" بوادر التحوُّل " - 9 -
" بيعة العقبة ، ومُتَّجه الأحداث " " ب "
استقبلت يثرب مع الأنصار العائدين من بيعة العقبة ، صحابيّاً
جليلاً من صميم قريش ، هو "مصعب بن عمير بن هاشم" موفداً من قبل المصطفى
عليه الصلاة والسلام مع الذين بايعوه من اليثربيين ، ليقرئهم القرآن ويفقههم في
الدين ..
ونزل مصعب علي أنصارى من سادة الخزرج: "أسعد بن
زرارة" كبير بنى النجار ، أخوال "عبد الله بن عبد المطلب" ، والد
"المصطفي" ..
وكانت يثرب قد تسامعت قبل ذلك بما شاع وذاع من أمر مصعب ابن عمير.
كان قبل إسلامه فتى مكة شباباً وجمالاً وزهواً ، تلتمس له أمه لفرط شغفها به ، أفخر الثياب وأندر العطور حتى ليذكره المصطفي فيقول:
" ما رأيت بمكة أحسن لمة ولا أرق ولا أنعم نعمة ، من مصعب بن عمير".
بلغ مصعباً يوماً ، أن محمد بن عبد الله الهاشمى ، في دار الأرقم يدعو إلي الإسلام ، فاتجه إليه من تلقاء نفسه وبايعه ، وكتم إسلامه إشفاقاً على أبويه اللذين شغفهما حباً. حتى بصر به "عثمان بن طلحة" يصلى صلاة المسلمين ، فأخبر قومه فأخذوه وحبسوه ليفتنوه عن دينه. فلم يزل محبوساً إلى أن لاحت له فرصة الإفلات فهاجر بدينه إلي أرض الحبشة.
وكانت يثرب قد تسامعت قبل ذلك بما شاع وذاع من أمر مصعب ابن عمير.
كان قبل إسلامه فتى مكة شباباً وجمالاً وزهواً ، تلتمس له أمه لفرط شغفها به ، أفخر الثياب وأندر العطور حتى ليذكره المصطفي فيقول:
" ما رأيت بمكة أحسن لمة ولا أرق ولا أنعم نعمة ، من مصعب بن عمير".
بلغ مصعباً يوماً ، أن محمد بن عبد الله الهاشمى ، في دار الأرقم يدعو إلي الإسلام ، فاتجه إليه من تلقاء نفسه وبايعه ، وكتم إسلامه إشفاقاً على أبويه اللذين شغفهما حباً. حتى بصر به "عثمان بن طلحة" يصلى صلاة المسلمين ، فأخبر قومه فأخذوه وحبسوه ليفتنوه عن دينه. فلم يزل محبوساً إلى أن لاحت له فرصة الإفلات فهاجر بدينه إلي أرض الحبشة.
وعاد إلى مكة مع من عاد من مهاجرة الحبشة حتى بلغتهم بشرى
انهيار الحصار الذى ضربه المشركون علي المصطفى وصحابته ومن والاه من بنى هاشم ،
فما رأت مكة فتى مثل مصعب ، استبدل بأناقة المظهر بهاء الإيمان ، وبخيلاء النعمة
جلال التقي وتواضع الخشوع.
واختاره المصطفى من بين الصحابة ، ليكون إمام الأنصار في يثرب فأقام عاماً هناك يتنقل بين دورها ، يؤم المسلمين في الصلاة ويعلمهم الدين ويتلو عليهم القرآن ، فتخشع له القلوب والضمائر متفتحة لنور الهدى ...
خرج "مصعب" يوماً مع "أسعد بن زرارة ، سيد الخزرج" - وكان منزله عليه - إلي حى بنى عبد الأشهل ، واجتمع إليهما رجال من الأنصار فسمع بمقدمهما "سعد بن معاذ ، وأسيد بن حضير" وهما يومئذ سيدا قومهما ، وكلاهما مشرك علي دين عشيرته وآبائه.
وتحرج سعد بن معاذ من مواجهة أسعد بن زرارة ، وهو ابن خالته فحرض أسيد بن حضير علي أن يقوم فيرده وصاحبه عن الحىّ. قال:
" لا أبا لك! انطلق إلي هذين الرجلين ، أسعد ومصعب ، اللذين أتيا دارينا ليسفها ضعفاءنا فازجرهما وانههما عن أن يأتيا دارينا. فإنه لولا أن أسعد بن زرارة منى حيث علمتَ ، كفيتك ذلك: هو ابن خالتى ولا أجد عليه مَقدما".
فالتقط أسيد بن حضير حربته ثم أقبل إليهما فقال متوعداً:
" ما جاء بكما إلينا تسفهان ضعفاءنا؟ اعتزلانا إن كانت لكما بأنفسكما حاجة!"
قال له مصعب:
" أوتجلس فتسمع ، فإن رضيت أمراً قبلته وإن كرهته كُفّ عنك ما تكره؟"
فركز أسيد حربته وجلس يسمع حديث مصعب عن الإسلام وتلاوته للقرآن ، وقد زايله تقبضه وتجهمه. ثم قال متهلل الأسارير:
" ما أحسن هذا الكلام وأجمله".
وأسلم ..
وانطلق عائداً إلي حيث ترك "سعد بن معاذ" في جمع من قومه. فما لمحه سعد حتى قال لمن حوله:
" أحلف بالله لقد جاءكم أسيد بن حضير بغير الوجه الذى ذهب به من عندكم".
ثم سأله عما فعل بأسعد بن زرارة ومصعب بن عمير ، فرد أسيد محاذراً:
" كلمتُ الرجلين فوالله ما رأيت بهما بأساً! وقد نهيتهما ، وإنى لأخشي على ابن خالتك من بعض القوم".
فقام سعد مغاضباً ، فما أبعد حتى رأى أسعد ومصعباً يتجهان إليه مطمئنين ، فعرف أن أسيد بن حضير إنما أراد له أن يسمع منهما.
وتجاهل مصعباً ، وقال لأسعد ، ابن خالته:
" يا أبا أمامة ، أما والله لولا ما بينى وبينك من القرابة ما رمتَ هذا منى ، أتغشانا في ديارنا بما نكره؟"
همس أسعدُ لصاحبه:
" أى مصعب ، جاءك والله من وراءه من قومه ، إن يتبعْك لا يتخلف عنك اثنان!"
وأقبل مصعب على سعد بن معاذ ، فقال له مثل الذى قال لأسيد ابن حضير:
" أو تقعد فتسمع ، فإن رضيتَ أمراً ورغبت فيه قبلته ، وإن كرهته عزلنا عنك ما تكره".
قال ابن معاذ.
" أنصفت!"
وتكلم مصعب ، وقرأ القرآن ...
وقبل أن يلفظ سعد بكلمة ، عرف القوم الإسلام في وجهه ، لأشراقه وتهلله.
وأسلم سعد ، ومضي من فوره إلى قومه فسألهم: "كيف تعلمون أمرى فيكم؟"
قالوا:
" سيدنا ، وأفضلنا رأياً ، وأيمننا نقيبة".
فدعاهم إلى الإسلام ، فأجابوا جميعاً ، فما أمسي في حى بنى عبد الأشهل رجل ولا امرأة ، إلا مسلماً ومسلمة.
واختاره المصطفى من بين الصحابة ، ليكون إمام الأنصار في يثرب فأقام عاماً هناك يتنقل بين دورها ، يؤم المسلمين في الصلاة ويعلمهم الدين ويتلو عليهم القرآن ، فتخشع له القلوب والضمائر متفتحة لنور الهدى ...
خرج "مصعب" يوماً مع "أسعد بن زرارة ، سيد الخزرج" - وكان منزله عليه - إلي حى بنى عبد الأشهل ، واجتمع إليهما رجال من الأنصار فسمع بمقدمهما "سعد بن معاذ ، وأسيد بن حضير" وهما يومئذ سيدا قومهما ، وكلاهما مشرك علي دين عشيرته وآبائه.
وتحرج سعد بن معاذ من مواجهة أسعد بن زرارة ، وهو ابن خالته فحرض أسيد بن حضير علي أن يقوم فيرده وصاحبه عن الحىّ. قال:
" لا أبا لك! انطلق إلي هذين الرجلين ، أسعد ومصعب ، اللذين أتيا دارينا ليسفها ضعفاءنا فازجرهما وانههما عن أن يأتيا دارينا. فإنه لولا أن أسعد بن زرارة منى حيث علمتَ ، كفيتك ذلك: هو ابن خالتى ولا أجد عليه مَقدما".
فالتقط أسيد بن حضير حربته ثم أقبل إليهما فقال متوعداً:
" ما جاء بكما إلينا تسفهان ضعفاءنا؟ اعتزلانا إن كانت لكما بأنفسكما حاجة!"
قال له مصعب:
" أوتجلس فتسمع ، فإن رضيت أمراً قبلته وإن كرهته كُفّ عنك ما تكره؟"
فركز أسيد حربته وجلس يسمع حديث مصعب عن الإسلام وتلاوته للقرآن ، وقد زايله تقبضه وتجهمه. ثم قال متهلل الأسارير:
" ما أحسن هذا الكلام وأجمله".
وأسلم ..
وانطلق عائداً إلي حيث ترك "سعد بن معاذ" في جمع من قومه. فما لمحه سعد حتى قال لمن حوله:
" أحلف بالله لقد جاءكم أسيد بن حضير بغير الوجه الذى ذهب به من عندكم".
ثم سأله عما فعل بأسعد بن زرارة ومصعب بن عمير ، فرد أسيد محاذراً:
" كلمتُ الرجلين فوالله ما رأيت بهما بأساً! وقد نهيتهما ، وإنى لأخشي على ابن خالتك من بعض القوم".
فقام سعد مغاضباً ، فما أبعد حتى رأى أسعد ومصعباً يتجهان إليه مطمئنين ، فعرف أن أسيد بن حضير إنما أراد له أن يسمع منهما.
وتجاهل مصعباً ، وقال لأسعد ، ابن خالته:
" يا أبا أمامة ، أما والله لولا ما بينى وبينك من القرابة ما رمتَ هذا منى ، أتغشانا في ديارنا بما نكره؟"
همس أسعدُ لصاحبه:
" أى مصعب ، جاءك والله من وراءه من قومه ، إن يتبعْك لا يتخلف عنك اثنان!"
وأقبل مصعب على سعد بن معاذ ، فقال له مثل الذى قال لأسيد ابن حضير:
" أو تقعد فتسمع ، فإن رضيتَ أمراً ورغبت فيه قبلته ، وإن كرهته عزلنا عنك ما تكره".
قال ابن معاذ.
" أنصفت!"
وتكلم مصعب ، وقرأ القرآن ...
وقبل أن يلفظ سعد بكلمة ، عرف القوم الإسلام في وجهه ، لأشراقه وتهلله.
وأسلم سعد ، ومضي من فوره إلى قومه فسألهم: "كيف تعلمون أمرى فيكم؟"
قالوا:
" سيدنا ، وأفضلنا رأياً ، وأيمننا نقيبة".
فدعاهم إلى الإسلام ، فأجابوا جميعاً ، فما أمسي في حى بنى عبد الأشهل رجل ولا امرأة ، إلا مسلماً ومسلمة.
عزيزى القارئ:
_________
لمة: شعر الرأس المجاوز شحمة الأذن - المثل - الأسوة - الشكل - شدة
_________
لمة: شعر الرأس المجاوز شحمة الأذن - المثل - الأسوة - الشكل - شدة
خيلاء: تكبر وعجب - يمشي مشية المتكبر المعجب بنفسه - كثير
الشامات بالجسم
لا أبا لك: لا صار أباً لك - لا أفديك به
ازجره: اردعه - امنعه - عاقبه - انهره - انهيه
مقدما: مجيئه - وقت القدوم والوصول - أول كل شئ - سلفا
تقبضه: اشمئزازه - انكماشه - تكشره - تعبسه - تناوله بيده -
تمسكه
تجهمه: عبوسه - غضبه - صار عابس الوجه وبغلظة
رمتَ: تقطع - أكله - أصلحه - أخذه بشفتيه
نقيبة: طبيعة - مشورة وعقل ونفاذ رأى - محمود مختبر - صفة تدل
على الثبوت
عزيزى القارئ:
_________
تستكمل لنا كاتبتنا د. "بنت الشاطئ" تفاصيل من بيعة العقبة الأولي وقد اختار سيدنا "محمد" صلى الله عليه وسلم .. أول سفير في الإسلام سيدنا "مصعب بن عمير" بعث به إلى "يثرب" ورأينا ما تم أثناء دعوته للدين الجديد بالمنطق والإقناع من رجل شديد الإيمان بالإسلام رضي الله عنه وعن الصحابة أجمعين .. وحتى لا أطيل عليكم:
_________
تستكمل لنا كاتبتنا د. "بنت الشاطئ" تفاصيل من بيعة العقبة الأولي وقد اختار سيدنا "محمد" صلى الله عليه وسلم .. أول سفير في الإسلام سيدنا "مصعب بن عمير" بعث به إلى "يثرب" ورأينا ما تم أثناء دعوته للدين الجديد بالمنطق والإقناع من رجل شديد الإيمان بالإسلام رضي الله عنه وعن الصحابة أجمعين .. وحتى لا أطيل عليكم:
إليكم رابط فيديو مبسط وقصير عن أحد الرجال الذين كانوا حول
الرسول صلى الله عليه وسلم إنه "مصعب بن عمير" مدته .. 1:35 دقيقة
عزيزى القارئ:
_________
وقد وصلنا إلى أن سيدتنا الفاضلة "آمنة بنت وهب" قد وضعت وليدها الكريم صلوات ربي وسلامه عليه:
_________
وقد وصلنا إلى أن سيدتنا الفاضلة "آمنة بنت وهب" قد وضعت وليدها الكريم صلوات ربي وسلامه عليه:
ها هو ينظر إليها بوجهه الصبوح. ها هو يملأ الدنيا بجوارها
نوراً وأنساً جمالاً عليه صلوات الله تعالى وسلامه.
ومرت سويعات ، وانبلج الصباح ، وأسرعت الوالدة الجديدة بإرسال من يبلغ حماها جد وليدها "عبد المطلب" بالنبأ السعيد. فأقبل الشيخ مسرعاً .. وانحنى على الوليد في حنو بالغ يملأ منه عينيه .. و"آمنة" تحدثه عما لقيته حين الوضع من راحة وأمان واطمئنان ولم تر تعباً ولا ألماً قط .. وقصت عليه ما سمعته من البشائر والهتاف بمولده صلى الله عليه وسلم.
أخذ "عبد المطلب" صغيره بين ذراعيه في رفق ورقة حانيين .. وانطلق به خارجاً حتى أتى الكعبة .. ثم دعا ربه وشكر له أن وهبه ولداً من إبنه الفقيد الغالي .. فكان أفضل تعويض عن فقد أبيه .. عليه الصلاة والسلام .. ثم أعاده إلى أمه وأمر بنحر الذبائح وإطعام أهل الحرم وسباع الطير ووحش الفلاة.
وكانت مكة لحظة أذيع فيها بشرى مولد الهدى صلوات الله وسلامه عليه .. لا تزال تحتفل بما أتاح الله لها من نصر علي أصحاب الفيل .. فرأى القوم في مولد سيدنا "محمد" عليه أفضل صلاة وأزكى تسليم .. حينذاك .. وفي هذا الوقت إذ ذاك أية كبرى تذكر بالآية الأولي يوم اختير "عبد الله" أبوه للنحر ثم افتدى بالإبل المائة.
ومرت سويعات ، وانبلج الصباح ، وأسرعت الوالدة الجديدة بإرسال من يبلغ حماها جد وليدها "عبد المطلب" بالنبأ السعيد. فأقبل الشيخ مسرعاً .. وانحنى على الوليد في حنو بالغ يملأ منه عينيه .. و"آمنة" تحدثه عما لقيته حين الوضع من راحة وأمان واطمئنان ولم تر تعباً ولا ألماً قط .. وقصت عليه ما سمعته من البشائر والهتاف بمولده صلى الله عليه وسلم.
أخذ "عبد المطلب" صغيره بين ذراعيه في رفق ورقة حانيين .. وانطلق به خارجاً حتى أتى الكعبة .. ثم دعا ربه وشكر له أن وهبه ولداً من إبنه الفقيد الغالي .. فكان أفضل تعويض عن فقد أبيه .. عليه الصلاة والسلام .. ثم أعاده إلى أمه وأمر بنحر الذبائح وإطعام أهل الحرم وسباع الطير ووحش الفلاة.
وكانت مكة لحظة أذيع فيها بشرى مولد الهدى صلوات الله وسلامه عليه .. لا تزال تحتفل بما أتاح الله لها من نصر علي أصحاب الفيل .. فرأى القوم في مولد سيدنا "محمد" عليه أفضل صلاة وأزكى تسليم .. حينذاك .. وفي هذا الوقت إذ ذاك أية كبرى تذكر بالآية الأولي يوم اختير "عبد الله" أبوه للنحر ثم افتدى بالإبل المائة.
وإليكم رابط فيديو عن بعض الظواهر والأحداث التى تزامنت مع
مولد سيدنا "محمد" صلى الله عليه وسلم .. كما يحدث لمعظم أنبياء الله ..
ولن تصدق ما حدث لإبليس أبغض خلق الله .. والفيديو مدته .. 7:48 دقيقة
وإذا كان في العمر بقية بإذن الله ومشيئته سأستكمل معكم أنوار
بعثة ومولد الحبيب المصطفى .. اللهم صلى وسلم وبارك عليه من رب العالمين وعلى آله
وصحبه أجمعين
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا وحبيينا وعظيمنا وقدوتنا وخير خلقك اجمعين محمدا وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا بعدد خلقك وبزنة عرشك وبمداد كلماتك وبعدد ماذكرك الذاكرون وغفل عن ذكرك الغافلون وبدوام ملكك الدائم ياحى باليوم وبعدد كافة علم الله المكنون
ردحذف