الخميس، 19 يوليو 2018

المشير الذهبى رقم 14




تفوح روائح التاريخ لتعطر الرياح فى عام 2018 لكى نعطى لكل ذى حقِِ حقه ولنغوص فى شخصية عنقودنا الذهبى الثانى المشير أحمد أسماعيل وكنا قد توقفنا فى حلقتنا السابقه عند إرسال المشير خطاب لجمال عبدالناصر مستفهما منه أسباب إقالته من منصبه وموقعه بالجيش المصرى وكنت قلتلك أن وصله أتصال تليفونى بعد 10 ساعات من أرساله رسالته لعبدالناصر

 يقول مشيرنا الذهبى وصلنى أتصال من الفريق أول محمد فوزى وطلب منى أن أزوره فى مكتبه فتوجهت إليه دون تردد بملابسى المدنيه فور دخولى عليه بادرنى بالقول إن الرئيس أمر بعودتك إلى الخدمه  وستتولى رئاسة هيئة التدريب  فقلت له إننى أشكر السيد الرئيس لكننى قبل عودتى أريد معرفة سبب القرار السابق بإحالتى إلى التقاعد  فكان رده هذا الموضوع أنتهى ويجب عدم الخوض فيه

ثم يستطرد فى حديثه فيقول عدت إلى الخدمه محملاً بآمال وطموحات كبيرة فى أن يكون لى شأن ودور فى المعركه المقبله إقتناعاً منى بأن القوات المسلحه فى حاجه إلى كل جهد وكل علم فى هذه المرحله الحاسمه من تاريخها وخلال الأيام العشره الأولى من رئاستى هيئة التدريب كان أهم ما ركزت عليه هو إنشاء ما يُسمى (( مدارس المعركه المتحركه ))  وعاوز أوضح الجزئيه دى للناس اللى مش متخصصه بالشأن العسكرى وأفقعك بالمره توضيح لمصطلح عسكرى  بإختصار ومش حرغى زى العاده حاكم أنا فى الرغى التاريخى مبعرفشى أمسك نفسى وياريت لما تلاقينى بخرج من الموضوع ترجعنى تانى ونبطل رغى ونقول مدارس المعركه المتحركه  تعتمد على إرسال ضباط وفنيين من إدارة التدريب المركزيه إلى الجبهه لتدريب الضباط وضباط الصف فى فرق تعليميه قصيره مركزه وكان لهذه المدارس المتحركه دور كبير فى ذلك الوقت لأن الظروف لم تكن تسمح بعودة الضباط وضباط الصف للتدريب فى القاهرة وتغيبهم عن مواقعهم


ونرجع لمشيرنا  فيقول أثناء رئاستى هيئة التدريب أتيحت لى فرصة أن أرافق كبير الخبراء العسكريين السوفيت جنرال لاشنكوف فى المرور على الجبهه ولا أنكر أن شخصية هذا الجنرال وعلمه ومعلوماته كان لها تأثير كبير فى نفسى وأقولها صراحه بأنه قائد بارع من جميع النواحى وأننى حصلت من خلال مصاحبتى له وأجتماعى به عدة مرات بعد ذلك على معلومات لها قيمتها  وفى يوم 25 يونيو 67 أستدعانى القائد العام وأبلغنى بقرار سيصدر بتعيينى قائداً للجبهه خلفاً للفريق صلاح الدين محسن إعتباراً من 1 يوليو 1967 وأمرنى بالأستعداد لذلك كما نبه علىّ بضرورة المرور عليه لمقابلته قبل أن أتسلم العمل وعدت إلى مكتبى وأنا أفكر فى هذا المهمه الصعبه فى ذلك الوقت فقد كنت عائداً من الجبهه قبل أيام قليله وكنت أشارك الفريق صلاح محسن أحلك الأوقات كما سبق لنا التعاون معاً فى إعادة تنظيم القوات وتسكينها غرب القناه  وحين صدرت لى الأوامر كان الموقف على الجبهه يتلخص فى الآتى:


القوات مهلهله وتفتقد القيادات والتنظيم وحالة المعدات سيئه للغايه ومعظمها تالف وبعض الأسلحه تنقصه الذخيره والدبابات معطله بما فى ذلك طرازات T34، T55، T54، GS  والروح المعنويه منخفضه للغايه وتنذر بخطوره  خاصةً أن كثيراً من هذه القوات عاد من سيناء سيراً على الأقدام دون طعام أو مياه وكان الأسوأ من ذلك أن الجنود فقدوا الثقه فى ضباط الصف وضباط الصف فقدوا الثقه فى الضباط  والضباط فقدوا الثقه فى قادتهم والقياده فقدت الثقه فى هذه القوات


 كانت هذه هى الصوره الواضحه بالنسبه لحال القوات أما الحاله الأستراتيجيه  فيمكن تلخيصها فى قطعه غاليه من أرض الوطن يحتلها العدو وجبهة قتال مكشوفه وسيطره جويه كامله للعدو على غرب القناه وقوات ضئيله جداً ومبعثره وأسلحه غير صالحه للعمل وروح معنويه منهاره نتيجة الصدمه العصبيه التى جعلت اليأس يسيطر على تفكير البعض


كان  المتأمل للجبهه  يرى جنوداً فى ملابس مهلهله  ولم يغتسلوا منذ أيام طويله حتى وصل الأمر إلى أن الضبط والربط الذى هو عقيده أساسيه للقوات المسلحه تحول إلى قرار إختيارى باختصار كان الموقف ميئوساً منه تماماً خاصة أن العدو كان أمامنا يتباهى بقوته وأنتصاره على مرأى من أعين جنودنا ووصل إلى درجة أن أفراد جيش الأحتلال كانوا يسبحون فى قناة السويس وإذا أطلق أحد جنودنا طلقه واحده  يردون علينا بالعشرات وكان مجموع القوات عند تسلم المشير الجبهه كالآتى :

 الفرقه السادسه بقيادة اللواء سعدى نجيب والفرقه الثانيه بقيادة اللواء عبدالسلام توفيق رئيس أركانه وتشمل الكتيبه 120 واللواء الرابع واللواء أول مدرع الذى كان مجموع دباباته يوازى كتيبه مدرعه أى أنها كانت بقايا الفرقه المدرعه.


يقول أحمد أسماعيل فى كلامه أصررت على إختيار اللواء محمد عبدالغنى الجمسى والعميد حسن الجريدلى لإنجاح المهمه التى كُلفت بها وليتحملا معى مسئولية إعادة تنظيم الجبهه


 وقتها رفض الفريق أول محمد فوزى طلبه هذا بحجة الأقدميه العسكريه   لكنه أصرر على موقفه حتى صدر قرار رئاسى بذلك


أنشغل أسماعيل  فى تلك الفتره بإجراء تقدير موقف سريع ووضع لنفسه أهدافاً محدده  أهمها:



إعادة تنظيم القوات وشئونها الإداريه وتدريبها وإعادة الضبط والربط إليها وإعادة الثقه فى نفوس الأفراد وبث الروح القتاليه  والمحافظه على أمن القوات ومنع العدو بجميع الوسائل والإمكانات المتيسره من عبور قناة السويس والرد بعنف على إشتباكات العدو المتغطرس الخاطفه وطوال الشهور الثلاثه التاليه  عمل على رفع الروح المعنويه للقوات من خلال بعض الإجراءات والعمليات كان أهمها معركة رأس العش وتدمير المدمرة إيلات وإغراقها وتسلم الأسلحه والذخائر والمعدات الجديده وتكثيف الفرق التعليميه وإعطاء الثقة للجنود والضباط فى أسلحتهم والمرور المستمر على الوحدات يومياً ثم فكر مشيرنا فى أستحداث فرع جديد بالجيش المصرى هو فرع الشئون المعنويه ويعود الفضل لأحمد أسماعيل فى أستحداث هذا القسم لكن لم يكون بهذا الشكل التنظيمى الذى نراه اليوم ولكن كان عباره عن أختيار ظابط من كل وحده من ذوى الثقافه العاليه لبحث المشاكل النفسيه والمعنويه للجنود


 كان رفع الروح المعنويه للجنود يتمثل فى خوض معركه قتاليه ناجحه ومنها معركة رأس العش  بعد أن أعتقد الشعب المصرى والعالم بأكمله أن القوات المسلحه المصريه أنتهت تماماً  بنكسة 5 يونيو ولكن يشاء الله أن يوفَِّق الجنود المصريين فى تحقيق نجاح منقطع النظير خلال معركة رأس العش بفضل التخطيط الدقيق  فعندما أنسحبت القوات المسلحه أصبحت كل مدن القناه خاليه من القوات عدا مدينه واحده هى بورفؤاد التى كان بها قوه عسكريه بسيطه  وكان هدفنا أن نمنع سقوط مدينة بورفؤاد فوضعنا فيها قوه بسيطه جداً تؤمّن الدخول إليها من جنوب شرق القناه على الجانب الآخر كانت القوات الإسرائيليه تجهز للوصول إلى بورفؤاد هى الأخرى عبر هذا الجزء الضيق للغايه الذى يشبه الرأس وكان يطلق عليها أسم طريق البركه  وقامت معركة رأس العش وأنتصرت قوة الجيش البسيطه الصغيره وبقيت بورفؤاد سالمه  وأرتفعت الروح المعنويه للجنود

عاوز أدردش معاك فى تفاصيل معركة العش لكن آلام أصابعى اللعينه بدأت تهاجمنى فأستسمحكم أنهاء الحلقه  على وعد بلقاء متى شاء الله

جنرال بهاء الشامى

هناك تعليقان (2):

  1. تسلم ايدك يا جنرال 💐 💐 💐 💐شفاك الله و عافاك

    ردحذف
  2. شفاك الله الشافى المعافى

    ردحذف