" الحصار ..... وعام الحزن " " أ "
لم يكن المشركون من قريش قد أفاقوا من صدمة إسلام عمر ، حين
عاد وافداهم إلي النجاشي ، يحملان إلى مكة صدمة الخيبة وفشل المسعى.
فهل لم يبق إلا الحرب؟
لقد رفض المصطفي كل ما عرضوه عليه من مقترحات ليكف عن دعوته ، وأبي أن يساوموه على دينه ..
وكذلك فشلت كل المفاوضات مع أبي طالب ، لكى يكف عنهم ابن أخيه ، أو يخلى بينهم وبينه.
والإسلام يفشو في القبائل ، بكل ما يلقي المسلمون من أذى وبلاء .. وزعامة قريش تهتز وتترنح ، وتوشك أن تفقد سيطرتها على الموقف وقد أسلم حمزة بن عبد المطلب الهاشمى ، وأسلم عمر بن الخطاب التيمى ...
وهذا النجاشي يفتح بلاده لمن يهاجر من المسلمين ، ويؤمن كل من يلجأ إليه منهم ، ويأبي أن يمسهم أذى في جواره.
وبدأت قريش تتأهب لجولة حاسمة. ولمح "أبو طالب" نذر الشر فدعا عشيرته الأقربين إلى منع محمد والقيام دونه ، فأجابوه جميعاً ، لم يخرج عليهم غير أخيه أبي لهب ، عبد العزى بن عبد المطلب.
فهل لم يبق إلا الحرب؟
لقد رفض المصطفي كل ما عرضوه عليه من مقترحات ليكف عن دعوته ، وأبي أن يساوموه على دينه ..
وكذلك فشلت كل المفاوضات مع أبي طالب ، لكى يكف عنهم ابن أخيه ، أو يخلى بينهم وبينه.
والإسلام يفشو في القبائل ، بكل ما يلقي المسلمون من أذى وبلاء .. وزعامة قريش تهتز وتترنح ، وتوشك أن تفقد سيطرتها على الموقف وقد أسلم حمزة بن عبد المطلب الهاشمى ، وأسلم عمر بن الخطاب التيمى ...
وهذا النجاشي يفتح بلاده لمن يهاجر من المسلمين ، ويؤمن كل من يلجأ إليه منهم ، ويأبي أن يمسهم أذى في جواره.
وبدأت قريش تتأهب لجولة حاسمة. ولمح "أبو طالب" نذر الشر فدعا عشيرته الأقربين إلى منع محمد والقيام دونه ، فأجابوه جميعاً ، لم يخرج عليهم غير أخيه أبي لهب ، عبد العزى بن عبد المطلب.
لكن قريشاً ترددت في أن تخوض حرباً مسلحة مع آل عبد المطلب
وبنى هاشم ، وهم من صميم قريش. واستقر الرأى بعد طول مداولات على أن تفرض عليهم
حصاراً إقتصادياً واجتماعيّاً لا يرحم.
واجتمع زعماء قريش ، فائتمروا فيما بينهم علي مقاطعة بنى هاشم وعبد المطلب. لا يصهرون إليهم ولا يبيعونهم شيئاً ولا يبتاعون منهم.
وسجلوا حلف التعاقد في صحيفة في جوف الكعبة توثيقاً لحرمتها وتوكيداً على أنفسهم في التزامها.
وأقاموا على ذلك الحلف المشئوم زمناً ، سنتين أو ثلاثاً لقي فيها المسلمون والهاشميون من جهد الحصار ما لا يحتمل. وحيلَ بينهم ، وقد انحازوا إلى شِعب أبي طالب ، وبين الطعام أو الكساء يشترونه من التجار الوافدين علي أسواق مكة ، وقد يأتى أحد المنحازين إلى الشِعب سوق مكة يلتمس قوتاً يشتريه لعياله ، فيقوم أبو لهب ويصيح بالتجار:
" غالُوا على أصحاب محمد حتى لا يدركوا معكم شيئاً ، وقد علمتم مالى ووفاء ذمتي".
فيزيد التجار ثمن السلعة أضعافاً مضاعفة ، ويرجع أصحاب المصطفي ومن معه من آله ، إلي أطفالهم بالشِعب ، وليس في أيديهم طعام.
وبلغ منهم الجوع مبلغاً يصوره لنا قول "سعد بن أبي وقاص" بعد محنة الحصار بسنين:
"لقد جُعت حتى إنى وطئت ذات ليلة على شئ رطب فوضعته في فمى وبلعته ، وما أدرى ما هو إلي الآن".
وكانت التمرة الواحدة ربما وقعت لاثنين منهم يقتسمانها ، فيكون أحسنهما حظّاً من وقعت النواة في قسمه ، يلوكها بقية يومه!
وإنما كان طعامهم الخبط وورق السمر ، وما قد يأتيهم به سرّاً ، بعض ذوى رحمهم ، بدافع من المروءة والنجدة ، مستخفياً به من طواغيت قريش الساهرين على إحكام الحصار إنفاذ وثيقة المقاطعة.
نقل ابن هشام في (السيرة النبوية) أن أبا جهل بن هشام ، لقي "حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد" معه غلام يحمل قمحاً يريد به عمته "خديجة بنت خويلد" عند زوجها عليه الصلاة والسلام ، في شعب أبى طالب. فتعلق به أبو جهل وقال: "أتذهب بالطعام إلى بنى هاشم؟ والله لا تبرح أنت وطعامك حتى أفضحك بمكة".
ولمحهما أبو البخترى بن هاشم الأسدى ، فجاء يسأل أبا جهل:
"ما لك وله؟".
أجاب: "يحمل الطعام إلي بنى هاشم"
فقال أبو البخترى: "وما في هذا؟ طعام كان لعمته عنده ، بعثت إليه فيه ، أفتمنعه أن يأتيها بطعامها؟ خلِ سبيلَ الرجل".
فرفض أبو جهل ، وتشادا ، فأخذ أبو البخترى لحْىَ بعير فضربه به فشجّه ، ووطئه وطئاً شديداً ، وحمزة بن عبد المطلب قريب يرى ذلك ويتأهب للبطش بأبي جهل .. وهم يكرهون مع هذا أن يبلغ مثلُ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
واجتمع زعماء قريش ، فائتمروا فيما بينهم علي مقاطعة بنى هاشم وعبد المطلب. لا يصهرون إليهم ولا يبيعونهم شيئاً ولا يبتاعون منهم.
وسجلوا حلف التعاقد في صحيفة في جوف الكعبة توثيقاً لحرمتها وتوكيداً على أنفسهم في التزامها.
وأقاموا على ذلك الحلف المشئوم زمناً ، سنتين أو ثلاثاً لقي فيها المسلمون والهاشميون من جهد الحصار ما لا يحتمل. وحيلَ بينهم ، وقد انحازوا إلى شِعب أبي طالب ، وبين الطعام أو الكساء يشترونه من التجار الوافدين علي أسواق مكة ، وقد يأتى أحد المنحازين إلى الشِعب سوق مكة يلتمس قوتاً يشتريه لعياله ، فيقوم أبو لهب ويصيح بالتجار:
" غالُوا على أصحاب محمد حتى لا يدركوا معكم شيئاً ، وقد علمتم مالى ووفاء ذمتي".
فيزيد التجار ثمن السلعة أضعافاً مضاعفة ، ويرجع أصحاب المصطفي ومن معه من آله ، إلي أطفالهم بالشِعب ، وليس في أيديهم طعام.
وبلغ منهم الجوع مبلغاً يصوره لنا قول "سعد بن أبي وقاص" بعد محنة الحصار بسنين:
"لقد جُعت حتى إنى وطئت ذات ليلة على شئ رطب فوضعته في فمى وبلعته ، وما أدرى ما هو إلي الآن".
وكانت التمرة الواحدة ربما وقعت لاثنين منهم يقتسمانها ، فيكون أحسنهما حظّاً من وقعت النواة في قسمه ، يلوكها بقية يومه!
وإنما كان طعامهم الخبط وورق السمر ، وما قد يأتيهم به سرّاً ، بعض ذوى رحمهم ، بدافع من المروءة والنجدة ، مستخفياً به من طواغيت قريش الساهرين على إحكام الحصار إنفاذ وثيقة المقاطعة.
نقل ابن هشام في (السيرة النبوية) أن أبا جهل بن هشام ، لقي "حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد" معه غلام يحمل قمحاً يريد به عمته "خديجة بنت خويلد" عند زوجها عليه الصلاة والسلام ، في شعب أبى طالب. فتعلق به أبو جهل وقال: "أتذهب بالطعام إلى بنى هاشم؟ والله لا تبرح أنت وطعامك حتى أفضحك بمكة".
ولمحهما أبو البخترى بن هاشم الأسدى ، فجاء يسأل أبا جهل:
"ما لك وله؟".
أجاب: "يحمل الطعام إلي بنى هاشم"
فقال أبو البخترى: "وما في هذا؟ طعام كان لعمته عنده ، بعثت إليه فيه ، أفتمنعه أن يأتيها بطعامها؟ خلِ سبيلَ الرجل".
فرفض أبو جهل ، وتشادا ، فأخذ أبو البخترى لحْىَ بعير فضربه به فشجّه ، ووطئه وطئاً شديداً ، وحمزة بن عبد المطلب قريب يرى ذلك ويتأهب للبطش بأبي جهل .. وهم يكرهون مع هذا أن يبلغ مثلُ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
عزيزى القارئ:
_________
يفشو: يذيع - ينتشر - يشيع - يكثر
_________
يفشو: يذيع - ينتشر - يشيع - يكثر
حيل بينهم: منع بينهم بالقوة - عزم
شِعب: مكان عميق ما بين شيئين - مسافة بين شيئين - تفرق
وطئت: داس برجله
الخبط: ما سقط من ورق الشجر بالخبط والنفض
ورق السمر: ورق شجرة الطلح - ورق أشجار جفت واسمرت
تبرح: تغادر - تفارق - زال
عزيزى القارئ:
_________
توضح لنا د. "بنت الشاطئ" مدى جبروت وغلظة وقسوة كفار قريش في حربهم للدين الجديد ورسوله وتابعيه بما يعرف في عصرنا الحالي بالحصار الإقتصادى أو الحرب الإقتصادية لتحقيق أهداف معينة .. وكم تحمل رسولنا الكريم وصحابته من طول فترة الحصار التى امتدت لسنوات ثلاث "على أغلب الروايات" .. ولكنهم لم يتنازلوا عن صبرهم وإيمانهم بدين الإسلام ورسوله الكريم .. طوبي لكم .. وصلاة وسلام الله عليك ياحبيبي يا رسول الله وصحابتك الكرام
_________
توضح لنا د. "بنت الشاطئ" مدى جبروت وغلظة وقسوة كفار قريش في حربهم للدين الجديد ورسوله وتابعيه بما يعرف في عصرنا الحالي بالحصار الإقتصادى أو الحرب الإقتصادية لتحقيق أهداف معينة .. وكم تحمل رسولنا الكريم وصحابته من طول فترة الحصار التى امتدت لسنوات ثلاث "على أغلب الروايات" .. ولكنهم لم يتنازلوا عن صبرهم وإيمانهم بدين الإسلام ورسوله الكريم .. طوبي لكم .. وصلاة وسلام الله عليك ياحبيبي يا رسول الله وصحابتك الكرام
وإليكم رابط فيديو عن حصار المسلمين يصلح للكبار والصغار
لنعلمهم الصبر على الإبتلاءات وإختبارات الحياة والصبر على المكاره والتمسك بكلمة
الحق والمبادئ السامية .. الفيديو مدته 5:44 دقيقة
عزيزى القارئ:
_________
نعود لرحاب السيرة الزكية للسيدة الفاضلة الزوجة الوحيدة الحزينة الثكلى والأرمل "آمنة بنت وهب"
وعاد المسافر إنه ليس "عبد الله" بل أخوه "الحارث" .. عاد وحده عاد لينعى أخاه الشاب الصغير إلي الشيخ أبيه الذى لم يتحمل وقع المفاجأة .. فخر في مقعده واجماً وترك العنان لمآقيه أن تفيض بالدموع.
وعلمت "آمنة" بالمصاب الفادح فوجمت عندما عرفت الحقيقة التى حاول الجميع أن يخفوها عنها ولم تسعفها عيناها بالبكاء .. بل إنها هى الأخري كانت قاسية فضنَّت بالدموع .. ولكن من أين تأتى العبرات وقد جفت المآقي ونضبت العيون .. لقد ظلت أياماً لا تصدق النبأ ولقد كذبت كل من آتاها بالنعى .. أنه لايزال يعانى من الوعكة التى ألمت به وسوف يعود .. ولكن لابد مما ليس منه بد .. لقد تيقنت أخيراً من الكارثة وتركت لمآقيها أن تفيض الدمع لعلها تخفف من لوعتها.
نعم .. لقد أراد الله جلت حكمته وتعالت قدرته أن ينجو "عبد الله" من النحر وفاءاً لنذر "عبد المطلب" ليموت هذه الميتة الطارئة بعد أن أدى دوره الذى رسمه الله له بعد أن يودع النطفة الطاهرة عند "آمنة"
ثم إن موت "عبد الله" مكتوب في الأزل بعد أن تنتقل النطفة الطاهرة من أطيب صلب إلى أطهر رحم. كتب الله ذلك في قرآنه منذ الأزل .. قرآناً يرتل في السماوات والأرضين .. {ألم يجدك يتيماً فآوى} .. فلابد أن يولد "محمد" عليه الصلاة والسلام يتيماً ولابد أن يموت أبوه قبل مولده.
_________
نعود لرحاب السيرة الزكية للسيدة الفاضلة الزوجة الوحيدة الحزينة الثكلى والأرمل "آمنة بنت وهب"
وعاد المسافر إنه ليس "عبد الله" بل أخوه "الحارث" .. عاد وحده عاد لينعى أخاه الشاب الصغير إلي الشيخ أبيه الذى لم يتحمل وقع المفاجأة .. فخر في مقعده واجماً وترك العنان لمآقيه أن تفيض بالدموع.
وعلمت "آمنة" بالمصاب الفادح فوجمت عندما عرفت الحقيقة التى حاول الجميع أن يخفوها عنها ولم تسعفها عيناها بالبكاء .. بل إنها هى الأخري كانت قاسية فضنَّت بالدموع .. ولكن من أين تأتى العبرات وقد جفت المآقي ونضبت العيون .. لقد ظلت أياماً لا تصدق النبأ ولقد كذبت كل من آتاها بالنعى .. أنه لايزال يعانى من الوعكة التى ألمت به وسوف يعود .. ولكن لابد مما ليس منه بد .. لقد تيقنت أخيراً من الكارثة وتركت لمآقيها أن تفيض الدمع لعلها تخفف من لوعتها.
نعم .. لقد أراد الله جلت حكمته وتعالت قدرته أن ينجو "عبد الله" من النحر وفاءاً لنذر "عبد المطلب" ليموت هذه الميتة الطارئة بعد أن أدى دوره الذى رسمه الله له بعد أن يودع النطفة الطاهرة عند "آمنة"
ثم إن موت "عبد الله" مكتوب في الأزل بعد أن تنتقل النطفة الطاهرة من أطيب صلب إلى أطهر رحم. كتب الله ذلك في قرآنه منذ الأزل .. قرآناً يرتل في السماوات والأرضين .. {ألم يجدك يتيماً فآوى} .. فلابد أن يولد "محمد" عليه الصلاة والسلام يتيماً ولابد أن يموت أبوه قبل مولده.
لا أملك إلا أن أقول #سبحانك_ربي ..
ولنتوقف
عند هذا القدر اليوم .. إلي أن يشاء رب العالمين بلقاء جديد.
اللهم صلِّ علي سيدنا "محمد" نور سراج الرحمن صلاة
تكفينا بها وساوس النفس والإنس والشيطان وعلى آله وصحبه وسلم
فريق مصر أم الكون
خديجه حسين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق