تحميل تطبيق المدونه

الجمعة، 18 يناير 2019

مع المصطفى فى عهد المبعث رقم 21

" والليل إذا يغشى " "ك"
والأيام تمضى ...
وحزب الله يزداد على الأذى والاضطهاد قوة وثباتاً ، وقريش تكاد تموت بغيظها ، وما يبدو على المصطفى وأصحابه بادرة ضعف أو تردد.
وفي نادى قريش ، كان الزعماء يتدارسون الموقف الصعب ، حين لمحوا المصطفى يأخذ طريقه إلى المسجد الحرام ، وحيداً ليس معه صاحب.
قال لهم "عتبة بن ربيعة بن عبد شمس":
-
ألا أقوم إلى محمد فأكلمه وأعرض عليه أموراً لعله يقبل بعضها فنعطيه أيها شاء ، ويكف عنا؟
قالوا وقد داخلهم الخوف من إسلام حمزة بن عبد المطلب:
-
بلى يا أبا الوليد ، فقم إليه فكلمه .. 
وقام عتبة حتى جلس إلى المصطفي صلى الله عليه وسلم فقال له متلطفاً متودداً:
-
يا ابن أخى ، إنك منا حيث قد علمت من السِّطة - الشرف - في العشيرة والمكان في النسب. وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جماعتهم وسفهت به أحلامهم وعبت به آلهتهم ودينهم ، وكفرت به من مضي من آبائهم. فاسمع منى أعرض عليك أموراً تنظر فيها لعلك تقبل منها بعضها.
قال صلى الله عليه وسلم:
-
قل يل أبا الوليد ، أسمع.
وقال أبو الوليد:
- يا ابن أخى ، إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً. وإن كنت تريد به شرفاً سودناك علينا حتى لا نقطع أمراً دونك. وإن كنت تريد به ملكاً ملكناك علينا. وإن كان هذا الذى يأتيك ، رئياًّ تراه لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه ، فإنه ربما غلب التابع علي الرجل حتى يداوى منه.
سأله المصطفى:
-
أقد فرغت يا أبا الوليد؟
قال: نعم.
قال المصطفى: فاسمع منى.
وتلا صلى الله عليه وسلم آيات من سورة فصِّلت:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ 
"
حم (1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ (2) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (4)وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ (5) قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ ۗ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (6) ..."ا
وكان "عتبة" ينصت لها وقد ألقي يديه خلف ظهره معتمداً عليهما يسمع من المصطفى ، فلما انتهى صلى الله عليه وسلم إلي قوله تعالى من هذه السورة:
وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ۚ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (37)"
سجد عليه الصلاة والسلام ، ثم قال لعتبة:
"
قد سّمعت يا أبا الوليد ما سّمعت ، فأنت وذاك".
**********
عزيزى القارئ:
--------------
السِّطة:السطوة - سلطة - مال وجاه ومُلك - مثل العدة والعظة والوعظ والوسط بمعنى الخيار {كذلك جعلناكم أمة وسطا}
سودناك: جعلوه سيداً حاكماً عليهم
رئياًّ: منظر وهيئة - منظرا من الرؤية - كما جاء فى الآية 74 من سورة "مريم" {وكم أهلكنا قبلهم من قرنٍ هم أحسن أثاثا ورِئياً}
فصِّلت: اسم سورة في القرآن - بينت بالأحكام والمواعظ - مُيزت ونوّعت - فاصل ما بين شيئين - بينت ووضحت
وقرٌ: حليم - عظمة - ذو الوقار - ثبت - جلس فيه - وقع وثبت وبقي أثره - رزين
عزيزى القارئ:
--------------
الآية (37) التى وردت أعلاه من آيات السجود التى التزم عندها صلى الله عليه وسلم عندها بالسجود وهى واحدة من الخمسة عشرة سجدة فى القرآن .. "سجدة التلاوة" .. تكون بتكبيرة في أولها ثم نسجد ونقول سبحان ربي الأعلى ثلات مثل ما نقول في الصلاة ثم ندعو "سجد وجهى للذى خلقه وشق سمعه وبصره بحوله وقوته فتبارك الله أحسن الخالقين" ويمكن أن نكمل "اللهم أكتب لي بها عندك أجراً وضع عنى بها وزراً واجعلها لى عندك ذخراً وتقبلها منى كما تقبلتها من عبدك داوود عليه السلام" .. ولا يوجد تسليم في سجود التلاوة والله أعلم .. إذا كنت في مكان لا تستطيع السجود فيه فيمكن الاكتفاء بالتسبيح ..
توضح لنا د. "بنت الشاطئ" زيادة تخوف قريش بعد إسلام عم رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم "حمزة بن عبد المطلب" وزادوا من بطشهم الذى زاد من قوة وثبات المصطفى وأصحابه .. فوكلوا بعتبة بن ربيعة بعرض المال والسلطة والملك عليهم وأن يكف عن ما يدعو الناس إليه وبعد أن استمع إليه الرسول .. فتلا عليه صلوات ربي وسلامه الآيات التى ذكرت أعلاه من سورة فصلت وإليكم ملخص لتفسيرها:
سورة فصلت من السور المكية وكسائر السور المكية تتناول جوانب العقيدة الإسلامية .. بدأت بالحروف المقطعة للتنبيه على إعجاز القرآن وكانت هذه الحروف تحير العرب فطاحل اللغة العربية من عرب الجزيرة ولا زالت .. والجميع يحاولون بدراسات مختلفة فهم معناها .. ولا نملك إلا أن نقول سبحان الله .. ثم جاءت الآية الثانية لتؤكد أن القرآن المجيد منزَّل من الرحمن الرحيم أنزله جل وعلا رحمة بعباده وإنما خص هذين الإسمين "الرحمن الرحيم" إشارة إلى أن نزوله من أكبر النعم ولا شك أن القرآن نعمة باقية إلى يوم القيامة .. أى أنه كتاب جامع للمصالح الدينية والدنيوية بُيِّنت معانيه ووُضِّحت أحكامه بطريق القصص والمواعظ والأحكام والأمثال في غاية البيان والكمال أى في حال كونه قرآناً عربياً واضحاً جلياً نزل بلسان العرب أى لقوم يفهمون تفاصيل آياته ، ودلائل إعجازه ، فإنه في أعلى طبقات البلاغة ، ولايتذوق أسراره إلا من كان عالماً بلغة العرب .. أى مبشراً للمؤمنين بجنات النعيم ، ومنذراً للكافرين بعذاب الجحيم ، فأعرض أكثر المشركين عن تدبر آياته مع كونه نزل بلغتهم ، فهم لا يسمعون سماع تفكر وتأمل مع كونهم من أهل العلم .. ولكن لم ينظروا ولم يفهموا ولم يسمعوا ما احنوى عليه من الحجج والبراهين .. ثم الله تعالى عن عتوهم وضلالهم فقال "وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه" .. أى وقالوا للرسول صلى الله عليه وسلم حين دعاهم إلى الإيمان: قلوبنا في أغطية متكاثفة ، لا يصل إليها شئ مما تدعونا إليه من التوحيد والإيمان وفي أذاننا صمم وثقل يمنعنا من فهم ما تقول .. وبيننا وبينك يا محمد حاجز يمنع أن يصل إلينا شئ مما تقول .. فنحن معذورون في عدم إتباعك لوجود المانع من جهتنا وجهتك .. اعمل أنت على طريقتك ونحن علي طريقتنا واستمر أنت علي دينك فإنا مستمرون على ديننا .. قل يا محمد لأولئك المشركين: است إلا بشراً مثلكم خصذنى الله بالرسالة والوحى ، وأنا داعٍ لكم إلى توحيد خالقكم وموجدكم الذى قامت الأدلة العقلية والشرعية على وحدانيته ووجوده ، فلا داعى إلي تكذيبي ، أى توجهوا إليه بالإستقامة علي التوحيد والإيمان ، والإخلاص في الأعمال واسألوه المغفرة لسالف الذنوب .. وأى دمار وهلاك للمشركين.
وبعد سماع "عتبة" لهذه السورة إلى قوله تعالي في الآية (37) .. وذكر الله تعالي دلائل قدرته الباهرة وحكمته البالغة وعلاماته الدالة على وحدانيته وقدرته في تعاقب الليل والنهار ، وتذليل الشمس والقمر مسخرين لمصالح البشر .. لا تسجدوا للمخلوق واسجدوا للخالق ، الذى خلق هذه الأشياء وأبدعها أى إن كنتم تفردونه بالعبادة فلا تسجدوا لأحدٍ سواه .. أى فإن استكبر الكفار عن السجود لله .. فالملائكة الأبرار يعبدونه بالليل والنهار أى لا يملون من عبادته.
أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن سيدنا محمد رسول الله
عزيزى القارئ:
--------------
نكتفي اليوم بهذا القدر بكلمات الله تعالى ولكن إلى أن يأذن الله بلقاء قادم بمشيئته تعالي أترككم مع رابط فيديو يوضح بعض صور أذى المشركين لرسول الله صلي الله عليه وسلم مدته 6:24 دقيقة
اللهم صلِّ على صاحب التاج والمعراج سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً وكن بنا وبوالدينا وبالمؤمنين رؤوفاً رحيماً
فريق مصر أم الكون

هناك تعليق واحد:

رحلة القطار 5

  لبرهه كانت كل علامات الإرتباك والخوف تظهر على ملامح وجه أنجى ونظرت نحو الصوت فكانت مفاجئتها أن محدثتها هى مديحه صديقتها   أخص عليكى خض...