مع المصطفى فى عهد المبعث رقم 13

قال " الوليد بن المغيرة " المخزومى:

- أينزل القرآن على محمد ، وأترك وأنا كبير قريش وسيدها ، ويُترك أبو مسعود عمرو بن عمير سيد ثقيف ، ونحن عظيما القريتين؟
وذاعت كلمته في أهل القريتين ، مكة والطائف فتركنهم في حيرة ، قد تشابه الأمر عليهم في مقاييس العظمة التى تسمو بالمصطفى علي عظيمى القريتين.

وتلقي المصطفى من كلمات ربه:

بسم الله الرحمن الرحيم {بَلْ مَتَّعْتُ هَٰؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّىٰ جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ (29) وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ (30) وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَٰذَا الْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31) أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ۚ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا ۗ وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (32)} صدق الله العظيم

وكذلك أنكر "أمية بن أبي الصلت" أن يصطفى محمد بن عبد الله نبياًّ ، وكان أمية يرى نفسه أهلاً لهذا الاصطفاء!
في أخريات الجاهلية ، كان ابن أبي الصلت من الفئة القليلة التى أنكرت عبادة الأوثان ، وهم الحنفاء الذين لمحت فيهم مكة بقية ميراث من ذكرى دين إبراهيم الحنيف.

قالوا: ما حجر نطوف به لا يبصر ولا يسمع ولا يضر ولا ينفع؟ يا قوم ،التمسوا لكم ديناً فإن قومكم على سفه وضلال

ثم تفرقت بهم السبل:
بعضهم مال إلى النصرانية وأقام في الحبشة أو في بلاد الروم.
وبعضهم قرأ الكتب فلم يدخل في نصرانية ولا يهودية ، واكتفي باعتزال الأوثان والذبائح التى تذبح قرباناً لها ، ونهى عن قتل الموءودة ، وقال: أعبد رب إبراهيم.

ومن هؤلاء كان أمية بن أبي الصلت ، شاعر ثقيف وحكيمها.

وأمه من صميم البيت القرشي: رقية بنت عبد شمس بن عبد مناف ، الجد الثالث للمصطفي. لم يذهب أمية إلي روم أو حبشة ، وإنما قرأ كتب الدين ورغب عن عبادة الأوثان وأقام في قومه يتنبأ لهم بدين جديد آن وقته ، ويتحدث فيهم عن نبي مرسل حان مبعثه ويشدو في ليل الجاهلية بأشعار مرهصة بالنور المرتقب:

إن آيات ربنا ظاهرات ... ما يمارى فيهن إلا الكفور

حبس الفيل بالمغمس حتى ... ظل يحبو كأنه معقور

كل دين يوم القيامة عند الله ... إلا دين الحنيفة زور

وبزغ النور الذى بشر به أمية
وجاء دين التوحيد الذى أرهص به وشدا له.

وإذا به يرفض ويأبي ويستكبر ، ويجاهر المصطفى بأشد العداوة والبغضاء.
وانكشف موقفه:
لقد كان يبشر بنبي جديد وهو يرجو أن يكونه.
فلما تخطاه الاصطفاء إلي محمد بن عبد الله ، نكص على عقبيه كافراً بدين الحق.

وظاهَر الوثنيةَ القرشيةَ في حربها للدين الحنيف ، حتى مات على الكفر تدمغه كلمة المصطفى صلى الله عليه وسلم فيه:

" آمن لسانه وكفر قلبه "

******************************************************************

عزيزى القارئ:
--------------
سُخْرِياًّ: بضم السين بمعنى الاستخدام لا من السخرية والهزء

سفه: جهل وطيش - أهلك - فظاظة - رداءة خلق وقلة أدب - حمق - إسراف وتبذير

ضلال: باطل ونسيان - غياب وهلاك - العدول عن الطريق المستقيم.

الموءودة: البنت التى تدفن حية - من وأد _ أنظر آية 8 من سورة "النكوير"

مرهصة: درجة ومرتبة - وهو الشئ الذى يذوى ويختبئ في باطن شئ آخر - مرهصة اسم والجمع مراهص

يمارى: ناظره وجادله - نازعه وخالفه - تلوى عليه

معقور: اسم مفعول من عَقَرَ - من لم يلد - أو ذُبح - أو عض

المُغمَّس: اسم مفعول من غَمَّسَ - بمعنى المغمور في - المخفي - غاب - الأمر الشديد

زور: اعوجاجه - طيشه - ميله

نَكَصَ: هرب وانهزم - رجع عما كان عليه - رده

عقبيه: ولى مدبراً - يرتد - قهقرى

تدمغه: طبع بالحق على الباطل - قهره بالحجة وغلبه - قذف الحق على الباطل - طلع عليه أو شجه حنى بلغت الشجة دماغه - الحق محا الباطل - لا ترد ولا يمكن تكذيبها

الكفور: صيغة المبالغة من كفر - لم يؤمن بالوحدانية أو النبوة أو الشريعة - كثير الجحود والكفران للنعم - ظلمة الليل واسوداده

عزيزى القارئ:
--------------
تستكمل لنا كاتبتنا "بنت الشاطئ" أثر نزول القرآن الكريم الرسالة الجديدة على سيدنا "محمد" "صلوات ربي وسلامه عليه" وقد اصطفاه ربه عن سادة قريش وأهل مكة مما أثار فيهم الحسد والبغض وكل واحد منهم يرى في نفسه الأحقية في أن يكون هو النبي الرسول .. أمثال "الوليد بن المغيرة المخزومى وأبو مسعود عمرو بن عمير سيد ثقيف عظيما مكة والطائف" من تم الإشارة إليهما في الآية 30 أعلاه .. وهذا حسب مقاييس العرب وقتها في شبه الجزيرة العربية .. كذلك أمية بن أبي الصلت شاعر ثقيف وتغنيه بالدين الجديد الذى سيظهر وأن من سينكره سيكون من الكفور وكان ذلك ليس عن إيمان بل ليستأثر به لنفسه وكان من أشد أعداء الرسول وتحالف مع الوثنية القرشية ضده ومات على كفره .. رغم إنكاره عبادة الأصنام منتظراً ميراث الدين الحنيف لنفسه .. وعلى عكس ما غالباً يعتقد الكثيرمنا أنه مجتمع كله كافر لكننا نجد البعض القليل على دين سيدنا إبراهيم عليه السلام والبعض الآخر على المسيحية والبعض الآخر على اليهودية ولكن الغالب الأعظم على الكفر ولهم العديد من المصالح الخاصة كالنفوذ السلطة والهيمنة والمال والتجارة وطرق القوافل وانتظار أن يكون له شرف النبوة .. فعند ظهور الدين الجديد تيقنوا أن عروشهم قد اهتزت وانفرادهم بالنفوذ ستفنى .. لذلك حاربوا الدين الجديد ورسوله وتابعيه ..

ونأتى لتفسير الآيات المذكورة من سورة "الزخرف" أعلاه: بل متعت أهل مكة وآباءهم - وهم من عقب سيدنا إبراهيم عليه السلام - بلإمداد في العمر والنعمة فاغتروا بالمهلة واشتغلوا بالتنعم واتباع الشهوات عن كلمة التوحيد - أى حتى جاءهم القآن ورسول ظاهر الرسالة - مؤيد بالمعجزات الباهرة من عند الله - وقد عولزا على تقليد آبائهم - ولم يتفكروا غرورا بطول الإمهال وإمتاع الله لهم بنعيم الدنيا فرفضوا وأعرضوا عن الحق وهو مجئ القآن الكريم لينبههم من غفلتهم ويرشدهم للتوحيد - ازدادوا عتواً وضلالاً فقالوا عن القآن أنه سحر ونحن به كافرون ولا نصدق أنه كلام الله واستحقروا الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام معاندين الحق والاستهانة به وقال المشركون منهم ألا ينزل القرآن على رجل عظيم في مكة أو الطائف!!! - وقد استبعدن قريش نزول القآن علي سيدنا "محمد" وهو الفقير الينيم - ظناً منهم أنه يجب أن ينزل على أحد الرؤساء العظماء ذو مال وجاه - وللأسف هذا ظن الكثيرين حنى زماننا هذا - جهلاء كل زمان ومكان - ولكن مقياس الله للعظمة الحقيقية ثم عند العقلاء هو عظمة النفس وسمو الروح - ومن أعظم نفساً وأسمى روحاً من سيدنا "محمد ابن عبد الله " عليه الصلاة والسلام!!! - ولهذا رد الله عليهم أهم يمنحون النبوة ويخصُّون بها من شاءوا من العباد حتى يقترحوا أن تكون لفلان الغنى أو فلان الكبير؟ يرد الله سبحانه عليهم "نحن بحكمتنا جعلنا ذلك هذا غنياً وهذا فقيراً وفاوتنا بينهم في الأموال والأرزاق وإذا كان أمر المعيشة - وهو تافه حقير - لم نتركه لهم بل تولينا قسمته بأنفسنا ، فكيف نترك أمر النبوة وهو عظيم وخطير - لأهوائهم ومشتهياتهم!!!" - وقد فضلنا بين الخلق في الرزق والعيش وجعلناهم مراتب فهذا غنى وهذا فقير وهذا متوسط الحال ليكون كل منهم مسخراً للآخر وينتفع بعضهم ببعض - فلو كانوا جميعاً سواء في كل أحوالهم لم يخدم أحد أحداً ولخرب العالم وتحول لخراب شامل وفساد نظام لحكمة إلهية أن يرتفق بعضهم ببعض ويصلوا إلى منافعهم فلو تولي كل شخص جميع احتياجاته بنفسه ما طلق ذلك وضاع وهلك حتى نزهد في التكالب على الدنيا وحتى نتوكل على الله في كل أمورنا - وإنعام الله على نبيه بالنبوة خير مما يجمع الناس من حطام الدنيا الفانية

وقد قال شيخنا "الشعراوى" فيهم: ومن العجيب أنهم قبل الرسالة كان في نظرهم جميعاً "الأمين والصادق والمؤتمن" - وبعد الرسالة كانوا لا يستأمنون أحداً مثلما يستأمنون "محمداً" صلى الله عليه وسلم فإذا كان هناك شئ ثمين عند الكافرين المعارضين ذهبوا لرسول الله ليحفظوها عنده - وهذا التناقض لا يفسره إلا وثوقهم في أخلاقه صلى الله عليه وسلم ورغم ذلك كانوا في غيظ وكمد لأن القرآن قد نزل عليه - أى أن القرآن مقبول في نظرهم ولكن الذى يحزنهم أنه نزل على "محمد" وهذا من تغفيلهم وهو مثل تغفيل من قالوا "اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء" "الآية 32 من سورة الأنفال"

وإليكم رابط فيديو يوضح 6 أسباب حقيقية منعت كفار قريش من دخول الإسلام مدته 6:11 دقيقة

https://youtu.be/VTBLMVDK3tA

وأشهد أن لا إله إلا الله وأن سيدنا محمداً رسول الله "صلَ الله عليه وسلم

فريق مصر أم الكون

خديجه حسين