الأربعاء، 6 نوفمبر 2019

مرتزقة الحروب بالوكاله رقم 3


أستسمحكم المصاحبه والرفقه فى رحله لأستكمال ماتوقفنا عنده وكنا قد توقفنا عند المحور الأول من حرب الوكاله وتفسيرتها وأيدلوجيتها فهيا بنا مع تعرف وتحليل باقى المحاور لكن قبل التحليل نود أن نخبركم أن التحليل نقيمه على المعطيات الحاليه التى نراها فى حقبه زمنيه محدده فمتى أختلفت المعطيات ستختلف التحليلات تباعاً



المحور الثانى يتناول ممارسة الرعاه للوكاله من منظور القوه فى العلاقات الدوليه عبر طرح محددات العلاقه بين الرعاه والوكلاء وأنماطها فضلا عن أشكاليتها بينما يطرح المحور الثالث نمط الوكلاء السيبرانيين (( اللجان الألكترونيه )) حيث يقف على طبيعة التغيرات التى طرأت على نظرية الوكاله بفعل التطورات التكنولوجيه وأنطباقها فى الفضاء السيبرانى على نحو يوضح تغير طبيعة الرعاه والوكلاء والعلاقه بينهما وأبرز الأشكاليات النظريه للوكاله فى الفضاء السيبرانى وأخيرا يتناول المحور الوكلاء الميليشياويين عبر تحديد ماهيتهم مع تحديد أنماط الوكلاء المختلفه وتأثير ذلك فى طبيعة العلاقه مع الرعاه وما قد تثيره من تداعيات فى مراحل إعادة بناء الدول بعد أنتهاء الصراعات بينما يناقش المحور الأخير محددات وأدوار الوكلاء فى عملية التغير الأجتماعى التى تبرز خاصة فى مراحل الأضطرابات السياسيه والأزمات الأقتصاديه والأجتماعيه



علاقات الرعاه والوكلاء من منظور ممارسه القوه :

تعد ظاهرة الوكاله أحدى الظواهر السياسيه قديمة الأزل التى أرتبطت إلى حد كبير بممارسة القوه فى العلاقات الدوليه وبلغت هذه الظاهره أوجها أبان الحرب البارده بين الأتحاد السوفيتى والولايات المتحده الأمريكيه إذ كانت حروب الوكاله أحدى سمات هذه الفتره التاريخيه فى حياة الدول ومع أنتهاء الحرب البارده بدأ المجتمع الدولى يشهد تطورا فى حروب الوكاله حيث باتت الصراعات الداخليه والحروب الأهليه سمه أساسيه تفتعلها أطراف دوليه وقد زاد الأهتمام بها بعد دعاوى الفوضى الخلاقه التى طرحتها إدارة الرئيس الأمريكى جورج دبليو بوش وأرتكزت على دعم قوى فاعله داخل الدول تحقق الأهداف الأمريكيه فى المنطقه لتتحول علاقات الوكاله إلى المشهد السياسى بصوره معلنه وأكثر وضوحا فى هذا الأطار تتناول هذه الورقه علاقة الرعاه بالوكلاء من منظور العلاقات الدوليه ويناقش الثانى أنماط العلاقه بين الرعاه والوكلاء ويستعرض الثالث أنماط الوكلاء بينما يتناول المحور الرابع والأخير عددا من أشكاليات علاقات الوكاله بالنسبه للرعاه


أولاً :  محددات العلاقه الرعاه والوكلاء


تتعدد أنماط الرعاه والوكلاء ومن ثم تختلف أبعاد العلاقات بينهما فى هذا السياق فأن المقصود بالراعى هو أنه فاعل دولى لديه أهداف يرغب فى تحقيقها بصوره غير مباشره ومن ثم يستعين بوكيل يعمل لمصلحته فى سبيل تحقيق هذه الأهداف ويكشف الواقع عن وجود فاعلين من غير الدول مارسوا دور الرعاه مثل تنظيم القاعده الذى مول حكومة طالبان فى أفغانستان فى تسعينيات القرن العشرين مقابل تقديم ملاذ آمن لأفراد التنظيم وكذلك تنظيم حزب الله فى لبنان الذى يعمل من جهه بوصفه وكيلا لإيران ومن جهه أخرى يقدم الدعم لنظام بشار الأسد فى سوريا لمواجهة القوى التى تعارضه أما الوكيل فيقصد به الفاعل سواء من الدول أو الفاعلين من غير الدول الذى يستعين به الرعاه ليقوم بأنشطه تحقق لهم هدفهم مقابل ما يحدده الوكيل بعباره أخرى فالوكيل هو دوله أو كيان سياسى يمارس أنشطه بالنيابه عن الرعاه وليس بالضروره أن يكون الوكيل فاعلاً دولياً فقد يكون أحد الفاعلين على الصعيد المحلى للدول ويقوم بالدفاع أو معارضة شأن داخلى له أبعاد خارجيه تشغل دائرة أهتمام الرعاه ومن هنا تنشأ علاقه بين الطرفين
 مثلما الحال مع منظمة حماس الفلسطينيه




الوكلاء يتشابهون مع المرتزقه فى أن تعاونهم يكون مقابل الحصول على نظير مادى أو أجراء مقايضه ما بشأن يشغل أهتمامهم فى حين يختلف الوكلاء عن المرتزقه فى أن الوكيل قد يخفى أسبابا أستراتيجيه أو أيديولوجيه خاصه به تدفعه للتعاون مع الرعاه فى تنفيذ العمل المطلوب منه من ناحيه أخرى فأن المرتزق على عكس الوكيل قد لايكون من رعايا أحد أطراف النزاع ولا من المقيمين فى أقليم خاضع لسيطرة طرف فى النزاع غير أن ذلك لايمنع الرعاه والوكلاء قد يستعينون بالمرتزقه فى تنفيذ الأنشطه التى لايرغبون أو يعجزون عن القيام بها  ويمكن تناول محددات العلاقه بين الرعاه والوكلاء من منظور العلاقات الدوليه فى ضوء نظريتى العقود غير التامه وذلك على النحو التالى :


1 _  نظرية العقود غير التامه :

تستند فى تفسير العلاقه بين الوكيل والموكل إلى طرح مفاده أن أطراف العقد عاجزون عن تحرير عقود كامله تغطى كل جوانب العلاقه التعاقديه بسبب وجود تباين فى المعلومات بينهم وصعوبه التحكم المطلق فى الوضعيه الفعليه للعلاقات الكائنه بين المتعاقدين بعد أبرام العقد بمعنى أنه لايمكن عند كتابة العقد التنبؤ بما يحب فعله أو عدم فعله فى كل الحالات ومن ثم فأن نمط تعاقد الراعى مع الوكيل غير تام لأن الأتفاقات غير واضحه بشأن جميع الأحتمالات الممكنه فى المستقبل وتخضع للمساومات اللانهائيه التى تتطور مقوماتها عبر الزمن أذ تعانى الدول الراعيه صعوبات فى جمع المعلومات عن وكلائها الذين تتعاقد معهم خاصة أن الجماعات التى يتم توكيلها غالبا ماتسكن أراضى دول أخرى فضلا عن أن الوكلاء قد تتغير رؤيتهم لمصالحهم مع تطور الأحداث وبالتالى يصعب التحقق من جميع جوانب الأتفاق بين الراعى والوكيل



يمكن القول أن هناك مايميز بوضوح بين هياكل التحالف الرسميه وترتيبات التعاقد مع أطراف توكل لها مهام محدده فعادة مايتم الأعتراف بالتحالفات الرسميه ويجرى تعزيزها من خلال المعاهدات التى تشمل ألتزامات محدده تتسم بطابع الأستمراريه بينما لايتم الأعتراف بعلاقات الوكاله حيث تتشكل عبر أتفاق رسمى أو مقايضه يقوم فيها الطرف الراعى بتقديم شكل من المعونات أو المساعدات مقابل تعاون سرى مع الطرف الوكيل لذا يفتقد هذا النمط من العلاقات السمه الأستراتيجيه للتحالفات الرسميه ويسهل التنصل منها أو فكها عندما لا تسمح الظروف بالحفاظ عليها 


2 _ نظرية الرئيس (( الوكيل ))  : التى تشير إلى علاقه بين فاعل ((الرئيس)) وفاعل آخر ((الوكيل)) يستعين بموجبها الرئيس بالوكيل لينفذ بأسمه وظيفه أو عملا ما وهو بمنزله تعاقد لايتم توثيقه وطرحه فى صورة أتفاق معلن فى معظم الحالات ويعد نموذج الرئيس  ((الوكيل ))  أحدى أستراتيجيات وفورات التكاليف فعادة مايرغب الرئيس فى الأستعانه بخدمات الوكيل من أجل تنفيذ مهام محدده لأن تنفيذ هذه المهام بنفسه تكون تكلفته أعلى من تكلفة تفويضها لوكيل يتبعه ليقوم بها ومن ثم يتعاقد الرئيس مع وكيل يؤدى هذه المهام مقابل منح الوكيل تعويضا متفق عليه كما يثق الرئيس فى أن الوكيل سيتخذ القرارات المناسبه لتنفيذ هذه المهام حيث لديه الخبره المطلوبه بالأضافه إلى أنه قد لايرغب فى أن يتحمل عبئ الأداره التفصيليه ونتيجه ذلك يمنح الرئيس الوكيل درجه من الأستقلاليه أى أنه يتنازل عن بعض من السيطره فى إدارة العمليه الأمر الذى يثير الكثير من الأشكاليات فى العلاقه بين الطرفين ولعل علماء الأقتصاد قد لعبوا دورا مهما فى تطوير كلتا النظريتين أذ تدور ديناميات العلاقه بين الرعاه والوكلاء بالأساس من منظور تعظيم حجم الفائده لأطراف العلاقه وتقليل حجم التكلفه والخسائر المحتمله بمعنى آخر تدور محددات العلاقه بين الطرفين حول إدراكهما لحجم المنفعه المتبادله بينهما

إلى هنا تنتهى حلقتنا اليوم بعد ان طاردتنى بشائر آلام أصابعى فإلى لقاء قادم متى شاء الله


جنرال بهاء الشامى


هناك تعليقان (2):