تحميل تطبيق المدونه

الثلاثاء، 5 فبراير 2019

مع المصطفى فى عهد المبعث رقم 35

" نجران ... ويثرب " " ب "
وبُعث المصطفى عليه الصلاة والسلام في مكة ، ونجران علي نصرانيتها. وكان نصارها بشهادة مؤرخى الإسلام: "أهل فضل وتقوى واستقامة" وقد سمعوا بأخبار المبعث من جيرانهم وأهل ملَّتهم نصارى الحبشة ، وتوقعوا أن يكون ليهود دور خبيث مع الدين الجديد ، وإن لم يكن هذا الدور قد ظهر بعد.
وكان لابد لنصارى نجران أن يطمئنوا إلي رأى في الإسلام ، وذلك ما لا سبيل إليه في دوامة الأخبار والشائعات التى تتعثر وتضطرب في طريقها إليهم ، فتأتيهم مشوشة متناقضة.
وكان أن قرروا إرسال وفد منهم إلي مكة ، يأتيهم بالخبر اليقين عن هذا الدين الجديد ، ليكونوا منه علي بينة.
أخذ الوفد طريقة شمالاً إلي مكة ، عشرين رجلاً من أهل الرأى والعلم فيهم ، يلتمسون أن يلقوا نبي الإسلام ويكلموه وينظروا فيما جاء به بعد ستة قرون وبضع سنين ، من ميلاد المسيح عليه السلام.
وفي الحرم المكى ، كان اللقاء.
دنوا من المصطفى ، وقد أخذ مجلسه عند الكعبة ، وسألوه في دينه وحدثهم عليه الصلاة والسلام عن الإسلام فعرفوا أنه الحق من ربهم.
وتلا عليهم القرآن ففاضت أعينهم من الدمع خشوعاً وتأثراً ، وتفتح وجدانهم العربي المؤمن ، لتلك الكلمات تخشع لها صم الجبال.
واستجابوا لله.
وفي طريقهم من مجلس المصطفي إلي باب البيت العتيق ، عرض لهم "أبو جهل بن هشام" في نفر من طواغيت قريش ، شق عليهم أن يؤمن هؤلاء النصارى بنبوة محمد ، وهم أهل كتاب ..
قالوا لهم:
"
خيبكم الله من ركب! بعثكم مَن وراءكم من أهل دينكم ترتادون لهم لتأتوهم بخبر الرجل ، فلم يطمئن مجلسكم عنده حتى فارقتم دينكم وصدقتموه بما قال. ما نعلم ركباً أحمق منكم!"
رد المؤمنون:
"
سلام عليكم ، لا نجاهلكم. لنا ما نحن عليه ولكم ما أنتم عليه. لم نألُ أنفسنا خيراً".
فيروى أن هذه الآيات ، من سورة المائدة ، نزلت فيهم:
بسم الله الرحمن الرحيم .. {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82) وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَىٰ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ ۖ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ(83) وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (84)} .. صدق الله العظيم.
فماذا عن "يثرب" عاصمة الشمال؟
ماذا عن عصابات يهود ونبي الإسلام الذى طالما بشروا بمبعثه ، مصدقاً لما بين يديه من التوراة والإنجيل ، وما عرفهم التاريخ إلا قتلة الأنبياء وأعداء كل دين؟
كمنوا هناك يرصدون المواجهة الأولي بين الإسلام والوثنية ، وأسماعهم مشدودة إلي مكة تلتقط أنباء الصراع الدائر ، وفي حسابهم أن قريشاً سوف تتكفل بالقضاء على الدعوة الجديدة في مهدها ، فتريح اليهود الذين ما هدأ لهم بال منذ نزل كتاب الإسلام ، خوفاً من أن يكشف بنوره عما زيفت يهود من الديانة الموسوية ، وما زورت علي التوراة التى اتجروا بها ، وراحوا يمنون علي العرب الأميين بأنهم أهل كتاب ، وإن مثلهم فيما حملوا من التوراة ثم لم يحملوها { ........ كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۚ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5)} .. صدق الله العظيم.
**********
عزيزى القارئ:
_________
صم الجبال: كان صُلْباً مصمتاً - أَصَمُّ
ركباً: قافلة - موكب - العدد عشرة فما فوق - وهناك معانى أخرى مثل: علاه - كابر وعاند _ضرب ركبته
لم نألُ: لا ولم نقصر - ما تستطيع - "لم حرف جزم لنفي المضارع"
يثرب: اسم للمدينة المنورة قبل هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إليها عام 622 ميلادية.
أسفاراً: كتب - الكتب الكبيرة - أسفار "موسي": الأجزاء الخمسة الأولي من التوراة - الكتب العظام التى لا يستفاد منها - الحديدة التى توضع بأنف البعير لإقتياده.
عزيزى القارئ:
_________
سردت لنا دكتورة "بنت الشاطئ" حال أهل نجران ويثرب مع بشائر الدين الجديد وماذا فعل كفار قريش مع تلك الوفود التى تأتى لتعرف المزيد عن الإسلام من رسول الله صلي الله عليه وسلم .. وحتى لا أطيل عليكم نبدأ في تفسير الثلاث آيات المذكورين أعلاه من سورة "المائدة":
(
اللام فى كلمة "لتجدن" للقسم أى لتجدن يا "محمد" اليهود والمشركين أشد عداوة للمؤمنين ، ونزلت في النجاشي ملك الحبشة وأصحابه أنهم أقربهم مودة ويتميزون بليونة المشاعر والوجدان وسهولة ميلهم للإسلام لأنهم علماء وعُباداً يتواضعون لوداعتهم ولا يتكبرون بعكس اليهود الذين بهم غلظة وصعوبة إجابتهم للحق وجعلهم مثلهم مثل المشركين في شدة عداوتهم للمؤمنين ، وقد نبّه على زيادة عداوتهم بتقديمهم على الذين أشركوا .. وهؤلاء "أهل الحبشة" إذا سمعوا القرآن المُنْزَل على محمد رسول الله "صلوات ربي وسلامه عليه" ترى أعينهم فاضت بالدمع من خشية الله لرقة قلوبهم وتأثرهم بكلام الله الجليل من أجل معرفتهم أنه كلام الله وأنه الحق ، ويقولون ياربنا صدقنا بنبيّك وكتابك فإكتبنا مع أمة "محمد" عليه السلام الذين يشهدون علي الأمم يوم القيامة .. ما الذى يمنعنا عن الإيمان ويصدنا عن اتباع الحق وقد لاح لنا الصواب وظهر الحق المنير؟ قالوا ذلك في جواب بمن عيّرهم بالإسلام من اليهود والحال أنهم يطمعون في أن يدخلهم ربنا الجنة بصحبة الصالحين من عباده الأبرار ).
ونأتى إلى المقطع الذى ذكرته د. "بنت الشاطئ" في آخر مقال اليوم وهو مقطع من الآية "5" من سورة الجمعة:
(
كمثل الذين أُعطوا التوراة وتم تكليفهم بالعمل بما فيها ثم لم يعملوا بها ، ولم ينتفعوا بهديها ونورها مثلهم مثل الحمار الذى يحمل كتباً كبيرة كثيرة نافعة ولا يناله منها إلا التعب والعناء وقد ذمَّهم الله بأنهم قراء للتوراة عالمون بما فيها وآيات دالة على صحة نبوة سيدنا "محمد" صلوات ربي وسلامه عليه ووجوب الإيمان به ولكنهم لم ينتفعوا بها مما ينجيهم من شقاوة الدارين "الدنيا والآخرة" ، ووجه التشبيه حرمان الإنتفاع بما هو أبلغ شئ في الانتفاع مع الكد والتعب ، وبئس هذا المثل الذى ضربناه لهم وهم القوم الذين كذبوا بآيات الله والدالة علي نبوة رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام ولذلك الله لايوفقهم للخير ولا يرشد للإيمان من كان ظالماً فاسقاً فقد ظلموا أنفسهم بتكذيبهم للأنبياء )
وأترك رابط فيديو عن موقف إنسانى لرسول الله صلى الله عليه وسلم مع وفد مسيحيى نجران أتمنى لو أن المتاجرين بالدين ورسول الله أن يتفهموا مدى سماحة هذا الدين وسمو أخلاق رسولنا الذى جاء للبشرية من رب العالمين وليس للمسلمين فقط .. مدته 1:38 دقيقة.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله الطاهرين وآدم ونوح وإبراهيم وموسي وعيسي وما بينهم من النبيين والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين


فريق مصر أم الكون 

خديجه حسين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رحلة القطار 5

  لبرهه كانت كل علامات الإرتباك والخوف تظهر على ملامح وجه أنجى ونظرت نحو الصوت فكانت مفاجئتها أن محدثتها هى مديحه صديقتها   أخص عليكى خض...