأطوف بالأسواق ولا يكلمنى أحد. وآتى رسول الله صاى الله عليه وسلم فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة فأقول في نفسي: "هل حرك شفتيه برد السلام على أو لا؟" ثم أصلى قريباً منه فأسارقه النظر ، فإذا أقبلت على صلاتى نظر إلى ، وإذا التفت نحوه أعرض عنى.
" حتى إذا طال ذلك علىَّ من جفوة المسلمين ، مشيت حتى تسورت جدار حائط "أبي قتادة" وهو ابن عمى وأحب الناس إلىَّ. فسلمت عليه فوالله ما رد علىَّ السلام. فقلت:
- يا أبا قتادة ، أنشدك بالله ، هل تعلم أنى أحب الله ورسوله؟
فسكت. فعدت فناشدته مرة بعد مرة ، فسكت عنى ، فعدت فناشدته ، فقال: الله ورسوله أعلم.
" ففاضت عيناى ، ووثبت فتسورت الحائط ثم غدوت إلى السوق ، فبينما أنا أمشي إذا نبطى يسأل عنى من نبط الشام ، فجعل الناس يشيرون له إلىَّ ، حتى جاءنى فدفع إلى كتاباً من ملك غسان ، فيه:
" أما بعد ، فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك ... فالحق بنا نُواسيك".
" قلت حين قرأتها: وهذا من البلاء أيضاً ، قد بلغ بي ما وقعت فيه أن طمع فيَّ رجل من أهل الشرك!
" فعمدت بالرسالة إلى تنور فسجرته بها. فأقمنا على ذلك حتى إذا مضت أربعون ليلة ، من الخمسين ، إذا رسول رسول الله يأتينى بأمره أن أعتزل امرأتى. قلت: أأطلقها أم ماذا؟ قال: لا ، بل اعنزلها ولا تقربها.
وأرسل إلى صاحبيَّ بمثل ذلك.
فقلت لامرأتى: الحقي بأهلك فكونى عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر ما هو قاض,
" وجاءت امرأة هلال بن أمية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ، إن هلال بن أمية شيخ كبير ضائع لا خادم له ، أفتكره أن أخدمه؟
قال: لا ، ولكن لا يقربنك.
قالت: والله يا رسول الله ما به من حركة إلىَّ ، والله ما زال يبكى منذ كان من أمره ما كان إلى يومنا هذا ، ولقد تخوفت على بصره ...
" فقال لى بعض أهلي: لو استأذنت رسول الله لامرأتك ، فقد أذن لامرأة هلال بن أمية أن تخدمه.
قلت : والله لا أستأذنه بها ، ما أدرى ما يقول صلى الله عليه وسلم لي إذا استأذنته فيها ، وأنا رجل شاب.
" فلبثنا بعد ذلك عشر ليال ، فكمل لنا خمسون ليلة من حين نهى رسول الله المسلمين عن كلامنا. ثم صليت الصبح ، صبح خمسين ليلة ، علي ظهر بيت من بيوتنا ... إذ سمعت صوت صارخٍ أوفى علي ظهر سلع يقول بأعلى صوته: يا كعب بن مالك ، أبشِرْ.
فخررت ساجداً وعرفت أن قد جاء الفرج.
" ونزعت ثوبيّ فكسوتهما من جاء يبشرنى ، والله ما أملك يومئذ غيرهما ، واستعرت ثوبين فلبستهما ثم انطلقت أتيمم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ، وتلقانى الناس يبشروننى بالتوبة ... حتى دخلت المسجد ، فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال لى ووجهه يبرق من السرور:
- أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك.
قلت: أمن عندك يا رسول الله أم من عند الله؟
قال: بل من عند الله.
قلت: يا رسول الله ، إن من توبتى إلى الله عز وجل أن أنخلع من مالي ، صدقة إلى الله وإلى رسوله.
قال صلى الله عليه وسلم: أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك.
وقلت: يا رسول الله، إن الله نجانى بالصدق ، وإن من توبتى إلى الله أن لا أحدث إلا صدفاً ما حييت".
**********
عزيزى القارئ:
_________
نبطى: منسوب إلى النبط "الأنباط" قوم كانوا يسكنون بين العراق والأردن كانت لدولتهم حضارة عاصمتها البتراء - وتطلق الكلمة الآن علي أخلاط الناس وعوامهم.
سجرته: ملأته الماء - الموقد والنار
صدفا: مال - انصرف عنه - غطى سطحه بغطاء زخرفي - صرف
عزيزى القارئ:
_________
نستكمل مع كاتبتنا د. "بنت الشاطئ" تفاصيل ما حدث ل "كعب بن مالك الأنصارى" واحد من ثلاثة أوصي رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بمقاطعتهم حتى يقضي الله فيهم أمراً .. وكيف كانت أخلاق المؤمن الحق وكيف تكون الطاعة لله ورسوله صلوات ربي وسلامه عليه .. فما نحن من هؤلاء المؤمنين الأوائل! .. رضي الله عنهم جميعاً .. لن أطيل عليكم وسنلتقي بإذن الله في اللقاء القادم مع كلمات الله التى نزلت في هؤلاء الثلاثة .. وغيرهم.
_________
نستكمل مع كاتبتنا د. "بنت الشاطئ" تفاصيل ما حدث ل "كعب بن مالك الأنصارى" واحد من ثلاثة أوصي رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بمقاطعتهم حتى يقضي الله فيهم أمراً .. وكيف كانت أخلاق المؤمن الحق وكيف تكون الطاعة لله ورسوله صلوات ربي وسلامه عليه .. فما نحن من هؤلاء المؤمنين الأوائل! .. رضي الله عنهم جميعاً .. لن أطيل عليكم وسنلتقي بإذن الله في اللقاء القادم مع كلمات الله التى نزلت في هؤلاء الثلاثة .. وغيرهم.
عزيزى القارئ:
_________
إليك رابط فيديو قصير وكرتونى مبسط لغزوة تبزك مع الروم .. التى وقعت في شهر رجب من السنة 9 هجرية .. وكيف أعد الروم جيشاً كبيراً بالبلقاء على حدود الشام لقتال المسلمين .. أى أن الروم هم من أعدوا للهجوم أولاً .. وعندما علم الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك بالمدينة كانت الثمار على وشك النضوج علي أشجارها .. فطلب منهم الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام بذل النفس والمال وخرج ب 30 ألفا من المسلمين ب 10 آلاف من الخيول ولم يتحارب وقال قولته الشهيرة "نُصرت بالرعب في مسيرة شهر" .. أترككم مع الفيديو .. مدته 2:06 دقيقة.
_________
إليك رابط فيديو قصير وكرتونى مبسط لغزوة تبزك مع الروم .. التى وقعت في شهر رجب من السنة 9 هجرية .. وكيف أعد الروم جيشاً كبيراً بالبلقاء على حدود الشام لقتال المسلمين .. أى أن الروم هم من أعدوا للهجوم أولاً .. وعندما علم الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك بالمدينة كانت الثمار على وشك النضوج علي أشجارها .. فطلب منهم الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام بذل النفس والمال وخرج ب 30 ألفا من المسلمين ب 10 آلاف من الخيول ولم يتحارب وقال قولته الشهيرة "نُصرت بالرعب في مسيرة شهر" .. أترككم مع الفيديو .. مدته 2:06 دقيقة.
وإليكم رابط فيديو آخر لقصة الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك
.. التى تروى عن لسان كعب بن مالك .. كلها بأحاديث وروايات وآيات قرآنية وعن النبي
صلى الله عليه وسلم .. الفيديو مدته 21:37 دقيقة
اللهم صلِّ على سيدنا "محمد" عبدك ونبيك ورسولك
النبي الأمى بقدر عظمة ذاتك في كل وقت
فريق مصر أم الكون
خديجه حسين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق