تحميل تطبيق المدونه

الاثنين، 19 مارس 2018

شاهد على العصر رقم 13



في مصر، يضطلع الرَّئِيس دومًا برسم موجهات الوزارة، وأصرّ أبوالغيط على أن يوضِّح أن وزير الخَارجيّة يقوم بتنفيذ سياسة الرَّئِيس الخَارجيّة بوطنيّة وإخلاص، وحماية مصالح البلاد، وفي الكِتاب ظلّ الوَزير يصرّ على أن وزارة الخَارجيّة تتصل بصفة مباشرة برئيس الجمهورية، ولا تقدّم تقريرها ومذكراتها إلا له.

على الرّغم من هذا، فلا يمكن المرور على السِّياسَة الخَارجيّة من دون الحديث عن الدور المتميز الذي ظلّت تلعبه وزارة الخَارجيّة المصرية على عهود متعاقبة، فلو أنّ مصر في عهد مبارك استحقّت لقب “القويّة”، فإنّ ذلك لم يتحقق بقوة السِّلاح بل بقوّة وزارة الخَارجيّة التي حققت الانتصارات واحدًا تلو الآخر، وحافظت على مصالح بلدها، وحافظت وزارة الخَارجيّة على مكانة متميّزة، ولا غرور أن يكون “عمرو موسى ومحمد البرادعي ونبيل العربي وأحمد ماهر” كلهم زملاء إدارة واحدة في الخَارجيّة المصرية، التي كانت في مصر العتيقة 

في منتصف عام 2004 راجت الأحاديث عن رغبة الرَّئِيس مبارك في تغيير وَزِير خارجيته أحمد ماهر السيّد، لأنّ أوضاعه الصحيّة لم تعد تسمح باستمراره بذات الكفآءة، ولأن حلاً مثل تعيين وزير دولة للشؤون الخَارجيّة، لم يقدّم أكثر من الإرباك، حينها نَمَا إلى سمع أحمد أبوالغيط أنّه الخليفة المتوقّع، ولم يكن ذلك مُستغربًا بالنسبة له، فقد سبق وتردد اسمه لشغل ذات المنصب، ولم يمنع الرَّئِيس من تعيينه في سنوات سابقة إلا صغر سنه، لذلك كان من حقه أن لا يتفاجأ بالتّرشِيح، لم يكن مبعث التّرقب الوحيد هو أمله بأن يختم مسيرته بالمنصب الذي يتمناه أي “دبلومسي جاد” وزيرًا للخارجية، ولكنّ كان مع الأمل تخوّف من تعيين وزير أصغر عمرًا أو أقل كفاءة، فهو لن يوافق على العمل تحت إمرة من يصغره سنًا ومقامًا إذا قدّر مبارك ذلك، لذلك كان الرّجل يكبت في دواخله تناقض المشاعر والقلق المضطرب، ولم ينته صراعه المكبوت إلا باتصال من رئاسة الجمهورية يفيده بأن رئيس الحكومة الجديدة، سيختاره للوزارة الخَارجيّة في يوليو(تموز) 2004، خيالات كبرى وأسماء عظيمة ومواقف متعددة، ورحلات متطاولة، من مصر إلى قبرص إلى موسكو إلى روما إلى نيويورك، كلّها كانت بذورًا حان قطافها، كانت ملفات عظمى من الصحافة إلى صبرا وشاتيلا إلى حرب الخليج، كان محتشدًا ومبتسمًا ومتفائلاً، يستنشق كل تاريخه، وكان نتاجه لديه أن تمّ تتويج مسيرته بهذا المنصب الرّفيع، الذي لم يتخل إلى الآن عن الزَهو بأنّه وصله، فهو من القلّة الذين يُدرِكون “شرف” أن تكون وزيرًا لخارجية أمة أنتجتها حضارة لها من العمر سبعة آلاف عام وتزيد، لذلك لا يُلام إن لم يُمارِس بعض التّواضع، بل إنّه يكاد يُغنّي بين الصفحات، عن حلمه الذي تحقق 



في الطائرة المُتجِهة من نيويورك إلى القاهرة، كانت الرحلة بانوراما من الأفكار، لخّصت كل قضايا الكتاب، تناولت التّحالف الجديد مع دول النفوذ الصاعدة، السعودية وإيران وتركيا، وملف إسرائيل، وتوسع الأمم المتحدة، والعلاقات مع الاتحاد الأوروبي في إطار برشلونة التعاوني، وكان يتساءللماذا لم يعمل المصريون أو حكام مصر على تنفيذ برامجهم الطموحة، من خلال دراسة أكثر عمقًا وفهمًا للتطورات والأوضاع الدّوليّة”، ودارَ في باله مسألة النووي المحظور، وترتيب وزارة الخَارجيّة ووزارة الشؤون الخَارجيّة، وكيف يمكنه تقدير أهمية تطوير الأداء الفني، كما مرّ في ذاكرته النافذون ومن يجب أن يتعامل معهم، ودور عمر سليمان، وما أصاب الرَّئِيس من انزواء، وضعف بسبب السن والصحة والأمور الشخصيّة، وغيرها، ولكن من أبوالغيط الذي قفز به مبارك ليكون وزيرًا لخارجيته، هذا ما حاول أن يجيب عنه في فصل كامل باسم النشأة والإعداد، تناول فيه سيرته الذاتية.
إنه ابن الطيار الذي صار وزيرًا للخارجية.. الرحالة بين الدول والمناصب.. والملفات!


الطيار علي أبو الغيط والسّيدة فاطمة المسيري، انجبا أحمد الطفل النجيب، بزّ أقرانه ذكاءً، انكبّ على القراءة، وأعجِب بأتاتورك، وفي اختياراته للجامعة منعاه من الالتحاق بأي كلية عسكريّة، وكان يحلم أن يصير عسكريًا، ولكن قدره ساقه إلى كلية التجارة، إلى أن اُختِير في عام 1965 في وزارة الخَارجيّة، فتنقل في العمل بين إدارة الصحافة، وسفارة قبرص 1968، وبعد سنوات من التّهميش، عمل مع مستشار الأمن القومي قبل عامين من حرب أكتوبر 1973 “وهو ما دفعه لتأليف كتاب شاهد على الحرب والسلام، الذي يصدر قريبًا، ومنه إلى نيويورك في عام 1974 في بعثة مصر في الأمم المتحدة، وبعدها عاد ليعمل مع عمرو موسى في هيئة إدارة المنظمات والهيئات الدولية، وتحقق حلمه بالعمل في سفارة مصر في موسكو في أخريات الاتحاد السوفياتي في الأعوام (1979-1982)، فشهد انهيار الاتحاد السّوفياتي بسبب تطاول أعمار قادته وغيرها من أسباب، وعاد منه برًا إلى مصر، مما أتاح له الفرصة لتحليل الأوضاع والتأمّل، وفور عودته اضطلع بصنع موقف مصر من صبرا وشاتيلا. لم يفت أبوالغيط أن يسجّل الصعوبات التي يتلقّاها الدبلوماسي جراء التنقل الدائم.
 


تدرّج أبوالغيط ليعمل مع كمال حسن علي، وصولاً إلى مستشار لرئيس الحكومة، وفي يوليو 1985 عاد إلى نيويورك مستشارًا دبلوماسيًا للوفد المصري، وفي عام 1989 عاد لمكتب وزير الخَارجيّة حتى 15 مايو (أيار) 1991، ويسجّل هنا ملاحظة مهمة أن الغزو العراقي للكويت، تسبب في تبلور حلفٍ أميركي مصري، فإن مستوى التنسيق المُشتَرك وصل حدًا يوازي فيه حد التنسيق إبان توقيع كامب ديفيد.
التحديات.. بداية الرحلة الخَارجيّة
 


في الطائرة، بينما تأتي الملفات إلى بال أبوالغيط، أخذ يقلّب أبرز التحديات، كيف له أن يقنع الرَّئِيس أن يعاود حضور القمم الرئاسية الأفريقية والمؤتمرات الدوليّة، وكان الرَّئِيس بدأ ينزوي عنها تدريجيًا منذ محاولة الاغتيال في عام 1995، كان لدى أبو الغيط ما يدفعه ليحاول فهو يقدِّر أن مبارك يثق بالبشر بطريقة طيبة، واستدل بحادثة جرت بينهما في روما عام 1992 إبّان زيارة مبارك لإيطاليا، إذ مدّ أبوالغيط “أقراص نعناع” من جيبه، فتناولها مبارك، واستحسَنها، على غير الصورة التي روّجها كثيرون عن اشتراط مبارك وجود معايير خاصة، لحراسة كل ما يأكله ويتعرّض للفحص الدقيق.

 
جنرال بهاء الشامى  

هناك تعليق واحد:

رحلة القطار 5

  لبرهه كانت كل علامات الإرتباك والخوف تظهر على ملامح وجه أنجى ونظرت نحو الصوت فكانت مفاجئتها أن محدثتها هى مديحه صديقتها   أخص عليكى خض...