تحميل تطبيق المدونه

السبت، 16 مارس 2019

مع المصطفى فى عهد المبعث رقم 69


" مع المصطفى فى دار هجرته " - 23 -
" مسجد المهاجر وبيته " و"موازين القوى" و"الإسلام في الجبهات الثلاث: مع عصابات يهود ومع الوثنية القرشية ومع المنافقين" " ن "
وتحددت ببدرٍ موازين القوى:
فلم يكن الأمر فيها بين كثرة وقلة فحسب ، ولكنه كان بين كثرة يعوزها سلاح الإيمان ، ليس فيها من يقاتل إلا وهو يفكر في حماية الجاه الموروث ويرى فى خصومه المسلمين صيداً سهلاً ، وبين قلة مؤمنة صابرة ليس فيها من يقاتل إلا وهو يرجو إنتصار الحق ورضوان الله ، ويرى الموت في سبيل عقيدته التى آمن بها ، حياةً ومجداً وانتصاراً.
وحزب الله لم يتردد في دخول المعركة حتى يقيس قوته إلى قوة عدوه ، ولم يتهيب القتال خوفاً من كثرة مسلحة مزهوة بعددها وعدتها ، بل بادر جنود الإسلام إلى لقاء عدوهم بعد أن جمعوا له كل ما استطاعوا من قوة ، ورحبوا بالجهاد لا يبالى أحدهم حين يقتل مسلماً ، وكيف لا أنى يقتل:
ولست أبالي حين أُقتلُ مسلماً ... على أى جنب كان في الله مصرعى.
مدينة الرسول تصغى إلي هتاف النصر يأتى من بدر ...
وتصغى معه إلى حشرجة احتضار "رقية بنت المصطفى" ذات الهجرتين ...
كانت هناك تعالج سكرات الموت ، وزوجها "عثمان بن عفان" قد تخلف مُكْرَهاً عن شهود بدر. ليرعاها في لحظاتها الأخيرة ، ويتزود منها لفراق طويل ...
وجاء أبوها المصطفي عائداً من بدر ، فوقف على فراشها محزوناً يملأ عينيه منها ، ثم انثنى في رفق نحو ابنته "فاطمة" التى أكبت على مضجع أختها تبكى ، فجعل الأب الثاكل يمسح دموعها بطرف ثوبه ...
ولم تقو النساء علي احتمال المشهد الفاجع ، فانسحبن إلى خارج الغرفة مجهشات بالبكاء ، وهاج نحيبهن "عمر بن الخطاب" فزجرهن في شدة ، محاولاً أن يردهن إلي ما ينبغى من سكينة وصبر. لكن النبي الرحيم كفه عنهن وقال:
"
مهما يكن من العين ومن القلب فمن الله والرحمة ، ومهما يكن من اليد واللسان فمن الشيطان".
وصلي الأب المصطفى علي ابنته رقية.
وشيعت المدينة جثمان بنت النبي ، ذات الهجرتين ، حتى أضجعها أبوها في الثرى الطيب الذى استقبل معها الأبرار من شهداء بدر ...
سيق أسرى بدر إلي المدينة في أعقاب الفئة الظافرة ، فتأملهم المصطفى ملياً ، ثم نحى منهم صهره "أبا العاص بن الربيع" وفرق الباقين بين أصحابه وقال:
"
استوصوا بالأسارى خيراً"
وبقي أبو العاص عند المصطفى ، وقلبه مشدود إلي مكة ، حيث ترك هناك زوجه الحبيبة "زينب بنت محمد" مع صغيريهما "على وأمامة" ، ولم يكن الإسلام قد فرق بعد بين زوجة مؤمنة وزوج مشرك ...
حتى جاءت رسل قريش فى فداء أسراها ...
وغالوا في الفداء ، حتى إن المرأة لتسأل عن أغلى ما فدى به قرشي فيقال لها: أربعة آلاف درهم ، فتبعث بمثلها في فداء ابنها.
وتقدم "عمرو بن الربيع" فقال للمصطفى:
-
بعثتنى "زينب بنت محمد" بهذا ، في فداء زوجها ، أخى أبي العاص بن الربيع.
وأخرج من ثيابه صرة وضعها بين يدى الرسول ، ففتحها صلى الله عليه وسلم فإذا فيها قلادة لم يكد يراها حتى رق لها رقة شديدة ، وخفق قلبه للذكرى: لقد كانت قلادة "خديجة" أهدتها لبنتها زينب يوم عرسها ، حين زفت إلي "أبي العاص بن الربيع" ابن خالتها هالة بنت خويلد ...
وأطرق أصحاب المصطفي خُشَّعاً وقد أُخِذوا بجلال الموقف: قلادة الحبيبة ، تبعثها بنت النبي إلى أبيها في فداء زوج حبيب!
وتكلم النبى الأب بعد فترة صمت فقال:
"
إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها مالها ، فافعلوا".
أجابوا جميعاً.
-
نعم يا رسول الله.
وأدنى المصطفي إليه صهره الذي غلبه التأثر لهيبة الموقف ، فأسر إليه حديثاً ، فحنى أبو العاص رأسه موافقاً ، ثم حيا ومضي. فلما أبعد التفت المصطفى إلي أصحابه من حوله ، فأثنى على أبي العاص وقال:
"
والله ما ذممناه صهراً".
**********
عزيزى القارئ:
_________
أكبت: انحنت - سقطت
الثاكل: من فقد ولده أو ابنته
زجرهن: رادعهن - عاقبهن
صهره: القريب بالزواج وأهل الزوجة
ذممناه: بالغ في هجائه - كشف عيوبه - ضد مدحه
عزيزى القارئ:
_________
تواصل د. "بنت الشاطئ" في كشف التباين والاختلاف بين المسلمين والمشركين .. بين الحق والباطل .. بين الإيمان والشرك .. بين الإلتزام والتواضع وكل من الصلف والغرور .. كما ركزت على التعاملات الراقية والإنسانية بين رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم مع بناته وصحابته وكيف كان محباً راقياً للسيدة "خديجة" رضي الله عنها وحتى مع صهره الذى كان يحارب ضده ولم ينكر له أخلاقه الكريمة.
وقد اقشعر بدنى للمواقف الإنسانية التى سردتها لنا أعلاه واغرورقت عيناى خاصة في موقف دفنه لإبنته "رقية" رضي الله عنها ووصف حالته عندما رأى قلادة زوجته .. وتأثرت بكم المواقف الصعبة التى لقيها الرسول صلوات ربي وسلامه عليه وأهله وكذلك أخلاق سيدنا عثمان رضي الله عنه.
وتوقفت كثيراً أمام العبارات المذكورة بعده .. التى تدل على أن الله سبحانه وتعالي قد أحسن تأديبه وقد أرسله رحمة للعالمين .. فأين ذلك مما نراه في أيامنا الحالية:
" مهما يكن من العين ومن القلب فمن الله والرحمة ، ومهما يكن من اليد واللسان فمن الشيطان".
"
استوصوا بالأسارى خيراً"
"
إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها مالها ، فافعلوا".
"
والله ما ذممناه صهراً".
ولكن ما الذى أَسَّر به الرسول صلى الله عليه وسلم في أذن صهره بعد فك أسره؟!
هذا ما سنعرفه في اللقاء القادم إذا كان في العمر بقية بإذن الله.
عزيزى القارئ:
_________
إليكم رابط فيديو عن السيدة "رقية" والسيدة "أم كلثوم" رضي الله عنهما .. إبنتا رسول الله صلى الله عليه وسلم .. بتفاصيل لم ترد في كثير من الأعمال من قبل .. ويوضح رقة تعامل رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام .. وكيف أنه والسيدة "خديجة" رضي الله عنها رضيا بعطاء الله لهما بإنجاب البنات فمن بعد السيدة "زينب" رزقا بالسيدة "رقية" ثم من بعدها قبل وصولها لسن الفطام رزقا بالسيدة "أم كلثوم" رضي الله عنهم جميعاً .. وأنهما نشأتا معاً وكأنهما توأم من تقارب السن والصفات .. في عصر كره فيه عرب الجزيرة إنجاب الإناث وانتشرت عادة وأد البنات .. وكيف تعامل رسول الله برقة .. وكيف شكر الأبوين الله على ما أعطى وما وهب وحفظا لهن حُسن الرعاية .. وسرد رائع بتفاصيل عديدة .. وسبحان الله في قصة زواج كل منهما وإرادة ومشيئة الله وحسن وسمو أخلاقهما وتفاصيل لسبب مرض ووفاة السيدة رُقية وتفاصيل سابقة ولاحقة لهذه الواقعة .. ونعلم سبب تسمية سيدنا "عثمان بن عفان" رضي الله عنه ب "ذى النورين" .. لأنه جمع خير جوهرتان ببيته .. أترككم مع الفيديو وأنوه أن مدته 27:11 دقيقة
اللهم صلِّ على سيدنا "محمد" نور سراج الرحمن صلاةً تكفينا بها وساوس النفس والإنس والشيطان وعلى آله وصحبه وسلم

فريق مصر أم الكون

خديجه حسين

‏‎Khadega Hussein


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رحلة القطار 5

  لبرهه كانت كل علامات الإرتباك والخوف تظهر على ملامح وجه أنجى ونظرت نحو الصوت فكانت مفاجئتها أن محدثتها هى مديحه صديقتها   أخص عليكى خض...