تحميل تطبيق المدونه

السبت، 9 مارس 2019

وزير الغلابه رقم 4



نعود لحضراتكم بشوق بعد تشجيعكم على الحقه الماضيه التى توقفنا فيها عند أنتهاء مناقشة رسالة الدكتوراه وتجهيز الجنزورى للعوده لمصر الوطن والأم والذكريات والحنين


وصلنا ميناء الإسكندريه صباح اليوم الثانى من أغسطس 1967 لأجد فى إستقبالى والدى وأخوالى وأعمامى وأولاد العم وأولاد الخال ولاحظت أول ما لاحظت الشيبه التى تخللت أو علت الشعر وأنعكست آثارها على الوجوه وتركنا الميناء وأتجهنا بالسياره إلى القاهره أنظر من حولى وأمامى فلا أجد إبتسامه على الوجوه عدت إلى بلدى الحبيب لأستعيد السعاده فلم أجدها الكل حزين مكتئب ووصلنا إلى منزلى فى شبرا بالقاهرة مساءاً وأجتمعت مع الأهل والأصدقاء ودار النقاش حول ما سمعته عن الحرب فى الخارج وذكرت ما رأيته خاصةً الطريقه التى تم بها الأنسحاب كما أوضحه وزير الخارجيه الإسرائيلى فى مجلس الأمن وأنتهت الليله وفى الصباح ألتقيت صديقًا هو زوج أخت أحد رجال الثوره السيد كمال الدين حسين وقال لى يا كمال لا داعى أن تتكلم عما دار فى الحرب أو بعد الحرب إذا نُقل ما قلته بالأمس إلى الأجهزه




شعرت بالألم رغم أن ما قلته كان صدى لما دار خارج مصر ومن حق الجميع معرفته فإخفاء الحقائق لا يفيد ولعله كان من أهم أسباب ما حدث 



فى 3 أغسطس سنة 1967 ذهبت إلى عملى بوزارة التخطيط بدأت فى وظيفة بسيطة الدرجة الخامسة ولكن بعد ذلك بدءًا من أبريل 1968 توالى على التشكيل الوزارى وزراء جدد وضمت الوزاره وجوها من أساتذة الجامعه كالدكتور عبدالعزيز حجازى والدكتور سيد جاب الله الذى عرفنى جيدًا منذ كان مشرفًاً على رسالتى للماجستير قبل سفرى إلى الولايات المتحده لهذا طلبنى للعمل بمكتبه وللعلم فإن مكتب وزير التخطيط هو المشرف العام على إعداد الخطه ومتابعتها حيث تقدم كل قطاعات الوزاره إلى مكتب الوزير المقترحات اللازمه لإعداد الخطه ومتابعتها لوضعها فى شكلها النهائى





مع عبد الناصر لأول مرة أتوقف قليلا لذكر مناسبتين شاهدت فيهما الرئيس عبدالناصر الأولى عام 1968 وبالتحديد فى أبريل يوم أن توفى والد السيد زكريا محيى الدين ووالد صديقى د يحيى محيى الدين فذهبت إلى كفر شكر وللعلاقه الأخويه بيننا وجدت نفسى فى المدافن أجلس بمواجهة الرئيس عبدالناصر على مسافة لا تزيد على خطوتين

 


15 دقيقه فى مواجهة عبدالناصر جعلتنى أتأكد مما يقوله الناس عن القوه والكاريزما ولا أنسى إهتمامه بالفقراء وأستمر ذلك نحو 15 دقيقه حتى تمت مراسم الدفن وتأكد لدى ما أجمع عليه الناس من أنه شخصيه لها كاريزما هائله نظرات قويه لا تملك لها إلا الأحترام والتقدير وكانت فتره زاد فيها إحترامى وإعجابى بهذه الشخصيه التى حكمت مصر نحو ستة عشر عاما




وزير التخطيط عرض على ناصر خطته للموازنه  فأبتسم الرئيس وسأله عن اللحوم ورغيف العيش والشاى والسكر



أما الموقف الآخر فلم يكن رؤية الرئيس عبد الناصر بالعين ولكن كان ذلك عندما طُلب من الدكتور سيد جاب الله وزير التخطيط ليلة أول مايو 1968 مقابلة الرئيس بمنزله فى منشية البكرى وكنت ساعتها بالمكتب مع بعض الزملاء وغاب نحو نصف ساعه عاد بعدها ولم يقل شيئًا ودخلت مباشرة عليه ووجدته يتحدث إلى نفسه بصوت مسموع إنه على حق نعم هو على حق وسألته عما يقول فلم يرد إلا أننى قلت له إننى تعلمت على يديك علم الأقتصاد وألمح اليوم أن هناك أمرًا سياسيًّا يشغلك لذا أريد أن أستزيد منك فى السياسه فقال إنه ذهب إلى الرئيس عبد الناصر وعندما قابله سأل عن أخبار الخطه ؟؟؟  فأجابه بما يفيد أنها فى مرحلة الإعداد فقال على أى أساس ؟؟؟  فحاول أن يبسط الأمور بأن الخطه عباره عن موارد محدوده وأولويات عديده على المستوى القومى وعلى المخطط أن يوجه هذه الموارد المحدوده لأهم الأولويات حسب إحتياجات المواطن والأمن القومى للدوله فأبتسم وسأله عبدالناصر هل تتضمن الخطه توفير الحاجات الأساسيه للمواطن بما يكفى من اللحوم ورغيف العيش والشاى والسكر وغيره من المأكل والمبلس والأحتياجات الضروريه وأستطرد قائلا بأنه يعلم أن الخطة كذا وكذا مرددًا ما سبق أن قاله الدكتور سيد جاب الله بالحرف الواحد عن الخطه وأنتهى حديثه بأن الخطه التى لا تأخذ فى إعتبارها توفير المتطلبات الأساسيه للشعب تغفل مهامها الرئيسيه وأن على وزير التخطيط أن يتأكد من ذلك تماما ويوفر الأعتمادات الكافيه لذلك مما يقتضى الأتصال بالدكتور حجازى وزير الخزانه آنذاك لضمان إدراج الأعتمادات اللازمه بالموازنه العامه للدوله وهكذا رأيت كيف كان يفكر الرئيس عبد الناصر كأنى كنت معه فى المناسبه سالفة الذكر




بعد فتره وجيزه وبالتحديد فى 4 مارس 1969  عينت فى معهد التخطيط القومى خبيرًا وهى درجه علميه تعادل وظيفة مدرس فى الجامعه مع أستمرارى فى مكتب الوزير وهو مكان يصعب علىّ تركه فرغم تعيينى فى المعهد فإن مكتب الوزير هو المكان الذى أتعلم فيه الكثير والجديد والمدرسه التى أرى فيها وأسمع وأقرأ البيانات الوارده من مختلف وزارات الدوله وجميع هيئاتها العامه والخاصه الأقتصاديه والأجتماعيه وجامعاتها ومستشفياتها ومدارسها عرض لم أقبله



بعد سنوات قليله حدث أمر كاد أن يغير مسار عملى التخطيطى كان الرئيس جمال عبدالناصر قد أنتقل إلى رحمة الله وخلفه الرئيس أنور السادات  حيث طُلب من الدكتور سيد جاب الله وزير التخطيط أن أذهب إلى رئاسة الجمهوريه فى القناطر الخيريه كان ذلك فى مارس عام 1971 وقابلت السيد حافظ إسماعيل مستشار الأمن القومى شخصيه هادئه تتسم بالهيبه والأحترام وسألنى عن طبيعة عملى وعن رؤيتى لبعض الأمور الاقتصاديه والسياسيه والوضع فى مصر فى السنوات الأخيره خاصةً منذ النكسه وأخيرًا قال أرى أن تأتى معنا حيث يتم إنشاء مكتب للشئون الأقتصادية يتبع مكتب الرئيس وتبدأ أنت به كنواه




كان منصبًا جاذبًا لشاب فى منتصف الثلاثينات ولكننى كنت مقتنعًا بأن مستقبلى الحقيقى فى التخطيط لهذا قلت هذا شرف كبير لى ليس فقط للمكانه هنا بل أيضًا للعمل مع سيادتك لكن أرجو قبول عذرى لأننى أعمل فى التخطيط ومعهد التخطيط كما أننى أحاضر فى جهات أخرى ولا أتصور أن طبيعة العمل هنا ستسمح لى بمزاولة ذلك كله وقَبِلَ إعتذارى مشكورًا





بعد شهور قليله وبالتحديد فى 5 ديسمبر 1971 رزقنا الله بمولوده جديده سُميت ماجده طفله فى جمال شقيقتيها سوزان ومنى وحمدت الله كما أحمده دائمًا وبعد سنه تقريبا فى أول أكتوبر 1972 رقيت إلى درجة خبير أول بمعهد التخطيط القومى تعادل أستاذًاً مساعدًا بالجامعه فى منتصف أكتوبر 1972 أختارتنى هيئة الأمم المتحده خبيرًا إقتصاديًّا للعمل فى هيئة التخطيط بمدينة الرياض بالمملكه العربيه السعوديه إلا أن عملى هناك لم يتجاوز سنه واحده حيث لم أرغب فى الغياب عن مصر مره أخرى وعاودنى الحنين إذ تكفينى السنوات التى قضيتها فى الخارج لدراسة الدكتوراه


نكتفى بهذا القدر اليوم على وعد بلقاء متى شاء الله

جنرال بهاء الشامى


هناك تعليقان (2):

  1. مصر زمان كان بها رجال عظام... وما اثار انتباهى هو الحديث عن هيبة عبد الناصر لانى قرأت عن هذه الهيبة من بنت رئيس وزراء الهند

    ردحذف
  2. لسه الصندوق فيه كتير.. نحن في الانتظار. والله الموفق و المستعان

    ردحذف

رحلة القطار 5

  لبرهه كانت كل علامات الإرتباك والخوف تظهر على ملامح وجه أنجى ونظرت نحو الصوت فكانت مفاجئتها أن محدثتها هى مديحه صديقتها   أخص عليكى خض...