نعود لنستأنف معكم سلسلة مقالات وزير
الغلابه التى كانت توقفت لتوفير التفرغ لسلسلة مقالات مولد سيدى يناير لنستكمل
ماتوقفنا عنده معكم وبكم
أنتهت فترة حكومة الدكتور على لطفى وقبل الأنتهاء بـ 10 أيام
أى أول نوفمبر 1986 حدثت مفاجأه جديده لى إذ طلبنى الرئيس وكان فى الإسماعيليه
وطلب منى أن أشكل الوزاره مع ترك الوزارات الأربع السياديه لأختياره المباشر
وأستمرت المراجعه معه نحو 10 أيام أى إلى اليوم العاشر من نوفمبر تحدد فيها جميع
الأسماء التى تدخل الوزاره والتى تخرج منها وفى صباح اليوم الحادى عشر من نوفمبر
1986 طلب منى الدكتور مصطفى الفقى الذهاب إلى مقر الرئاسه الساعه السادسه والنصف
مساءاً ثم بعد ساعتين طلبنى السيد جمال عبدالعزيز سكرتير الرئيس ليخبرنى بأن أستعد
لأن الرئيس تحرك من الإسماعيليه فعلاً والأفضل أن أذهب إلى مقر الرئاسه الساعه
السادسه بدلا من السادسه والنصف
جاءنى الدكتور يوسف والى بعد ساعه من تلك المكالمه بدون موعد
ثم جاءنى تليفون خاص بالرئاسه يفيد أن أُبلغ الدكتور يوسف والى الذهاب إلى الرئاسه
على أن أستمر بالمنزل إلى حين إبلاغى بالذهاب لأن الموعد تأجل بعض الوقت
أستمر الأنتظار ساعه وأثنتين وثلاثا بما أشعرنى أن شيئا أستجد
وحوالى الساعه العاشره مساءاً عاد الدكتور يوسف وعلى وجهه ما يفصح عن تغيير حدث
وعندما خرج بعد أنتهاء المقابله قال لعل مفاجأه هناك فأجبته خير فقال خير إن شاء
الله
فى صباح اليوم التالى عرفت أن الذى دُعى إلى تشكيل الوزاره
الدكتور عاطف صدقى وعلمت أيضا ما تم بأنه حينما دخل الدكتور أسامه الباز ليوقع من
الرئيس خطاب تكليفى بالوزاره فوجئ أن الرئيس شطب أسم الدكتور كمال أحمد الجنزورى
وكتب بدلا منه وفوقه الدكتور عاطف نجيب صدقى وخرج الدكتور أسامه الباز ليسلم
الخطاب المعدل للدكتور مصطفى الفقى وقال له أنا لم أقل شيئاً ولم يكن لى أى دور فى
هذا التغيير هو الذى غيّر
أمام ذلك أعتبرت ما سبق من أمر كأن لم يحدث وسجدت لله شاكراً
وحامداً فيكفى أن أُخْترِت من قبل وهذه مره ثانيه هذا فضل من الله يؤتيه من يشاء
صدقى والمحجوب خططا لإقصائى والقصه رواها لى الأخير بعد خلاف وقع بينهما وقد علمت فيما
بعد على وجه التأكيد أنه عندما كان مقررا أن أذهب إلى الرئاسه طلب الدكتور أسامه
الباز الدكتور رفعت المحجوب والذى كان له علاقه وثيقه بالدكتور عاطف صدقى وكان له
أيضا مكانه عند الرئيس ويقدره وبأسلوبه الدبلوماسى سأل الرئيس عما سمعه من إجراءات
التغيير الوزارى فإن كان أنتهى وهو يعلم أنه كذلك فالأمر للرئيس ولكن إذا لم يكن
فهناك بعض الخيارات فقال له ماذا يقترح قال أنا أعلم أن كمال الجنزورى من بين
الخيارات وهو كُفء وشاب محترم ويمكن أن يتحمل مسئولية رئاسة الوزراء فيما بعد لكن
الدكتور عاطف صدقى رئيس جهاز المحاسبات يكاد يمسك بيده أمعاء الأقتصاد المصرى وعجب
الرئيس مصطلح أمعاء الأقتصاد المصرى
بناء على ذلك تم تكليف الدكتور عاطف صدقى لتولى الوزاره فى 14
نوفمبر 1986 وأستمر حتى يناير 1996 وبدأنا المرحله الطويله وكان الأمر بالنسبه لى
قبول الأمر الواقع بنفس راضيه وبكل السعاده ويكفى أن عُرض علىّ أكثر من مرة منصب
رئيس الوزراء ولكنى واجهت مشكلة التعامل مع رئيس وزراء يعلم تماماً أنه كان مقررا
أن أتولى ذلك المنصب وفى نفس الوقت كنت فى حرج أن أشكو حتى لا يُفهم إننى غير
مقتنع بما حدث
عاطف صدقى كان يعقد أجتماعاته دون إلتزام بالمواعيد وكان
يسألنا فى بداية كل أجتماع ماذا نأكل ؟؟؟
كنت رئيساً للمجموعه الأقتصاديه المكونه من خمسة وزراء وكانت تجتمع يوميا
أو كادت لأن مجلس الوزراء كان يلتقى كل شهر أو شهر ونصف الشهر لمناقشة موضوعات لا
تنتمى إلى القضايا الرئيسيه بإستثناء القوانين والتشريعات والموازنه العامه والخطه
التى كانت تعرض مره واحده فى السنه قبل تقديمها إلى مجلس الشعب وأقتصر الأمر على
إعفاءات لبعض الحفلات الخيريه أو تغيير أسماء بعض الشركات أو سفر وفود إلى الخارج
ومن ثم كان القدر الكبير من النقاش والجهد الذى يوجه للموضوعات المهمه يتم فى
اللجنه الأقتصاديه برئاسة رئيس الوزراء
المشكله التى واجهتها مع رئيس الوزراء وهو الرابع لى بعد الدكتور
فؤاد محيى الدين والفريق كمال حسن على والدكتور على لطفى أننى فوجئت بشخص هادئ
جداً لا يهتم كثيراً بالوقت فإذا تقرر أجتماع مثلاً للجنه الساعه الحادية عشره
فيبدأ الأجتماع الساعه الواحده ويستمر إلى الساعه الثالثه ثم يبدأ الدكتور عاطف
صدقى بالسؤال ماذا نأكل ويقدم الطعام مره بيتزا ومره ثانيه كباب ومره ثالثه فول
وطعميه ويستهلك الطعام ساعتين يحتاج بعدها البعض للراحه ثم تعود اللجنه إلى
الأنعقاد فى الساعه الخامسه أو السادسه المهم أن تستمر حتى المساء وقد يمتد
الأجتماع إلى منتصف الليل ليعلم الرئيس أن الدكتور عاطف صدقى ما زال فى مجلس
الوزراء طوال النهار وحتى منتصف الليل
لا يراد بهذا الوصف الإقلال من شأن الرجل ولكن هذا سلوكه
لطبيعته دون أن يؤثر على ما كنا نحرص عليه من الأنتهاء من مناقشة جدول الأعمال
كاملاً غير أنى كنت أكثر الناس ألماً لأننى كنت أكثرهم أختلافاً فى الطبع فى تناول
مثل هذه الأمور لقد كان من بين الوزراء أربعة عشر وزيراً أختارهم الدكتور عاطف
وكانوا يعتبرونه أباً أو أخاً لهم وأنطبعوا بطبعه وسلكوا مسلكه فى أغلب الأوقات
وكان عليّ بإعتبارى رئيساً للمجموعه الأقتصاديه أن أعجل بالوصول إلى قرار حتى
ينتهى الأجتماع وشعرت فى بعض الأحيان أنه كان يسعى إلى أن يدفعنى لإرتكاب خطأ ما
ليتخلص من الرجل الذى أعتقد أنه سيأتى بعده لأنه كان مقرراً أن يأتى قبله هذا
الإحساس صاحبه فبعد عام سعى إلى إقناع الدكتور عصمت عبد المجيد أنه من الصعب أن
يتولى الجنزورى التخطيط والتعاون الدولى وهو نائب رئيس الوزراء وآن الأوان ليكتفى
بوزارة التخطيط وأن ينضم التعاون الدولى لوزارة الخارجيه
فعلا بدأ الدكتور عصمت عبد المجيد إعطاء إنطباع للرئيس أن
السفراء يشكون منى عدم الدبلوماسيه فى التعامل معهم وهو كلام غير حقيقى إذ كانت
المعامله تتسم بالأحترام المتبادل والتفاهم ثم لجأ الدكتور عاطف صدقى إلى الدكتور
رفعت المحجوب فى هذا الأمر فوعده بإعداد مذكره للعرض على الرئيس يوضح فيها عدم
جدوى أو عدم قانونية وجود التعاون الدولى مع التخطيط وأشترط أن يكون الوزير الذى
يتولى وزارة التعاون الدولى الدكتور محمد عبد اللاه الذى جاء بعد ذلك رئيساً
لجامعة الإسكندريه وعضوا بمجلس الشعب
هذا الكلام قاله لى الدكتور رفعت المحجوب بعد أن أختلف مع
الدكتور عاطف صدقى لرفضه عودة أخيه السيد عبدالخالق محجوب إلى وظيفته السابقه
بوزارة الأقتصاد قبل محاكمته
المهم نجح الدكتور عاطف صدقى فى أن يفصل التعاون الدولى عن
التخطيط وبقيت نائباً لرئيس الوزراء ووزيراً للتخطيط فقط وأذكر قبل حدوث ذلك بأيام
أن علمت ما أتجهت إليه النيه فذهبت وأخبرت الدكتور عاطف صدقى أن التعاون الدولى
طبيعته فى الأساس عقد منح وقروض تسهم فى تمويل المشروعات التى تنشأ على أرض مصر
فلا يقبل أن يكون التخطيط مسئولاً عن الشق المحلى والجزء الآخر الذى مصدره المنح
والقروض الخارجيه مسئولاً عنه جهه أخرى
رغم أنه أكد لى أنه معى ومحامى فى ذلك الوقت إلا أنه بعد أسبوع
حينما تشكلت وزاره جديده كان من المفروض أن أقابله بعد مقابلته المشير أبوغزاله
والدكتور عصمت عبدالمجيد وفقا للبروتوكول إلا أنه تعمد ألا أقابله إلا بعد أن
ينتهى القدامى وكل الجدد
كان يريد أن أثور بأى صوره حتى يبلغ الرئيس بمسلكى العنيف ولقد
أعد لتولى التعاون الدولى الدكتور فؤاد إسكندر وكان وكيل أول وزارة التعاون كما أعد
لتولى التخطيط الدكتور موريس مكرم الله وكان يعمل أستاذا بمعهد التخطيط القومى
نكتفى بهذا القدر اليوم على وعد بلقاء متى شاء الله
جنرال بهاء الشامى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق