تحميل تطبيق المدونه

الاثنين، 11 فبراير 2019

مع المصطفى فى عهد المبعث رقم 39


" أبواب موصدة " " أ "
حتى عام الحزن ، في السنة العاشرة من المبعث ، لم يكن المصطفى عليه الصلاة والسلام قد خرج بدعوته من أم القرى ، مهد مولده ومنزل رسالته ، إلا أن يلقي بعض الوافدين علي الموسم ، فيدعوهم إلى الإسلام.
ففي مكة قبل سواها ، كان ينبغى أن تستقر الدعوة ، كما يفرض التاريخ الدينى العريق للبلد الحرام والبيت العتيق.
لكن عشر سنين من الصراع المرير بين الإسلام والوثنية القرشية ، بلغت بالجولة المكية ذروة تعقدها وفرضت أن تأخذ الأحداث متجهاً آخر ..
وبدأ المصطفي بالطائف ، فخرج من مكة يلتمس النصرة من ثقيف والمنعة بهم من قومه ، ويرجو أن يقبلوا منه دعوته التى تصدت لها قريش بالمقاومة والاضطهاد ، بغياً وعناداً ..
خرج وحده ، فلما انتهى إلي الطائف اتجه إلى ثلاثة إخوة ، أبناء عمرو بن عمير الثقفى ، هم يومئذ سادة ثقيف. وكان أحدهم متزوجاً من قرشية من بنى جمح. فجلس إليهم ، حيث وجدهم في بستان لهم ، ودعاهم إلى الله سبحانه ، والتمس نصرتهم.
فكان رد أولهم ، أنه يمرط ثياب الكعبة - أى ينزعها ويرمى بها - إن كان الله قد أرسله!
ورد الثانى: أما وجد الله أحداً يرسله غيرك؟
وقال ثالثهم: والله لا أكلمك أبداً! لئن كنت رسولاً من الله كما تقول ، لأنت أعظم خطراً من أن أرد عليك الكلام. ولئن كنت تكذب علي الله فما ينبغى لي أن أكلمك!
فقام صلى الله عليه وسلم من عندهم وقد يئس من خير ثقيف ، وكان كل ما طمع فيه منهم ، أن يكتموا أمره معهم ، كيلا تزداد قريش جرأة عليه.
لكنهم أغروا به سفهاءهم وعبيدهم ، يسبونه ويصيحون به حتى اجتمع عليه الناس وألجئوه إلي بستان لعتبة وشيبة ابنى ربيعة ، وهما فيه.
فجلس عليه الصلاة والسلام هناك ، وابنا ربيعة ينظران إليه ويريان ما لقي من سفهاء أهل الطائف!
رفع المصطفي وجهه إلى السماء وقال في ضراعة وابتهال:
" اللهم إليك أشكو ضعف قوتى وقلة حيلتى وهوانى علي الناس.
يا أرحم الراحمين ، أنت رب المستضعفين وأنت ربي ، إلي مَن تكلنى؟
إلي بعيد يتجهمنى أم إلي عدو ملكته أمرى؟ إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالى ، ولكن عافيتك هى أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة ، من أن تنزِل بي غضبك أو يحل عليّ سخطك. لك العُتبي حتى ترضي ، ولا حول ولا قوة إلا بك!"
فكأنما تحركت لضراعته رحمُ ابنى ربيعة ، فبعثا إليه بعض العنب مع غلام لهما نصرانى يدعى "عداس".
ودهش عداس حين سمع المصطفي يقول"باسم الله".
قال: والله إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد.
ولما حدثه المصطفي عن الإسلام ، أكب عليه يقبل رأسه ويديه وقدميه ..
ولمحه سيداه ، وانتظرا حتى عاد إليهما ، فلما سألاه:
-
مالك تقبّل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه؟
أجاب: يا سيدىّ ، ما في الأرض خير من هذا ، لقد أخبرنى بما لا يقوله غير نبي.
قالا: ويحك يا عداس ، لا يصرفنّك عن دينك ، فإن دينك خير من دينه!
**********
عزيزى القارئ:
_________
يمرط: يسقط غطائها وما يسترها - آذاه - ما يسقط في التسريح أو النتف - إلقاء الولد لعدم تمامه وانعدام شعره - ما لا ريش له
ألجئوه: أسندوه - اضطروه إلى - أكرهوه علي - حماه من مكروه - حصنوه في ملجأ منه
سخطك: غضب عليه ونقم - كرهه - لم يرضه - استياء وتذمر - ضد الرضا - "اللهم إنى أعوذ برضاك من سخطك"
العُتبي: الرضا - تسليم بالذنب واعتراف بالخطأ إرضاءً لمن يُعاتِب
لا حول ولا قوة إلا بك: .. حول: حاجز بين شيئين - والقوة ضد الضعف وهى طاقة ومبعث نشاط والنمو والحركة - إلا: أداة استثناء مسبوقة بكلام مثبت مع ذكر المستثنى منه - والمعنى الإجمالي "لا حاجز ولا مانع ولا قوة إلا بالله العلي القدير
ضراعته: خشوعه لله بالدعاء - خضوعه لله - ذل وهزال - نحافة الجسم
أكب: سقط - انقلب - انحنى - منكس الرأس - أقبل عليه
ويحك: "ويح" كلمة ترحم وتوجع وللمدح والعجب - يقال إنه رحمة لمن لمن تنزل به بلية - "ويح" كلمة رحمة وويل كلمة عذاب وقيل أنهما بمعنى واحد
عزيزى القارئ:
_________
تؤكد لنا د. "بنت الشاطئ" أن رسولنا الكريم "صلوات ربي وسلامه عليه" لم يخرج بدعوته عن أهل مكة والوافدين إلي "أم القرى" حتى عام الحزن .. فخرج للطائف راجياً نصرتهم وأن يتقوى بأهلها من قومه البغاة .. ووضحت ما تعرض له .. كم تحملت يا نبينا من أجل نشر الدين الخاتم ومن أجلنا صلى الله عليك وسلم .. وأكثر ما هزنى ضراعته وحديثه مع ربه .. وكل مرة أستعيد هذا الدعاء أجد فيه شدة إيمان وعمق صلة بالله تعالى.
وإليكم رابط فيديو مبسط ورائع به بعض تفاصيل أخرى عن هذه الرحلة ورغم ما فيها من تعب وحزن وألم لرسولنا الكريم "صلى الله عليه وسلم" سنستعيد رحمة ورقة قلبه علينا وعلى البشرية .. مدته 8:06 دقائق
https://www.youtube.com/watch?v=aNmUY3UMVcc
عزيزى القارئ:
_________
ونعود ونستكمل السيرة العطرة للسيدة الطاهرة "آمنة بنت وهب" وحادثة الفيل:
لقد أصاب منهم الهلاك أجسامهم. وفتت رؤوسهم وطحن عظامهم ، وقد صدق الله تعالي إذ قال في محكم قرآنه منذ الأزل وقبل أن يخلق الله الأرض ومن عليها:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ .. {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5)} .. صدق الله العظيم.
ومهما أوتى كاتب من بلاغة ومهما أوتى فنان رسام من براعة فلن يستطيع أيهما أن يصف تلك الواقعة كما وصفها "القرآن الكريم" .. بعد أربعين سنة من حدوثها وبعد أن كبر سيدنا "محمد" صلوات ربي وسلامه عليه وأصبح رسولاً عليه أفضل صلاة وأعظم تسليم.
لقد راح الجيش الكبير يتساقط أفراده جماعات في كل طريق ويهلكون بكل مهلك .. و"أبرهة" معهم يتناثر جسمه وتسقط أنامله وأعضاؤه .. نعم .. لقد أصبحوا جميعاً كعصف مأكول.
وأقبلت قريش على كعبتها المقدسة .. وراح القوم يطوفون بالكعبة .. شاكرين حامدين مهللين فرحين بنصر الله.
واستجاب الله ل "أمنة" رضي الله عنها .. فلم يكتب لجنينها أن يولد بعيداً عن البلد الحرام والبيت الحرام.
ولقد ظل الناس يذكرون واقعة الفيل .. لقد كانت أمراً تاريخياً جللا .. حتى أصبح المكيون بل قل أهل الجزيرة العربية كلها يؤرخون أيامهم وسنينهم بهذه الحادثة .. ويقولون أن هذا الأمر أو ذاك قد حدث قبل عام الفيل أو بعده.
وإليكم رابط فيديو يوضح ما حدث لأصحاب الفيل بقدرة الله عز وجل لحماية بيته الحرام مدته 3:21 دقيقة
فلنتوقف هنا حتى لا أطيل عليكم حتى يأذن الله تعالي بلقاء آخر إذا شاء لى نصيب بذلك.
اللهم صلِّ على سيدنا "محمد" وعلى آله كما لا نهاية لكمالك وعدد كماله

 فريق مصر أم الكون 

خديجه حسين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رحلة القطار 5

  لبرهه كانت كل علامات الإرتباك والخوف تظهر على ملامح وجه أنجى ونظرت نحو الصوت فكانت مفاجئتها أن محدثتها هى مديحه صديقتها   أخص عليكى خض...