تحميل تطبيق المدونه

الاثنين، 1 أبريل 2019

مع المصطفى فى عهد المبعث رقم 80


بلغ المصطفى بجنده المؤمنين مدينة "تبوك".
وهناك أتاه "يُوحَنَّة" صاحب أيلة ، فصالح نبي الإسلام وأعطاه الجزية.
وكذلك أتاه أهل جرباء وأذرح ، فصالحوه علي الجزية.
وتخلف "أكيدر بن عبد الملك النصرانى" صاحب "دومة" فندب له المصطفي "خالد بن الوليد" في كتيبة من جنده. فأخرج "أكيدر" أخاه في فرسان دومة للقاء كتيبة خالد ، ودار قتال سقط فيه أخو أكيدر قتيلاً ، وانهزم فرسانه.
وعاد خالد بن الوليد إلى معسكر المسلمين ، ومعه "أكيدر" ، قد نُزع عنه قباءه ، وكان من ديباج مخوص بالذهب.
قال المصطفى وقد رأى أصحابه يلمسون القباء بأيديهم ويتعجبون منه:
"
أتعجبون من هذا؟ فو الذي نفسى بيده ، لمناديلً سعد بن معاذ في الجنة ، أحسن من هذا"
ثم أطلق المصطفى صاحب دومة ، بمصالحة علي الجزية
ورجع المصطفي إلى المدينة ، بعد أن بنى مسجداً في "تبوك" وأقام بها بضع عشرة ليلة ، لم يجاوزها إلى ما وراءها من أرض الروم.
فماذا عمن تخلفوا بالمدينة لم يخرجوا للجهاد؟
أتاه المنافقون منهم ، يحلفون له ويعتذرون ، فلم يملك صلى الله عليه وسلم إلا أن يقبل ظاهر عذرهم ، مفوضاً أمرهم إلى العليم بما يسرون وما يعلنون.
وأما الذين تخلفوا تكاسلاً ، عن غير شك ولا نفاق ، فلم يجدوا ما يعتذرون به. وكرهوا أن يضيفوا إلى ذنب القعود عن الجهاد ، وزر اختلاق عذر يقدمونه إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم ، كما فعل المنافقون.
وأنكر صلى الله عليه وسلم موقفهم ، ونهى أصحابه أن يكلموا أحداً منهم حتى يقضي الله فيهم ، وكانوا ثلاثة: "كعب بن مالك ، ومرارة بن الربيع ، وهلال بن أمية" صدقوه القول أن لم يكن لهم عذر.
ونبذهم المجتمع الإسلامى نبذاً أليماً. وكابدوا من تأنيب النفس اللوامة ، ما الموت أهون منه وأرحم ، وأترك لأحدهم "كعب بن مالك الأنصارى" أن يصف محنته وصاحبيه ، فيما روى ابن إسحق بالسيرة النبوية ، عن الزهرى عن عبد الرحمن بن كعب عن أبيه قال:
"
ما تخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها قط ، غير أنى تخلفت عنه في بدر ، وكانت غزوة لم يعاتب الله ولا رسوله أحداً تخلف عنها ...
"
ولقد شهدت مع رسول الله صلي الله عليه وسلم العقبة وحين تواثقنا على الإسلام ، وما أحب أن لي بها مشهدَ بدر ، وإن كانت غزوة بدر هى أذكرُ في الناس منها.
"
وكان من خبرى حين تخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، أنى لم أكن قط أقوى ولا أيسر منى حين تخلفت عنه في تلك الغزوة ...
"
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قلما يريد غزوة يغزوها إلا وَرَّى بغيرها ، حتى كانت تلك الغزوة ، فغزاها صلى الله عليه وسلن في حر شديد واستقبل سفراً بعيداً ، واستقبل غزو عدو كثير ، فجلَّى للناس أمرهم ليتأهبوا لذلك أهبته، والمسلمون كثير ، لا يجمعهم كتاب حافظ - أى ديوان مكتوب - فقَلَّ رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أن سيخفى له ذلك ما لم ينزل فيه وحى من الله ...
"
فتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم وتجهز المسلمون معه. وجعلت أغدو لأتجهز معهم فأرجع ولم أقض حاجة فأقول في نفسي: أنا قادر على ذلك إذا أردت. فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى شمر بالناس الجد فأصبح صلى الله عليه وسلم غادياً والمسلمون معه ، ولم أقض من جهازى شيئاً. فقلت أتجهز بعده بيوم أو يومين ثم ألحق بهم. فغدزت بعد أن فصلوا لأتجهز فرجعت ولم أقض شيئاً ، ثم غدوت فرجعت ولم أقض شيئاً. فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى أسرعوا وتفرط الغزو - يعنى فات وسبق - فهممت أن أرتحل فأدركهم ، وليتنى فعلت ، فلم أفعل.
"
وجعلت إذا خرجت في الناس بالمدينة بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم فطفت فيهم ، يحزننى أنى لا أري إلا رجلاً مطعوناً عليه في النفاق ، أو رجلاً ممن عذر الله من الضعفاء.
"
ولم يذكرنى صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك ؛ فقال وهو جالس في القوم "ما فعل كعب بن مالك؟" فقال رجل من بنى سلمة: يا رسول الله ، حبسه بُرْداه والنظر في عِطفية ، فقال له معاذ بن جبل ، بئس ما قلت! والله يا رسول الله ما علمنا منه إلا خيراً. فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
"
فلما بلغنى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توجه قافلاً من تبوك ، حضرنى بثي ، فجعلت أتذكر الكذب وأقول:"بماذا أخرج من سخطه رسول الله صلى الله عليه وسلم غداً" وأستعين على ذلك كلَّ ذي رأى من أهلي. فلما قيل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أظل قادماً ، زاح عنى الباطل وعرفت أنى لا أنجو إلا بالصدق ، فأجمعت أن أصدقه. وصبح رسول الله المدينة ، وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين ثم جلس للناس. فلما فعل جاءه المخلفون فجعلوا يحلفون له ويعتذرون ، وكانوا بضعة وثمانين رجلاً ، فيقبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم علانيتهم وأيمانهم ويستغفر لهم ، ويكل سرائرهم إلى الله تعالي. حتى جئت فسلمت ، فتبسم تبسم المغضب ، ثم قال لي: "تعاله" فجئت أمشي حتى جلست بين يديه فقال لي:
"
ما خلفك؟ ألم تكن ابتعت ظهرك؟"
قلت: إنى يا رسول الله ، والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أنى سأخرج من سخطه بعذر ، ولقد أعطيِت جدلاً. ولكن والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديثاً كذباً لترضينَ عنى ، وليوشكن الله أن يُسْخطك علىَّ. ولئن حدثتك حديثاً صدقاً تجد علىَّ فيه ، إنى لأرجو عقباى من الله فيه. ولا والله ما كان لى عذر! والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر منى حين تخلفت عنك!.
"
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما هذا فقد صدقت فيه ، فقم حتى يقضي الله فيك.
**********
عزيزى القارئ:
_________
قباءه: ثوب يلبس فوق الثياب أو القميص - جعله على شكل قبة - بناء مستدير تحت الأرض لنخزين البضائع القابلة للتلف.
ديباج: ثياب كلها من الحرير الأصيل ملون ألواناً مختلفة - والقطعة منه ديباجة.
وزر: إثم - خطيئة - حمل ثقيل مرهق وشاق - ما يصعب حمله.
ورَىَّ: أخفاه - أراده وأظهر غيره - إذا ذكره بلفظه يدل عليه أو علي بعضه دلالة خفية عند السامع.
جلَّى: واضحاً - بيناً - حقيقته - حقيقة ساطعة - واضحة - صقله.
شمر: اجتهد - قلص شيئاً وضم بعضه إلى بعض "شمر كُمَّه" - مسرعاً جاداً - مشي مختالاً - خف ونهض - سخى - فر هارباً.
تفرط: فات وقته - تقدم - أسرف - جاوز الحد في قول أو فعل - تفارط الغزو=فات على من أراده وَبَعُدَ عليه إدراكه
بُرْداه: من بردة=كساء مخطط يلتحف به - أصابه البرد وصار بارداً - أضعف همته - الحمى التى يرافقها برد يصيب الإنسان.
عِطفيه: رجع عليه بما يكره أو له بما يريد - ثناها - الرجل الحسن الخلق.
بثي: أشد غمّى وهمّي - آية 86 من سورة يوسف - الرماد.
تعاله: تعالى علي
ابتعت: ابتاع - اشترى
ظهرك: أثقلك - الذي أنقض ظهرك - خلاف بطن.
عقباى: عقبي - آخر كل شئ وخانمته - آخرتى - جزاء الأمر - البدل.
عزيزى القارئ:
_________
د. "بنت الشاطئ" مستمرة معنا في وصف ما فعله الجميع قبل وأثناء وبعد معركة تبوك .. ووصف ما كان عليه حاكم "دومة" وأسره وهيئته التى أثارت تعجب المسلمين .. وعودة رسول الله صلى الله عليه وسلم وموقفه ممن تخلفوا عن الجهاد .. وقد قبل عذر البعض منهم واستغفر لهم على ما أظهروه وهم المنافقون .. ولم يقبل من آخرين تخلفوا متكاسلين وقد رفضوا أن يكذبوا علي رسول الله صلى الله عليه وسلم في إبداء عذر يقبله رسول الله لفعلتهم وكانوا صادقين فلم يقبل عذرهم وأمر المسلمين بألا يكلموا أحداً منهم حتى يقضي الله فيهم وكانوا ثلاثة لفترة استمرت 50 يوماً وكان أبرزهم "كعب بن مالك" وما دار بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم والموضح في السطور أعلاه .. وسنعرف ما حدث لهم في اللقاء القادم إذا كان في العمر بقية.
عزيزى القارئ:
__________
إليك رابط فيديو عن غزوة تبوك مبسط ويصلح للصغار والكبار وبه تفاصيل عن تجهيز جيش المسلمين لمحاربة الروم الذين كانوا أقوى جيش في ذلك الوقت .. والمنافقون الذين تقاعسوا وأبدوا أعذاراً قبلها رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام .. بعكس المؤمنين الذين لبوا نداء الجهاد .. والفقراء وموقفهم .. الخ .. الفيديو مدنه 15:37 دقيقة
ورابط آخر للدروس والعبر المستخلصة من هذه المعركة .. وذلك بمزيد من التفاصيل .. في مقاطع فيلمية وابتهالات وراوى بخلفية البيئة .. أتركك مع الفيديو .. مدته 33:04 دقيقة.
اللهم صلِّ على سيدنا "محمد" حبيبك المحبوب ومحبيه كما يرضيك ويرضيه وحببه فينا وزدنا محبة فيه

فريق مصر أم الكون


خديجه حسين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رحلة القطار 5

  لبرهه كانت كل علامات الإرتباك والخوف تظهر على ملامح وجه أنجى ونظرت نحو الصوت فكانت مفاجئتها أن محدثتها هى مديحه صديقتها   أخص عليكى خض...