تحميل تطبيق المدونه

السبت، 9 نوفمبر 2019

طائر الأسكندريه الحزين رقم 7


كنا قد توقفنا الحلقه الماضيه عن توضيحات فيما يخص المنظمات الدوليه والأقليميه واليوم نستكمل معكم ماتوقفنا عنده حلقتنا السابقه فهيا بنا متأهبين لننهل من عنقودنا الذهبى الدكتور مفيد شهاب ومن علمه


أمكانية تعديل ميثاق الأمم المتحده  :


تحرص المواثيق الدوليه بشكل عام عند نشأتها على وضع مجموعه من المبادئ والأسس العامه غير المختلف عليها خاصة عند أنشاء تنظيم عالمى جديد مفتوح لكل دول العالم على غرار الأمم المتحده يقوم على المساواه بين الدول الكبيره والصغيره والتعاون فيما بينها ونبذ أستخدام القوه فى العلاقات الدوليه ومعاقبة من يفعل ذلك عقابا جماعيا وليس من جانب واحد وهى مجموعه من المبادئ أتفق عليها وتحولت فيما بعد إلى ميثاق الأمم المتحده وذلك لتوحيد الصفوف وتجنب الفرقه والأختلاف لاسيما أنها كانت ترغب فى أن ينضم إليها كل الدول عقب الحرب العالميه الثانيه حيث أنها لو كانت دخلت فى التفاصيل لكان من الصعب إرضاء كل الدول ومن ثم تفشل المنظمه



تم توقيع ميثاق الأمم المتحده فى سان فرانسيسكو فى ختام مؤتمر الأمم المتحده الخاص بنظام الهيئه الدوليه وأصبح نافذا فى 24 أكتوبر 1945ويعد النظام الأساسى لمحكمة العدل الدوليه جزءا متمما للميثاق وقد حرصت الدول الكبرى على تمييز نفسها داخل الأمم المتحده من خلال منح نفسها حق الفيتو الذى يقتصر أستخدامه على الدول الخمس دائمه العضويه فى المجلس وهى الولايات المتحده الأمريكيه _ روسيا _بريطانيا _ فرنسا _ الصين للأعتراض على القرارات دون بقية الأعضاء العشره مؤقتى العضويه وهو ما يشير إلى أنها لايمكن أن يمرر قرار يتعلق بالميثاق سواء من حيث التعديل أو التغيير دون موافقة تلك الدول مجتمعه وهو مايعنى أنه من الصعب أن لم يكن من المستحيل تعديل الميثاق حيث أن الدول الكبرى لن تتخلى عن الأمتيازات التى حصلت عليها ومن ثم ستحرص على أن تظل الأمم المتحده وميثاقها دون أى تغيير أو تعديل فى ظل ماوضعته من ضمانات تمنع صدور أى قرار يحد من نفوذها



ربما هذا مايفسر لماذا كانت قضية حق الفيتو للدول الخمس الكبرى فى مجلس الأمن هى أكثر ما أثار الجدل فى المؤتمر إلى حد التهديد بإيقافه كليا فالقوى الصغرى خشيت من أن تهدد أحدى الدول الخمس الكبرى للسلام ولايستطيع مجلس الأمن فعل شئ حيالها وعند نشوء صراع بين قوتين غير دائمتى العضويه فى مجلس الأمن مما يعنى أحتمال تصرف الخمس الكبرى تصرفا عشوائيا وعليه تم الأتفاق على تخفيف سلطه حق النقض إلا أن القوى العظمى أصرت على بقاء هذا الحكم بوصفه أمراً حيويا مشيره إلى أن المسئوليه الرئيسيه فى صون السلم العالمى تقع على عاتقها وفى نهاية المطاف وافقت القوى الصغرى على ذلك لتيسير أنشاء المنظمه لذا يمكن القول أن وضع الأمم المتحده ماهو إلا إنعكاس لوضع المجمتع الدولى ومن ثم فليس المطلوب حاليا تعديل الميثاق ولكن المطلوب أن تدرك الدول الكبرى أنه يجب عليها أن تتنازل عن أنانيتها السياسيه القائمه على الرغبه فى السيطره وتوسيع النفوذ وذلك لخلق نوع من العداله الدوليه التى تساعد على تحقيق مزيد من الأستقرار على الساحه الدوليه  



معركة ملحمة إسترداد طابا  ملحمه :


بداية تعد المفاوضات الدوليه علما وفنا وهذا العنوان أخذته من الأستاذ الأمريكى باكستر الذى ألف كتاب (( المفاوضات الدوليه علم وفن )) لذلك فقد أستفدت كثيرا من مرحلة التفاوض على طابا حيث كنت بصحبة أساتذه ذوى كفاءه عاليه فى التفاوض ومهاره رائعه فى توزيع الأدوار والقدره على معرفة أفكار من يتم التفاوض معهم وماهو الحد الأدنى الأقصى لما يمكن أن يقبل به خاصة أن فن التفاوض يحتاج إلى صبر شديد وأن تضع عدة بدائل والأهم فى التفاوض الحس الوطنى والخبره والتخصص فمثلا إذا كنت تريد التفاوض فى قضية حدود فيجب أن تأتى بأحد خبراء المساحه والجغرافيا والقانون فالتخصص مهم جدا لكن الفهلوه لا تفيد فى مثل هذه الأزمات خاصة عند التفاوض فى أزمه قوميه لها أبعاد ومشكلات ولابد من الأعتماد على الأسلوب العلمى والخبراء والمتخصصين وروح الفريق الجماعى



بالنسبه لكواليس أنضمامى لفريق الدفاع عن طابا فعندما شكلت اللجنه القوميه لطابا طلب الرئيس الأسبق مبارك من عصمت عبدالمجيد الأستعانه بأساتذة قانون وأساتذة جعرافيا وأساتذة تاريخ وخبراء مساحه وعسكريين وسفراء لدراسة الملف وقيل له أن هناك أستاذاً للقانون الدولى فى الكويت وهو الدكتور مفيد شهاب وطلب منهم الأستعانه بى وكلمنى أسامه الباز وقال لى أن الرئيس يريد مقابلتك وقابلت الرئيس مبارك وطلب منى أن أدرس الملف وقضية طابا وقال لى أنها أرض بمصر واليهود لايريدون أن يتركوها وقال لى أمامك 4 أو5 أيام وتبلغنى برأيك حول القضيه وأبلغت الرئيس بأن موقفنا قوى وأن طابا ملك لنا وذلك بعد قراءة كتب حافظ سلطان وكتب حافظ غانم والخرائط والمستندات ثم طلب منى الرئيس عدم الرجوع إلى الكويت وبالفعل عدت إلى مصر ودرست ملف طابا وطلب الرئيس تشكيل لجنه قوميه من خبراء التاريخ والجغرافيا لدراسته وأبلغنا الرئيس بأن موقفنا قوى



بدأت المفاوضات وأستمرت فتره طويله جدا حيث أن خط الحدود من رفح المصريه شمالاً إلى طابا على خليج العقبه جنوبا 240 كيلو مترا طبقا لإتفاقية السلام المبرمه بين مصر وإسرائيل عام 1979 وكان يوجد أعلان مبادئ فى البدايه فى كامب ديفيد 1978 ونص على مجموعه من الأسس منها أنسحاب إسرائيل وأعتراف مصر بإسرائيل وتبادل دبلوماسى ألخ  ثم تحولت إلى أتفاقيه تفصيليه ملزمه فى ملاحق 1979  نصت على الأنسحاب من جميع الأراضى المصريه على عدة خطوات جزء منها عام 1980 وجزء عام 1981  وآخر جزء يتم الأنسحاب منه 25 إبريل عام 1982 ويرفع رئيس الجمهوريه العلم المصرى على العريش إيذانا بأن مصر أسترجعت جميع أراضيها



تم تشكيل لجنه مشتركه تشرف على الأنسحاب وتمت المراحل الأولى والثانيه والثالثه من الأنسحاب وعندما أقترب يوم 25 إبريل 1982 لم ينسحب الأسرائيليون من بعض المواقع منها العلامه 91 الحدوديه وهى عباره عن فلنك حديد وقاعده خراسانيه حيث لاتوجد حدود طبيعيه كالجبال كما لايوجد سكان ولا زرع ولا حياه وماطلت إسرائيل فى الأنسحاب فى 25 إبريل 1982 وأعتقدوا أن المصريين سيرضخون فى النهايه لأنهم يريدون إعلان تحرير أرضهم لذا سوف نحتفظ بطابا ومنطقة النقب وعلامات أخرى صغيره إلى جانب الأختلاف المفتعل الذى حدث وقت الأنسحاب عند العلامه رقم 7 وبعض العلامات الأخرى على غرار العلامات 56 و 51 و 46 والفرق حول تلك العلامات بين مايقوله المصريون والأسرائيليون ما بين 20 و 30مترا  لكن الخلاف الحقيقى كان حول العلامات 87 و 86 و 85 و 88  وهذه المنطقه تسمى رأس النقب وفى حالة صحة قولهم فأن ذلك يعنى أن تكون هناك مساحه تصل إلى 5,5 كيلومتر تابعه لهم داخل الحدود المصريه وهى منطقه أستراتيجيه وطابا بجانبها



أستمر التفاوض حتى 1985 وفى تلك الفتره حرص الأسرائيليون على زيادة العلامات الصغيره لتعقيد الأمور أمامنا حتى نصاب بالملل ونترك القضيه حيث أن أتفاقية السلام تنص على أن أى نزاع ينشأ بسبب تنفيذها إذا لم يتم حله بالتفاوض فأنه يحل بالتوفيق أو اللجوء إلى التحكيم وقد طالب الأسرائيليون بالدخول فى مرحلة التوفيق ورفضنا لأن التوفيق يعنى أن تستعين بطرف ثالث يقترح حلا وسطا تقبل أو لاتقبل به إسرائيل كونه يعد مجرد رأى أستشارى لكن التحكيم يختار محكمين متفقا عليهم يطبقون القانون ولاتوجد حلول وسطيه ويصدر حكم ملزم بواسطة محكمين وقضاه وكتبت وقتها مقالا بالأهرام تحت عنوان (( نعم للتحكيم لا للتوفيق ))


فى ذلك التوقيت حدث أن شيمون بيريز كان يريد مقابلة الرئيس مبارك فرفض مقابلته حتى تعلن إسرائيل الموافقه على التحكيم وبالفعل وافق على ذلك وطلب من الوفد الأسرائيلى المنسحب من المفاوضات البقاء حيث كان يقيم بمينا هاوس وأعلن رئيس الحكومه الإسرائيليه الموافقه على التحكيم وبدأت مفاوضات جديده مع إسرائيل لإبرام أتفاقيه التحكيم





 لماذا أصر الدكتور مفيد شهاب على مبدأ التحكيم بدلا من التفاوض رغم أن رغم أن الممثل للقانون الأسرائيلى كان يصر على التفاوض فيما يتعلق بقضية طابا ؟؟؟


يقول عنقودنا الذهبى التفاوض لايأتى بنتيجه إلا إذا وافق الطرفان وكل ما كنا نوافق عليه كان يرفضه الجانب الاسرائيلى لذا لم نصل الى نتيجه فكان لابد من اللجوء الى طريقه الزاميه طبقا للقانون الدولى ووفقا لميثاق الامم المتحده فى الماده 33 التى تنص على ان اى نزاع ينشأ بين الدول يحل عن طريق التفاوض او لجان تقصى الحقائق او التوفيق او الوساطه او الالتجاء الى التحكيم او القضاء الدولى ((محكمه العدل الدوليه ))
التحكيم والقضاء الدولى وسيلتان قانونيتان ملزمتان وما عداهما وسائل سياسيه غير ملزمه لاتنتهى بحل برضا الطرفين فالتفاوض وسيله للحل برضا الطرفين وقد أستمرت المفاوضات 5 أو 6 سنوات ولايوجد رضا والتوفيق صوره من ثمار التفاوض وتأتى بطرف ظاهر يساعدك لكن التحكيم يقدم المرافعات والشهود والمذكرات القانونيه لذلك شكلت اللجنه القوميه لطابا بعد إبرام أتفاقية التحكيم ووضعت بها الشروط



أستمر الفريق المصرى فى التفاوض بكل دقه مايقرب من   6 أو 8 أشهر حول 11 ماده وتم التوقيع فى مينا هاوس فى سبتمبر 1986الساعه الثالثه صباحا وتم عدد المحكمين وتوقيت المرافعات وتقديم المذكرات أذ تم تحديد خمسة محكمين معروفين بالحياد أحدهم مصرى وهو محمد سلطان ومحكمه إسرائيليه وسويسرى وفرنساوى كان رئيس محكمة النقض وآخر سويدى كان رئيساً فى محكمه وكان رئيس التحكيم رول أوف كاتش فى النزاع الحدودى بين باكستان والهند



بدأ التحكيم وأستمر مايقرب من 3 أو 4 سنوات وقدمنا المذكرات المكتوبه أضافه إلى 5 مرافعين لكل واحد ساعه كنت من بينهم وأحمد صادق وجورج أبى صعب مصرى يعيش فى جنيف أستاذ فى معهد الدراسات الدوليه وطلعت الغنيمى أستاذ قانون دولى فى جامعة الأسكندريه وصلاح عامر صديق لى فى كلية الحقوق وأستاذ تاريخ عظيم هو الدكتور يونان لبيب رزق وأستاذ الجغرافيا يوسف أبوالحجاج رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط فى جامعة عين شمس بالأضافه إلى مساعدة القوات المسلحه لنا حتى أن هناك ضابطاً برتبة عقيد كان يتولى حمل وحماية خريطه منذ عام 1906 بين مصر والأمبراطوريه العثمانيه عندما حصلت مصر على الحكم الذاتى وأصبحت ولايه مستقله توضح حدود مصر مع فلسطين تحت الإنتداب وقد سلم الرئيس مبارك الخريطه التى كانت فى حقيبه بأرقام سريه ورأت المحكمه أن موقف مصر قوى بالنسبه لطابا وكان ذلك فى 29سبتمبر 1988 وأصدرت منطوق الحكم بأن 10علامات هى العلامات التى أختارتها مصر منها طابا و 4 علامات فى رأس النقب كلها مصريه والعلامات الأخرى عددها 9 علامات  4 علامات منها قالت إسرائيل صحيحه والعلامتان 49 و 14 الفرق بينهما أمتار قليله

إلى هنا تنتهى حلقتنا اليوم على وعد بلقاء والحلقه الأخيره متى شاء الله

أجسجين الفيسبوك

جنرال بهاء الشامى


هناك تعليقان (2):

  1. الله يزيدك من فضله وشاكرين علي مجهودك معالي الجنرال المعلم بهاء الشامي

    ردحذف
  2. طبعا كان لابد للمفاوضات ان تستمر كل تلك المدة فاليهود اساتذة المراوغات خصوصا إذا كان على شيئ هو تحت ايديهم بالفعل فلن يتنازلون عنه بسهولة . مبدا لديهم في كل تعاملاتهم

    ردحذف

رحلة القطار 5

  لبرهه كانت كل علامات الإرتباك والخوف تظهر على ملامح وجه أنجى ونظرت نحو الصوت فكانت مفاجئتها أن محدثتها هى مديحه صديقتها   أخص عليكى خض...