كان توقفنا فى حلقتنا السابقه عند طلب الجنزورى لأجتماع موسع
يحضره الرئيس مبارك واليوم نستكمل معكم السرد التاريخى على لسان صاحب السلسله نفسه
ومن مزكراته
فعلا عقد الرئيس أجتماعا بحضور الدكتور صدقى وجميع أعضاء
المجموعه الأقتصاديه وتكلم الكل فى صالح نقل هذ الدين إلى دين تجارى وأخيراً أوجزت
وجهة نظرى بما يؤكد أن الدين العسكرى دين له صفه سياسيه لأنه لم يُقترض لبناء سد
أو لإقامة مصنع ولكن لتوفير سلاح للدفاع عن الوطن وعلى أساسه جاءت هذه القروض فإذا
بقى الأمر على ما هو عليه كدين عسكرى فإن الشروط المقرره وفقا للقانون الأمريكى فى
هذا الشأن تحدد عندما تتوقف دوله ما عن سداد أقساط أو فوائد وتنظر الإداره
الأمريكيه فى كيفية التعامل فى هذا الأمر وقد يرى خصم قيمتها من المعونه المقرره
أو إيجاد آليه أخرى وبالتالى فإن الأمر يبدو أسهل أو أضمن من التعامل إن تغير لدين
تجارى إذ فى حالة عدم السداد خلال تسعين يوما يتم مصادرة أموال مصر الموجوده فى
الخارج لصالح البنوك التى حلت محل الحكومه الأمريكيه فى القرض إذاً المهم ليس أن
الفائده أقل فى حالة الدين التجارى ولكن فيما ستقوم به البنوك عند التوقف عن
السداد
أقتنع الرئيس وقرر ألا يتم نقل هذا الدين العسكرى إلى دين
تجارى هنا بدأ الزملاء الدفع بالسيد فرانك وازنر سفير أمريكا فى مصر حينذاك وجاء
عدة مرات لمحاولة إقناعى وأوضحت له موقفى بقولى لو أنى أمريكى مكانك لقبلت هذا
الأمر ولو أنك مصرى مكانى فلن تقبله وإن عاملت مصر مثل إسرائيل وأعطيت مصر منحتها
نقداً كما تُعطى لإسرائيل نقداً نحو ثلاثة مليارات سنويا سأوافق فورا على الأنتقال
من دين عسكرى إلى دين تجارى وبسبب الرفض
المتكرر لطلبه بدأ السيد وازنر الهجوم علىّ مستعينا ببعض رجال الأعمال فى ذلك ولكن
يشاء القدر بعد شهور قليله أن تحتل العراق الكويت التى كان لمصر دور مميز فى
تحريرها فقررت الولايات المتحده فى عهد الرئيس بوش الأب التنازل عن الدين العسكرى
وهو ما لم يكن ليحدث أبدا لو تحول الديْن إلى تجارى
قرر الرئيس فى بداية يناير سنة 1990 زيارة الأتحاد السوفيتى فى
أيامه الأخيره قبل أنهياره وتكون الوفد المرافق من الدكتور عصمت عبدالمجيد نائب
رئيس الوزراء ووزير الخارجيه ومنِّى والدكتور زكريا عزمى والدكتور أسامه الباز وتم
عقد أجتماع بين الوفدين الروسى والمصرى ومثل الجانب الروسى الرئيس ميخائيل
جورباتشوف ونائب رئيس الوزراء للشئون الأقتصاديه ورأس الجانب المصرى وأنضم إلى
الوفد المرافق السيد أحمد ماهر سفير مصر لدى الأتحاد السوفيتى وطلب الرئيس منِّى
قبل الأجتماع أن أعلق على بعض النقاط فى الشأن الأقتصادى عندما يشير لى
تحدث الرئيس جورباتشوف عن التوجه الجديد السياسى والأقتصادى للأتحاد
السوفيتى وعن العلاقه الوثيقه والقديمه مع مصر ثم تحدث الرئيس وأكد مثل هذه العلاقه
مشيرا إلى السد العالى والمساعده فى إقامة بعض المصانع وتوريد الأسلحه الروسيه
لدعم القدرات العسكريه للجيش المصرى ثم بدأ الحديث عن العلاقه الأقتصاديه وذكرت
بعض الأرقام بإيجاز عن الصادرات والواردات بين البلدين وكيف أصبحت فى صالح الأتحاد
السوفيتى عكس ما كان عليه فى العقود السابقه ولكن همس نائب رئيس الوزراء السوفيتى للرئيس
جورباتشوف والذى قال إن أرقام السيد الجنزورى ليست صحيحه صَمَّت ولم أجب بشىء رغم
تأكدى مائه فى المائه من صحة ما ذكرت إذ وهبنى الله مقدره عندما أرى الأرقام
أستوعبها كامله لتطبع فى الذاكره وبعد دقائق دخلت سيده ووضعت ورقه أمام نائب رئيس
الوزراء السوفيتى قرأها بسرعه ثم وضعها بدوره أمام الرئيس جورباتشوف وهنا ظهر الحق
بأمر الله وكان يمكن لهما أن يصمتا ولكن الله الحق المطلق أنطق الرئيس جورباتشوف
ليقول للرئيس آسف فأرقام السيد الجنزورى صحيحه
كان قد سبق إعداد مشروع أتفاق للتعاون المشترك بين البلدين
وبعد اللقاء مباشرةً سأل الرئيس السيد أحمد ماهر من سيوقع عن الجانب المصرى ؟؟؟
فقال الدكتور عصمت عبدالمجيد بصفته الأقدم ووزير الخارجيه فقال الرئيس لا تغير الصفحه
الأخيره ويوقع كمال إمتداداً لمسئوليته عن الشئون الأقتصاديه وهذا ما حدث
قرر الرئيس الأمريكى بوش الأب مكافأه ماليه لمصر لمشاركة
القوات المسلحه المصريه فى هذه الحرب وكان القرار إلغاء الدين العسكرى للولايات
المتحده على مصر والبالغ نحو سبعة مليارات دولار وتصادف أن هذ القدر يبلغ نحو 50٪
من إجمالى الدين الأمريكى على مصر حيث كان الدين المدنى للولايات المتحده الأمريكيه
على مصر يصل أيضا إلى نحو 7 مليارات دولار لإستيراد القمح وخلافه لذا ناشد الرئيس
بوش دول العالم كله بخفض ديونها على مصر بـ 50٪ ولقد
تم
هذا فعلا فيما يطلق عليه مؤتمر باريس
هنا يلزم الإشاره أنه عندما قرر الرئيس بوش عرض الأمر على
الكونجرس بإلغاء الدين العسكرى على مصر سافر المشير أبو غزاله إلى واشنطن وكانت له
علاقات ممتازه مع معظم الساسه فى أمريكا وأتصل بكل أعضاء مجلس الشيوخ فرداً فرداً
ليرجوهم بالموافقه على إسقاط هذا الدين على مصر وكنت شاهدا على هذا حيث كنت فى
واشنطن خلال هذه الفتره لحضور الأجتماع السنوى المشترك لصندوق النقد الدولى والبنك
الدولى وفعلا أجتمع مجلس الشيوخ ووافق على قرار الرئيس بوش بإلغاء الدين العسكرى
على مصر وللحق كان للمشير أبو غزاله دور كبير فى هذا الأمر
كان للولايات المتحده الأمريكيه كمكافأه لمصر على دورها فى حرب
الخليج دور فى تسهيل إتمام الأتفاق مع صندوق النقد الدولى لتنازل الدول الدائنه
نادى باريس عن نصف ديونها لمصر وخصوصا أن أتفاق مصر مع الصندوق ساعد على زيادة
الثقه ونُفذ فعلا إسقاط الشريحه الأولى البالغه نحو 3.4 مليار دولار من إجمالى
الخفض المقرر البالغ نحو 14.2 مليار دولار ولكن كان ضمن هذا الأتفاق أن تلتزم مصر
بتوحيد سعر الصرف وخفض الجنيه المصرى أمام العملات الأجنبيه وزيادة أسعار منتجات
البترول البنزين والسولار والكيروسين والمازوت والبوتاجاز وفرض بعض الضرائب الجديده
غير أنه عندما تمت المراجعه من جانب الصندوق بعد ستة أشهر تبين له عدم تنفيذ أغلب
بنود الأتفاق
بدأ الصدام مع الصندوق وتوقف الأتفاق الذى أبرم فى 30 يونيو
1991 وسعينا بجهدنا كدوله وحكومه أن نتفاوض مع الصندوق وعقد أتفاق آخر وتم ذلك فى
20 سبتمبر 1993 وتضمن هذا الأتفاق شروطاً أقل مما كان عليه الوضع فى أتفاق عام
1991 إلا أن تنفيذه أستمر لفتره قصيره تم خلالها إسقاط الشريحه الثانيه البالغه
4.4 مليار دولار وعند المراجعه بعد ستة أشهر وأخرى بعد ستة أشهر ثانيه تبين
للصندوق أن أمورا أتفق عليها تم تنفيذها وأخرى لم تنفذ مما ترتب عليه فى نهاية
1993 أن توقف البرنامج ثانيةً لعدم تنفيذ بعض النواحى التى صعُب تنفيذها خصوصا ما
تعلق بالزياده المطلوبه فى أسعار منتجات البترول وخفض الجمارك وبنود أخرى
مرت شهور عدة دون التحرك من جانبنا فبدأ الصندوق يهدد إن لم
تقم مصر بتنفيذ ما أتفق عليه فى برنامج 1993 سيتم إلغاء الشريحه الباقيه التى تقدر
بنحو 6.4 مليار دولار أى ما يعادل نحو 40٪ من إجمالى الخفض المقرر من الدين
الخارجى لهذا سافر وفد برئاستى إلى أمريكا فى منتصف إبريل 1994 كان أعضاؤه الدكتور
عاطف عبيد والدكتور يوسف بطرس غالى والدكتور محمد الرزاز وحاولنا أن نخرج بأتفاق حتى
لا نتعرض لإلغاء إسقاط الشريحه الباقيه وطلبت من إدارة الصندوق أن يكون مندوب
البنك الدولى معنا إذ يهتم البنك الدولى بالتنميه لأنه بنك التنميه بينما يهتم
الصندوق بإتخاذ إجراءات ماليه ونقديه ترتب أعباء على المواطنين
أقتربنا من إنجاز أتفاق مع صندوق النقد الدولى بإسقاط جزء من
ديوننا عام 1994 وفوجئت بيوسف بطرس غالى يقول لعاطف صدقى الجنزورى حايخلص وطلبت من
المجموعه المشتركه أن تقدم شيئاً وليكن الموافقه على خفض جمارك السيارات ذلك أن
جمارك السيارات كانت تصل إلى 160٪ فى أعلى شرائحها وتنخفض حتى 135٪ فى أقل تلك
الشرائح وأقترحت خفض الشريحه العليا من 160٪ إلى 130٪ والشريحه الدنيا من 135٪ إلى
100٪ وأكدت بوضوح أنه إذا تقرر خفض جمارك السيارات كما هو مقترح فسيتم فرض ضريبه
جديده يطلق عليها ضريبة الأستهلاك لتعوض الخفض فى إيرادات الجمارك المقدر بنحو 600
مليون جنيه وذلك تجنباً من أن يطلب الصندوق إجراءات أخرى تكون أكثر عبئاً على
المواطنين
المهم لاحظت ومعى أغلب أعضاء الوفد أنهم أوشكوا على الموافقه
ولكن فوجئت بأمر لا بد أن أسجله وهو أن الدكتور يوسف بطرس غالى أتصل بالدكتور عاطف
صدقى تلفونيًا فى منزله بالقاهره فى الساعه الرابعه بعد الظهر أى الساعه الحادية
عشرة مساء بتوقيت القاهره وسمعته مصادفه حيث كان صوته عاليا يقول إن الجنزورى
حايخلص فدخلت وأنتزعت منه السماعه وقلت للدكتور عاطف صدقى فيه إيه ؟؟؟ قال كيف توافق على خفض الجمارك ؟؟؟ قلت 1 + 1 =
2 فأنا أتنازل عن شىء باليمين وآخذه بالشمال قال أنا لا أستطيع إبلاغ ذلك للرئيس
قلت يا دكتور عاطف المشكله الأساسيه التى تواجهنا أننا إن لم نفعل أى شىء سنخسر خفض
الشريحه الباقيه ونجد أنفسنا ملتزمين بسداد أقساط وفوائد عنها ولكنه كرر وقال لا
أقدر أن أتحدث مع الرئيس فى هذا الأمر
كان لزاما علىّ أن أطلب الرئيس على الرغم من أن طلبى له وأنا
فى الخارج نادراً ما يحدث فطلبته الساعه الخامسه بعد الظهر أى العاشره صباحاً بتوقيت
القاهره وأخبرته بإيجاز شديد بتفاصيل الأمر قال موافق ما دام لا يضيف أى أعباء على
المواطنين والغريب أن كان بيننا من هو على صله أقوى بصندوق النقد الدولى ولعله
أشار بقصد أو دون قصد على الإدارات المعنيه
بالصندوق تأجيل الأتفاق مع مصر لما أعتقده من أن مصر لا تستجيب إلا تحت ضغط فكانت
النتيجه أن رفض الصندوق المقترح الذى أوشك أن يتم الأتفاق عليه صباحاً وجاء رجل
مصرى أصيل هو السيد عبدالمنعم عبدالرحمن من أهالى الصعيد الكرام الذى يعمل مستشارا
بالصندوق بعد بلوغه سنّ المعاش يصرخ ويقول حرام حرام وأنتقد من أشار على الصندوق
بذلك أنتهى الأمر وعدنا بدون أتفاق وبدأ العد التنازلى علينا وسددنا ما أستحق من
فوائد وأقساط عن الشريحه الباقيه من إبريل 1994 حتى أكتوبر 1996 تاريخ بداية الأتفاق
الأخير مع الصندوق الذى تم مع الحكومه عندما كنت رئيساً للوزراء كان ذلك الأتفاق
رقم 13 على مدى علاقتنا مع الصندوق التى بدأت من عام 1962 وللعلم فإن ما تم سداده
فى المده المشار إليها إبريل 1994 أكتوبر 1996 بلغ نحو 700 مليون دولار ولكن
والحمد لله وفقنا بالجهد والنقاش الجاد بعد أتفاقنا مع الصندوق على البرنامج رقم
13 للفتره 10 أكتوبر 1996 حتى 10 أكتوبر 1998 على إعادة هذه الأموال إلى مصر
بالتدريج على مدى ليس بالقصير
ذكرت بعض الأمور عن فترة الدكتور عاطف صدقى ولكونها أقتربت من
تسع سنوات فإنه يلزم إيضاح المزيد مما تم خلالها ويمكن تقسيم تلك الفتره إلى
مرحلتين الأولى من 1986 إلى نهاية 1990 والثانيه من بداية 1991 إلى نهاية 1995
فخلال المرحله الأولى كانت تنحسر اللقاءات فى أجتماعات المجموعه الأقتصاديه أما أجتماعات
مجلس الوزراء فكانت تعقد متباعده كل شهرين أو أكثر لمناقشة بعض الموضوعات الأقل
أهميه كما ذكرت وفيما يتعلق بالمرحله الثانيه التى بدأت بالأتفاق مع صندوق النقد
الدولى بعد توصيه من الجانب الأمريكى وإقرار خفض الدين الخارجى على مصر بنحو 50٪
سواء الدين للولايات المتحده الأمريكيه أو للدول الأخرى فيمكن أن يطلق عليها مرحلة
المفاوضات مع صندوق النقد الدولى فكان الحديث دائما فى الصحافه عما يصدر عن اللجان
الوزاريه أو مجلس الوزراء حول العلاقه مع الصندوق فكانت العناوين الرئيسيه فى
الصحف القوميه تدور حول لقاء مع بعثة الصندوق أو تأخر الأتفاق مع الصندوق أو الأتفاق
مع الصندوق وشيك أو هناك بعض المشكلات فى التنفيذ وهكذا أستمرت أجتماعات المجلس كل
شهرين أو أكثر بينما أستمرت أجتماعات المجموعه الأقتصاديه بحضور الدكتور عاطف صدقى
وزادت فبعد أن كانت ثلاث أو أربع مرات أسبوعيّا أصبحت كل يوم والموضوع الرئيسى أو
الوحيد كان مناقشة مطالب الصندوق لإعداد الأتفاق
نكتفى بهذا القدر اليوم على وعد بلقاء متى شاء الله
جنرال بهاء الشامى
افاكم الله
ردحذفايوه كده فعلا كنت محتاج او كلنا كنا محتاجين نعرف حاجه عن الفتره دى
صحيح مش كلها جديده
لكن مفيده
كيف تعمل ضد مصلحة بلدك
ردحذفاعتقد لو حق لي ان أختار عنوانا لهذا الباب ...وعجبي