وزير الغلابه رقم 21

نعود والحزن يملئ القلوب بعد فاجعة اليوم حيث مررت على الوول العام للفيسبوك ووجدت الفيسبوكيين لايهمهم شئ سوى صفحاتهم الشخصيه ولايعنيهم أن كان ماينشروه صدقاً أم أفتراء وكذب ولقد فكرت ملياً أن أترك هذا العالم فكيف أكتب وأبذل كل هذا المجهود ويضيع هباءاً منثوراً والمدهش أن حالة حب الحكام تسيطر على الجميع ولايعلمون أن الحاكم سيزول وتبقى بقاء الدهر أم الكون فأى هراء هذا التمسك بحاكم قد يكون المولى عز وجل قرر ألا يعود ثم أسأل نفسى أن كان هذا الحاكم محبوباً لهذه الدرجه فلماذا كانت الثوره عليه ويؤسفنى أننى ألأغيت صداقة ثمانيه منهم بعدما وصلت معهم فى النقاش لقفله وديمنو وكيف لكم كعقلاء بلغتم سن الرشد تحملون رجل أخطاء سابقيه بل أكاد أجزم أنه أستلم الوطن كالبيت المهجور ولم يقدم على مدار سنوات حكمه غير المسكنات والمرطبات لكنكم معشر المصريين لاتقرأون لأنكم لو قرأتم لعلمتم فساد هذا الرجل ونشرنا لهذه السلسله من المقالات هو جزء أصيل من كشف حقيقة عصره فهيا بنا لنغوص فى بحور التاريخ لنعرف كيف كانت تدار هذه البلد المكلوم بشعبها

يقول الجنزورى فى مزكراتى كتابى  لقد تقرر سفرى إلى كل من الصين وماليزيا وسنغافوره وقد قرر الرئيس أن أستخدم طائرة رئاسة الجمهوريه وهو أمر لم يحدث من قبل أو من بعد وبدأنا الزياره بماليزيا وألتقينا بالمسئولين وعلى رأسهم رئيس وزراء ماليزيا الدكتور مهاتير محمد الرجل العظيم الذى نقل ماليزيا نقله نوعيه هائله بين دول العالم النامى وأستمرت الزياره ثلاثة أيام وتم الأتفاق على بعض المشروعات للتعاون فى مجالات الأستثمار والتكنولوجيا

سافرنا بعدها إلى سنغافوره لمدة يومين وتمت لقاءات مع رئيس الوزراء والوزراء ورجال الأعمال وأبرمت بعض الأتفاقات المهمه كما ألتقيت بصاحب الطفره الكبرى لسنغافوره السيد لى كوان يو وأخيراً أنتهت الرحله بزيارة الصين وهنا لابد أن أذكر أننى عوملت كرئيس دوله تقديرًا لمصر وعلاقاتها التاريخيه بالصين فعادة هناك طقوس تبين فيما بعد من سفيرنا فى الصين السفير حلمى بدر أن هذه المعامله تتم مع رؤساء الدول فمثلا فى الإقامه خصصت الفيلا رقم 8 وهى تخصص فقط لرؤساء الدول فى حين كان السيد آل جور نائب رئيس الولايات المتحده الأمريكيه يقوم بزيارة للصين فى نفس الوقت خصص له الفيلا رقم 18 وهى تخصص فى العادة لنواب الرؤساء ورؤساء وزراء الدول وكانت هذه المعامله الخاصة لمصر وليس لشخصى لأنها الدوله الأولى بين الدول العربيه والإسلاميه والأفريقيه التى أقامت علاقات دبلوماسيه مع جمهوريه الصين الشعبيه فى عام 1954

 رجعت من الرحله وهنا زادت جوانب الإثاره من بعض الزملاء ففى اللقاء الأول لمجلس الوزراء بعد العوده من الرحله شرحت للإخوه ما تم بالرحله وماذا حققنا فى ماليزيا ثم فى سنغافوره وأخيرًا فى الصين وبدعابه فى النهايه نوهت مازحًا بأننى لم أجد أحدًا من الزملاء فى المطار أو حتى طلبنى أحدهم بالتليفون يقول «حمد الله على السلامه» ويسأل عما تم فخرج أحد الوزراء وهى فى الحقيقه وزيره،

 ونحن مجتمعون وطلبت الدكتور زكريا عزمى وسألته هل البروتوكول تغير إذ إن رئيس الوزراء يحاول أن يؤنبنا لأننا لم نقابله فى المطار فهل أصبح من المفروض أن نستقبل رئيس الوزاره كما نفعل مع الرئيس ؟؟؟ والحقيقه كانت العكس كما أؤكدها من جديد والدليل على ذلك أن عددًا لا يقل عن مائتين من المسئولين والعاملين بوزارة التخطيط حضروا إلى المطار وحينما خرجت من الطائره طلبت أن تتوقف الكاميرات وتوقفت ولم يتم التصوير

زارنى فجأه فى اليوم التالى الدكتور أسامه الباز فى المنزل رغم أننى أعرفه منذ عام 1962 وهو صديق وزميل دراسه فى الولايات المتحده الأمريكيه إلا أنه لم يحاول ذلك من قبل المهم سألنى ماذا حدث فى المطار وما هى حكاية الوزراء الذين لم يذهبوا إلى المطار ؟؟؟

 قلت هل تتصور أن هذا سلوكى ؟؟؟ لقد كنت أستنكر ما سمعته من البعض فى شكل دعابه هل وصل الأمر إلى هذا الحد ؟؟؟ هل هذا معقول ؟؟؟ ألم تحاول أن تقول للرئيس دون أن تأتى لزيارتى أنه لا يمكن لى أن أفعل ذلك ؟؟؟ قال  قلت ذلك ولكن أتيت حتى أطلب منك الحرص لأن البعض يحاول أن يلقى عليك الغبار ويشوه مكانتك لدى الرئيس

المهم فى اليوم التالى جرى لقاء مع الرئيس فإنفردت به وأوضحت له الأمر فرد  «خلاص .. خلاص»

فى يوليو من عام 1997 طلب الرئيس إجراء تعديل وزارى فقلت البعض تعاونه محدود رغم المحاولات المتكرره خلال السنه ونصف السنه أن أكون معهم وأساندهم فى عملهم لأن نجاحهم هو نجاح لى ومع هذا يمكن الأستمرار معهم حتى يريد الله أمرا آخر فقال من الأفضل تغيير بعض الوزراء فقلت يعلم شعب مصر تماما قدر كل فرد فى الوزاره  فهو شعب صبور يتحمل ولكن يعلم تماما مواقف السابقين والحاليين ويمكن أن يستقبل التغيير الوزارى بالإرتياح إذا تغير بعض الوزراء خاصة من ليسوا فوق الشبهات فقال من ؟ قلت مثل فلان وفلان فقال على الفور لم أسمع أى شىء عنهما من قبل يمس سمعتهما قلت وأنا لم أقل شيئاً

لكن رده زاد الحسره فى داخلى لأنه يعلم بكل تأكيد ورجل الشارع يعلم ما يفعلون ولكن الرئيس لم يكن يرغب فى تغييرهم لسبب لديه

كان الحل إما الإستقالة أو الهروب فيزداد الوضع فساداً أو الأستمرار لبذل كل جهدى لمحاصرة الفساد على قدر الإمكان رغم تمتعهما وغيرهما بحماية الرئيس ومن المؤسف أنه بعد خروجى من الوزاره مباشرةً قام صاحب الأمر بإخبارهما أننى قلت عليهما أنهما لصوص وكان التصرف الطبيعى منهما السب والهجوم علىّ فى كل لقاء يكون أحدهما أو كلاهما فيه المهم لم أنجح فى تغيير أى منهم ولكن أسفر الأمر عن خروج الدكتوره آمال عثمان وطلبت أن تحل محلها السفيره ميرفت التلاوى أما فيما يتعلق بالدكتور محمود شريف وزير الإداره المحليه فكان يتصور أن هناك تصرفات ضده وكان يتصور خطأ أننى وراءها والحقيقه غير ذلك فلتقديرى وإحترامى لشخصه الكريم أقترحت أن يتولى وزاره جديده تسمى وزارة التنميه المحليه رغم رفض الرئيس فى البدايه إلا أن الخطأ الكبير كان فى إستمرار الدكتور يوسف بطرس لأننى أعرفه تماما ولكن أصر الرئيس على أن يستمر وطلب أن يتولى منصب وزير الأقتصاد وقبلت على مضض لأننى كنت أجد فى إستمرارى إمكان إتمام الأمور التى بدأتها وتحقيق ما أرجوه من نجاح

نعم كنت أعلم أنه عند تركى الوزاره سيلقى الدكتور يوسف بطرس التراب على كل ما بدأت رغم أنه كان معى قبلت أن يبقى الدكتور يوسف بطرس كما جاء الدكتور مفيد شهاب وزيرا للتعليم العالى لتصورى أن تولى وزير واحد لمنصب التعليم فى مراحله جميعا يمثل عبئا كبيرا غير أن الأمر قوبل بغضب شديد من الدكتور حسين بهاء الدين بعد أن أستمر وزيراً للتربيه والتعليم وترك التعليم العالى وتقرر أيضا فى التعديل الوزارى أن تُضم وزارة التعاون الدولى مره أخرى للتخطيط كما كانت خلال الفترة من 1985-1987 بعد أن نجح الدكتور عاطف صدقى فى 1987 أن ينتزع التعاون الدولى من التخطيط المهم أضيفت وزارة الدوله للتعاون الدولى للسيد ظافر البشرى وأصبح وزيراً للدوله للتخطيط والتعاون الدولى وجدير بالذكر أن الرئيس طلب أن يترك الدكتور عاطف عبيد وزارتى التنميه الإداريه والبيئه وقال «كفايه على عاطف عبيد قطاع الأعمال»

قلت إذا كانت هناك رغبه فى بقاء الدكتور عاطف عبيد مع تحجيم إختصاصاته فأرجو من سيادتك أن تخبره حتى لا يتصور أننى طلبت هذا التعديل وفعلا طلبه الرئيس فى حضورى وقال له عاطف أنا قررت كذا وكذا علشان صحتك ولهذا خلا أختصاص التنميه الإداريه والبيئه فطلبت أن يصبح الدكتور محمد زكى أبوعامر وزيرا للدوله للتنميه الإداريه والسيده ناديه مكرم عبيد وزيره للبيئه بهذا تم التشكيل الجديد للوزاره

كان عليّ أن أتعامل مع سته وعشرين محافظا ولهذا وفى أول مجلس للمحافظين طلبت من الساده المحافظين أن يتم الأتصال بى مباشرة فى أى وقت كان هذا من شأنه سرعة الإنجاز فالكل يعمل فى إطار القانون بعد هذا التعديل الوزارى كان يلزم تغيير بعض المحافظين أى ما يسمى بحركه جديده للمحافظين وتقرر خروج عشره منهم السيد عمر عبد الآخر محافظ القاهره والمستشار السيد الجوسقى محافظ الإسكندريه بالإضافه إلى ثمانية محافظين

 هنا تذكرت واقعه قديمه فى منتصف السبعينيات تتعلق بخروج محافظ الإسماعيليه السيد مبارك رفاعى ففى الصباح كان فى الإستراحه الخاصه بالمحافظه وجاء المساعد إلى المكان الذى يقف فيه وتردد فى الكلام وسأله ماذا حدث ؟؟؟ فقال قد سمعت المذياع الآن يعلن أن سيادتك خرجت كمحافظ الإسماعيليه فأخذ السياره وجاء إلى القاهره وكان أمرا محزنا له ولمن يعرفه فلم أنس ذلك أبدا وأعتبرت مثل هذه التصرفات أستهانه بقدر الناس رغم مكانتهم لهذا بعد أن أصبحت وزيراً فى 4 يناير 1982 وبدأت علاقتى مع الدكتور فؤاد محيى الدين تزداد قرباً طلبت منه حينما يتقرر فى يوم من الأيام خروج أى من الوزراء أنه لا بد من إبلاغه أولا إنسانيا وأخلاقياً وبما يطيب خواطرهم لهذا حينما تقرر فى أواخر يوليو 1997أن يتغير بعض المحافظين أتفقت مع الرئيس على من يأتى ومن يخرج وأعطيت ثمانية أسماء لوزير شئون مجلس الوزراء ولم يكن بينهم السيد عمر عبدالآخر والمستشار السيد الجوسقى وطلبت أن يتصل بنفسه بكل منهما ويبلغهما أن هناك تغييرا قد يشملهما دون أن أخبره من سيأتى ودون أن يعلم السيدان الجوسقى وعمر عبدالآخر

بقى مشروع القرار الجمهورى الذى أعددته فى مكتبى حتى أخبرنى فى الخامسه أنه تحدث فعلا مع سبعه منهم ويبقى واحد وأنتظرت حتى أخبرنى فى السابعه أنه تحدث مع المحافظ الثامن وكان اللواء عبدالمنعم سعيد محافظ مطروح ومن ثم تأكدت من علم الثمانيه بالتغيير أما فيما يتعلق بالسيد عمر عبدالآخر والمستشار السيد الجوسقى فتكلمت مع كل منهما وحاولت أن أجد مبررا لا يغضبهما فقلت إن الرئيس رأى أنه من الأفضل ألا يبقى أى محافظ أكثر من عشر سنوات بعد أن أعطى الكثير من الجهد والعمل وربما يستعين بكما فيما بعد كأعضاء بمجلس الشورى وفعلا قال الرئيس أنه ممكن الأستعانه بهما كأعضاء مجلس شورى وهنا تقرر إذاعة القرار حيث وصل القرار الساعه الثامنه والنصف إلى مقر مجلس الوزراء

معذره سرقتنا السطور فى رحاب التاريخ فننهى هذه الحلقه على وعد بلقاء متى شاء الله رغم ضعف لمتابعه الهزيل

جنرال بهاء الشامى