تحميل تطبيق المدونه

الأربعاء، 13 مارس 2019

وزير الغلابه رقم 8


عوده بلقاء مع سيره تاريخيه لأحد من نالوا شرف الظهير الشعبى ليثبت هذا الشعب أنه ترمومتر حقيقى للشرفاء ويشعر بهم رغم أى أضطهاد


قبل الخوض فى السياق أود أن أوضح جزئيه هامه للأخ اللى بيقول هى عباره عن ترقيات وذكريات لاعائد منها صبراً فالأحداث قادمه والخبايا والمشكلات ستبدأ من هذه الحلقه ومن المعروف أن المذكرات لابد وأن تحتوى على السيره الذاتيه فهى ليست بوستات فيسبوك مليئه بالأكاذيب والمفبركات لجذب القارئ على حساب المضمون 




أبوغزاله رحمة الله عليه صديقا عزيزا منذ اليوم الأول الذى أنضممت فيه إلى الوزاره فى 4 يناير 1982 كانت به صفات عامه وخاصه تكفل له دخول قلب كل من يتعامل معه على الفور فهو رجل عميق الثقافه فى مختلف المجالات العسكريه والسياسيه بل والأقتصاديه كما أنه دمث الخلق واضح ومستقيم اللغه ثابت على أفكاره ولا يراوغ




بدأ العمل فى الحكومه الجديده التى كان بها من بين الوزراء كوكبه كبيره مثل الفريق كمال حسن على نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجيه والسيد أحمد عز الدين هلال نائب رئيس الوزراء ووزير البترول والتعدين والمشير عبدالحليم أبوغزاله نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع والسيد محمد عبدالفتاح نائب رئيس الوزراء ووزير الأستثمار والتعاون الدولى والدكتور مصطفى كمال حلمى نائب رئيس الوزراء ووزير التعليم والمهندس حسب الله الكفراوى وزير التعمير والمهندس سليمان متولى وزير النقل والمواصلات والمهندس ماهر أباظه وزير الكهرباء وغيرهم من الإخوه الكبار




بعد أيام قليله طلبنا الرئيس كمجموعه إقتصاديه مكونه من أربعه وكان بالمصادفه ثلاثه منهم يقيمون فى مصر الجديده والرابع الدكتور صلاح حامد بمدينة الإعلام بالعجوزه وبدأ الحديث من جانب الرئيس بسؤال كيف يمكن أن ننظر إلى المستقبل ؟؟؟ شعرت أن السؤال موجه لى وأن مرجعه الدراسه التى أشرت إليها من قبل فقلت الأمر يتطلب أن نعد لمؤتمر أقتصادى ليكون بدايه لإعداد نظره مستقبليه لخطه قوميه طويلة المدى وأخرى متوسطه وقصيرة المدى على أن يشارك كل الأطراف المعنيه بغض النظر عن أختلاف الإيديولوجيات سواء من اليمين أو اليسار أو الوسط فطلب الرئيس أن نبدأ خرجنا وألتقينا فوراً فى معهد التخطيط لأنه كان الأقرب مكاناً وقررنا أن نجتمع فيه بعد ذلك وحاولنا أن نختار أسماء كثيره لتساهم فى المؤتمر المقترح وكان فى مقدمتهم الدكتور على الجريتلى والدكتور عبدالجليل العمرى والدكتور عبدالمنعم القيسونى والدكتور إبراهيم حلمى عبدالرحمن والدكتور إسماعيل صبرى عبدالله ومن كبار الكتاب والمفكرين السيد نجيب محفوظ والسيد أحمد بهاء الدين والدكتور زكى نجيب محمود ويصعب أن أذكر الجميع لأننا وصلنا إلى أكثر من خمسين شخصيه من العلماء والمفكرين والوزراء والمسئولين السابقين




أستمرت أجتماعات المؤتمر حتى توصلنا إلى إطار عام وأعددنا وثيقه تحدد الرؤيه المستقبليه لما نصبو إليه من المسار خلال العشرين سنه المقبله والموارد المتاحه وتلك التى يمكن أن تتاح وكيف يمكن أن نزيد من روافدها المختلفه وما هى الأولويات التى تخدم الوطن والمواطن




كانت قرارات المؤتمر هى الأساس لإعداد وزارة التخطيط الخطه العشرينيه (1982 ــ 2002) والخمسيه الأولى (82 ــ 1987) والسنه الأولى (82/1983) وكان على أن أعرض على مجلس الوزراء هذا القدر الهائل من العمل حيث كانت المره الأولى التى أناقش فيها وأدافع وأوضح لمده أمتدت إلى خمس ساعات وكان البعض حريصا كل الحرص على زيادة ما يتاح لوزارته من موارد لكننى حاولت جاهداً أن أوجه النقاش إلى الأهداف التى نصبو إليها وما نرجوه فعلا للوطن والمواطن وأقر المجلس فى آخر مايو 1982 الخطه العشرينيه (1982 ــ 2002) والخطه الخمسيه الأولى (1982 ــ 1987) وخطة السنه الأولى (82/1983) وبعد هذا كان يلزم الذهاب إلى مجلس الشعب لأعرض الخطه على أعضاء مجلس الشعب وأستمر النقاش لجلسات عديده صباحاً ومساءاً وعند الأنتهاء من المناقشه حدث أمر يدعو للعجب لا بد من ذكره




تحدثت لأول مرة أمام البرلمان عام 1982 فصفق لى النواب وقال لى يوسف والى لن يتاح لك الميكروفون مره أخرى أمام مجلس الشعب فبعد أن تمت مناقشة الخطه العشرينيه والخطه الخمسيه الأولى وخطة السنه الأولى وأيضا الموازنه العامه لعام 82/1983 كان على الدكتور صلاح حامد أن يعقب على كل المناقشات المتعلقه بالموازنه العامه وكان علىّ كوزير تخطيط أن أعقب على ما أثير عن الخطه العشرينيه والخمسيه والسنه الأولى ويبدو أننى وفُقت وكانت المره الأولى لى فى المجلس حيث تكلمت مرتجلاً ونلت الرضا من أعضاء المجلس وكان التصفيق حاراً وإذا بى أفاجأ بعد إنتهاء المناقشات بدخول الدكتور فؤاد محيى الدين وطلب التعليق وكان يجيد الخطابه فقد كان شخصيه مؤثره حينما تستمع إليه فعلق بكلام عام على أهمية التخطيط وكيف أخذت الموازنه العامه فى أعتبارها كل ما يتطلبه المواطن المصرى خاصةً محدودى الدخل





التليفزيون تجاهل كلمتى جاءت الساعه السادسه وأعلن التليفزيون أن مجلس الشعب وافق على الخطه والموازنه وعقب رئيس الوزاره بكذا وكذا وكأنه لم يكن هناك وزير للتخطيط ولا وزير للماليه، وهو حق أصيل لكل منهما فيما يتعلق بالخطه وبالموازنه ولكن قبل أن أتحدث مع السيد صفوت الشريف كان معى الدكتور يوسف والى أثناء مناقشة الخطه فى المجلس وكان على علاقه غير طيبة مع الدكتور فؤاد محيى الدين لأسباب شخصيه أو سياسيه لا أعلمها وقد قال لى إنه بعد أن تكلمت فى المجلس اليوم وأجدت وأنصت وصفق لك الجميع فأقول لك كلمه صادقه لن يتاح لك الميكروفون بعد اليوم ومع أننى أخذت كلامه كتعبير عن عدم رضا بينه وبين الدكتور فؤاد فقلت لماذا ؟؟؟ ألم نتكلم كمسئولين عن الخطه والموازنه ؟؟؟  فرد بأن الدكتور فؤاد محيى الدين طلب قصر ما يذاع عن الخطه والموازنه على رئيس الوزاره فقط وقد ترى من ذلك أن الإنسان هو الإنسان مهما كانت وظيفته بكل مشاعره والتى من الممكن أن يكون لها تأثير على العمل العام إذا تمكنت الغيره أو المنافسه من العاملين كان هذا فى البدايه ولكن بعد شهر أو أثنين بدأت العلاقة مع الدكتور فؤاد تتحسن رغم أختلافى مع سياسته وحرصه الزائد على إدارة الأمور منفرداً ولكن كان يتميز بسعيه الدائم إلى المصلحه العامه


أختلفنا بعض الوقت وتقاربنا فى أغلب الأوقات ورغم الفجوه التى بدت عند أول عام 1982 معه أصبحت من أقرب الوزراء إليه وكان الأتفاق كاملا على الأسس والتفاصيل التى تحقق المصلحه العامه والبعد عن كل ما ينتمى إلى المصلحه الخاصه 


ناقشنا فى الحكومه رفع سعر «المعسل» فرفض رئيس الوزراء  قائلا  أنا نائب عن «شبرا» و«الكل يدخن الشيشه» نقاش حول «المعسل» أنتهى عام 1982 وتلاه عام بعد آخر وعقدت لقاءات جاده بين مجموعه من الوزراء ورئيس الوزاره، وأذكر أن الدكتور فؤاد محيى الدين كان ضنينا فى إصدار قراراته خوفا من حدوث أى من الأخطاء بإعتبار أن عدم إصداره قد يكون أكثر أمنا وفى يوم ما أجتمعنا كلجنه وزاريه عليا تتكون من رئيس وزراء وأربعه من نواب رئيس الوزراء وخمسة وزراء وجلسنا لنناقش رفع سعر الدخان المعسل أو حذفه من قائمة السعر الجبرى وتكلم الكل وأستمر النقاش أكثر من ساعتين ثم تصدى الدكتور فؤاد فى النهايه وقال  لا تغيير ولا حذف من قائمة السعر الجبرى أنا أتكلم من واقع الشارع المصرى فأنا نائب عن شبرا الخيمه والكل يجلس على المقاهى يتعاطى المعسل فأرجو ألا تنسوا هذا الأمر فابتسمت وقلت لماذا إذن كان كل هذا الوقت من النقاش ؟؟؟   قال كان لا بد أن نتحاور ثم نصدر القرار الذى أتفقنا عليه




هذا الأمر يعطى مجرد فكره عن كيف تؤثر عوامل كثيره على الأداء فى بعض الأحيان فمصطفى السعيد أطاح بأحد وزراء فؤاد محيى الدين بمعاونة رئيس الحكومه  وإقالة وزير التموين تمت وهو فى الطائره قادماً من أمريكا




مؤامرات ودسائس فى شهر أغسطس وعلى وجه التحديد فى 31 أغسطس 1982 لم يكن مرَ على تشكيل الوزاره أكثر من 8 أشهر أنفك عقد المجموعه الأقتصاديه فخرج السيد محمد عبدالفتاح نائب رئيس الوزراء والدكتور فؤاد هاشم وزير الأستثمار والتعاون الدولى بسبب محاولات الدكتور مصطفى السعيد المستمره والمستميته مع الدكتور محيى الدين بأنه والدكتور وجيه شندى من أقطاب الحزب الوطنى وهما الأحق بالمناصب الوزاريه من الذين يتم أختيارهم من خارج الحزب وكان يتردد على المجلس كل يوم ويخرج مع الدكتور فؤاد مرافقا له فى السياره حيث كان قريبا جدا منه ومرت الأيام وفى يوم 31 أغسطس 1982 أصدر الدكتور فؤاد هاشم قراراً برفع سعر العائد على شهادات الأستثمار فئة «ب» إلى 14٪ بدلا من 13٪ بعد أن أستأذن رئيس الوزراء ولكن بعد صدور القرار سأل الرئيس الدكتور فؤاد محيى الدين هل ناقشتم هذا الأمر فأنكر وعليه خرج الدكتور فؤاد هاشم من الوزاره بعد أن أمضى فتره لا تزيد على ثمانية أشهر رغم أنه كان كفؤا وله رؤيه أقتصاديه ممتازه وهو أمر لم يرض السيد محمد عبدالفتاح نائب رئيس الوزارء وأعتذر أن يستمر متحججاً بمرض فى العين وقدم إستقالته إحتجاجاً على ما أحس أنه ظلم لزميل يرى أنه لم يخطئ فى عمله



خرج الأثنان الأول أقيل والثانى غاضباً من هذا الإجراء فاستقال رحم الله الأثنين


نكتفى بهذا القدر اليوم على وعد بلقاء متى شاء الله

جنرال بهاء الشامى


هناك 4 تعليقات:

  1. افهم من هذا ان المؤامرات موجودة من بداية الفترة الاولى من الرئاسة وان الاهواء الشخصية تؤثر على العمل العام

    ردحذف
  2. بالتوفيق للجميع.. كلام جميل للتاريخ

    ردحذف
  3. لعل الأبرز هنا ان العوامل الانطباعات والأهواء الشخصية والحالة المزاجية لها ثقل لا يمكن تجاهلة
    وقد أدت إلي فقد كفاءات ذات خبرة ووزن ثقيل ومخلصة لمصلحة الوطن وهذا موجود في كل البلاد تقريبا
    وفهمت ان التربيطات والتفاهمات حتي بين الأضداد قد يكون ضرورية وسببا للاستمرار
    وظهور الحكومة الخفية أو الدولة العميقة كما يسميها البعض ودورها الخطير ....وعجبي

    ردحذف

رحلة القطار 5

  لبرهه كانت كل علامات الإرتباك والخوف تظهر على ملامح وجه أنجى ونظرت نحو الصوت فكانت مفاجئتها أن محدثتها هى مديحه صديقتها   أخص عليكى خض...