اللامعقول فى عالم العقول رقم 39

عوده بشوق ولهفه وعلى حب الوطن نتجمع ونلتف على مصلحة الوطن العزيز على قلوبنا جميعاً لنحارب هذا الوباء الدخيل على مجتمعنا وهو شائعات منشورات وصفحات مواقع التواصل الأجتماعى اللعينه

قبل الدخول فى سطور السرد نود أن ننوه أننا لانقصد صفحات أو حسابات معينه على مواقع التواصل الأجتماعى لكننا بصدد ألقاء الضوء من خلال ماتم تجميعه من كتب بحثيه ومخابراتيه تهتم بتشريح هذه الظاهره الخطيره فى محاوله مننا لعلاج هذه الظاهره المميته فنرجوا من صفحات الفيسبوك وتويتر الكبيره عدم الأندفاع فى الهجوم علينا ولكن القراءه بتأنى لعلهم وقعوا فى براثن الخطأ بعفويه أو دون قصد فهذه الحلقات مصباح لهم وتشخيص بحثى معملى لو كانوا على مصلحة وطن يأويهم يحافظون أما وأن كانوا غير ذلك فليعتبروا أن حلقاتنا موجهه لهم بشكل مباشر وفى سويداء قلوبهم وأنهم عفواً على أحذيتنا قابعون فلا يهمنا رأيهم أو هجومهم وكل مايشغلنا مصلحة وطن يأبى الكثيرون أن يتبوأ مقعده المشرف بين مصاف الدول الكبرى والمكانه التى تليق بمصرنا العظيمه    

ماهو الفرق بين الشائعه والدعايه ؟؟؟

الشائعه تشبه الخبر والفرق بينهما أن الخبر له عدة محطات معياريه لتوثيق صحته مثل (( الصدق _ ودقه الخبر _  الموضوعيه _ العقلانيه ))  حتى أن غابت تلك المعايير فيصبح الخبر فى حكم الشائعه   

الدعايه فقد عرّفها ليونارد دوب بأنها محاوله منتظمه للسيطره على إتجاهات جماعات الأفراد من خلال إستخدام الإيحاء والهدف منها قيادة الأفراد والجماعات لإعتناق فكرةً ما أو القيام بعمل ما وقد تختلف الشائعه عن الدعايه من حيث التكوين لكنهما تتشابهان فى التطبيق والغرض فكلتاهما لاتعتمد على المنطق أو الإقناع العقلى للتأثير فى سلوك الآخرين فالغايه النهائيه لهما هى غايه عاطفيه بالرغم من محاولتهم إرتداء ثوب العقل 

الشائعات تحاول إستعمال جميع العواطف الأنسانيه كالخوف وأحترام الذات والتفاخر والطموح  وحب العائله وحب المال شرط أن تكون عمليه التمهيد السابقه (( التمهيد النفسى والسلوكى ))  قد تمت بنجاح ليصبح المجتمع مهيأ للإيحاء الوجدانى والأنفعالى وقابلية سرعة التصديق  

تتعدد تصنيفات الشائعه على أساس زمنى (( الزاحفه والسريعه والموسميه )) أو على أساس الدوافع (( الشائعات الحالمه وشائعات الخوف وشائعات الكراهيه )) أو على أساس مكانى (( الشائعات المحليه أو القوميه أو العالميه )) وتصنيفات أخرى ذكرناها بالتفصيل فى عدة منشورات على الصفحات الشخصيه 

 ماهى  أشكال الشائعات ؟؟؟

الشائعه لها عده صور تنتقل بها بحسب كل مجتمع  وبحسب الهدف منها فلكل شكل منها دور يقوم به فى المجتمع المستهدف فتتأرجح أشكال الشائعه بين الروايه الكلاميه والمثل أو النكته والرسم الكاريكاتيرى  والأخبار الصحفيه وتنتقل جميعها فى وسائط إعلاميه متشابهه مثل القنوات الفضائيه والصحف الورقيه والمواقع الأخباريه ووسائل التواصل الإجتماعى ولعل أشهرها حاليا وأسرعها إنتشارا وسائل التواصل الإجتماعيه بكل مسمياتها فضلا عن المواقع البحثيه بفضل الكائنات الرقميه اللاهواتيه

 
الروايه الكلاميه  تكون مصممه على شكل قصه دراميه قصيره بها القليل من الكلمات التى تبعث على مخاطبة العاطفه الإنسانيه بأقل عدد ممكن من الكلمات مثل التى تنتشر على مواقع الواتس آب وتشمل موضوعات تخاطب العقائد الدينيه أو أمورا إقتصاديه أو سياسيه أو روايات تبعث على القلق والخوف مثل روايات خطف الأطفال أو تجارة الأعضاء أو إعتداء وهمى على مقدسات دينيه أو تفسير سلبى لحدث ما  لا تتمتع بالحرفيه والمهنيه وغالبا تعتمد على المشاعريه وعواطف المجتمع

  

النكته أو المثل  وهى الأكثر شيوعا خصوصاً فى مجتمعنا ودائما ما نميل للضحك والأستشهاد بالأمثال لكن دون التفكر فى مضمون الرسائل  فالنكته السياسيه كما أشار إليها هانس يوخيم كام فى كتابه (( نكات الهمس فى المملكه الرايخ الثالثه ))  هى عملية مقاومه بكل معناها وأسلوب لنقل التقولات والشائعه وجعل المسئول أضحوكه وبواسطتها تتم تعريه جزئيه لقوة الشخص وتنتقص من هيبته وللنكات ثلاث وظائف أساسيه

أولاً : التقليل من إحترام السلطه

ثانياً : إزاله بريق الشخصيه القياديه

ثالثاً : وظيفه سلبيه ومخربه وليست بناءه أو خلاقه

الرسم الكاريكاتيرى يشبه ويتطابق مع شكل النكته لكنها مرسومه وكلاهما يحمل فى النهايه رأيا شخصيا لصاحب الرسمه ومطلق النكته  لكن من كثرة تداولها تأخذ حجتها وترسخ فى أذهان الناس

الشائعه فى الصحافه والأعلام :

تنتشر الشائعه وفق الأنماط التاليه فى وسائل الأعلام :

أولاً : الصيغ المستقبليه للكلمات والألفاظ التى توحى بالشائعه مثل (( من المنتظر _ مصدر مطلع يؤكد _ تتردد فى الأوساط السياسيه _ قيل وقال _  وأحتمال _ ويقولون _ والترند _ وهو الأكثر شيوعا ))

ثانياً : أعمده الرأى والتحليلات السياسيه فهى فى أحيان كثيره تحمل رأى صاحبها  وقد تنطوى على تجربه خاصه أو مصلحه شخصيه مثل شكوى لمشكله عارضه بشكل فردى لايمكن تعميمها وعدها أمراً عاما

للشائعه معادله تضمن لها الإستمراريه وشيئا من المصداقيه قبل أن ينكشف أمرها وهى

 (( الأهميه × الغموض ))

فيجب أن يلمس موضوع الشائعه أمراً مهما لدى المواطنين يثير حفيظتهم ومخاوفهم والغموض فى جهالة المصدر فيجب أن يكون بلا مصدر يمكن التحقق منه مثل قصاصات الصحف التى تنشر على مواقع التواصل الأجتماعى الأسكرينات شوت بدون تاريخ أو عنوان للصحيفه أو أسم الكاتب أو مصدر الخبر لكن بمجرد مشاهدتها ينساق إليها المواطن مدفوعا بأهمية الموضوع أولا فهو مايغنيه عن معرفة مصدر المعلومه لأن الخبر لامس غرضاً ما فى هوى نفسه

فى العصر الحديث ومع إزدهار الأنترنت ومحركات البحث ووسائل التواصل الأجتماعى وأنتشار منهج الهندسه الأجتماعيه أصبح عنصر السرعه وخوارزمية الأنتقاء يشكلان عاملاً مهما وقويا ومؤثراً فى معادلة الشائعه نظراً لأن الشائعه تستمد حجتها ومصداقيتها من كثرة التداول فإذا ما شاهدت خبرا أو مقطعا مصورا سبق أن شاهده ملايين البشر  فهذا فى حد ذاته حجه تضفى شكلا من المصداقيه على الشائعه سرعان ما أن تقع فريسه لها لذلك المعادله أصبحت :

(( الأهميه × الغموض ))

الوقت

مع سرعة نشر الأخبار مقارنه بالإعلام الورقى قديما وضعف شبكات النقل والطرق فى الحياه قبل الأنترنت تزداد قوة الشائعه تبعا لزيادة الغموض المحيط بها مع سهولة نشرها فى أركان العالم فى الوقت نفسه وتسويق أهميتها بالنسبه للمجتمع الذى تسرى فيه الشائعه وعلى الرغم من بساطة المعادله فأنها تشتمل على 4 متغيرات مهمه كما قال (( ألبورت وبوستمان ))  هى :

1 - الغموض العام : الذى أشار إليه (( ليون فستنغر )) بعدم الوضوح المعرفى ومرحلة عدم الوضوح المعرفى لها عدة أسباب إلى جانب سبب عدم توافر المعلومات الرسميه وهى تلوث المعلومات وهذا التلوث نتاج تطور المعرفه من مرحلة اللامعرفه وصولا إلى مرحلة المعرفه المسلعه والمعرفه الفوضويه إنتهاء بالمعرفه المتآكله

2 - الأهتمام بالنتائج وهو الذى يقابل المتغير الثانى وهو الأهميه

3 - القلق الشخصى : وهو أحد الدوافع على تصديق الشائعه نظراً لوجود حاله من الخوف والقلق أزاء موضوع معين قد يكون قلقا من المستقبل أو الخوف على الأبناء أو من فقد العمل الى آخر تلك العواطف

4-  سرعة التصديق : العصر الحديث يتميز بإضافة غلاف جوى جديد الأنفوسفير Info sphere  ويتميز بسرعة تداول المعلومات  وسهولة الحصول عليها

سيكولوجية مطلق الشائعات  :

أن أى أحتياج بشرى يمكن أن يكون هو القوه الدافعه للشائعه فالأهتمام بما هو جنسى يفسر الكثير من التقولات ومعظم الفضائح  والقلق هو القوه الدافعه إلى أحاديث الكوارث وجثث القتلى التى كثيرا ما نسمعها  والآمال والرغبات تكمن وراء الشائعات الحالمه  والحقد يسند أقاصيص الأتهام والأفتراء

لدينا أكثر من مطلق للشائعه لدينا المعتمد وفق خطه والمعتمد دون خطه وله أغراض خاصه وغير المعتمد بسبب مرض نفسى وغير المعتمد عن جهل وغير المعتمد عن مسايره للآخرين فكل سيكولوجيه من هذه التصنيفات لديها الدوافع الخاصه بها لكنهم جميعاً يعانون مشاكل نفسه

أن عقولنا تحتج على العلماء ومنذ الطفوله ونحن نتساءل : لماذا هذا السعى وراء معنى هو ميلنا إلى تعقيل وتبرير حالتنا الأنفعاليه الراهنه ؟؟؟   ومن هنا تنشأ شائعات فضوليه فالغريب الذى ينزل ببلده صغيره لايعرف الناس عنه شيئاً يتسبب فى توليد أساطير كثيره تستهدف تفسير علة قدومه إلى البلده إرضاء للعقول الفضوليه  فالشائعات تهدئ التوترات الأنفعاليه القائمه بإتاحتها إفراغا لفظياً يحقق التفريج وهذا النوع من الشائعات ينتشر بكثافه فى المجتمعات الصغيره مثل القرى

مروجوا الشائعه من العامه المسايرين لمجتمعهم لايكون لهم رأى فى نشر شائعه بعينها فقط هى تبدو له شديدة الجاذبيه (( تخاطب عواطفه وإحتياجه مثل شائعات الفيسبوك )) وجديره بالترديد والنشر فى سرعه ونطاق واسع لأنه ببساطه لايعى ميكانيزم الإسقاط والتوريه

الإسقاط هو إنعكاس الحاله الأنفعاليه للشخص سواء كان مأجورا أو يعانى نفسيا حب الظهور مثل منشورات التحليل السياسى عن جهل  أو يحاول كسب تأييد عاطفى مثل حوادث القتل  أو بدافع التسليه أو إدعاء المعرفه أو التهرب من الشعور بالذنب أو الميل للعدوان أو يملؤه شعور بالكراهيه أو تحكمه غريزة الخوف والقلق فيقوم بالترديد تحت تأثير هذه الدوافع  أو تحت ضغط المسايره خوفا من نظرات إزدراء المجتمع المحيط به (( عاوز يساير الظروف مثل سارقى البوستات بدون حتى إدارك معناها ومحتواها فقط لأنها أعجبت الكثيرين وشرحنا ذلك بالتفصيل على الصفحه الشخصيه

أن الشائعه تنطلق وتمضى فى رحلتها فى وسط أجتماعى متجانس بفضل الدوافع القويه عند الأشخاص القائمين بنقلها لأنها لايمكن أن تنتشر فى أوساط المثقفين أضف إلى ذلك أن مردد الشائعه يمكن أن يتيح لنفسه إغراق صديق شغوف بتذوق الفضائح وحين ينقطع الحديث يجد من الملائم أن يملأ الفراغ بترديد أى تأليفات جديده مثل منشورات الفيسبوك تحت أسم عاجل أو فضيحه مدويه أو علمنا من مصادرنا الخاصه ألخ ألخ ألخ  ومثل هذه الدردشات الأجتماعيه غير الهادفه تعين على دفع الشائعه  فالعقل البشرى ذاتى النشاط فهو يجاهد ليجعل محتواه فى صيغه من الإتزان مع الواقع فإذا كان الواقع إيجابيا كان الأتزان إيجابيا وإذا كان الواقع المحيط سلبياً كان الإتزان مع السلبيه  وفق نظريات البيئه المحيطه لبافلوف

أصابعى أوشكت أن تؤلمنى بعد دخول الصقيع مبكراً فاسمحوا لى بإنهاء الحلقه على وعد بإستكمالها غدا أو مت شاء الله فأنتظرونا

جنرال بهاء الشامى