" الهجرة إلى الحبشة " "د"
خرج متوشحاً سيفه ، وأخذ مسراه إلي "الصفا" وفي
عينيه بريق يتوهج.
فهناك عند الصفا بيت يعرفه ، سمع أن محمداً يجتمع فيه مع رهط من صحابته ، نحو أربعين ، ليعبدوا رب محمد.
وفي طريقه إلى هذا البيت ، لقيه "نُعيم بن عبد الله" فسأله:
- أين تريد يا عمر؟
أجاب:
- أريد محمداً هذا الصابئ الذى فرّق أمر قريش وسفه أحلامها وعاب دينها وسب آلهتها فأقتله.
قال له نعيم:
- غرتك نفسك يا عمر! أترى بنى عبد مناف تاركيك تمشي على الأرض وقد قتلت محمداً؟ أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم؟
سأله عمر مستريباً:
- وأى أهل بيتى؟
أجاب:
- صهرك وابن عمك: سعيد بن زيد بن عمرو ، وزوجُه فاطمة: بنت الخطاب أختك. فقد والله أسلما وتابعا محمداً علي دينه ، فعليك بهما.
وصك الخبر مسمع عمر ، فعدَل عن طريق الصفا وانطلق إلي بيت صهره وابن عمه ، يهدر بالغضب والوعيد.
فلما دنا من البيت ، توقف يصغى إلي تلاوة خافتة ، ثم اقتحم الباب فلمح أخته فاطمة تخفي صحيفة معها.
قال وهو ينقل بصره بينها وبين زوجها سعيد:
- ما هذه الهينمة التى سمعت؟ لقد أخبرتُ أنكما تابعتما محمداً على دينه!
وبطش بابن عمه سعيد بن زيد ، فقامت فاطمة لتكفه عن زوجها فضربها فشجها. وعندئذ قالا له معاً ، في تحد وإصرار:
- نعم ، قد أسلمنا وآمنا بالله ورسوله فاصنع ما بدا لك!
وفجأة ، تراخت قبضة "عمر" عن سعيد وكأنما أُخذ بإيمانهما ، أو ندم حين رأى دم أخته يتدفق من أثر شجَّته.
قال لها:
- أعطينى هذه الصحيفة التى سمعتكم تقرءون منها آنفاً ، أنظر ما هذا الذى جاء به محمد.
وأقسم لها بآلهته ، ليردن الصحيفة إليها بعد أن يقرأها.
لكنها أبت عليه أن يمسَّها حتى تطهر ، فأعطته إياها ، وفيها سورة طه. وقرأها عمر ، فبدا عليه الخشوع وقال:
- ما أحسن هذا الكلام وأكرمه!
فهناك عند الصفا بيت يعرفه ، سمع أن محمداً يجتمع فيه مع رهط من صحابته ، نحو أربعين ، ليعبدوا رب محمد.
وفي طريقه إلى هذا البيت ، لقيه "نُعيم بن عبد الله" فسأله:
- أين تريد يا عمر؟
أجاب:
- أريد محمداً هذا الصابئ الذى فرّق أمر قريش وسفه أحلامها وعاب دينها وسب آلهتها فأقتله.
قال له نعيم:
- غرتك نفسك يا عمر! أترى بنى عبد مناف تاركيك تمشي على الأرض وقد قتلت محمداً؟ أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم؟
سأله عمر مستريباً:
- وأى أهل بيتى؟
أجاب:
- صهرك وابن عمك: سعيد بن زيد بن عمرو ، وزوجُه فاطمة: بنت الخطاب أختك. فقد والله أسلما وتابعا محمداً علي دينه ، فعليك بهما.
وصك الخبر مسمع عمر ، فعدَل عن طريق الصفا وانطلق إلي بيت صهره وابن عمه ، يهدر بالغضب والوعيد.
فلما دنا من البيت ، توقف يصغى إلي تلاوة خافتة ، ثم اقتحم الباب فلمح أخته فاطمة تخفي صحيفة معها.
قال وهو ينقل بصره بينها وبين زوجها سعيد:
- ما هذه الهينمة التى سمعت؟ لقد أخبرتُ أنكما تابعتما محمداً على دينه!
وبطش بابن عمه سعيد بن زيد ، فقامت فاطمة لتكفه عن زوجها فضربها فشجها. وعندئذ قالا له معاً ، في تحد وإصرار:
- نعم ، قد أسلمنا وآمنا بالله ورسوله فاصنع ما بدا لك!
وفجأة ، تراخت قبضة "عمر" عن سعيد وكأنما أُخذ بإيمانهما ، أو ندم حين رأى دم أخته يتدفق من أثر شجَّته.
قال لها:
- أعطينى هذه الصحيفة التى سمعتكم تقرءون منها آنفاً ، أنظر ما هذا الذى جاء به محمد.
وأقسم لها بآلهته ، ليردن الصحيفة إليها بعد أن يقرأها.
لكنها أبت عليه أن يمسَّها حتى تطهر ، فأعطته إياها ، وفيها سورة طه. وقرأها عمر ، فبدا عليه الخشوع وقال:
- ما أحسن هذا الكلام وأكرمه!
وعاد السارى فاستأنف طريقه إلي "الصفا".
وطرق باب البيت على المصطفي وصحابته ، فقام رجل منهم فنظر من خلل الباب ، ثم أقبل علي المصطفي فقال وما يُخفى فزعه:
- يا رسول الله ، هذا عمر بن الخطاب متوشحاً السيف.
قال عليه الصلاة والسلام: "ائذن له"
ونهض إليه المصطفى فلقيه في الحجرة ، وسأله:
"ما جاء بك يا ابن الخطاب؟"
أجاب عمر:
- جئتك لأومن بالله ، وبرسوله ، وبما جاء من عند الله!
عندئذ كبّر المصطفي تكبيرة عرف منها أهل البيت من الصحابة ، أن "عمر قد أسلم".
وسرى صداها في أرجاء مكة ، معلناً إسلام عمر ، فبات المشركون بين مصدق ومكذب ، حتى غدا "عمر" عليهم وهم في أنديتهم حول الكعبة ، وقد تقدمه ابن# معمر الجمحى فصرخ بأعلى صوته:
- يا معشر قريش ، ألا إن عمر بن الخطاب قد صبأ؛
قال "عمر" من خلفه:
- كذب! ولكنى أسلمتُ وشهدت أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً عبده ورسوله.
وثاروا إليه ، فواجههم فرداً لا يباليهم ، ثم أخذ مجلسه قرب الكعبة وهو يقول:
- افعلوا ما بدا لكم ، فأحلف بالله أنْ لو كنا ثلاثمائة رجلٍ ، لقد تركناها لكم أو تركتموها لنا!
عزيزى القارئ:
_________
رهط: قوم الرجل وقبيلته وما فيهم امرأة - جماعة من الرجال
وطرق باب البيت على المصطفي وصحابته ، فقام رجل منهم فنظر من خلل الباب ، ثم أقبل علي المصطفي فقال وما يُخفى فزعه:
- يا رسول الله ، هذا عمر بن الخطاب متوشحاً السيف.
قال عليه الصلاة والسلام: "ائذن له"
ونهض إليه المصطفى فلقيه في الحجرة ، وسأله:
"ما جاء بك يا ابن الخطاب؟"
أجاب عمر:
- جئتك لأومن بالله ، وبرسوله ، وبما جاء من عند الله!
عندئذ كبّر المصطفي تكبيرة عرف منها أهل البيت من الصحابة ، أن "عمر قد أسلم".
وسرى صداها في أرجاء مكة ، معلناً إسلام عمر ، فبات المشركون بين مصدق ومكذب ، حتى غدا "عمر" عليهم وهم في أنديتهم حول الكعبة ، وقد تقدمه ابن# معمر الجمحى فصرخ بأعلى صوته:
- يا معشر قريش ، ألا إن عمر بن الخطاب قد صبأ؛
قال "عمر" من خلفه:
- كذب! ولكنى أسلمتُ وشهدت أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً عبده ورسوله.
وثاروا إليه ، فواجههم فرداً لا يباليهم ، ثم أخذ مجلسه قرب الكعبة وهو يقول:
- افعلوا ما بدا لكم ، فأحلف بالله أنْ لو كنا ثلاثمائة رجلٍ ، لقد تركناها لكم أو تركتموها لنا!
عزيزى القارئ:
_________
رهط: قوم الرجل وقبيلته وما فيهم امرأة - جماعة من الرجال
الصابئ: من ترك دينه ودان بدين آخر - ظهر واضحاً - انتقل - هجم
صهرك: قريبك من أهل بيت المرأة - أذابه وحوله من صلب لسائل
صك: أغلق - ضرب - لطم - دفعه بشدة - وثيقة بمال
الهينمة: صوت دعاء الله الخفي - كلام لا يفهم
بطش: فتك - أخذه عنفاً وسطوة - أمسكه بقوة
شجها: أثر الشجة "الإصابة بجرح" في جبينه - لم يجد
من الهم والحزن مخرجا
خلل: منفرج ما بين كل شيئين - بينهم - اضطراب
عزيزى القارئ:
_________
ملخص ما ذكرته د. "بنت الشاطئ" أعلاه أن الله سبحانه وتعالي قد استجاب لدعاء نبينا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه .. "اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين عمرو بهشام أو عمر بن الخطاب" .. صلَّ الله عليه وسلم .. ونعلم أن "عمرو بن هشام" هو أبو جهل.
_________
ملخص ما ذكرته د. "بنت الشاطئ" أعلاه أن الله سبحانه وتعالي قد استجاب لدعاء نبينا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه .. "اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين عمرو بهشام أو عمر بن الخطاب" .. صلَّ الله عليه وسلم .. ونعلم أن "عمرو بن هشام" هو أبو جهل.
وإليك رابط لمقطع تمثيلى لقصة إسلام "عمر بن الخطاب"
رضي الله عنه .. مدته 10:51 دقيقة
عزيزى القارئ:
_________
ونأتى لسطور من للزوجة الخلصة "آمنة بنت وهب" الوحيدة الحزينة
ثم ، وبعد ذلك أحست بخطوات دانية تقترب من دارهم فتعلقت عيناها بالباب وهى لا تكاد تتماسك من الانفعال .. حتى إذا فتح الباب أخيراً وتسمرت لا تكاد تدرك أنفاسها
عجباً لم يكن هو "عبد الله" وإنما كان أبوه "عبد المطلب" لعل "عبد الله" خلفه .. ولكن لا إن من بصحبة حماها هو أبوها "وهب" ونفر كثير من الأهل والأقربين .. ماذا بهم؟ أين "عبد الله"؟ لقد غاب عن "آمنة" وهى في لهفة الانتظار .. أن ترى سحابة الحزن قد غطت وجوه القوم.
سألت "آمنة" الجميع: أين "عبد الله"؟ .. فلم تر إلا وجوماً ولن تسمع إلا صمتاً .. وكان أبوها "وهب" أول من تكلم فقال لإبنته وهو يتحاشي النظر إلى عينيها:
- صبراً يا "آمنة" ، بعض الشجاعة يا بنيتى ، فما في الأمر شئ يدعو إلى الجزع.
وسكت الرجل وقد خنقته العبرات ولكنه غالب نفسه واستطرد:
- لقد عادت القافلة وكنا جميعاً في انتظارها بالحرم فافتقدنا "عبد الله" زوجك وسألنا عن الركب فأخبرنا رفاقه أن وعكة قد ألمت به وهو في طريقه إلينا فمكث عند أخواله من بنى النجار بيثرب وعما قريب يبرأ ويعود إليكِ سالماً .. وأكمل:
- هو ذاك يا "آمنة" وعكة بسيطة ولا شئ أكثر ولقد بعثت .. ولقد بعثت إليه أخاه "الحارث" كى يكون معه ويصحبه في الطريق؛ فثوبي إلى صبرك وادعى له بالشفاء.
فردت "آمنة" بصوت محشرج من الحزن والألم:
- أفعل يا عم .. ولم تزد.
ودخلت إلي مخدعها .. ولكنها "آمنة" بنت الأسرة المؤمنة وتعيش هنا في بيت مؤمن ؛ "آمنة" التى تربت على الإيمان والصبر والاتصال الخالص بالخالق الوهاب ؛ فلا جزع مثل بعض النسوة ؛ ولا ابتئاس ، بل صبر وإيمان ودعاء وإبتهال .. ولم تشعر بالقوم حين غادروا الدار إلي الكعبة خاشعين ضارعين.
ودارت الأيام دورتها وكانت تعاود "آمنة" في لحظات غفوتها القصيرة تلك الأحلام وتلك الرؤى الملحة عن جنين ذى شأن تطويه بين أحشائها وتسمع الهاتف يبشرها بأمجد ولادة لأمجد نبوة له ، عليه أفضل صلاة وأزكى سلام ، حتى إذا فاقت من نعاسها عز عليها ألا ترى "عبد الله" بجوارها.
_________
ونأتى لسطور من للزوجة الخلصة "آمنة بنت وهب" الوحيدة الحزينة
ثم ، وبعد ذلك أحست بخطوات دانية تقترب من دارهم فتعلقت عيناها بالباب وهى لا تكاد تتماسك من الانفعال .. حتى إذا فتح الباب أخيراً وتسمرت لا تكاد تدرك أنفاسها
عجباً لم يكن هو "عبد الله" وإنما كان أبوه "عبد المطلب" لعل "عبد الله" خلفه .. ولكن لا إن من بصحبة حماها هو أبوها "وهب" ونفر كثير من الأهل والأقربين .. ماذا بهم؟ أين "عبد الله"؟ لقد غاب عن "آمنة" وهى في لهفة الانتظار .. أن ترى سحابة الحزن قد غطت وجوه القوم.
سألت "آمنة" الجميع: أين "عبد الله"؟ .. فلم تر إلا وجوماً ولن تسمع إلا صمتاً .. وكان أبوها "وهب" أول من تكلم فقال لإبنته وهو يتحاشي النظر إلى عينيها:
- صبراً يا "آمنة" ، بعض الشجاعة يا بنيتى ، فما في الأمر شئ يدعو إلى الجزع.
وسكت الرجل وقد خنقته العبرات ولكنه غالب نفسه واستطرد:
- لقد عادت القافلة وكنا جميعاً في انتظارها بالحرم فافتقدنا "عبد الله" زوجك وسألنا عن الركب فأخبرنا رفاقه أن وعكة قد ألمت به وهو في طريقه إلينا فمكث عند أخواله من بنى النجار بيثرب وعما قريب يبرأ ويعود إليكِ سالماً .. وأكمل:
- هو ذاك يا "آمنة" وعكة بسيطة ولا شئ أكثر ولقد بعثت .. ولقد بعثت إليه أخاه "الحارث" كى يكون معه ويصحبه في الطريق؛ فثوبي إلى صبرك وادعى له بالشفاء.
فردت "آمنة" بصوت محشرج من الحزن والألم:
- أفعل يا عم .. ولم تزد.
ودخلت إلي مخدعها .. ولكنها "آمنة" بنت الأسرة المؤمنة وتعيش هنا في بيت مؤمن ؛ "آمنة" التى تربت على الإيمان والصبر والاتصال الخالص بالخالق الوهاب ؛ فلا جزع مثل بعض النسوة ؛ ولا ابتئاس ، بل صبر وإيمان ودعاء وإبتهال .. ولم تشعر بالقوم حين غادروا الدار إلي الكعبة خاشعين ضارعين.
ودارت الأيام دورتها وكانت تعاود "آمنة" في لحظات غفوتها القصيرة تلك الأحلام وتلك الرؤى الملحة عن جنين ذى شأن تطويه بين أحشائها وتسمع الهاتف يبشرها بأمجد ولادة لأمجد نبوة له ، عليه أفضل صلاة وأزكى سلام ، حتى إذا فاقت من نعاسها عز عليها ألا ترى "عبد الله" بجوارها.
وإلى لقاء قادم بإذن الله أترككم في رعاية الله.
اللهم حببنى إلي حبيبك سيدنا محمد صلى الله تعالي عليه وآله وسلم تسليماً
اللهم حببنى إلي حبيبك سيدنا محمد صلى الله تعالي عليه وآله وسلم تسليماً
فريق مصر أم الكون
جنرال بهاء الشامى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق