قبل الخوض فى سياق التحليلات والتفسيرات والأستعانه بتحليلات
الخبراء نستسمحكم عذرا ساداتنا الكرام أن هذه الحلقات سيغلب على سطورها الطابع
الأكاديمى غالبا والعامى فى بعض الأحيان وعلى أستحياء لأننا نستهدف شريحه معينه فى
خطابنا وستجدونها منشوره بالكامل بعد أنتهائنا منها بشهر تقريبا على أحد المواقع
العالميه طبقاً لشروط الأتفاق لكننى أحببت أن تقرأوها أحبائى ومتابعينى الكرام قبل
أن يقرأها من لاأعرفهم فى مسعى حثيث لفتح منافذ أكبر لتوصيل ماأصبو إليه ونبطل رغى
وندخل فى الموضوع وأن شاء الله سيعجبكم
مع إنتشار الصراعات الداخليه وتصاعد حدة تنافس القوى الأقليميه
والدوليه على الشرق الأوسط فى مراحل مابعد الثورات العربيه 2011 م عاد الأهتمام الأكاديمى
والسياسى بنظرية الوكاله فى العلاقات الدوليه كأطار
تفسيرى يسهم فى فهم ديناميات تلك الصراعات وطبيعه الأدوات التى تعتمد عليها
التدخلات الخارجيه بالمنطقه لكن مع ذلك بدا أن مقولات نظرية الوكاله التى فسرت
ظاهرة الحروب بالوكاله المستخدمه بكثافه أبان الحرب البارده لمنع المواجهه النوويه
بين القوتين العظمتين آنذاك تتعرض لجملة مراجعات فى ظل تغيرات البيئه العالميه
خلال العقدين الماضيين سواء على صعيد موازين القوى أو أنماط الفاعلين أو تطور إستخدامات
القوه وطبيعتها فى العلاقات الدوليه أو حتى الصراعات الداخليه ذاتها والتى بدت أكثر
تعقيدا وأمتدادا إلى البنى الأوليه فى المجتمعات
طيب قبل مانتفزلك بالمصطلحات ماتيجى نعرف موضوع الوكاله فبالأساس تعنى فكرة الوكاله أن مثلا طرفا خارجيا (( الراعى )) يفوض وكيلا للقيام بمهام ما لتحقيق مصالحه دون حضوره مباشرة وهى علاقه تبنى على توافق أهداف الطرفين لكنها تكفل للطرف الأول القدره على التأثير فى سلوكيات الأخر وتوجيهها لمصلحته دون تحمل المسئوليه مباشره
أنبثق عن تلك الفكره التى أنتقلت من علوم الأقتصاد والأداره إلى
حقل العلاقات الدوليه مفهوم الحرب بالوكاله
كأستراتيجيه
بديله أقل تكلفه للحروب المباشره بين الدول حيث يشير إلى صراع بين قوى خارجيه على
المصالح والنفوذ يتم خوضه بشكل غير مباشر على أرض دوله ثالثه عبر أستقطاب أطراف
محليه مواليه لمصالحها فى مواجهة أخرى معاديه لها
وأجتذب
هذا النمط من التدخلات غير المباشره فى مناطق الصراع العديد من الدول الباحثه عن
تحقيق مصالحها بتكلفه منخفضه أذ لا تؤدى الوكاله فحسب إلى خفض عدم التورط المباشر
ولكن تتيح على الأقل نظريا السيطره على التصعيد بين المتنافسين الدوليين يعنى على
سبيل المثال فأن إسرائيل تستهدف وكلاء إيران فى سوريا دون اللجوء إلى مواجهه
مباشره معها
أيضا قد تعفى الحروب بالوكاله من المسئوليات القانونيه
والأدبيه الدوليه نظرا لسرية علاقات الراعى والوكيل وماتتيحه من قدرة الأنكار بما
يجعل الراعى لايصطدم بمبادئ كاسيادة الدول على أراضيها وعدم التدخل فى الشئون الداخليه أو أنتهاك حقوق
الأنسان يعنى بلعبها من بعيد لبعيد بدون الدخول فى إحراج المسائله فى المحافل
الدوليه كذلك تحد من القيود السياسيه
للرأى العام الداخلى على إداره السياسات الخارجيه للدول بخلاف أن الوكلاء أنفسهم
قد يكونون أكثر درايه وقبولا من الرعاه فى إداره ديناميات مناطق النزاعات بحكم معرفتهم
باللغه والسياق الأجتماعى كما هو الحال بالنسبه للحوثيين أو بعض
بدو سيناء أو قبائل جنوب ليبيا
أن تغيرات البيئه العالميه بعد أنتهاء الحرب البارده ألقت
بظلالها على ممارسات الوكاله فى مناطق النزاعات من حيث طبيعة الفواعل والمجالات
وديناميات العلاقه بين الرعاه والوكلاء فلم يعد الرعاه يقتصرون فقط على الدول وأنما
قد يكونون فواعل دون الدول أما الوكلاء فصاروا أكثر تنوعا فقد يكونون بدورهم دولاً
أو فواعل دون الدول مثل الشركات الأمنيه الخاصه (( بلاك ووتر الأمريكيه ))
والميليشيات والمرتزقه والجماعات المسلحه وغيرها فى ظل تصاعد الأتجاه العالمى
لخصخصة الأمن وتراجع بعض الدول على السيطره على وظيفتها الأمنيه
أمتدت مجالات الوكاله فى مناطق الصراع إلى مراحل حفظ وبناء السلام حيث برز نمط إسناد المهام أو التعهيد فى عمليات حفظ وبناء السلام أذ قد تلجأ الدول والمنظمات الأقليميه والأمميه لأسناد مهام فنيه وأمنيه إلى الشركات الأمنيه والعسكريه الخاصه فى مناطق الصراع لتنفيذ مهام كالتدريب والدعم اللوجيستى ونقل قوات حفظ السلام ألخ ألخ ألخ كما أدى صعود قوة منظمات المجتمع المدنى فى تفاعلات النظام العالمى إلى توظيفها من قبل القوى الغربيه الكبرى كوكلاء فى مناطق الصراعات أما لتقديم المساعدات الأنسانيه أو ممارسة دبلوماسية الوساطات الخاصه بل وأيضا التغيير القيمى داخل المجتمعات والدول التى يسعى الرعاه لتعزيز مصالحهم فيها وعد ذلك تعبيرا عن صعود ممارسات القوى الناعمه فى التفاعلات الدوليه فضلا عن بروز أنماط جديده من الوكلاء الألكترونيين (( اللجان أو الكائنات الألكترونيه اللاهواتيه )) الذين يشنون هجمات عبر الأنترنت فى أطارالحروب السيبرانيه (( حروب الميديا الأعلاميه )) التى تصاعدت مع أنتشار ثورة الأتصالات والمعلومات
على الجانب الآخر لم تعد العلاقات بين الرعاه والوكلاء فى مناطق النزاع غير مباشره أو حتى سريه فى بعض الحالات فالطرفان قد يوجدان معا وبشكل صريح وعلنى (( التدخل الروسى المباشر فى سوريا لدعم نظام الأسد فى سبتمبر 2015 )) (( أيران وحزب الله )) (( السعوديه والجيش السورى الحر أو المعارضه السوريه السلميه المسلحه )) بل أن الوكاله باتت تتجه فى بعض الحالات إلى النمط الجيوسياسى لتأسيس علاقات وأدوار أقليميه ممتده للرعاه فإيران مثلا تسعى للربط بين العراق وسوريا ولبنان والعراق واليمن كمنطقة نفوذ أستراتيجى لها فى الشرق الأوسط عبر أجتذاب وكلاء هوياتيين (( أقليه عرقيه من داخل المجتمع )) يدعمون نفوذها المذهبى كذلك صارت علاقات الوكاله فى مناطق الصراع تؤسس لمحاور أقليميه ودوليه متضاده وهو أمر برز جليا فى صراعات الشرق الأوسط (( تعاون أمريكى مع قوى دوليه وأقليميه لدعم المعارضه المسلحه فى سوريا فى مواجهة تعاون بين روسيا ويران وحزب الله لدعم النظام السورى
اللافت للمطلعين أن الوكلاء أنفسهم قد يلعبون دور الرعاه فى بعض الحالات كما حال دعم بعض الدول لميلشيات مسلحه تعمل لمصلحتها فى مناطق النزاع مثل لجوء نيجيريا إلى دعم قوة المهام المدنيه)) جاتيف )) لمكافحة بوكو حرام فى شمال شرقى البلاد بل أن الوكاله تمددت أحيانا لتأخذ سمتا أيديولوجيا فى العلاقات بين تنظيمات الأرهاب كما هو الحال بين تنظيمى القاعده وداعش (( الأم )) وأخرى مواليه أو فروع لهما فى الشرق الاوسط (( تنظيم بيت المقدس )) أو الساحل الأفريقى أو أسيا
أنتهت حلقتنا اليوم على وعد بلقاء متى
شاء الله
جنرال بهاء الشامى
تسلم ايدك ياجنرال فى انتظار باقى المقالات
ردحذفممتاز في انتظار الباقي
ردحذف