" مع المصطفى فى دار هجرته " - 3 -
" هجرة ... وتاريخ " " ج "
احتشدت يثرب في انتظار المهاجر العظيم الذى لم يكن هناك أدنى
شك في وجهته ، برغم ما ذاع من توغل المطاردين في طريق مكة إلي يثرب ، دون أن
يظفروا بأثر منه:
يهود قد أرسلوا راصدهم يرقب مقدم النبي المهاجر فأخذ مكانه على مشارف يثرب ...
وغير بعيد منه كان المهاجرون والأنصار من أوس وخزرج ، يخرجون كل صباح بعد الصلاة إلى ظاهر المدينة ، فما يزالون ينتظرون حتى تغلبهم الشمس علي الظلال فيعودوا إلى دورهم.
واليهودى قائم هناك في مرصده لا يريم.
وإذ هم يدخلون بيوتهم ذات يوم بعد أن لم يبق ظل ، سمعوا اليهودى يصرخ بأعلى صوته:
" يا بنى قيلة ، هذا جدكم قد جاء".
وسرت البشرى في أنحاء دار الهجرة ، فتعالى الهتاف من الأحياء العربية يشق أجواز الفضاء ترحيباً بالمهاجر العظيم.
ومن عجب أن أذن التاريخ لم تفلت في ذلك الموج الهادر ، هذه الصرخة اليهودية بأعلى الصوت:
" يا بنى قيلة، هذا جدكم قد جاء".
وقيلة هى أم الأوس والخزرج. والجد بلغتهم هو الشيخ والزعيم ...
يهود قد أرسلوا راصدهم يرقب مقدم النبي المهاجر فأخذ مكانه على مشارف يثرب ...
وغير بعيد منه كان المهاجرون والأنصار من أوس وخزرج ، يخرجون كل صباح بعد الصلاة إلى ظاهر المدينة ، فما يزالون ينتظرون حتى تغلبهم الشمس علي الظلال فيعودوا إلى دورهم.
واليهودى قائم هناك في مرصده لا يريم.
وإذ هم يدخلون بيوتهم ذات يوم بعد أن لم يبق ظل ، سمعوا اليهودى يصرخ بأعلى صوته:
" يا بنى قيلة ، هذا جدكم قد جاء".
وسرت البشرى في أنحاء دار الهجرة ، فتعالى الهتاف من الأحياء العربية يشق أجواز الفضاء ترحيباً بالمهاجر العظيم.
ومن عجب أن أذن التاريخ لم تفلت في ذلك الموج الهادر ، هذه الصرخة اليهودية بأعلى الصوت:
" يا بنى قيلة، هذا جدكم قد جاء".
وقيلة هى أم الأوس والخزرج. والجد بلغتهم هو الشيخ والزعيم ...
صرخة اليهودى المعلنة عن قدوم المصطفي إلى دار هجرته ، زلزلت
الأرض تحت يهود في مستعمراتهم الناشبة في شمال الحجاز ، من حى قينقاع فى قلب يثرب
، إلى قريظة وخيبر وفدك وتماء ووادى القرى ...
ورجّ صداها حصون الأبلق ، والوطيح ، والسلالم ، وناعم ، والقموص ... وعشرات غيرها من الحصون المنيعة والآطام العازلة. التى أقاموها على رءوس الجبال والقلاع ليتحصنوا بها وقت الحرب".
وبدأ من اليوم الأول للهجرة ، تأهبهم لدورهم الخبيث في مقاومة الإسلام ...
ورجّ صداها حصون الأبلق ، والوطيح ، والسلالم ، وناعم ، والقموص ... وعشرات غيرها من الحصون المنيعة والآطام العازلة. التى أقاموها على رءوس الجبال والقلاع ليتحصنوا بها وقت الحرب".
وبدأ من اليوم الأول للهجرة ، تأهبهم لدورهم الخبيث في مقاومة الإسلام ...
وقبل أن نمضي مع المصطفى عليه الصلاة والسلام في دار هجرته ،
نقف عند نقطة التحول لنتدبر منطقه ونلمح أبعاده دون إيغال فيها ...
لم تكن الهجرة الأولى إلي الحبشة ، ضنّاً بحياة ذلك الرهط من المسلمين الأولين ؛ وإنما كانت هجرة في سبيل العقيدة بذلاً واحتمالاً ، وسلاحاً شهروه في وجه الوثنية الغاشمة ، لتدرك مدى ما يطيق المؤمنون احتماله من التضحية والبذل في سبيل ما آمنوا به.
أما الهجرة التاريخية إلى يثرب ، فلم تكن بذلاً واحتمالاً فحسب ، ولكنها كانت كذلك ، تحركاً إلى موقع خطير على حافة الحرب ، فقد أذن الله في القتال للمسلمين الذين أوذوا وظلموا وأخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا: ربنا الله.
وكان الإذن بالقتال من حيث لم تكن قريش تحتسب أو تتوقع. وقد مضي على المبعث أكثر من عشر سنين ، والمصطفى يدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة ، ويواجه جبروت الوثنية بكلمات من وحى ربه ، كانت على المدى الطويل سلاحه الذى يشهره في وجه الوثنية.
لم تكن الهجرة الأولى إلي الحبشة ، ضنّاً بحياة ذلك الرهط من المسلمين الأولين ؛ وإنما كانت هجرة في سبيل العقيدة بذلاً واحتمالاً ، وسلاحاً شهروه في وجه الوثنية الغاشمة ، لتدرك مدى ما يطيق المؤمنون احتماله من التضحية والبذل في سبيل ما آمنوا به.
أما الهجرة التاريخية إلى يثرب ، فلم تكن بذلاً واحتمالاً فحسب ، ولكنها كانت كذلك ، تحركاً إلى موقع خطير على حافة الحرب ، فقد أذن الله في القتال للمسلمين الذين أوذوا وظلموا وأخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا: ربنا الله.
وكان الإذن بالقتال من حيث لم تكن قريش تحتسب أو تتوقع. وقد مضي على المبعث أكثر من عشر سنين ، والمصطفى يدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة ، ويواجه جبروت الوثنية بكلمات من وحى ربه ، كانت على المدى الطويل سلاحه الذى يشهره في وجه الوثنية.
وقد أمنت قريش جانب المسلمين فيما تحرص عليه من تجنب الحرب في
البلد الحرام. فلم يخطر على بالها أن نبي الإسلام يمكن أن يخاطر فيخوض بالقلة
العزلاء من صحابته ، معركة حربية مع الوثنية المعتزة بما لها من سلطان ، ودونها
قوة باطشة من العدد والسلاح.
**********
عزيزى القارئ:
_________
يريم: يفارقه - يبتعد عنه - يبرح - يطول
**********
عزيزى القارئ:
_________
يريم: يفارقه - يبتعد عنه - يبرح - يطول
أجواز: جمع جوز - سار فيه وسلكه - قطعه - أنفذوهم - مثل: جزت
الموضع وسرت فيه - خلوا الطريق
أبلق: في لونه بياض وسواد - فتحه - جرفه - قطعه - تحير ودهش
وطيح: حصن بخيبر - من وطح=ما تعلق بالأظلاف والمخالب من طين
وغيره
آطام: جمع أُطْم - حصن أو بيت مرتفع _ حصن بالحجر - بيت مربع
مسطح - الجمع الخفيف أو القليل العدد
إيغال: مصدر أوغل - أسرع وتعمق - ذهب وبالغ وأبعد ما يمكن
ضنّاً: بخلاً بالمال أو العلم أو الوقت - تمسكاً - حرصاً عليه
- لم يدخر شيئاً ولا وسعه
عزيزى القارئ:
_________
من أجمل ما صورت كاتبنا د. "بنت الشاطئ" فيما قرأناه أعلاه صرخة اليهودى المعلنة عن قدوم المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى دار هجرته .. وكذلك إقامتهم مستعمراتهم الحصينة لكى يتحصنوا بها وقت الحرب
عزيزى القارئ:
_________
من أجمل ما صورت كاتبنا د. "بنت الشاطئ" فيما قرأناه أعلاه صرخة اليهودى المعلنة عن قدوم المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى دار هجرته .. وكذلك إقامتهم مستعمراتهم الحصينة لكى يتحصنوا بها وقت الحرب
وإليكم رابط فيديو مبسط عن الهجرة النبوية مدته 11:05 دقيقة
وإليكم رابط فيديو آخر عن هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من
ليلة خروجه من مسكنه وما صاحبها من معجزات لا تأتى إلا أنبياء الله .. وهو عمل من
أعمال التلفزيون المصرى الرائعة .. مدته 19:14 دقيقة
https://www.youtube.com/watch?v=5LRxDgRf1jQ
عزيزى القارئ:
_________
ونعود لتفاصيل أخرى مما حدث لكى تأخذ السيدة "حليمة السعدية" الوليد اليتيم "صلوات ربي وسلامه عليه"
أقبل "عبد المطلب" بحفيده ليعرضه على المرضعات فكل واحدة انصرفت عنه عندما يعلمن أنه يتيم - إلا حليمة السعدية - خصها الله من كرامة لم تستطع أن تظفر بوليد غيره ترضعه فالتفتت إلى زوجها "الحارث بن عبد العزى السعدى" وقالت له "والله إنى لأكره أن أرجع من بين صواحبي ولم آخذ رضيعاً والله لأذهبن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه" فرد عليها زوجها: "افعلي .. عسي الله أن يجعل لنا بركة فيه"
فأعطاه عمه للمرضعة "حليمة السعدية" لترضعه وتعتنى به
وقد حلت البركة في بيت مرضعته ولم يكن من حوله يعلم رعاية الله له ومتابعته
عزيزى القارئ:
_________
ونعود لتفاصيل أخرى مما حدث لكى تأخذ السيدة "حليمة السعدية" الوليد اليتيم "صلوات ربي وسلامه عليه"
أقبل "عبد المطلب" بحفيده ليعرضه على المرضعات فكل واحدة انصرفت عنه عندما يعلمن أنه يتيم - إلا حليمة السعدية - خصها الله من كرامة لم تستطع أن تظفر بوليد غيره ترضعه فالتفتت إلى زوجها "الحارث بن عبد العزى السعدى" وقالت له "والله إنى لأكره أن أرجع من بين صواحبي ولم آخذ رضيعاً والله لأذهبن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه" فرد عليها زوجها: "افعلي .. عسي الله أن يجعل لنا بركة فيه"
فأعطاه عمه للمرضعة "حليمة السعدية" لترضعه وتعتنى به
وقد حلت البركة في بيت مرضعته ولم يكن من حوله يعلم رعاية الله له ومتابعته
حليمة كانت ذات شرف وخلق قويم وقلب رقيق .. هى "حليمة بنت
أبي ذؤيب بن عبد الله بن الحارث" من أمهات النبي صلى الله عليه وسلم من
الرضاع .. وهى امرأة من قبيلة هوازن .. وكانت تعيش مع زوجها في بادية الحديبية ..
ولها عدة أبناء وهم "عبد الله بن الحارث وأنيسة بنت الحارث والشيماء".
ولم تكن "حليمة السعدية" أول مرضعة للرسول عليه أفضل
الصلاة والسلام .. بل إن أول من أرضعته من المراضع بعد أمه بأسبوع صلوات ربي
وسلامه عليه .. "ثُوَيْبَة مولاة أبي لهب" .. التى أعتقها أبي لهب عندما
بشرته بمولد ابن أخيه صلى الله عليه وسلم .. #سبحان_الله ..
ثم
التمس "عبد المطلب" المراضع واسترضع له "حليمه السعدية" كما
أوضحت أعلاه
من آيات البركة والخير التى عمت "بنى سعد" عندما كان
وحَلَّ عليهم النبي "اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه" عندهم كثيرة .. حيث
رأت "حليمة" من البركة التى حلت عليها بوجوده حيث إمتلأ صدرها بالحليب
بعد جفافه .. وكان ابنها الذى كان في سن الرضاع يظل يصرخ من الجوع من قلة حليب
صدرها .. وتبدل الحال بعد مجئ الوليد المبارك فكانت ترضعه وترضع ابنها حتى هدأ
صغيرها وكف عن البكاء جوعاً .. وكذلك صغارها ببركة ما أصبح لديهم .. وكانت ماشيتها
في السابق لاتكاد تجد ما يكفيها من الطعام وضامرة .. فإذا بالحال ينقلب عند مجئ
الوليد المبارك صلى الله عليه وسلم حتى زاد وزنها وامتلأت ضروعها باللبن .. وكان
جيرانها يُوصون رعاة ماشيتهم أن يرعوا بها مكان ما يرعى ماشية "أبناء الحارث"
فلنكتفي اليوم بهذا القدر ولنكمل متى شاء رب العالمين.
فلنكتفي اليوم بهذا القدر ولنكمل متى شاء رب العالمين.
اللهم صلِّ على سيدنا "محمد" عبدك ونبيك ورسولك
النبي الأمى بقدر عظمة ذاتك في كل وقت وحين وعلى آله وصحبه وسلم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق